إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نجم الغناء البريطاني توم جونز .. - علي عبد الامير عجام..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نجم الغناء البريطاني توم جونز .. - علي عبد الامير عجام..

    توم جونز: صورة بغدادية لنجم الغناء البريطاني

    علي عبد الامير عجام
    أينما يحيي نجم الغناء البريطاني (ولد في ويلز 1940) حفلاته هذه الايام (آخرها في الامارات العربية المتحدة)، يكون التوقع ضمن صورة نمطية من نوع أن يكون جمهوره من كبار السن أو ممن واكبوا الحانه وصوته الفياض بالقوة والحيوية، خلال ستينيات القرن الماضي وسبعيناته، لكن شروخا عميقة ما تلبث ان تلحق بمثل هذه الصورة، لا سيما انه قادر ليس على ادهاش المستمعين الشبان بحضوره الفائق الحيوية على المسرح وهو يغني قديمه، بل على انتاج اسطوانات جديدة مثل ما فعل اخيرا مع "روح تسكن غرفة"، وقد تسمع شابات يقلن مثلا: "أحب توم جونز كثيراً، أمي تقول دائماً أنها نشأت على صوته. أشعر بالسعادة وأنا أستمع إليه، أما أمي فتشعر بالرومانسية"، اوشبانا يقولون "لا يمكنك أن تصدق هذا الصوت المذهل لرجل تجاوز السبعين. حفلته هذه كانت ليلة من العمر"، او"إنه رائع، صوته لا يعرف الشيخوخة أبداً"، وانه "أيقونة ثابتة أمام الزمن مهما غيّر فيها".
    توم جونزالذي باعت اسطوانته نحو ١٠٠ مليون نسخة منذ ١٩٦٥، ونال ارفع جائزة موسيقية في اميركا: "غرامي" عن فئة أفضل صوت غنائي رجالي في العام ١٩٦٦، له صورة بغدادية الملامح، حين كانت العاصمة العراقية مدينة منفتحة على العالم بشكل حقيقي، وليس مجرد استعراض ثقافي لاقيمة حقيقية له على الارض، مثلما هي اليوم.
    فمن النادر في المطاعم والفنادق الراقية ببغداد اواخر ستينيات القرن الماضي واوائل سبعيناته، ان لا تجد فرقة موسيقية غربية تتكون من عازفين عراقيين، وهي تقدم في عرضها اغنية او اكثر لتوم جونز. خذ مثلا رائعته التي تظل مشعة حين تسمعها اليوم" انها سيدة " أو "شي إز أليدي"، او "ديلايلا" او "دليلة".
    ولكاتب السطور اكثر من قصة تتجسد فيها ملامح بغدادية لنجم الغناء البريطاني، الذي راهن كثيرون على ان نجمه سيخبو، لكنه يلمع في كل مرة، ليؤكد انه حاضر بل ما زال على قيد الدهشة.
    فالقسم الموسيقي في "المول" العراقي الاول في الشرق الاوسط "أورزدي باك"، السوبر ماركت العراقي الشهير والمملوك للحكومة حينها، كان يستورد أرقى الأعمال الموسيقية العالمية المطبوعة على إسطوانات تنتجها كبريات الشركات ويبيعها بأسعار معقولة تشجيعا للثقافة الرفيعة ونشرا لها. والى جانب سيمفونيات بيتهوفن أو موتسارت، والى جانب أوبرات فيردي كان يمكن أن تجد ايضا آخر أعمال المغني البريطاني توم جونز الذائع الصيت اواخر ستينيات القرن الماضي ببغداد، مثلما هو في العالم أو آخر أعمال الفرنسي شارل آزنافور أو أعمال عبد الحليم ، فيروز وعبد الوهاب.
    ومن هناك اقتنيت اسطوانة تحمل اغنية منفردة "سنغل" كما يعرف في الادب الموسيقي، وهي "She is a lady" لتوم جونز التي كانت كفيلة بفوران لحنها ان تدفعني الى عالم حسي بدأت من خلاله اكتشاف الجسد الانثوي ومباهجه، لاسيما انها كانت تعزف في مطاعم ومتنزهات بغدادية مفتوحة، منها "الزوراء" الذي كان يدشن ايامه الاولى بعد ان كان معسكرا للجيش بعنوان "معسكر الوشاش"، فضلا عن حدائق متنزه "صدر القناة" التي كانت متنفسا بهيا للاجيال الجديدة في بغداد نزهة واحتفالات، وتحث انغام تلك الفرق الغنائية، الكثير من الفتيات والسيدات على الرقص، حد ان ذلك الاكتشاف (الحسي) بلغ جماله المطلق مع اغنية لاحقة له بعنوان "Venus" التي رقصت على لحنها الايقاعي الرشيق صحبة فتاة جريئة في مرقص مفتوح كانت توفره كازينو "لونا بارك معرض بغداد الدولي" .
    بغداد يومها، وحين كان توم جونز واسماء كثيرة مثله، نجما في حياتها الثقافية المدنية، كانت مدينة مفتوحة وقلبها منتعش بالامل، ومنفتحة على العالم بشكل حقيقي، وليس مجرد استعراض ثقافي لاقيمة حقيقية له على الارض، مثلما هو اليوم.

يعمل...
X