Announcement

Collapse
No announcement yet.

جنين وأمه

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • جنين وأمه

    جنين وأمه ..؟





    أمّاه: تضرب مضجعي هزات..! متى كانت الزلازلتختار حجراً صغيرة..؟ نيران تنفث حمم القهر, هل أنت مأوى لبراكين البلايا المتواصلةالخطيرة..؟!.
    صغيري : تنبثق ينابيع دمك حولي, فتسري مستعرة دانية مني, فكيف سترتوي أحشائي الملتهبة الهجيرة..؟--- ‏

    أماه: أخبريني متى وكيفسأخرج من هذا الظلام الدامس..؟ علميني كيف أفتح بوابة الحياة للنجاة إذا ما كنتطريدة لفواجع الأيام... فأنا أجهل سبل الهروب ولا أسمع أجراس الإنذار.. أرشدينيلعلي أرى عتبة أو محراباً أو أفهم فناً من فنون المواجهة والفرار.. ‏
    صغيري: لا تخشى.. لا يخامركريب, الحياة تطاردني وحدي, منذ طفولتي البائسة الغريقة في وحول الهموم والشقاء, لاأزال أشتبك معها, عراكنا مستمر ولا تني ترميني بسهام نوائبها المؤلمة.. لكنني أبداًلا أجس أو أتحسس مواضع ألمي بل أتلمس مرقدك الطري خوفاً عليك من مساس أذية أو إصابةشرار سوء أو مسيس بلاء.. وما الأصوات والهزات التي تشعر بها بهجوم عليك بل هي أصداءدفاعي عنك... الدماء التي اغتلت غضباً من العذاب وامتزجت سماً من الأحزان تعبتكثيراً كي لا تنهل منها أو تقتات.. بل جعلتها وقوداً لنار تلتهم كل من يدنو منكبخطرٍ, وتدرأ عن مسكنك الأشواك والأوزار.. ‏
    ولدي الغالي: لن أسلمك إلاراية النصر بعد أن أهزم الرزايا فأنتقل وإياك إلى بر الأمان لنتذوق رحيق الحبوالسعادة.. لن أدع المصائب تهدم سنيّ عمرك الذي انتظره بقلب عاشق وروح هائمةوستخبرك برقيات الحياة التي وصلت مواقع فكرك وهي مضرجة بنزيف ماضي المحروم وويلاتحاضري المنكوب كم أنا تواقة إلى مستقبلك الذي سيعوضني عن حسرات تلك الأيام فأرممأحلامي المكسورة وأنتشي بعذوبة العيش فعسى أن ينير مستقبلك غياهب نفسي فتصفو روحيوتجلو أمام عيني مسرات الحياة.. ‏

    أماه: حرريني من قيوديلأخرج فنخوض المعركة معاً... آن الأوان أن أقرأ الحياة من نافذتي عينيك متطلعاً إلىمستقبلي المأمول من ماضيك المشلول.. أخرجيني لقد ضقت ذرعاً بالمكان. ساعديني لأخرجوأوقف الزمن, سأهزمه, وأصلح ما خربه من مساحة روحك وبناء نفسك.. الاستكانة عاروالوفاء من شيم الأبرار.. دقت ساعة المخاض.. أي جسد أنهكه الصراع وهدّته الهمومسيلفظ هذا الوليد بسلام وأمان.. أية شجرة واجهت العواصف المجنونة ستحافظ على فروعهاوقواها متماسكة متينة...؟ أية أعصاب فتتها العصاب ومزقها القلق والرهاب ستنظم أفعالالعضلات وأعمال الأنسجة ووظائفها باتزان وانتظام..؟ لقد كان المخاض عسيراً.. لمتلفظه إلا بعد جهد جهيد.. ترافق بلفظ أنفاسها الأخيرة.. سقطت صامتة وعلا صراخهبجوارها. أماه.. أين أنت..؟ كل دمعةٍ ذرفتها عيناك تسربت وبللت نفسي.. كل صفعةولكمة سببتها لك معاول الحرمان تأوهت وصرخت متكوراً لها.. كل نيران الأسى التيتأججت في أعماقك أبكاني دخانها وألهبني لظاها وأربكني رمادها.. وعندما وجدت الزمانلا يكف عن الترصّد ليجلدك بقسوة وتجبر ناشدتك أن أخرج.. للمساعدة.. عسى أن يكونوجودي ذخيرة الأمل لحياتك وشعاع النور لدربك.. وعندما أتيت رحلت. ‏




    ثم صرخ صرخته الأخيرةمودعاً, أماه.. لقد صار الماضي وامتداده وصداه فناءً. ‏
Working...
X