إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المبدع "زياد عجان".. قامة سورية كبيرة في الموسيقا الشرقية عموماً،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المبدع "زياد عجان".. قامة سورية كبيرة في الموسيقا الشرقية عموماً،

    "زياد عجان".. تجاوز الأسلوب التركي في التأليف الموسيقي

    بلال سليطين
    نشأ "زياد عجان" في بيئة موسيقية على وقع آلتي العود والكمان، وعرف بتنوع إبداعاته حيث قدم للمسرح اللاذقاني شخصية "أبو صطيف"، وللموسيقا إرثاً موسيقياً ينهل منه المهتمون لمئات السنين القادمة.
    يقول "حبيب بيطار" وهو قائد كورال الراعي الصالح: «أنا وأبناء جيلي تلاميذه، إنه هامة كبيرة في الموسيقا الشرقية عموماً، وله مؤلفات مهمة جداً وتأتي أهميتها من قيمتها في التعليم الأكاديمي، وقد ترك لنا إرثاً عظيماً في مجال السماعيات نستطيع من خلاله أن نوضح للطالب المقامات الغريبة عن طريق السمع، إنه صاحب تجربة تدرس».

    خلال حديثه لمدونة وطن "eSyria" في 2 شباط 2015، روى "زياد عجان" حياته الغنية بالمحطات المهمة، ويقول: «بدأت متنقلاً بين الموسيقا والرسم والأدب والمسرح، حيث ابتكرت شخصية "أبو صطيف" وهي شخصية شعبية عملت من خلالها على انتقاد العادات والمواقف السلبية في المجتمع وداومت على تقديمها حتى نهاية العام 1969، حينها أقفلت باب المسرح وتفرغت كلياً للموسيقا التي شغلت حياتي فيما بعد».

    بدأ حياته الموسيقية مع فرقة النادي الموسيقي التي كان يقودها الراحل "محمود عجان"، وسريعاً ما انتشر اسمه في محافظة "اللاذقية"، حيث استعانت به مديرية التربية في العام 1957 ليكون في عداد لجنة الفن والرياضة، يقول "عجان": «ساهمت هذه اللجنة في تأسيس ما يعرف بالأنشطة المدرسية التي لعبت دوراً في تكوين شخصية أطفالنا في تلك الحقبة، ومنها انطلقنا بالمسرح المدرسي وبدأنا نحيي الأنشطة والحفلات والمهرجانات الرياضية والموسيقية، وننتقي الأفضل لتقديمه في حفل مركزي متنوع الأنشطة معتمدين على مواهب أطفالنا».

    يعتبر "عجان" أن من أهم المحطات في حياته تقديمه لأنشودة شعبية بمناسبة قيام الوحدة بين "سورية، ومصر" عام 1958، ويقول مطلع الأنشودة التي لطالما أشاد بها الراحل "سمير الزوزو" في لقاء سابق لمدونتنا معه: «"الأفراح الشعبية، بالوحدة العربية، مصر وسورية اتحدوا، وانتعشت الوطنية"؛ وهي من كلمات المربية "كاترين مسّرة"».

    في العام 1959 قدم الموسيقي الشاب مع النادي احتفالية كبرى على مسرح الحمراء في "دمشق" بمناسبة تأسيس وزارة الثقافة السورية، وفي العام ذاته ودّع "عجان" سورية متجهاً إلى القاهرة لإتمام دراسته في مجال الموسيقا؛ حيث نال شهادة من المعهد العالي للتربية الموسيقية في مصر عام 1964.

    يقول "عجان" متحدثاً عن سنوات الدراسة: «لم أنقطع نهائياً عن الأنشطة الموسيقية في "مصر" وعملت على نشر موسيقانا هناك، وفي إحدى الحفلات عام 1961 قدمت فاصل "اسقِ العطاش"؛ وهو ما دفع قائد أهم فرقة موسيقية مصرية آنذاك "أحمد فؤاد حسن" للاستفسار مني عنه وتقديم التهنئة به».

    في القاهرة شارك "عجان" في إعداد حلقات برنامج "20 سؤال" الذي كانت تقدمه المذيعة

    زياد عجانالشهيرة "ليلى رستم"، لكنه يعد أهم محطاته في مصر وعلاقته مع الفنان الراحل "محمد القصبجي".

    عاد ابن "اللاذقية" إلى "سورية" يحمل شهادة في الموسيقا وانطلق في رحلته الموسيقية بين التدريب والتأليف والبحث والتدوين، والإرث الذي تركه في مجال المقامات الموسيقية يعد مهماً جداً وقد بذل فيه جهداً كبيراً، ويقول متحدثاً عن عمله في المقامات: «حرصت على جمع وتدوين وتحليل المقامات الموسيقية وضبطها بالشكل العلمي من أجل الأجيال اللاحقة، كما عملت على تأليف قطعة موسيقية من قالب سماعي لكل مقام، وأعتبر هذه القطع الموسيقية بمنزلة دراسة شاملة للمقام وقد بلغ عددها حتى الآن 396 مقاماً و8 سماعيات مكررة».

    ويتابع "عجان" متحدثاً عن التأليف واهتمامه بالجانب الآلي: «اهتمامي بهذا الجانب بالتحديد جاء بسبب قلة المؤلفات الآلية العربية وسيطرة الغناء على هذا الجانب، ولم أكن لأتوقف عن هذا العمل الذي وصل حجم ما أنتجته فيه إلى 450 عملاً ضمن "اللونغات والبشارف" والمحاورات، إضافة إلى 473 عملاً في الفانتازيا (تأليف حر)».

    ورداً على سؤالنا حول الجديد في هذه المؤلفات الآلية قال "عجان": «تخلصت من الأسلوب التركي في التأليف الموسيقي الذي كان سائداً في السابق بالنسبة للقوالب ذات الصيغة، وذلك من خلال الابتعاد عن التأليف الذي يستند بمجمله إلى الإيقاع، واعتماد الجملة الموسيقية كأساس عوضاً عنه.

    خرجت عن القيود في التأليف؛ التي لم أرَ مبرراً لها، وباعتقادي إنها وجدت بسبب ضعف المعلومات الموسيقية لدى المؤلفين هنا، فجعلت الخانة الأخيرة من قالب سماعي دراسة شاملة للمقام المقصود توضح كيفية الانتقال إلى المقامات القريبة، ثم العودة إلى المقام الأصلي، واختصرت الخانات في "البشارف" الطويلة (يراها غير مبررة) بشكل يجعل المؤلف يمتاز بالترابط».

    اهتم الباحث والمؤلف الموسيقي السوري المعروف بالتراث كثيراً؛ ويعزو هذا الاهتمام إلى عدة عوامل أوجزها بالقول: «إن إعادة نشر التراث تعد من صلب وظيفة الفنون ودورها في تكوين شخصية الإنسان، كما أن التراث يعد من المصادر الأساسية المكتوبة وذلك بعناصره المتعددة كالأغاني والأمثال التي تمتلك تأثيراً واسعاً لدى شرائح كبيرة من المجتمع، لذلك دونت ما تيسر لي من تراث هذه المحافظة، ووضعت ألحاناً لأغاني تحاكي التراث».

    الجانب الاجتماعي في حياة "عجان" غني جداً وكذلك الرياضي؛ حيث لعب دوراً مهماً في نادي "حطين" من خلال توليه لرئاسة النادي لفترة من الزمن ترك خلالها أثراً طيباً، يقول "عجان": «العمل الرياضي بدأ في القاهرة حيث

    يعزف على عودهكنت عضواً في النادي الأهلي على مدى خمس سنوات؛ حيث اكتسبت خبرة كبيرة في الرياضة، وعندما عدت إلى "سورية" وضعت كل خبرتي في خدمة الرياضة، وفي الثمانينيات تسلمت رئاسة النادي وأسست أول مدرسة كروية كان فيها 600 طالب، ومن فوائدها أنها كانت تعلم الطفل احترام الوقت والمدرب والثقة بالنفس والتعامل مع زملائه والعمل الجماعي، وكنت أعمل من خلالها على تأسيس جيل متكامل، فحتى من خلال الرياضة كنت أنظر نظرة اجتماعية».

    "عجان" الذي ولد في العام 1939 مازال إلى الآن يعج بالحياة وهو يعبر صراحة عن رفضه للتقاعد، ويؤكد رضاه عن مسيرته وثقته بأن "اللاذقية" بخير موسيقياً، وفيها جيل مبدع في قراءة النوتة والعزف، ويضيف: «مازال لدي مشاريع أعمل على إنجازها حيث أعمل على تصحيح الأخطاء الواردة في الكتب الموسيقية المحلية، وكذلك توثيق الأغاني الشعبية من لواء اسكندرون، فهوايتي إلى اليوم أن أوثق تراثنا، والفكرة نابعة من حضارتنا من تراثنا، وعلينا الحفاظ على تراثنا المتسلسل ومنع حدوث أي قطيعة فيه، واليوم أنذر وقتي كله للبحث والتدريب، ولدي أرشيف ينتظر من يحافظ عليه ويضعه في موقعه المناسب، وأشكر المجتمع على تقديره لجهدي واحترامه لما قدمت وخصوصاً الموسيقيين بالمحافظة».

    هو الذي تحبه "اللاذقية"؛ هكذا يرى فيه الباحث "سجيع قرقماز"، ويقول في حديثه لمدونة وطن: «عندما تتحدث عن "زياد عجان"، لن تعرف من أين تبدأ،

    ورغم أن سمعته تدفعك للبدء من الموسيقا، لكنك عندما تعرفه أكثر ستكتشف أنك لم تنصف الرجل، إنه رجل "اللاذقية" الموسوعي، العارف بأسرارها، والمتدرج في ثقافتها، فكرها، وأدبها، وفنها، منذ أن كانت قريةً صغيرةً تينها طيب، وحتى أصبحت مدينةً كبيرةً بحاجةٍ إلى التجميل، ولا يمكن الحصول على تينها باهظ الثمن.

    "زياد عجان" -في البدء- ابن أبيه، وجده، وعمه، فناً وذاكرةً وثقافة، وريث أوغاريت الموسيقا، وكاهن "لاذقية" الموسيقا، ميزته -كأي كبيرٍ في ثقافة اللاذقية- أنه لم يقف عند حدٍ معينٍ في الثقافة والفن، بل تعدى الحواجز وكسر المألوف كغيره من الكبار، ليكون نقطة التقاءٍ بين الفنون والثقافات في "اللاذقية"، ولن نبالغ إذا قلنا خبير الفن والغناء ومؤرخه على مستوى العرب أجمعين من كلماتٍ ولحنٍ، ومطربين ومطربات.

    عمل في الأغنية "اللادقانية"، ودرس موضوعاتها بدقة، وربما كان أهم من قام بهذه المهمة، ليصل إلى نتيجةِ "الأغنية الشعبية في أرياف سورية الساحلية تعكس الحياة اليومية وجذورها من مدينة أوغاريت"، وهنا له

    مكرماًالسبق ، والريادة في الكشف عن الموسيقا الأوغاريتية وتفسيرها، وإعادة تأليفها من جديد، ومن خلال إعادة كتابتها، العمل الذي دفعني "زياد" إليه على مدى سنوات كي نعيد تقديم الموسيقا السورية الأوغاريتية بوجهها المتجدد والمتطور، معتمدين الميثولوجيا، كأساسٍ للأدب الأوغاريتي؛ متجاوزين ذلك الأساس إلى إعادة صياغة تراثنا. باختصار؛ هو الرجل الموسوعي في الفن والثقافة، كتب في التراث، وأبدع في الاكتشاف، لحن من الفلكلور، وغنى للبحر والصيادين، ارتجل في المسرح وكان مهماً، كتب النقد ولم يقصر، لحّن، وقدم الكثير للموسيقا: "أناشيد، مقطوعاتٍ، أغنيات، مسرحيات غنائية"، ودراسات وخاصةً في مجال الموسيقا العربية من خلال مبدعيها، أصواتها ، وكلماتها، ولم يتوقف عند حدٍ موسيقيٍ فكان المبدع في الحوار المسرحي والكلمة المغناة. وعندما تكتب عنه ستضيع -كما ضعت أنا حالياً- دون أن تعرف: هل أعطيت الرجل حقه؟

    هو موسيقي، ناقد، كاتب مسرحي، هو الموسوعي اللاذقاني الذي تحبه "اللاذقية"؛

    وربما تلك أهم صفاته».
يعمل...
X