إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفنانة "ماري جبران".. سيّدة مطربات بلاد الشام ..الباحث الموسيقي "أحمد بوبس"..سمر وعر ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنانة "ماري جبران".. سيّدة مطربات بلاد الشام ..الباحث الموسيقي "أحمد بوبس"..سمر وعر ..

    الفنانة ماري جبران.


    "ماري جبران".. سيّدة مطربات بلاد الشام

    سمر وعر

    "ماري جبران" مطربة سايرت الحركة الغنائية في النصف الأول من القرن العشرين، وقد تمتعت بصوت رخيم وإحساس رائع وضعها في مقدمة مطربات جيلها، واعتبرت من أكثر المطربات تميزاً بغنائها على أصول الوصلات التي تخصص فيها الرجال.
    الباحث الموسيقي "أحمد بوبس" قال عنها: «استهواها الغناء القديم واختصت بغناء النوع، كما غنت الموشح والليالي والموال والدور بشكل سلسلة منتظمة وهو نظام الفصول الغنائي الذي كان سائداً قبل مئة عام، حظيت بإعجاب شيوخ الملحنين "القصبجي وزكريا" حتى غدت بحق مطربة ديار الشام الأولى».

    مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25/7/2013 الباحث "أنس تللو"، فتحدث عنها بالقول: «تصلح قصة هذه المرأة لأن تكون عبرة لكل ذي موهبة سواء أكان فناناً أم كاتباً أم شاعراً، ذلك أن بعض الناس يظنون أن امتلاك الموهبة في أي مجال من المجالات كفيل وحده بوصول هذا الإنسان إلى المكان الذي تظهر فيه هذه الموهبة وتنمو وتترعرع وتتألق، وقد أثبتت الأيام أن الحقيقة غير ذلك، فها هي "ماري جبران" التي كانت مطربة لا كالمطربات كان غناؤها شدواً وأداؤها تغريداً، ولقد كان من الممكن لها أن تتربع على عرش الغناء وحدها لكنها قفزت من عالم المجهول إلى ذروة المجد والشهرة ونسيت أنها لم تتعلم التحليق، لذلك لم تجد حولها من يرشدها إلى طريق الحفاظ على المجد كما حدث مع المطربين الآخرين.

    ولدت "ماري جبران" في لبنان عام 1905 أو 1907، نزحت مع أبيها إلى سورية هرباً من مجاعة الظلم التركي خلال الحرب العالمية الأولى، وكانت كنية أبيها "جبور" لكنها لقبت بكنية أمها "جبران" حتى لا يلتبس الأمر بينها وبين قريبتها "ماري جبور" التي كانت تعمل في مضمار الفن، وعندما سمع صوتها المطرب المصري "سلامة حجازي" أعجب به واصطحبها للعمل معه في مصر، تنقلت "ماري جبران" بين الأردن وفلسطين ومصر، ثم عادت إلى دمشق عام 1924 لتعمل مطربة في ملهى في منطقة القصاع اسمه "قصر البللور"، ثم رحلت إلى بيروت لتعمل في ملهى "كوكب الشرق"، وبعد الثورة السورية عادت إلى دمشق لتعمل في ملهى "بسمار" الذي كان موقعه مكان موقع مقهى الكمال حالياً، بعدها عادت لمصر للتعرف هناك على كبار الملحنين من أمثال "محمد القصبجي، وزكريا أحمد، وداود حسني" الذي لحن لها أغنيتها المشهورة "أصل
    ال.
    الغرام نظرة"، بعد ذلك اختلفت مع صاحب الصالة حول الأجر فعادت إلى دمشق لتعمل في ملهى "العباسية" وكان موقعه مكان فندق سميراميس اليوم، وفي هذه الفترة نالت الشهرة الواسعة ودخلت منبر الطرب والغناء من أوسع أبوابه ليصير اسمها على كل لسان، لحن لها "محمد محسن ورفيق شكري" وغيرهم، والجدير ذكره أن قصيدة "دمشق" التي غنتها من الإذاعة السورية في العام 1948 كانت أوّل قصيدة قوميّة نظمت احتفالاً بضيوف سورية الذين اجتمعوا في دمشق بعد كارثة فلسطين وقد أحدثت آنذاك ضجّة كبيرة بألحانها وأداء "ماري جبران" الرائع لها، كما غنّت من ألحان "نجيب السرّاج" أغنيتين ناجحتين هما قصيدة "الغريب" ومونولوج "يا زمان" ومن ألحان "محمّد محسن" قصيدة "زهر الرياض انثنى" وطقطوقة "حبايبي نسيوني"، وتدين بنجاحها للفنّان الكبير "جميل عويس" الذي قاد فرقتها الموسيقية وعمل معها كثيراً وقد لازمها عدداً من السّنوات».

    ثم تابع: «لقد كان شدو صوت "ماري جبران" أحلى من تغريد الشحرور وغناء الكنار، ولكن ليس للجميع وإنما لمن يتذوقون الفن الصحيح والغناء الرفيع، وقد صنف النقّاد صوت "ماري جبران" بأنّه من الأصوات القويّة "سوبرانو" القادرة المتمكّنة الصّادحة مع اتّصافه بخصائص جماليّة عالية توازي "أمّ كلثوم" صوتاً وأداءً وفي مرتبتها ولو امتدّ بها العمر لكان لها شأن آخر، هذا كلّه جعلها تتربّع على عرش مطربات عصرها واعتبرت بحقّ سيّدة مطربات بلاد الشام بلا منازع خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين وبالتّالي فقد أكّدت موقعها في الغناء في زمن الحروب وانحطاط الفنّ، ولعله من الباحث انس تللو.المؤلم أن إذاعة دمشق لا تحتفظ إلا بعدد محدود جداً من أغانيها، والأكثر إيلاماً أنها لا تذيعها إلا نادراً ما يجعل هذه المطربة العظيمة عرضة للنسيان ويجعل تراثها الفني الكبير يأكله الغبار والضياع».

    ثم أضاف: «مما يؤخذ على "ماري جبران" أنه كان عليها أن تحافظ على مستواها الفني وألا تسلك طريق الغناء في الملاهي العادية، لكنها لم تجد من يشجعها على سلوك طريق الغناء في مناسبات عزيزة وضمن حفلات محدودة، بحيث تطرب دون أن تتناول المشروبات الروحية، وتقدر الطرب وهي صاحية لا مغمورة. لقد وضعت نفسها في غير مكانها أو لعله لم يأخذ أحد بيدها إلى المكان الصحيح، وهكذا لم تحسن "ماري جبران" استغلال تلك الموهبة الإلهية المتمثلة بصوت ملائكي أصفى من الذهب وحنجرة أغلى من الماس، ولم تعرف كيف توظفهما لخدمة فنها فبددتهما هباءً كما بددت الأموال التي كانت تتدفق عليها بلا حساب، فامتدت إليها يد الفقر والعَوَز، ثم أصيبت بالمرض الخبيث وأقامت في المشفى الفرنسي بالقصاع وانفضَّ ألوف المعجبين والأصدقاء من حولها، ولم تعد تجد من يمد لها يد المساعدة إلى أن رحلت في العام 1956، ولم يشارك في تشييعها سوى بضعة أشخاص ممن حفظوا في صدورهم بقية من الوفاء والود والتقدير لفنها الكبير».

    وأنهى حديثه بالقول: «قد تفيدنا هذه القصة بفائدتين الأولى أن نعلم أن أصحاب المواهب الكبرى لا تنمو مواهبهم بالشكل اللائق والأمثل إذا لم يجدوا طريقاً يساعدهم إلى ذلك، والثانية أنه عليهم ألا يضعوا مواهبهم إلا في المكان الباحث الموسيقي أحمد بوبس.المناسب وألا يسخروها إلا لخدمة الهدف الأسمى».

يعمل...
X