إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الـكاتـبـة(( رواد إبراهيم )) و13 قصة - قـراءة بـ عشر ثوان قبل الغروب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الـكاتـبـة(( رواد إبراهيم )) و13 قصة - قـراءة بـ عشر ثوان قبل الغروب

    الـكاتـبـة (( رواد إبراهيم )) و13 قصة - قـراءة بـ عشر ثوان قبل الغروب

    عشر ثوان قبل الغروب قـراءة في مـجـموعة الـكاتـبـة رواد إبراهيم الـقصصـية


    بولس سركو - الوحدة
    (عشر ثوان قبل الغروب ) عنوان رومانسي كما يبدو للوهلة الأولى لمجموعة الكاتبة رواد إبراهيم القصصية الصادرة عن دار نينوى عام 2009 .

    ثلاث عشرة قصة قصيرة متوهجة بحميمية الثواني العشرة التي تسيق الغروب لكنها تتجاوز الرومانسية‏
    لتقطف من حولنا أحداثا متنوعة تطرحها بموضوعية وخاصة في استقراء الطبائع النفسية لشخصيات نتعرف على تناقضاتها الحادة واندفاعاتها وردود أفعالها المختلفة .. مع ذاكرة مشبعة بصور لم تخلق فقط لمتعتنا الجمالية وإنما لتغنينا بمحبتها ووفائها للأرض ، لأشجار القرية ، للجبال والكروم، للتنور والموقد وقن الدجاج و(الشنكليش ) ،لشوارع دمشق ، للناس، وبمعنى ما الرسالة الإنسانية والحضارية التي حملتها مجموعة عشر ثوان قبل الغروب من خلال إضاءتها على مسائل جنسية وعقد نفسية مستفحلة في بؤر من وسطنا الاجتماعي ما تزال تجرجر وراءها أرثا مدمرا من مظاهر التخلف ونحن على عتبة القرن الحادي والعشرين .‏
    ولعل أهم ما في تلك الرسالة الإشارة لوباء ا لفورة الأصولية المتفشية في عالم اليوم من خلال ما ورد من متابعة للتراكمات النفسية لفتى ناعم أسهمت والدته في تأنيث تصرفاته في قصة (الفتى) ،الأمر الذي أجج صراعا داخليا متخفيا عنيفا أودى به إلى جحيم الأصولية الذي أمن له قاعدة للانتقام من الناس جميعا تحت هوس الجنة إذ يقول له قائد مجموعته وهو يغسل دماغه تحضيرا ليفجر نفسه بالمدنيين"ستكون أحب الشباب إلى الله سبحانه وتعالى " ويضيف " ستختارك أجمل الحوريات ، فأنت شاب جميل ، بهي الطلعة ،... مازلت بعيدا عن نساء الأرض كلها...وهذا سيؤهلك لدخول الجنة من أوسع أبوابها" .‏
    وتصل بعض قصص المجموعة في سبرها للبيئة الحاضنة للتخلف إلى تفاصيل تتعلق بطبيعة الثقافة الرجعية التي ترتوي عليها تلك البيئة ففي قصة (الكوخ) نغوص في الشرخ الموروث بين المرأة والرجل وما تركه ذلك الشرخ من آثار وارتكاسات نفسية حين يتحول صبي في مقتبل مراهقته إلى وحش شرس يغتصب براءة فتاة صغيرة لم يكن في ذهنها سوى اللعب وفي قصة (احتفالا بالموت سأرقص) يتضاءل حدث الموت المهيب أمام حدث الشرف المزعوم حين يقف الأب (مزهوا كالطاووس) إذ يكتشف أن ابنته الغائبة ماتت لكنها ماتت دون أن تفقد عذريتها محتفظة بشرفها وشرف أهلها الوهمي المرتبط بأعضائها التناسلية وليس بكيانها الإنساني أوشخصيتها أو عملها فالأب هنا لايكترث لفراق ابنته التي من لحمه ودمه وإنما تختنق عواطفه تحت وطأة همه الأساسي في أن يبق مرفوع الرأس أمام الآخرين ونلمس إدانة لمفهوم العار التقليدي كذلك في قصة (بياض الثلج ) ودعوة للتخلص من الأمية والجهل في قصتي (أم عارف ) و(مزار) .‏
    كل ذلك المضمون الإنساني المرتبط مباشرة بالحاجات الواقعية الملحة وكل ذلك الوجدان الذي يحاكي الألم الإنساني ، كل تلك الرسالة سلمتها لنا الأديبة رواد إبراهيم بخطوط حساسة وشفافة لم تفقد بريقها الأدبي بل العكس من ذلك فكثيرا ما أمتعتنا شاعرية الجمل والصور المتدفقة من عمق ارتباطها بالمكان ومحبتها له كما في قصة (الغربة لا تشبهني) وفيها تقول مثلا "...ذلك الرجل الذي ،تحت مطر14 شباط ، أعد لي مفاجأة وانتظرني على قارعة شارع ما في دمشق" فضلا عن اللفتة الرائعة التي تضمنتها القصة حين راحت البطلة في غربتها في باريس تسمي شوارعها بأسماء نقشت بذاكرتها (الشانزيليزيه ، أبو رمانة) و (سان ميشيل، شارع حلب) وغيرها ، كما تقول في قصة (خشب) "هي امرأة دافئة تترك طيفها في ورود موزعة في البيت دائما" وتقول في قصة (المجهولة )"سطح الجسد الذي يتحول إلى زهرة رمان تتفتح للشمس " وتضيف " تضعني أمام قطبية الجسدين على مسافة صغيرة من الاشتعال المدمر ثم تتركني وتنهض جارة وراءها شهوتي" والكثير من تلك اللمحات الشاعرية التي لا تخلو منها قصة من قصص المجموعة فتتضافر مع الصور الجميلة واللغة الدقيقة المحكمة والليونة في السرد وعدم التكلف مع الرسالة التي أشرنا إليها لتكون الميزات الملفتة لمجموعة (عشر ثوان قبل الغروب) القصصية، ميزات حققت من خلالها الكاتبة رواد إبراهيم التوازن بين المضمون والشكل في زمن أدبي هو أحوج ما يكون لتحقيق ذلك التوازن .‏
يعمل...
X