Tweet
الأدب الشعبي والحداثة
السبت 17-4-2010م
الحكاية الشعبية والحاضر
الحكاية الشعبية :منتزعة من المجتمع والبيئة وهي نكهة شعبية متميزة لزمان ومكان معين وعادات وتقاليد وأفكار متداولة بين الناس، عالم متكامل يسمى عالم الحكاية، تعمل بالرمز وهذا أسلوبها في إيصال الفكرة من الراوي إلى المستمع، والأدب الشعبي بالغ الأهمية في تثبيت الهوية السورية،
وحفظه للأجيال القادمة ، تم بيان أثره العام على مسرح الحياة ولاسيما الحياة الأسرية والاجتماعية والشخصية. حول هذا الموضوع كان لنا هذه الوقفة مع الاستاذ نزار الأسود. المفكر الشعبي، يعمل عمل الأديب في العصر الحديث، ويسعى إلى معالجة قضايا الأسرة وتلازم الفرد مع المجتمع.
الحكاية الشعبية والأسرة
كل شيء في الدنيا تجده في الحكاية.. في المثل ،عالم الحكاية مملوء بالشعور والأحاسيس والعواطف، وكلما استمعت إلى الحكاية خرجت بمفهوم جديد ويبقى المجتمع وإصلاحه ميدان المفكر الشعبي الأول، صورت لنا الحكاية الأسرة ومشكلاتها، وقضية الحماية بالدرجة الأولى، بالبيت العربي الكبير الذي تعيش فيه الحماية والكنة والأولاد والأحفاد، الكنة الصبية هي وافد جديد إلى الدار، إنها تريد أن تكون أمور الدار بيدها، استقبال الضيوف، السهرة، السيران، إعداد الطعام.. والحماية مادورها وهي التي ربت وتعبت وفي المثل ربوا واتعبوا . الحماية تريد أن تكون هي سيدة القصر الآمرة الناهية ولكن الكنة تأمرت عليها وهذا الخلاف لا ينتهي .
حكاية علي بابا
أكثر ما تروى للأطفال بما لها من إثارة، والحكاية مشرقية الأصل كما هو واضح من اسمها، وذلك باتفاق النقاد والدارسين، وفي مدينة دمشق عدة روايات لهذه الحكاية، وقد أصبح افتح ياسمسم مثلاً لحل العقدة وانفراج الأزمة فافتح ياسمسم تزيح الجبل وتخفي مياه البحيرة ويدخل علي بابا إلى المغارة حيث الذهب والياقوت. علي بابا فرح بالذهب إنها بشرى لخطيبته التي تقول له: أنا لن أتزوج بمال حرام، الذهب والجواهر لأصحابه، وأنا أتزوج على الحصير، في الحكاية عمل علي بابا أجير إسكاف وبنباهته يتغلب على اللصوص فالحكاية تشير إلى نباهة الطفل وحاجته إلى الرعاية .
شطارة البنت
البنت لا تقل ذكاء عن الصبي، البنت تتغلب بالتجارة على أكبر أبناء عمها وتعود إلى البيت بالتجارة الرابحة وابن عمها أجير في الخان، الحماية تسيء معاملة الكنة في الدار العربية الواسعة للجدة والأحفاد.
وبالمقابل الكنة تسيء معاملة حماتها المسنة والعدل بين الزوجات مستحيل كما في مروية القديمة والجديدة من حي الصالحية بدمشق..
الزوجة المتعلمة
الأب يوصي ابنه بالزواج من بنت متعلمة، الابن ينفذ وصية أبيه، الزوجة المتعلمة تدفع زوجها للتجارة وتنقذه من حارة الشطار، وتنقذه من اليهودي الذي يريد قطع رطل من لحمه مقابل الدين وليرات الذهب التي اعطاه إياها، كذلك يعالج القاص الشعبي قضايا المجتمع بعرض المشكلة عرضاً لا يلزمه بحل وهمه الأول الحياة الاجتماعية والأسرة خلية المجتمع.
إنه يصور لنا الصراع الشرس بين الحماية والكنة، الحماية تتدخل بشؤون الكنة وابنها وفي أمور عواطفهما تجاه بعضهما وتفرض رأيها على ابنها وتعتبره مازال طفلاً صغيراً.
التراث الشفاهي للحياة وليس للمتاحف
برناردشو الكاتب والمسرحي البريطاني أخذ فكرة المثل من كلمتين «الشحادة عادة» وكتب مسرحيته العالمية- سيدتي الجميلة-
رواية فتاة من دمشق عن أبيها أنه حدثها: قال الأب لابنته اقطفي لي أجمل وردة من حديقة البيت، لكن البنت لم يعجبها العجب ولا الورد برجب، وكلما شاهدت وردة قالت هناك وردة أجمل ورائحتها أذكى، حتى وصلت إلى آخر الحديقة فقطفت وردة دبلانة، قال الأب لابنته هذا جزاء البنت التي تتكبر في حياتها ولا تمشي على قدها وتقبل بالذي يطلب يدها، قالت البنت يا ليتني سمعت نصيحة أبي فأنا حتى اليوم لم يعجبني أحداً وفاتني القطار .
المجنونة
مروية شفهية بثلاث كلمات من حي القنوات، إمرأة صدقت المجنونة الحقيقية عندما تكون عملاقة فإنها لا ترى.
المجنونة تقول أنا مظلومة، اليوم غداً السبت، إنهم يريدون أن يحرموني من أرثى ،حرام عليكم لماذا أنا في العصفورية أنقذوني، الجارة تحن عليها وتصدقها، وتقدم لها الفاكهة، لكنها تأكل بأدب ونظام كما يفعل العقلاء، الجارة اقتربت من المجنونة لتعطيها النقود وتعيدها إلى بيتها وإلى أولادها. المجنونة تنقض على الجارة وكادت أن تخنقها، ومزقت ثيابها. وألقت بها إلى الأرض وداستها بأقدامها، الحراس أنقذوا الجارة وقالوا لها ألم نقل لك إنها مجنونة لكن هناك من يتجاهل الحقيقة .
الأدب الشعبي من حكاية ومثل لا يطيب أكله إلا كما ورد.. كما قيل.. ولو كان بالعامية لأنه يشمل ثقافة مجتمع ولو صحح إلى الفصحى فإنه يفقد نكهته فالحكاية جزء من تراث البلد.