Announcement

Collapse
No announcement yet.

مسرح : متى يحاصرالحصار؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مسرح : متى يحاصرالحصار؟

    متى يحاصرالحصار؟

    مصطفى الصمودي

    - من منشورات اتحاد الكتاب العرب - 199
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

  • #2
    رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

    الشخصيات حسب الظهور

    1 - سامية : زوجة ياسين وتبدو أكبر من سنها لتحمّل أعباء بيتها‏

    2 - ياسين : زوج سامية كاتب مسرحي مثقف ومُسالم‏

    3 - سعيد : صحفّي شاب .. مستغل ... ساع للشهرة بأية وسيلة كانت عدو لياسين .‏

    4 - حمدي : صديق ياسين . خريج قسم النقد المسرحي . عاقل متزن‏

    5 - عامل في المسرح‏

    6 - سهير : إمرأة جميلة متعجرفة قوّية الشخصية هدفها تحطيم ياسين‏

    7 - تيسير : رجل ضعيف الشخصية يُؤَمّن للراقصات في الملاهي متطلباتهن من خارج الملهى وسيط بينهن وبين المعجبين بهنّ .‏

    8 - ما هر : صديق ياسين‏

    9 - مرافق عدد / 4 /‏

    10 - شرطي‏

    11 - سلام : ابن حمدي .
    إذا الشعب يوما أراد الحياة
    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

    Comment


    • #3
      رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

      مسرحية : متى يحاصر الحصار؟!؟‏

      المشـــــهد الأول‏

      [ ياسين يجلس وراء طاولة عليها الكثير من الأوراق والكتب مستغرقاً في القراءة والكتابة . يُسْتَدَلّ من أثاث بيته على فقره. تدخل زوجته سامية ترمقه بنظرة طويلة ثم تتنهَدُ مستنكرة ]‏

      سامية: لاحول ولاقوة إلا يا رجل بالله عقَدتنا وأنت تقرأ. كل يوم قراءة وكتابة قراءة وكتابة صباحاً ومساءً أي شوهادا؟) الدوام الرسمي عند الحكومة ست ساعات ـ هذا إذا داوم الموظفون ـ فهل تقرأ من مبدأ فرض الكفاية عنك وعن آبائك وأولادك وأجدادك وأحفادك من أول جد حتى آخر حفيد؟‏

      ياسين: يرفع نظارته ويستدير نحوها بهدوء) يا إمرأة، كلما وجدتِني أقرأ تعيدين على مسمعي هذه الإسطوانة؟ .أنا أحب القراءة وكفى .‏

      سامية: إذا كان حبيبك عسل لاتلحسه كله) أنت لَحَستَهُ وبَلَعت الجمل والجمّال معه.‏

      ياسين: كلٌّ يغني على ليلاه. من الناس من تستهويه الرياضة أو المراسلة . ومنهم من يستهويه لعب الشدة وطاولة الزهر . وبعضهم جمع الطوابع وتربية الحمام. لكل امرىء في هذه الحياة موال يغنيه.. وموالي أنا، القراءة والكتابة.‏

      سامية: والله صرت أكره وجود الكتاب في البيت كما أكره وجود الضرّة. نعم لقد جعلت منه ضُرَتي لأن الوقت الذي تقضيه معه أضعاف ما تقضيه معي.‏

      ياسين: يا إمرأة أريد أن أفهم. متى كانت القراءة مشكلة؟‏

      سامية: القراءة بحد ذاتها ليست مشكلة. لكن أنت الذي جعلت منها مشكلة.‏

      ياسين: أنا؟!....‏

      سامية: نعم أنت. ومشكلة كبرى أيضاً. الناس تقرأ ساعة، ساعتين، ثلاث ساعات كحد أقصى في اليوم. أما أنت فتقرأ بلا رحمةعديم ووقع بسلّة تين). تضع النظارة على عينيك وتمسك بالكتاب وتبدأ بإصدار أوامركتقلده) هس. بلا ضجة. استراحة بدون راحة . ثم تقرأ برْ - برْ - برْ - برْ ...) ولاتترك الكتاب حتى يستجير منك الكتاب . بالله عليك ماذا استفدت من كل هذه الثقافة ؟ هل استطعنا من خلالها شراء شقة متواضعة تخلصنا من آجار البيوت؟‏

      هل ساعدتنا ثقافتك على شراء اثاث لغرفة الضيوف التي أخجل من أثاثها إذا زارنا أحد ؟ هل حسنت ظروفنا ؟ هل أطعمتنا الثقافة خبزاً ؟‏

      ياسين : ليس بالخبز وحده يحيا الانسان .‏

      سامية : بماذا يحيا إذاً ؟ أيحيا بأكل الحروف وبلع الكتب فقط؟ ياسين . اسمعني أرجوك هذه الكتب المكدَّسَة بِعْها. أصلاً لم يعد في بيتنا ما نبيعه سواها، بِعْها وبثمنها نُحَسِّن وضعنا المعاشيّ قليلاً .‏

      باسين : أتعرفين ما معنى بيع الكتب بالنسبة لي ؟ معناه نهايتي ياسامية .الكتاب بالنسبة لي ياسامية هو الهواء الذي أستنشقه والنبض الذي به أحيا . كم مرة تحدثنا في هذا الموضوع من قبل ؟ الانسان روح اولاً ومادة ثانياً .‏

      سامية :آمنّا بذلك وصدقنا . لكن اسعوا في مناكبها يارجل . أعمل أيّ عمل بَعْدَ دوامك الوظيفي، أكثر الناس تعمل بعد دوامها . خذ مثلاً جارنا أبو عامر1 ) وجارنا أبو أسعد ) و أبو سمير ) أما أنت من أين ياحسرتي ؟؟) عايشلي ع الحصير وعامليّ حالك صَنْدا بَنْدا) حتى عديلك بائع المازوت يستطيع تأمين كل مايريد .‏

      ياسين : لك لك ) خلصنا من موضوع القراءة لندخل في موضوع جديد ؟.. ياامرأة لامجال للمقارنة بيني وبين من تتحدثين عنهم .‏

      سامية : لماذا؟ يعني أنت أحسن منهم يابَعْدي ؟)‏

      ياسين : ليست القضية قضية أحسن أو أسوأ . كل الناس خير وبركة . لكن جارنا أبو عامر) يعمل بعد دوامه سائقاً لأن اختصاصه ميكانيك سيارات . وجارنا أبو أسعد ) يعمل بعد دوامه محاسباً لأن اختصاصه الدراسي رياضيات . أما أنا ان عملت محاسباً خربتُ بيتي وبيتَ من أعمل عنده . أجعل من العشرة مئة ومن المئة ألفا . أنا في الرياضيات طلطميس يا إمرأة) لا أعرف طيخ من بطيخ)‏

      سامية: بالممارسة تتعلم وعصرنا عصر الكومبيوتر.‏

      ياسين: يعني بعد الكبرة جبّة حمرة؟) وجارنا أبو سمير يعمل نجار باطون لأنه يمارس هذه المهنة منذ الصغر. يعني تعوّد عليها. أما أنا إن عملت نجار باطون مصيبة)ينقصع ظهري وأمرض بالدّيسك من أول يوم) طيب لمَ لا تعكسي السؤال؟ لماذا هم لا يقرؤون ولا يؤلفون .؟‏

      سامية: لأنهم لا يريدون أن يعيشوا فقراء معدمين كما تعيش أنت.‏

      ياسين: لا. ليس هذا هو السبب. بل لأن ذلك ليس مجالهم. لكل في هذه الحياة مجال ولو عمل فلان مثل علاّن وزيد مثل عبيد لضاع الصالح بالطالح وصارت الأمور في حيص بيص. أنا أقرأ لأتثقف ومن ثم لأأٌلف . وبقدر الأخذ يكون العطاء وبخاصة أنا لي كتابات في أكثر من مجال ثقافي وفكري . يا سامية أنا من خلال الكتاب أحيا في دنيا غير هذه الدنيا.‏

      سامية: يا رجل ...تدبّر أمورك في هذه الدنيا ثم فكر في غير هذه الدنيا. ياسين هذا الزمن ليس زمن المثقف هذا زمن المالبجيبك قرش تساوي قرش) ولهذا سواء عليك أقرأت أم لم تقرأ. أألفت أم لم تؤلف ، من يدري بك وبقراءاتك وبمؤلفاتك.‏

      ياسين: أنا لا أقرأ من أجل أن يدري بي الناس أنا أقرأ من مبدأ الرغبة والواجب.‏

      سامية: أي واجب ؟‏

      ياسين: واجبي الوطني.‏

      سامية: ألا يدعوك واجبك الوطني والإنساني إلى العمل لتخلصنا مما نحن فيه؟‏

      ياسين: وهل قراءتي ومؤلفاتي لهو ولغو؟ قراءتي يا سامية في هذه المرحلة من أقدس الأعمال وأشرفها لأن قدر الفئة المثقفة المستنيرة أن تحمل على كاهلها دور الريادة.‏

      سامية: ألم يعد هناك مثقف مستنير غيرك ليقوم بهذه الريادة؟‏

      ياسين: هناك الكثيرون يا سامية.‏

      سامية: دعهم إذاً يحملون هذا الواجب والتفت إلى بيتك قليلاً.‏

      ياسين: يا سامية إن تركت أنا وترك غيري ... وتبعنا آخرون فمن يبقى في الساحة؟ على كل هذا قدري وأنا راضٍ عنه كل الرضا. صار لدي إدمان قرائي . نعم . مرض اسمه إدمان قرائي. يعني إن لم أقرأ أشعر بشيء ينقصني. أحسّ بفراغ كبير. أجن. لذا، أرجو أن لاتطلبي مني ثانية أن أكفّ عن القراءة والكتابة أو أن أعمل عملاً لا دراية لي به.‏

      سامية: طيّب ليَسْعَ لك أحد أصدقائك بتأمين عمل لك يتناسب معك في الخارج. كل الناس .... تذهب إلى هناك وهي على الحديدة وتعود ممتلئة الجيوب.‏

      ياسين: لعن الله الغربة يا سامية. الغربة ذل. مهما يقدم المرء للآخرين هناك يبقى غريباً ولو كان معجزة زمانه. ساعة في بلدي تساوي الدنيا وما عليها. أتريدين أن أذهب لأفرغ عصارة عمري وإمكاناتي هناك ثم أعود لأعيش عالة على بلدي بعد خوائي من أي عطاء؟‏

      سامية: يعني هل سنبقى طيلة حياتنا على ما نحن عليه من فقر؟‏

      ياسين: أنا لم أقل هذا.‏

      سامية: ما العمل إذا؟‏

      ياسين: ها أنا أعمل كسائر الناس يا سامية. وإن لم نستطع تحقيق مانصْبو إليه اليوم فلا بدّ أن نستطيع غداً أو بعد غد. الطريق الطويلة تبدأ بخطوة.‏

      سامية: ياسين أنت تُحمّلني ما لا طاقة لي به.‏

      ياسين: أنا لست ناكراً صبرك معي وفضلك علي. وكثيراً ما كنت أحدث أصدقائي عنك بأنك اسفنجة تمتص همومي وعامل هام يخلق لي الظروف الملائمة للقراءة والكتابة.‏

      سامية: لكن الإنسان طاقة. والطاقة محدودة.‏

      ياسين: ليكن هذا الشهر من جملة الشهور التي صبرت عليها معي.‏

      سامية: أيدي بزنارك) لو أن المشكلة مشكلة شهر. شهرين. ثلاثة. سنة. لهان الأمر لكن الحبل على الجرار .‏

      ياسين: لا لا .. إن شاء الله مسرحيتي متى يحاصر الحصار) التي كتبتها مؤخراً والتي ستعرض في الشهر القادم ستكون بداية تحول لوضعنا الإقتصادي وستدرّعلينا مورداً آخر نستطيع من خلاله تأمين ما نحتاج إليه‏

      سامية: قبل كل عرض تأمل ذلكويطلع نقرك على حجر)‏

      ياسين: لولا الأمل بطل العمل.‏

      سامية: لقد سئمنا ونحن نأمل. والصدف إذا توالت لم تعد صُدفاً(1) لذا فالعرض القادم لن يكون أفضل من سابقيه.‏

      ياسين: يا سامية بشّروا ولاتنفروا.‏

      سامية: أنا لا أبشّر ولاأنفّر أنا أطلق حكماً من خلال عروضك السابقة. ثم لاتنس أن المدارس ستفتح أبوابها قبل تقديم عرضك المسرحي وعندها تبدأ طلبات الأولاد. صداري، أقلام. كتب.دفاتر . إلى آخر ما هنالك من متطلبات. وأطفالك ليس عندهم حتّى أحذية تليق بلباس المدرسة. أتريدهم أن يذهبوا إلى المدرسةوهم أولاد ياسين يابعدي) حفايا عرايا ليكونوا محط سخرية بين رفاقهم وأساتذتهم ؟ أم تتوقع أن افتتاح المدارس سيؤجل احتراماً لعرضك المسرحي أيها المؤلف والمخرج العظيم؟‏

      ياسين: محتداً) كفى ياسامية..كفى.‏

      سامية: ولاتنسَ أنه لم يعد في البيت أية مؤونة .لاسمن. ولازيت. ولاأرز. ولاأي شيء. ناهيك عن المازوت وفواتير الماء والكهرباء والهاتف إلخ إلخ إلخ..‏

      ياسين: يقاطعها بحدة أكثر) كفى ياسامية. أنت تحزّين قلبي بسكين عندما تذكرينني بما لست ناسيه.‏

      سامية: والله العظيم لا أعرف ماذا سأطبخ) للأولاد عندما يعودون من بيت جدتهم.‏

      ياسين: "بأسى بالغ" أطبخي ما تيسر .. أطبخي سم .. أطبخي جهنم).... يغص بالبكاء) لا حول ولا قوة إلا بالله.. يارب أنت أدرى بالحال يضع يده على صدره وقد أصيب بوخزة")‏

      سامية: تلحظ تأثره البالغ فتخفف من حدة لهجتها ) ياسين. صدقني لم أقصد بحديثي جرح مشاعرك لكن قصدت أن أذكرك بواقع لا بد من وضعه في الحسبان وأعاني منه يومياً كسيدة في هذا البيت.‏

      ياسين: آه ياسامية كان سيدنا علي كرم الله وجهه يأسى لدمعتين . دمعة الطفل إذا بكى لبراءتها ودمعة البطل لعزتها. آه وأنا أأسى على الحال الذي وصل إليه المثقف وحتى الموظف بعامة. صدقيني ياسامية قد تفاجأين إذا قلت لك إني منذ مدة بدأت أبحث عن عمل بعد دوامي يتلاءم معي ولايبعدني عن القراءة.لاتعجبي..لقد سألت بعض بائعي النوفوتيه وبعض أصحاب المطابع والمكاتب فأجابوني بأنهم بحاجة إلى عامل يعمل صباحاً ومساء. "يحس بوخزة في صدره" آه.‏

      سامية: خيراً؟!..‏

      ياسين: منذ مدة ياسامية أحس بوخزة حادة هنامشيراً إلى جهة القلب)‏

      سامية: بعيد الشر عنّك)‏

      ياسين: ياسامية أين يذهب الغم؟.. لابد أن يتفجر في الجسد بشكل أمراض مختلفة ألم تسمعي بأمراض هذا العصر؟ فلان أصيب بالجلطة.‏

      سامية: اللهم عافنا‏

      ياسين: وآخر أصيب بداء السكري‏

      سامية: يالطيف‏

      ياسين: "بحرقة زائدة" الهم سيتفجر داخل الجسد. هنا..هنايضرب بأصابعه المتشنجة بكل قوة على مكان الألم)‏

      سامية: بعيد الشر عنك) ياسين. نحن مستعدون أن نأكل التراب في سبيل أن تبقى سليماً معافى طمّني هل زال الألم؟ "ياسين لايجيب" أنا لا أطالبك بعدم القراءة أنا أريدك أن تقرأ بحدود المعقول. القراءة الطويلة إجهاد، إرهاق. ألم تقل لي يوماً إنهم سألوا أرسطو: ألم تخف على عينيك من إدامة النظر في الكتاب؟‏

      ياسين: أراك تناسيت الإجابة .. ألم يجبهم : إذا سلمت البصيرة لم أحفل بمقام البصر ؟.. احضري لي فنجاناً من القهوة.‏

      سامية: حاضرياسين يمسح بأصابعه مكان الوخزة وسامية في الجانب الآخر من المسرح تحدث نفسها ) لا حول ولا قوة إلا بالله. والله أخشى أن أقول له لم يعد لدينا قهوة خوفاً عليه من حسه المرهف. ماذا أفعل ؟ ." تفطن إلى حل فتقرب منه" ياسين. مارأيك أن نشرب معاً كأساً من الشاي بدل القهوة فأنا لدي رغبة بشرب الشاي معك.‏

      ياسين: "ينظر إليها وقد فهم قصدها" ماأروعك ياسامية. حتماً لم يعد لدينا قهوة فحاولت بلباقتك المعهودة أن تقنعيني بالشاي.. أمري لله) كأس شاي ماشي الحال)‏

      سامية: تكرم عينك) "يرن جرس الهاتف ترفع سامية السماعة" ألو نعم؟ نعم موجود من يريده؟ حاضر أستاذ تستر السماعة بيدها وتخاطب ياسين) مدير المسرح يودّ التحدث إليك‏

      ياسين: "يفاجأ" مدير المسرح؟ "يتقدم قلقاً ويأخذ السماعة " ألو أهلاً استاذ أهلاً . آه ؟ أنت عامل المقسم ؟ .. أعطني السيد المدير من فضلك. المدير يتكلم على الخط الآخر؟ . أنا أنتظره على الخط " يستر السماعة بيده. محدثاً سامية " غريب هذا الإتصال . أخشى أن يكون العرض قد أجل أو ألغي أو حدث ما لم يكن متوقعاً ... اللهم اجعله خيراً يسمع صوت عامل المقسم) ألو ألو أنا على الخط. قد تطول المكالمة ؟ السيد المدير يريد أن يراني حالاً ؟ لماذا ؟ لأمر هام يتعلق بالمسرحية ؟ حاضر .. بلّغه تحياتي وسأكون عنده بعد قليل . مع السلامة"يضع السماعة"‏

      سامية: خيراً؟ ماذا قال لك؟‏

      ياسين: لم يقل شيئاً . كان يتكلم معي عامل المقسم‏

      سامية: ولِمَ لم يتحدث معك مدير المسرح بالذات؟‏

      ياسين: أما سمعت؟.. إنه مشغول بمكالمة هاتفية على الخط الآخر.‏

      سامية: تلحظ قلقه) تفاءلوا بالخير تجدوه. " ياسين يلبس الجاكيت " إن شاء الله هذه المكالمة لصالحك.‏

      ياسين: إن شاء الله.‏

      سامية: ياسين بمجرد أن تخرج من غرفة مدير المسرح اتصل بي وطمئني .‏

      ياسين:إن شاء الله يتحسس مكان الوخزة ثم يخرج)‏

      سامية: مع السلامة "تتنهد" أوف كم هو تعيس حظ هذا الرجل؟ لكأنه مكتوب عليه أن لايفرح على الإطلاق على الرغم من أنه يستاهل كل خير.أي والله) في حياته ما أزعجني ولو بكلمة واحدة. يعاملني معاملة الزوج والأب والأم والأخ والصديق ربِّ افتحها في وجهه. إن لم يكن من أجله فمن أجل صغارنا الذين لم يعيشوا فرح طفولتهم حتى الآن "يرن جرس الهاتف ترد سامية" ألو نعم؟. من؟ ...مدير المسرح نفسه يتكلم ؟ أهلاً أستاذ أهلاً . ياسين؟ ..والله ذهب إليك بعد المكالمة فوراً تبادره بالسؤال) عفواً أستاذ هل لي أن أعرف السبب الذي من أجله أرسلت في طلب ياسين؟ أعرف من أجل المسرحية لكن هل يعني.. هل طرأ جديد على الموضوع ؟نعم ؟ .. ألو ..ألو ...بعصبية حادة ) ألو.. وكأن الخط قد انقطع) في اللحظة الحرجة انقطع الخط...يالها من خطوط سيئة . ماالعمل إذا كانت مسدودة حتى عن طريق الهاتف؟ تضع السماعة بكل قسوة)... هِهْ...‏



      إطفاء نهاية المشهد الأول‏

      1- أضعها دائماً في صيغة الرفع أياً كان موقعها من الإعراب لأنها أسهل على الأذن من مررت بأبي ..)) أو لكن أبا..)).‏
      إذا الشعب يوما أراد الحياة
      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

      Comment


      • #4
        رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

        مسرحية : متى يحاصر الحصار؟!؟‏

        المشـــــهد الأول‏

        [ ياسين يجلس وراء طاولة عليها الكثير من الأوراق والكتب مستغرقاً في القراءة والكتابة . يُسْتَدَلّ من أثاث بيته على فقره. تدخل زوجته سامية ترمقه بنظرة طويلة ثم تتنهَدُ مستنكرة ]‏

        سامية: لاحول ولاقوة إلا يا رجل بالله عقَدتنا وأنت تقرأ. كل يوم قراءة وكتابة قراءة وكتابة صباحاً ومساءً أي شوهادا؟) الدوام الرسمي عند الحكومة ست ساعات ـ هذا إذا داوم الموظفون ـ فهل تقرأ من مبدأ فرض الكفاية عنك وعن آبائك وأولادك وأجدادك وأحفادك من أول جد حتى آخر حفيد؟‏

        ياسين: يرفع نظارته ويستدير نحوها بهدوء) يا إمرأة، كلما وجدتِني أقرأ تعيدين على مسمعي هذه الإسطوانة؟ .أنا أحب القراءة وكفى .‏

        سامية: إذا كان حبيبك عسل لاتلحسه كله) أنت لَحَستَهُ وبَلَعت الجمل والجمّال معه.‏

        ياسين: كلٌّ يغني على ليلاه. من الناس من تستهويه الرياضة أو المراسلة . ومنهم من يستهويه لعب الشدة وطاولة الزهر . وبعضهم جمع الطوابع وتربية الحمام. لكل امرىء في هذه الحياة موال يغنيه.. وموالي أنا، القراءة والكتابة.‏

        سامية: والله صرت أكره وجود الكتاب في البيت كما أكره وجود الضرّة. نعم لقد جعلت منه ضُرَتي لأن الوقت الذي تقضيه معه أضعاف ما تقضيه معي.‏

        ياسين: يا إمرأة أريد أن أفهم. متى كانت القراءة مشكلة؟‏

        سامية: القراءة بحد ذاتها ليست مشكلة. لكن أنت الذي جعلت منها مشكلة.‏

        ياسين: أنا؟!....‏

        سامية: نعم أنت. ومشكلة كبرى أيضاً. الناس تقرأ ساعة، ساعتين، ثلاث ساعات كحد أقصى في اليوم. أما أنت فتقرأ بلا رحمةعديم ووقع بسلّة تين). تضع النظارة على عينيك وتمسك بالكتاب وتبدأ بإصدار أوامركتقلده) هس. بلا ضجة. استراحة بدون راحة . ثم تقرأ برْ - برْ - برْ - برْ ...) ولاتترك الكتاب حتى يستجير منك الكتاب . بالله عليك ماذا استفدت من كل هذه الثقافة ؟ هل استطعنا من خلالها شراء شقة متواضعة تخلصنا من آجار البيوت؟‏

        هل ساعدتنا ثقافتك على شراء اثاث لغرفة الضيوف التي أخجل من أثاثها إذا زارنا أحد ؟ هل حسنت ظروفنا ؟ هل أطعمتنا الثقافة خبزاً ؟‏

        ياسين : ليس بالخبز وحده يحيا الانسان .‏

        سامية : بماذا يحيا إذاً ؟ أيحيا بأكل الحروف وبلع الكتب فقط؟ ياسين . اسمعني أرجوك هذه الكتب المكدَّسَة بِعْها. أصلاً لم يعد في بيتنا ما نبيعه سواها، بِعْها وبثمنها نُحَسِّن وضعنا المعاشيّ قليلاً .‏

        باسين : أتعرفين ما معنى بيع الكتب بالنسبة لي ؟ معناه نهايتي ياسامية .الكتاب بالنسبة لي ياسامية هو الهواء الذي أستنشقه والنبض الذي به أحيا . كم مرة تحدثنا في هذا الموضوع من قبل ؟ الانسان روح اولاً ومادة ثانياً .‏

        سامية :آمنّا بذلك وصدقنا . لكن اسعوا في مناكبها يارجل . أعمل أيّ عمل بَعْدَ دوامك الوظيفي، أكثر الناس تعمل بعد دوامها . خذ مثلاً جارنا أبو عامر1 ) وجارنا أبو أسعد ) و أبو سمير ) أما أنت من أين ياحسرتي ؟؟) عايشلي ع الحصير وعامليّ حالك صَنْدا بَنْدا) حتى عديلك بائع المازوت يستطيع تأمين كل مايريد .‏

        ياسين : لك لك ) خلصنا من موضوع القراءة لندخل في موضوع جديد ؟.. ياامرأة لامجال للمقارنة بيني وبين من تتحدثين عنهم .‏

        سامية : لماذا؟ يعني أنت أحسن منهم يابَعْدي ؟)‏

        ياسين : ليست القضية قضية أحسن أو أسوأ . كل الناس خير وبركة . لكن جارنا أبو عامر) يعمل بعد دوامه سائقاً لأن اختصاصه ميكانيك سيارات . وجارنا أبو أسعد ) يعمل بعد دوامه محاسباً لأن اختصاصه الدراسي رياضيات . أما أنا ان عملت محاسباً خربتُ بيتي وبيتَ من أعمل عنده . أجعل من العشرة مئة ومن المئة ألفا . أنا في الرياضيات طلطميس يا إمرأة) لا أعرف طيخ من بطيخ)‏

        سامية: بالممارسة تتعلم وعصرنا عصر الكومبيوتر.‏

        ياسين: يعني بعد الكبرة جبّة حمرة؟) وجارنا أبو سمير يعمل نجار باطون لأنه يمارس هذه المهنة منذ الصغر. يعني تعوّد عليها. أما أنا إن عملت نجار باطون مصيبة)ينقصع ظهري وأمرض بالدّيسك من أول يوم) طيب لمَ لا تعكسي السؤال؟ لماذا هم لا يقرؤون ولا يؤلفون .؟‏

        سامية: لأنهم لا يريدون أن يعيشوا فقراء معدمين كما تعيش أنت.‏

        ياسين: لا. ليس هذا هو السبب. بل لأن ذلك ليس مجالهم. لكل في هذه الحياة مجال ولو عمل فلان مثل علاّن وزيد مثل عبيد لضاع الصالح بالطالح وصارت الأمور في حيص بيص. أنا أقرأ لأتثقف ومن ثم لأأٌلف . وبقدر الأخذ يكون العطاء وبخاصة أنا لي كتابات في أكثر من مجال ثقافي وفكري . يا سامية أنا من خلال الكتاب أحيا في دنيا غير هذه الدنيا.‏

        سامية: يا رجل ...تدبّر أمورك في هذه الدنيا ثم فكر في غير هذه الدنيا. ياسين هذا الزمن ليس زمن المثقف هذا زمن المالبجيبك قرش تساوي قرش) ولهذا سواء عليك أقرأت أم لم تقرأ. أألفت أم لم تؤلف ، من يدري بك وبقراءاتك وبمؤلفاتك.‏

        ياسين: أنا لا أقرأ من أجل أن يدري بي الناس أنا أقرأ من مبدأ الرغبة والواجب.‏

        سامية: أي واجب ؟‏

        ياسين: واجبي الوطني.‏

        سامية: ألا يدعوك واجبك الوطني والإنساني إلى العمل لتخلصنا مما نحن فيه؟‏

        ياسين: وهل قراءتي ومؤلفاتي لهو ولغو؟ قراءتي يا سامية في هذه المرحلة من أقدس الأعمال وأشرفها لأن قدر الفئة المثقفة المستنيرة أن تحمل على كاهلها دور الريادة.‏

        سامية: ألم يعد هناك مثقف مستنير غيرك ليقوم بهذه الريادة؟‏

        ياسين: هناك الكثيرون يا سامية.‏

        سامية: دعهم إذاً يحملون هذا الواجب والتفت إلى بيتك قليلاً.‏

        ياسين: يا سامية إن تركت أنا وترك غيري ... وتبعنا آخرون فمن يبقى في الساحة؟ على كل هذا قدري وأنا راضٍ عنه كل الرضا. صار لدي إدمان قرائي . نعم . مرض اسمه إدمان قرائي. يعني إن لم أقرأ أشعر بشيء ينقصني. أحسّ بفراغ كبير. أجن. لذا، أرجو أن لاتطلبي مني ثانية أن أكفّ عن القراءة والكتابة أو أن أعمل عملاً لا دراية لي به.‏

        سامية: طيّب ليَسْعَ لك أحد أصدقائك بتأمين عمل لك يتناسب معك في الخارج. كل الناس .... تذهب إلى هناك وهي على الحديدة وتعود ممتلئة الجيوب.‏

        ياسين: لعن الله الغربة يا سامية. الغربة ذل. مهما يقدم المرء للآخرين هناك يبقى غريباً ولو كان معجزة زمانه. ساعة في بلدي تساوي الدنيا وما عليها. أتريدين أن أذهب لأفرغ عصارة عمري وإمكاناتي هناك ثم أعود لأعيش عالة على بلدي بعد خوائي من أي عطاء؟‏

        سامية: يعني هل سنبقى طيلة حياتنا على ما نحن عليه من فقر؟‏

        ياسين: أنا لم أقل هذا.‏

        سامية: ما العمل إذا؟‏

        ياسين: ها أنا أعمل كسائر الناس يا سامية. وإن لم نستطع تحقيق مانصْبو إليه اليوم فلا بدّ أن نستطيع غداً أو بعد غد. الطريق الطويلة تبدأ بخطوة.‏

        سامية: ياسين أنت تُحمّلني ما لا طاقة لي به.‏

        ياسين: أنا لست ناكراً صبرك معي وفضلك علي. وكثيراً ما كنت أحدث أصدقائي عنك بأنك اسفنجة تمتص همومي وعامل هام يخلق لي الظروف الملائمة للقراءة والكتابة.‏

        سامية: لكن الإنسان طاقة. والطاقة محدودة.‏

        ياسين: ليكن هذا الشهر من جملة الشهور التي صبرت عليها معي.‏

        سامية: أيدي بزنارك) لو أن المشكلة مشكلة شهر. شهرين. ثلاثة. سنة. لهان الأمر لكن الحبل على الجرار .‏

        ياسين: لا لا .. إن شاء الله مسرحيتي متى يحاصر الحصار) التي كتبتها مؤخراً والتي ستعرض في الشهر القادم ستكون بداية تحول لوضعنا الإقتصادي وستدرّعلينا مورداً آخر نستطيع من خلاله تأمين ما نحتاج إليه‏

        سامية: قبل كل عرض تأمل ذلكويطلع نقرك على حجر)‏

        ياسين: لولا الأمل بطل العمل.‏

        سامية: لقد سئمنا ونحن نأمل. والصدف إذا توالت لم تعد صُدفاً(1) لذا فالعرض القادم لن يكون أفضل من سابقيه.‏

        ياسين: يا سامية بشّروا ولاتنفروا.‏

        سامية: أنا لا أبشّر ولاأنفّر أنا أطلق حكماً من خلال عروضك السابقة. ثم لاتنس أن المدارس ستفتح أبوابها قبل تقديم عرضك المسرحي وعندها تبدأ طلبات الأولاد. صداري، أقلام. كتب.دفاتر . إلى آخر ما هنالك من متطلبات. وأطفالك ليس عندهم حتّى أحذية تليق بلباس المدرسة. أتريدهم أن يذهبوا إلى المدرسةوهم أولاد ياسين يابعدي) حفايا عرايا ليكونوا محط سخرية بين رفاقهم وأساتذتهم ؟ أم تتوقع أن افتتاح المدارس سيؤجل احتراماً لعرضك المسرحي أيها المؤلف والمخرج العظيم؟‏

        ياسين: محتداً) كفى ياسامية..كفى.‏

        سامية: ولاتنسَ أنه لم يعد في البيت أية مؤونة .لاسمن. ولازيت. ولاأرز. ولاأي شيء. ناهيك عن المازوت وفواتير الماء والكهرباء والهاتف إلخ إلخ إلخ..‏

        ياسين: يقاطعها بحدة أكثر) كفى ياسامية. أنت تحزّين قلبي بسكين عندما تذكرينني بما لست ناسيه.‏

        سامية: والله العظيم لا أعرف ماذا سأطبخ) للأولاد عندما يعودون من بيت جدتهم.‏

        ياسين: "بأسى بالغ" أطبخي ما تيسر .. أطبخي سم .. أطبخي جهنم).... يغص بالبكاء) لا حول ولا قوة إلا بالله.. يارب أنت أدرى بالحال يضع يده على صدره وقد أصيب بوخزة")‏

        سامية: تلحظ تأثره البالغ فتخفف من حدة لهجتها ) ياسين. صدقني لم أقصد بحديثي جرح مشاعرك لكن قصدت أن أذكرك بواقع لا بد من وضعه في الحسبان وأعاني منه يومياً كسيدة في هذا البيت.‏

        ياسين: آه ياسامية كان سيدنا علي كرم الله وجهه يأسى لدمعتين . دمعة الطفل إذا بكى لبراءتها ودمعة البطل لعزتها. آه وأنا أأسى على الحال الذي وصل إليه المثقف وحتى الموظف بعامة. صدقيني ياسامية قد تفاجأين إذا قلت لك إني منذ مدة بدأت أبحث عن عمل بعد دوامي يتلاءم معي ولايبعدني عن القراءة.لاتعجبي..لقد سألت بعض بائعي النوفوتيه وبعض أصحاب المطابع والمكاتب فأجابوني بأنهم بحاجة إلى عامل يعمل صباحاً ومساء. "يحس بوخزة في صدره" آه.‏

        سامية: خيراً؟!..‏

        ياسين: منذ مدة ياسامية أحس بوخزة حادة هنامشيراً إلى جهة القلب)‏

        سامية: بعيد الشر عنّك)‏

        ياسين: ياسامية أين يذهب الغم؟.. لابد أن يتفجر في الجسد بشكل أمراض مختلفة ألم تسمعي بأمراض هذا العصر؟ فلان أصيب بالجلطة.‏

        سامية: اللهم عافنا‏

        ياسين: وآخر أصيب بداء السكري‏

        سامية: يالطيف‏

        ياسين: "بحرقة زائدة" الهم سيتفجر داخل الجسد. هنا..هنايضرب بأصابعه المتشنجة بكل قوة على مكان الألم)‏

        سامية: بعيد الشر عنك) ياسين. نحن مستعدون أن نأكل التراب في سبيل أن تبقى سليماً معافى طمّني هل زال الألم؟ "ياسين لايجيب" أنا لا أطالبك بعدم القراءة أنا أريدك أن تقرأ بحدود المعقول. القراءة الطويلة إجهاد، إرهاق. ألم تقل لي يوماً إنهم سألوا أرسطو: ألم تخف على عينيك من إدامة النظر في الكتاب؟‏

        ياسين: أراك تناسيت الإجابة .. ألم يجبهم : إذا سلمت البصيرة لم أحفل بمقام البصر ؟.. احضري لي فنجاناً من القهوة.‏

        سامية: حاضرياسين يمسح بأصابعه مكان الوخزة وسامية في الجانب الآخر من المسرح تحدث نفسها ) لا حول ولا قوة إلا بالله. والله أخشى أن أقول له لم يعد لدينا قهوة خوفاً عليه من حسه المرهف. ماذا أفعل ؟ ." تفطن إلى حل فتقرب منه" ياسين. مارأيك أن نشرب معاً كأساً من الشاي بدل القهوة فأنا لدي رغبة بشرب الشاي معك.‏

        ياسين: "ينظر إليها وقد فهم قصدها" ماأروعك ياسامية. حتماً لم يعد لدينا قهوة فحاولت بلباقتك المعهودة أن تقنعيني بالشاي.. أمري لله) كأس شاي ماشي الحال)‏

        سامية: تكرم عينك) "يرن جرس الهاتف ترفع سامية السماعة" ألو نعم؟ نعم موجود من يريده؟ حاضر أستاذ تستر السماعة بيدها وتخاطب ياسين) مدير المسرح يودّ التحدث إليك‏

        ياسين: "يفاجأ" مدير المسرح؟ "يتقدم قلقاً ويأخذ السماعة " ألو أهلاً استاذ أهلاً . آه ؟ أنت عامل المقسم ؟ .. أعطني السيد المدير من فضلك. المدير يتكلم على الخط الآخر؟ . أنا أنتظره على الخط " يستر السماعة بيده. محدثاً سامية " غريب هذا الإتصال . أخشى أن يكون العرض قد أجل أو ألغي أو حدث ما لم يكن متوقعاً ... اللهم اجعله خيراً يسمع صوت عامل المقسم) ألو ألو أنا على الخط. قد تطول المكالمة ؟ السيد المدير يريد أن يراني حالاً ؟ لماذا ؟ لأمر هام يتعلق بالمسرحية ؟ حاضر .. بلّغه تحياتي وسأكون عنده بعد قليل . مع السلامة"يضع السماعة"‏

        سامية: خيراً؟ ماذا قال لك؟‏

        ياسين: لم يقل شيئاً . كان يتكلم معي عامل المقسم‏

        سامية: ولِمَ لم يتحدث معك مدير المسرح بالذات؟‏

        ياسين: أما سمعت؟.. إنه مشغول بمكالمة هاتفية على الخط الآخر.‏

        سامية: تلحظ قلقه) تفاءلوا بالخير تجدوه. " ياسين يلبس الجاكيت " إن شاء الله هذه المكالمة لصالحك.‏

        ياسين: إن شاء الله.‏

        سامية: ياسين بمجرد أن تخرج من غرفة مدير المسرح اتصل بي وطمئني .‏

        ياسين:إن شاء الله يتحسس مكان الوخزة ثم يخرج)‏

        سامية: مع السلامة "تتنهد" أوف كم هو تعيس حظ هذا الرجل؟ لكأنه مكتوب عليه أن لايفرح على الإطلاق على الرغم من أنه يستاهل كل خير.أي والله) في حياته ما أزعجني ولو بكلمة واحدة. يعاملني معاملة الزوج والأب والأم والأخ والصديق ربِّ افتحها في وجهه. إن لم يكن من أجله فمن أجل صغارنا الذين لم يعيشوا فرح طفولتهم حتى الآن "يرن جرس الهاتف ترد سامية" ألو نعم؟. من؟ ...مدير المسرح نفسه يتكلم ؟ أهلاً أستاذ أهلاً . ياسين؟ ..والله ذهب إليك بعد المكالمة فوراً تبادره بالسؤال) عفواً أستاذ هل لي أن أعرف السبب الذي من أجله أرسلت في طلب ياسين؟ أعرف من أجل المسرحية لكن هل يعني.. هل طرأ جديد على الموضوع ؟نعم ؟ .. ألو ..ألو ...بعصبية حادة ) ألو.. وكأن الخط قد انقطع) في اللحظة الحرجة انقطع الخط...يالها من خطوط سيئة . ماالعمل إذا كانت مسدودة حتى عن طريق الهاتف؟ تضع السماعة بكل قسوة)... هِهْ...‏



        إطفاء نهاية المشهد الأول‏

        1- أضعها دائماً في صيغة الرفع أياً كان موقعها من الإعراب لأنها أسهل على الأذن من مررت بأبي ..)) أو لكن أبا..)).‏
        إذا الشعب يوما أراد الحياة
        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

        Comment


        • #5
          رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

          "المشـــهد الثـــاني"

          [ غرفة انتظار في مبنى المسرح حمدي يقرأ مجلة وسعيد يقف في الطرف الآخر يُسْتَدَلُّ من لباس سعيد وحركاته بأنه شاب مراهق وسطحي وغير ناضج ]‏

          سعيد:(وهو يصلح الببيونة) مالهذا الرجل ؟"مشيراً إلى حمدي" كلما سألته سؤالاً ليكون فاتحة حديث،.أجابني باقتضاب شديد وعاد إلى القراءة فوراً نحن الصحفيين نريد معرفة كل ما يحيط بنا. لقد جئت إلى هنا لأشم ولو خبراً عن مسرحية(متى يُحاصر الحصار؟) التي ألفها ياسين. سأكرر المحاولة معه مرة أخرى لعله يعرف شيئاً عن هذا الموضوع "يتلفت إلى حمدي فيظهر له عنوان المجلة التي يقرأ بها " أوه .. إنه يقرأ في المجلة التي أكتب فيها. عظيم. فرصة مناسبة للدخول معه في الحديث (يقترب منه ويجلس بجانبه) عفواً أستاذ يبدو أن لديك اهتمامات ثقافية‏

          حمدي: يعني(ثم يعود إلى القراءة فوراً)‏

          سعيد: "يبعد عن عيني حمدي المجلة" ماذا تقرأ؟‏

          حمدي: مقالاً مسرحياً.‏

          سعيد: أوه .. أنت مسرحي إذاً؟.‏

          حمدي: لا أبداً.‏

          سعيد: إذاً لديك اهتمامات مسرحية.‏

          حمدي: تقريباً.‏

          سعيد: يظهر أنك تنتظر أحد العاملين في مجال المسرح.‏

          حمدي : "ضَجِراً من أسئلته" يارجل فعلاً انت فضولي وكثير الأسئلة.‏

          سعيد: عفواً أستاذ./ أنا أعوذ بالله من كلمة أنا/ بدأت منذ حوالي ثلاثة أشهر أغطي الأخبار الفنية في هذه المجلة التي تقرأ بها. أنا صحفي.‏

          حمدي: " تلفت نظره كلمة صحفي " صحفي؟...‏

          سعيد: نعم.‏

          حمدي: ما الإسم الكريم.؟‏

          سعيد: أنا الصحفي الأستاذ سعيد سامي‏

          حمدي: عفواً لم أسمع بهذا الإسم من قبل. على الرغم من أني أقرأ أعداد هذه المجلة من ألفها إلى يائها.‏

          سعيد: معك حق ياأستاذ . أنا أكتب بها مقالاتي تحت اسم مستعار.... أنا... اسمي الصحفي سعيد شلهوب‏

          حمدي: "يفاجأ" أه ؟.. أنت سعيد شلهوب‏

          حمدي: "مصححاً له الجملة" الأستاذ. الأستاذ سعيد شلهوب من فضلك . نعم أنا هو ولافخر بشحمه ولحمه ( يظهر عليه السرور من مفاجأة حمدي بمعرفة اسمه فيتابع حديثه متصنعاً) أنا أعرف أن هناك الكثيرين من المعجبين -والمعجبات بي أيضاً- من خلال مقالاتي لكن الظروف لم تسمح لهم -أو لهن- بالتعرف علي. ولاشك أنك واحد من المعجبين بي ياأستاذ‏

          حمدي: إذاً أنت سعيد شلهوب.‏

          سعيد: (يصحح له الجملة مرة أخرى) أستاذ. قلت لك الأستاذ سعيد شلهوب‏

          حمدي: "ببرود" تشرّفنا.‏

          سعيد: "بتواضع مصطنع" شكراً.‏

          حمدي: إذا أنت الذي كتبت في أحد الأعداد السابقة مقالاً عن مسرحية (متى يُحاصر الحصار؟.) للأستاذ ياسين؟‏

          سعيد: نعم أنا ولافخر "بكل سرور" لقد أثارت مقالتي هذه ضجة لا بأس بها في الوسط الفني. لكن عفواً. حتى الآن لم نتعرف بالإسم الكريم...‏

          حمدي: مخلوق من مخلوقات الله.‏

          سعيد: (إهْ)!!!... كلنا مخلوقات الله ويسعدني أن أتعرف‏

          حمدي: أيهمك ذلك؟.‏

          سعيد: طبعاً، وإلاّ ما سألتك‏

          حمدي: أنا حمدي عبد الحق.‏

          سعيد: "يفاجأ أيضاً " نعم؟.. بالله عليك أنت الأستاذ حمدي عبد الحق ؟ ياأهلاً وسهلاً ياأستاذ. تشرفنا .كنت أقرأ مقالاتك النقدية من زمان. وأنا من المعجبين بما تكتب جداً . فرصة سعيدة ياأستاذ . ويسرني بهذه المناسبة السعيدة إن أعرف رأيك الصريح بمقالي الذي كتبته عن مسرحية(متى يُحاصر الحصار ؟) لأن رأيك بالنسبة لي مرجع أعتدّ به.‏

          حمدي: من الأفضل أن نُرجئ هذا الموضوع إلى وقت آخر‏

          سعيد: بالعكس. المكان والزمان مناسبان للحديث في هذا الموضوع . أريد أن أسمع رأيك بصراحة.‏

          حمدي: " يأخذ نفساً عميقاً" بصراحة كان مقالك تجريحاً بشخص الأستاذ ياسين قبل أن يكون تجريحاً بمسرحيته.‏

          سعيد: مقالي ليس تجريحاً بالأستاذ ياسين؟ وأنا لم أذكر اسمه في مقالي إلا في العنوان فقط.‏

          حمدي: أعرف. لكن إغفالك -عمداً أو سهواً- لإبراز النقاط المضيئة في النص، محاولة لطمس النص والحطّ من قيمته وبالتالي الطعن بمؤلفه.‏

          سعيد: أستاذ حمدي أنت تتجنى عليّ.‏

          حمدي: أتجنى عليك ؟.... إذا اعتبرت موضوعيتي تجنياً عليك. فماذا تصف مقالك الذي ماأنزل الله به من سلطان ؟ أليس تجنياً على الآخرين؟‏

          سعيد: ياأستاذ لمَ تحدثني بهذه اللهجة القاسية؟ أنا لم أتجنَّ على أحد وأنا أتحداك.‏

          حمدي: " ساخراً " تتحداني؟ عظيم.. شكراً على هذا التحدي اللامسؤول الذي أرفضه سلفاً سعيد: كل الحق علي لأني ناقشتك في هذا الموضوع. كان من الواجب علي أن أتحدث به مع صاحب العلاقة‏

          حمدي: كلنا أصحاب علاقة.‏

          سعيد: مؤلفه أولى بالرد منك علي . وإذا اتضح لي أن موقفه مثل موقفك، فأنا مستعد لتقديم الإعتذار له.‏

          حمدي: نعم؟. هنا تقدم له الإعتذار ؟ والله عال. نُشرّح الناس بغير حق على الملأ ثم نقدم اعتذاراً لهم همساً بيننا وبينهم. أنا بالنيابة عن الأستاذ ياسين أرفض اعتذارك سلفاً.‏

          سعيد:(حانقاً) طيب ياأخي من كلفك بحمل لواء محامي الدفاع؟‏

          حمدي: واجبي كلفني بذلك . وأنت تعرف مدى علاقتي الوطيدة بالأستاذ ياسين.‏

          سعيد: أنا لاتهمني العلاقات الشخصية.‏

          حمدي: بل أنت الذي تهمك مثل هذه العلاقات. أما أنا فعلاقتي به علاقة النقد بالأدب والفن وأعلم لو كان مقالك عن شخص غير الأستاذ ياسين لعرّاك أمام الملأ . لكني أعرف أن الصحافة لاتهمه سواء مدحته أم قدحته. وأصلاً عندما قرأ مقالك لم يُعِرْه أيَّ اهتمام وما انتظاري إياه هنا إلا لأحصل منه على الموافقة لنشر مقالي الذي كتبته رداً على مقالك لأنه كثيراً ما منعني من ذلك.‏

          سعيد: إذاً أنا سأقابله لأناقش معه موضوع المقال.‏

          ياسين: (داخلاً)السلام عليكم‏

          حمدي: وعليكم السلام.‏

          سعيد: " بترحيب بالغ " أهلاً أستاذ ياسين أهلاً.‏

          ياسين: " يلحظ انفعال حمدي" خيراً أستاذ حمدي؟.. أراك منفعلاً؟‏

          حمدي: ما يجري يُخرج المرء عن طوره‏

          ياسين: هل من جديد؟.‏

          حمدي: لا. لكن كنت في نقاش مع هذا الـ...(يحجم عن ذكر اسم سعيد تحقيراً له")‏

          ياسين: عفواً .. لم تعرفنا بالأستاذ؟....‏

          سعيد: " مبادراً بالتعريف عن نفسه" أنا الصحفي سعيد شلهوب.‏

          ياسين: " مرحباً به وكأن شيئاً لم يكن" أهلاً أستاذ سعيد"ويلتفت نحو حمدي" عرفت الآن سبب انفعالك "يلتفت نحو سعيد بهدوء ورصانة " أستاذ سعيد. أنا شاكر لك اهتمامك بي وكتابتك عني.‏

          سعيد: عفواً ياأستاذ . أنا كتبت عن مسرحيتك لاعنك. وإن فهم من مقالي ذلك، فأنا مستعد للإعتذار.‏

          ياسين: الأمر ليس بحاجة إلى اعتذار. وجهة نظر نحترمها أكانت معنا أم علينا. نحن لا نصادر آراء الآخرين.‏

          حمدي: " يتدخل بلباقة " عفواً أستاذ ياسين -إذا سمحت - نحن لانصادر آراء الآخرين طالما أنها لا تتعارض مع المنطق والحق. أما إذا كانت لغاية شخصية فهذا ما لانسمح به أبداً.أنا أعرف بأن ماأقوله هو لسان حالك، لكنك لاترغب في التصريح به.‏

          ياسين: " يخاطب سعيد بلهجة هادئة " اسمع ياأستاذ سعيد. وللمرة الأولى أقول ذلك -والأستاذ حمدي يعرف هذا -إن مقالك - مع احترامي لجانبك - لايمت للنقد... بأية صلة . لكن الجميع يعرفون موقفي المتسامح من كل من يسيء إليّ ويعرفون أيضاً موقفي من الصحافة لما للمحسوبيات والعلاقات الشخصية المحضة من محاولة للرفع أو الحط من قيمة أي عطاء -أقول محاولة فقط -لأن العمل العظيم لا تستطيع أن تقف في وجهه كل أجهزة الإعلام.‏

          سعيد: أستاذ ياسين. مرة أخرى أقدم اعتذاري إذ أفهم أن .....‏

          ياسين: " مقاطعاً " ياأستاذ سعيد. قلت لك أن المسألة لاتحتاج إلى اعتذار. فكل ما كتب عني -سلباً أم إيجاباً-لم أحمله من أرضه.‏

          سعيد: المشكلة ياأستاذ سعيد ...‏

          ياسين: " يقاطعه مرة أخرى " الله... ياأخي إن كنت ترى ذلك مشكلة . فالأمر بالنسبة لي في غاية البساطة "معتذراً" عفواً لدي موعد هام مع مدير المسرح ولهذا فأنا مضطر لأن أودعكما. أستاذ حمدي.‏

          حمدي: نعم أستاذ ؟‏

          ياسين: انتظرني هنا قليلاً فقد احتاجك.‏

          حمدي: حاضر أستاذ‏

          ياسين: " يصافح سعيداً بود وحرارة " فرصة سعيدة ياأستاذ سعيد . وأنا بمعرفتك سعيد. على كل لنا لقاء آخر‏

          سعيد: هذا يشرفني ياأستاذ ... مع السلامة ياأستاذ "يخرج ياسين" "سعيد يستغرب من تسامح ياسين ويحدث نفسه شارداً" غريب ..هو غير ما وصفوه تماماً.‏

          حمدي: " يسمع الجملة فيجيب معقباً " هاها.. لقد قلتها بلسان حالك "يعيد الجملة" هو غير ما وصفوه لك تماماً. هذا يعني أنك تعرّفته بأذنك لا بعينك من خلال أقاويل المغرضين عنه.علينا أن لانرى بآذاننا إذا أردنا أن نتخذ من الآخرين موقفاً . والله هذا الرجل (يستاهل ) كل خير اقترب منه أكثر تعرفه أكثر..لا أعرف من أين أبدأ بوصفه لك إذا قلنا له فلان طعن بك اكتفى بالرد: المرء عدوما يجهل. كل الناس طيبون لكني لست سيئاً. ناهيك عن ابداعاته التي لو تمتع بها أحد في بلد غير هذه البلد لجعلوا منه صاحب مدرسة فنية وأدبية ولأقاموا له تمثالا تكريماً لعطاءاته. لكن للأسف. زامر الحي لايطرب.‏

          عامل المسرح: "يدخل " أستاذ حمدي. الأستاذ مدير المسرح والأستاذ ياسين يرغبان في التحدث إليك.‏

          حمدي:حاضر(لسعيد) للحديث صلة. "يخرج فيستوقفه سعيد"‏

          سعيد: أستاذ حمدي. أرجو أن تبلغ مدير المسرح بأني أرغب بإجراء مقابلة صحفية معه.‏

          حمدي: حاضر "يخرج من دون أن يلقي السلام"‏

          سعيد: لقد خرج من دون أن يودعني. وأقل ما يعنيه هذا التصرف هو عدم رضائه علي" يفكر بطريقة ينتقم بها لنفسه من حمدي" لا لا . المشكلة أني لا أستطيع خوض معركة صحفية معه لأني الخاسر فيها سلفاً. ولو كنت الرابح ما توانيت عن ذلك لحظة واحدة . فهو ليس كغيره من خريجي قسم النقد المسرحي العاديين. إنه يتمتع بموهبة فذة نادرة قلما يتمتع بها غيره . محنك ينسل الشعرة من العجين. لكن لا يمكن أن أسمح له بنشر مقاله الذي يرد به علي مهما كلفني ذلك من ثمن لأن نشره يسيء إلى سمعتي الصحفية التي علت أسهمها بسرعة فائقة. صحيح أنا حديث العهد في الميدان الصحفي. لكنّي استطعت في هذه المدة القصيرة أن أبني صداقات عامة وخاصة لابأس بها بأساليبي الخاصة ولساني السليط الذي (لايوفّر) أحداً . صار الجميع يحسبون لي حساباً. أتهجم على الكبار وأطعن بشخصهم ونتاجهم ليقترن اسمي باسمهم . وما ياسين إلا واحد من هؤلاء الذين استهدفتهم فاقترن اسمي باسمه. سأضع كل ثقلي لمنع نشر الرد من خلال الفنانة شلهوبة لما لها من تأثير مباشر على رئيس التحرير. لقد توطدت علاقتي معها كثيراً لأسباب كثيرة أهمها - كرهها لياسين لتمسكه بالمسرح الجاد ومحاربته للمسرح المبتذل ثم اجرائي معها مقابلة وكتابتي عنها مقالاً جعلتها فيه فنانة عصرها ومعجزة زمانها وقد اكتشفت مدى اعجابي بها ... من خلال استعارة اسمها الفني لاسمي الصحفي شلهوب .... وشلهوبة. ثنائي رائع ... ماأروعها وهي تتعرى "ستربيتز..... ستربتيز"‏

          عامل المسرح: "يدخل " عفواً أستاذ . الأستاذ مدير المسرح يبلغك تحياته ويعتذر عن مقابلتك اليوم وهو في انتظارك غداً العاشرة صباحاً.‏

          سعيد: حسناً أبلغه تحياتي.‏

          عامل المسرح: أمرك أستاذ "يخرج"‏

          سعيد: " منزعجاً " يعتذر عن مقابلتي ؟ / إيه شوعليه / لكل شيء ثمن . سأجعله يدفع ضريبة هذا الإعتذار غالياً ... فإن نسي من أنا سأذكره بأني الصحفي الأستاذ سعيد شلهوب .‏





          اطفاء نهاية المشهد‏
          إذا الشعب يوما أراد الحياة
          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

          Comment


          • #6
            رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

            "المشـــهد الثـــاني"

            [ غرفة انتظار في مبنى المسرح حمدي يقرأ مجلة وسعيد يقف في الطرف الآخر يُسْتَدَلُّ من لباس سعيد وحركاته بأنه شاب مراهق وسطحي وغير ناضج ]‏

            سعيد:(وهو يصلح الببيونة) مالهذا الرجل ؟"مشيراً إلى حمدي" كلما سألته سؤالاً ليكون فاتحة حديث،.أجابني باقتضاب شديد وعاد إلى القراءة فوراً نحن الصحفيين نريد معرفة كل ما يحيط بنا. لقد جئت إلى هنا لأشم ولو خبراً عن مسرحية(متى يُحاصر الحصار؟) التي ألفها ياسين. سأكرر المحاولة معه مرة أخرى لعله يعرف شيئاً عن هذا الموضوع "يتلفت إلى حمدي فيظهر له عنوان المجلة التي يقرأ بها " أوه .. إنه يقرأ في المجلة التي أكتب فيها. عظيم. فرصة مناسبة للدخول معه في الحديث (يقترب منه ويجلس بجانبه) عفواً أستاذ يبدو أن لديك اهتمامات ثقافية‏

            حمدي: يعني(ثم يعود إلى القراءة فوراً)‏

            سعيد: "يبعد عن عيني حمدي المجلة" ماذا تقرأ؟‏

            حمدي: مقالاً مسرحياً.‏

            سعيد: أوه .. أنت مسرحي إذاً؟.‏

            حمدي: لا أبداً.‏

            سعيد: إذاً لديك اهتمامات مسرحية.‏

            حمدي: تقريباً.‏

            سعيد: يظهر أنك تنتظر أحد العاملين في مجال المسرح.‏

            حمدي : "ضَجِراً من أسئلته" يارجل فعلاً انت فضولي وكثير الأسئلة.‏

            سعيد: عفواً أستاذ./ أنا أعوذ بالله من كلمة أنا/ بدأت منذ حوالي ثلاثة أشهر أغطي الأخبار الفنية في هذه المجلة التي تقرأ بها. أنا صحفي.‏

            حمدي: " تلفت نظره كلمة صحفي " صحفي؟...‏

            سعيد: نعم.‏

            حمدي: ما الإسم الكريم.؟‏

            سعيد: أنا الصحفي الأستاذ سعيد سامي‏

            حمدي: عفواً لم أسمع بهذا الإسم من قبل. على الرغم من أني أقرأ أعداد هذه المجلة من ألفها إلى يائها.‏

            سعيد: معك حق ياأستاذ . أنا أكتب بها مقالاتي تحت اسم مستعار.... أنا... اسمي الصحفي سعيد شلهوب‏

            حمدي: "يفاجأ" أه ؟.. أنت سعيد شلهوب‏

            حمدي: "مصححاً له الجملة" الأستاذ. الأستاذ سعيد شلهوب من فضلك . نعم أنا هو ولافخر بشحمه ولحمه ( يظهر عليه السرور من مفاجأة حمدي بمعرفة اسمه فيتابع حديثه متصنعاً) أنا أعرف أن هناك الكثيرين من المعجبين -والمعجبات بي أيضاً- من خلال مقالاتي لكن الظروف لم تسمح لهم -أو لهن- بالتعرف علي. ولاشك أنك واحد من المعجبين بي ياأستاذ‏

            حمدي: إذاً أنت سعيد شلهوب.‏

            سعيد: (يصحح له الجملة مرة أخرى) أستاذ. قلت لك الأستاذ سعيد شلهوب‏

            حمدي: "ببرود" تشرّفنا.‏

            سعيد: "بتواضع مصطنع" شكراً.‏

            حمدي: إذا أنت الذي كتبت في أحد الأعداد السابقة مقالاً عن مسرحية (متى يُحاصر الحصار؟.) للأستاذ ياسين؟‏

            سعيد: نعم أنا ولافخر "بكل سرور" لقد أثارت مقالتي هذه ضجة لا بأس بها في الوسط الفني. لكن عفواً. حتى الآن لم نتعرف بالإسم الكريم...‏

            حمدي: مخلوق من مخلوقات الله.‏

            سعيد: (إهْ)!!!... كلنا مخلوقات الله ويسعدني أن أتعرف‏

            حمدي: أيهمك ذلك؟.‏

            سعيد: طبعاً، وإلاّ ما سألتك‏

            حمدي: أنا حمدي عبد الحق.‏

            سعيد: "يفاجأ أيضاً " نعم؟.. بالله عليك أنت الأستاذ حمدي عبد الحق ؟ ياأهلاً وسهلاً ياأستاذ. تشرفنا .كنت أقرأ مقالاتك النقدية من زمان. وأنا من المعجبين بما تكتب جداً . فرصة سعيدة ياأستاذ . ويسرني بهذه المناسبة السعيدة إن أعرف رأيك الصريح بمقالي الذي كتبته عن مسرحية(متى يُحاصر الحصار ؟) لأن رأيك بالنسبة لي مرجع أعتدّ به.‏

            حمدي: من الأفضل أن نُرجئ هذا الموضوع إلى وقت آخر‏

            سعيد: بالعكس. المكان والزمان مناسبان للحديث في هذا الموضوع . أريد أن أسمع رأيك بصراحة.‏

            حمدي: " يأخذ نفساً عميقاً" بصراحة كان مقالك تجريحاً بشخص الأستاذ ياسين قبل أن يكون تجريحاً بمسرحيته.‏

            سعيد: مقالي ليس تجريحاً بالأستاذ ياسين؟ وأنا لم أذكر اسمه في مقالي إلا في العنوان فقط.‏

            حمدي: أعرف. لكن إغفالك -عمداً أو سهواً- لإبراز النقاط المضيئة في النص، محاولة لطمس النص والحطّ من قيمته وبالتالي الطعن بمؤلفه.‏

            سعيد: أستاذ حمدي أنت تتجنى عليّ.‏

            حمدي: أتجنى عليك ؟.... إذا اعتبرت موضوعيتي تجنياً عليك. فماذا تصف مقالك الذي ماأنزل الله به من سلطان ؟ أليس تجنياً على الآخرين؟‏

            سعيد: ياأستاذ لمَ تحدثني بهذه اللهجة القاسية؟ أنا لم أتجنَّ على أحد وأنا أتحداك.‏

            حمدي: " ساخراً " تتحداني؟ عظيم.. شكراً على هذا التحدي اللامسؤول الذي أرفضه سلفاً سعيد: كل الحق علي لأني ناقشتك في هذا الموضوع. كان من الواجب علي أن أتحدث به مع صاحب العلاقة‏

            حمدي: كلنا أصحاب علاقة.‏

            سعيد: مؤلفه أولى بالرد منك علي . وإذا اتضح لي أن موقفه مثل موقفك، فأنا مستعد لتقديم الإعتذار له.‏

            حمدي: نعم؟. هنا تقدم له الإعتذار ؟ والله عال. نُشرّح الناس بغير حق على الملأ ثم نقدم اعتذاراً لهم همساً بيننا وبينهم. أنا بالنيابة عن الأستاذ ياسين أرفض اعتذارك سلفاً.‏

            سعيد:(حانقاً) طيب ياأخي من كلفك بحمل لواء محامي الدفاع؟‏

            حمدي: واجبي كلفني بذلك . وأنت تعرف مدى علاقتي الوطيدة بالأستاذ ياسين.‏

            سعيد: أنا لاتهمني العلاقات الشخصية.‏

            حمدي: بل أنت الذي تهمك مثل هذه العلاقات. أما أنا فعلاقتي به علاقة النقد بالأدب والفن وأعلم لو كان مقالك عن شخص غير الأستاذ ياسين لعرّاك أمام الملأ . لكني أعرف أن الصحافة لاتهمه سواء مدحته أم قدحته. وأصلاً عندما قرأ مقالك لم يُعِرْه أيَّ اهتمام وما انتظاري إياه هنا إلا لأحصل منه على الموافقة لنشر مقالي الذي كتبته رداً على مقالك لأنه كثيراً ما منعني من ذلك.‏

            سعيد: إذاً أنا سأقابله لأناقش معه موضوع المقال.‏

            ياسين: (داخلاً)السلام عليكم‏

            حمدي: وعليكم السلام.‏

            سعيد: " بترحيب بالغ " أهلاً أستاذ ياسين أهلاً.‏

            ياسين: " يلحظ انفعال حمدي" خيراً أستاذ حمدي؟.. أراك منفعلاً؟‏

            حمدي: ما يجري يُخرج المرء عن طوره‏

            ياسين: هل من جديد؟.‏

            حمدي: لا. لكن كنت في نقاش مع هذا الـ...(يحجم عن ذكر اسم سعيد تحقيراً له")‏

            ياسين: عفواً .. لم تعرفنا بالأستاذ؟....‏

            سعيد: " مبادراً بالتعريف عن نفسه" أنا الصحفي سعيد شلهوب.‏

            ياسين: " مرحباً به وكأن شيئاً لم يكن" أهلاً أستاذ سعيد"ويلتفت نحو حمدي" عرفت الآن سبب انفعالك "يلتفت نحو سعيد بهدوء ورصانة " أستاذ سعيد. أنا شاكر لك اهتمامك بي وكتابتك عني.‏

            سعيد: عفواً ياأستاذ . أنا كتبت عن مسرحيتك لاعنك. وإن فهم من مقالي ذلك، فأنا مستعد للإعتذار.‏

            ياسين: الأمر ليس بحاجة إلى اعتذار. وجهة نظر نحترمها أكانت معنا أم علينا. نحن لا نصادر آراء الآخرين.‏

            حمدي: " يتدخل بلباقة " عفواً أستاذ ياسين -إذا سمحت - نحن لانصادر آراء الآخرين طالما أنها لا تتعارض مع المنطق والحق. أما إذا كانت لغاية شخصية فهذا ما لانسمح به أبداً.أنا أعرف بأن ماأقوله هو لسان حالك، لكنك لاترغب في التصريح به.‏

            ياسين: " يخاطب سعيد بلهجة هادئة " اسمع ياأستاذ سعيد. وللمرة الأولى أقول ذلك -والأستاذ حمدي يعرف هذا -إن مقالك - مع احترامي لجانبك - لايمت للنقد... بأية صلة . لكن الجميع يعرفون موقفي المتسامح من كل من يسيء إليّ ويعرفون أيضاً موقفي من الصحافة لما للمحسوبيات والعلاقات الشخصية المحضة من محاولة للرفع أو الحط من قيمة أي عطاء -أقول محاولة فقط -لأن العمل العظيم لا تستطيع أن تقف في وجهه كل أجهزة الإعلام.‏

            سعيد: أستاذ ياسين. مرة أخرى أقدم اعتذاري إذ أفهم أن .....‏

            ياسين: " مقاطعاً " ياأستاذ سعيد. قلت لك أن المسألة لاتحتاج إلى اعتذار. فكل ما كتب عني -سلباً أم إيجاباً-لم أحمله من أرضه.‏

            سعيد: المشكلة ياأستاذ سعيد ...‏

            ياسين: " يقاطعه مرة أخرى " الله... ياأخي إن كنت ترى ذلك مشكلة . فالأمر بالنسبة لي في غاية البساطة "معتذراً" عفواً لدي موعد هام مع مدير المسرح ولهذا فأنا مضطر لأن أودعكما. أستاذ حمدي.‏

            حمدي: نعم أستاذ ؟‏

            ياسين: انتظرني هنا قليلاً فقد احتاجك.‏

            حمدي: حاضر أستاذ‏

            ياسين: " يصافح سعيداً بود وحرارة " فرصة سعيدة ياأستاذ سعيد . وأنا بمعرفتك سعيد. على كل لنا لقاء آخر‏

            سعيد: هذا يشرفني ياأستاذ ... مع السلامة ياأستاذ "يخرج ياسين" "سعيد يستغرب من تسامح ياسين ويحدث نفسه شارداً" غريب ..هو غير ما وصفوه تماماً.‏

            حمدي: " يسمع الجملة فيجيب معقباً " هاها.. لقد قلتها بلسان حالك "يعيد الجملة" هو غير ما وصفوه لك تماماً. هذا يعني أنك تعرّفته بأذنك لا بعينك من خلال أقاويل المغرضين عنه.علينا أن لانرى بآذاننا إذا أردنا أن نتخذ من الآخرين موقفاً . والله هذا الرجل (يستاهل ) كل خير اقترب منه أكثر تعرفه أكثر..لا أعرف من أين أبدأ بوصفه لك إذا قلنا له فلان طعن بك اكتفى بالرد: المرء عدوما يجهل. كل الناس طيبون لكني لست سيئاً. ناهيك عن ابداعاته التي لو تمتع بها أحد في بلد غير هذه البلد لجعلوا منه صاحب مدرسة فنية وأدبية ولأقاموا له تمثالا تكريماً لعطاءاته. لكن للأسف. زامر الحي لايطرب.‏

            عامل المسرح: "يدخل " أستاذ حمدي. الأستاذ مدير المسرح والأستاذ ياسين يرغبان في التحدث إليك.‏

            حمدي:حاضر(لسعيد) للحديث صلة. "يخرج فيستوقفه سعيد"‏

            سعيد: أستاذ حمدي. أرجو أن تبلغ مدير المسرح بأني أرغب بإجراء مقابلة صحفية معه.‏

            حمدي: حاضر "يخرج من دون أن يلقي السلام"‏

            سعيد: لقد خرج من دون أن يودعني. وأقل ما يعنيه هذا التصرف هو عدم رضائه علي" يفكر بطريقة ينتقم بها لنفسه من حمدي" لا لا . المشكلة أني لا أستطيع خوض معركة صحفية معه لأني الخاسر فيها سلفاً. ولو كنت الرابح ما توانيت عن ذلك لحظة واحدة . فهو ليس كغيره من خريجي قسم النقد المسرحي العاديين. إنه يتمتع بموهبة فذة نادرة قلما يتمتع بها غيره . محنك ينسل الشعرة من العجين. لكن لا يمكن أن أسمح له بنشر مقاله الذي يرد به علي مهما كلفني ذلك من ثمن لأن نشره يسيء إلى سمعتي الصحفية التي علت أسهمها بسرعة فائقة. صحيح أنا حديث العهد في الميدان الصحفي. لكنّي استطعت في هذه المدة القصيرة أن أبني صداقات عامة وخاصة لابأس بها بأساليبي الخاصة ولساني السليط الذي (لايوفّر) أحداً . صار الجميع يحسبون لي حساباً. أتهجم على الكبار وأطعن بشخصهم ونتاجهم ليقترن اسمي باسمهم . وما ياسين إلا واحد من هؤلاء الذين استهدفتهم فاقترن اسمي باسمه. سأضع كل ثقلي لمنع نشر الرد من خلال الفنانة شلهوبة لما لها من تأثير مباشر على رئيس التحرير. لقد توطدت علاقتي معها كثيراً لأسباب كثيرة أهمها - كرهها لياسين لتمسكه بالمسرح الجاد ومحاربته للمسرح المبتذل ثم اجرائي معها مقابلة وكتابتي عنها مقالاً جعلتها فيه فنانة عصرها ومعجزة زمانها وقد اكتشفت مدى اعجابي بها ... من خلال استعارة اسمها الفني لاسمي الصحفي شلهوب .... وشلهوبة. ثنائي رائع ... ماأروعها وهي تتعرى "ستربيتز..... ستربتيز"‏

            عامل المسرح: "يدخل " عفواً أستاذ . الأستاذ مدير المسرح يبلغك تحياته ويعتذر عن مقابلتك اليوم وهو في انتظارك غداً العاشرة صباحاً.‏

            سعيد: حسناً أبلغه تحياتي.‏

            عامل المسرح: أمرك أستاذ "يخرج"‏

            سعيد: " منزعجاً " يعتذر عن مقابلتي ؟ / إيه شوعليه / لكل شيء ثمن . سأجعله يدفع ضريبة هذا الإعتذار غالياً ... فإن نسي من أنا سأذكره بأني الصحفي الأستاذ سعيد شلهوب .‏





            اطفاء نهاية المشهد‏
            إذا الشعب يوما أراد الحياة
            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

            Comment


            • #7
              رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

              المشـــهد الـــثالـث

              ( سامية تجري اتصالاً هاتفياً مع مدير المسرح مستفسرة عن سبب تأخر زوجها)‏

              سامية: ألو .. مقسم المسرح؟ أعطني مدير المسرح من فضلك . أنا زوجة ياسين الكاتب أريده بموضوع خاص. ليس موجوداً ؟ (ترى ياسين داخلاً فتقطع حديثها مع المقسم) شكراً ياأخي . مع السلامة .(تضع السماعة) قلقنا عليك يارجل. بَشّر ؟‏

              ياسين: "والفرحة تملؤه" فرجت ياسامية فرجت . حلم وتحقق. تصوري ياسامية . البطاقات كلها نفدت من السوق . كلها يعني العرض (كومبليه يا سامية...كومبليه..). معجزة ياسامية . ولهذا اتفقنا أن نطبع ألف بطاقة أخرى . وأرجأنا توزيع بطاقات الدعوة إلى عرض خاص.‏

              سامية: الحمد لله ... تهانينا .‏

              ياسين: ألم أقل لك إن بعد الضيق الفرج . لقد جئت لأبشرك أولاً ومن ثم أبشر أعضاء الفرقة بهذا الخبر السار . الآن ياسامية بإمكاننا شراء ما نشاء. حاجيات الأولاد. غرفة ضيوف. .كل شيء... وسأشتري لك أجمل فستانٍ في السوق ثم نسدد ثمن المشتريات مساء أول يوم نعرض فيه. وليكن بعلمك أنه نتيجة لهذا الإقبال سيعاد تقديم العرض أكثر من مرة ياسامية.‏

              سامية: إن شاء الله. الله يفرجها علينا وعلى الناس جميعاً. افرح(يلعن أخت الزعل)‏

              ياسين: أنا ذاهب لإبلاغ أعضاء الفرقة.‏

              سامية: انتظر . سأخرج معك لأبشر أهلي والأولاد . سأحضر الحقيبة "تدخل"‏

              ياسين: " بفرح طفولي " ياأخي والله عندما قالوا" إن المال يتكلم " صحيح لعن الله الفقر "يرقص فرحاً وهو يردد" فُرجت فرجت ياياسين " " يرن جرس الهاتف فيرفع السماعة " ألو مين؟" أي نعم أنا ياسين الكاتب. "مؤكداً" ياأخي أنا ياسين . نعم هو بذاته يتكلم .. ماذا تريد؟ (تبقى السماعة على أذن ياسين مستمعاً لحديث المتكلم معه يتغير وجهه خلال ذلك شيئاً فشيئا. يضع السماعة بعد انتهاء المكالمة شارداً مذهولاً مستغرباً حزيناً محدقاً في اللاشيء )‏

              سامية: " تدخل " (يالله ياسين) أنا جاهزة . " لايتحرك " تفضل" تلتفت إليه فتلحظ تغيره " ياسين . مابك ياياسين؟ منذ لحظات كان يغمرك الفرح . ماالذي غيرك ؟ " لايجيب فتقترب منه أكثر " الله ... ياأخي مالذي قلبك رأساً على عقب بلحظة واحدة ؟ " ياسين يشير ألى الهاتف" الهاتف ؟. يومئ بالايجاب ).... مابه الهاتف؟!!!.‏

              ياسين: "يتلكأ" مكالمة .‏

              سامية: من الذي اتصل بك ؟‏

              ياسين: لاأعرف . رجل سأل عني وبعد أن تأكد أني أكلمه شخصياً شتمني وبصق في وجهي .‏

              سامية:" تحاول اقناع زوجها بأن ما جرى كان شيئاً عادياً " ياسين . وهل يستاهل هذا الحقير كل هذا الاهتمام ؟ عادية ياياسين . حقير عديم الأصل أراد أن يتسلى على حساب الآخرين‏

              ياسين: لالا أبداً ياسامية . لم يكن اتصاله تسلية . لقد كان يقصدني أنا. انا حصراً لأنه طلبني شخصياً ولما تأكد من أني المتكلم شتمني ثم بصق‏

              سامية: هذا واحد من الحساد الذين آلمهم نجاحك فحاول بشكل أو بآخر أن يوتر أعصابك لاتهتم ياياسين. عليك أن تتوقع من الآن فصاعداً مثل هذه المضايقات .‏

              ياسين: المشكلة ليست هنا ياسامية .‏

              سامية: أين المشكلة ؟‏

              ياسين: لقد قال: (يحجم عن إعادة الجملة) لا لا،لاأستطيع ياسامية أن أعيد ما قال‏

              سامية: ولِمَ؟.‏

              ياسين: " يتلكأ " إنه دخل في موضوع الشرف .‏

              سامية: الشرف؟.....شرفنا نحن ؟...‏

              ياسين: " متابعاً " نعم بعفتك وشرفك ياسامية وقال: إن ..إن (يحجم ثانية) لا لا أستطيع أن أعيد حرفاً واحداً مما قال .‏

              سامية: (مافشر) هذا الحقير . نعل حذائي أشرف منه ومن الذين خلفوه‏

              ياسين: أعرف ذلك ياسامية.‏

              سامية: لِمَ تهتم بكلامه إذاً؟‏

              ياسين: لست مهتماً. لكن ...‏

              سامية: " مقاطعةً " وبماذا أجبته؟‏

              ياسين: لم أجبه لأنني بُهتّ... صُعقت مما سمعت (انشكل لساني) من هول الصدمة .‏

              سامية: غداً تقدّم بطلب إلى مديرية الهاتف لمراقبة الخط . وعندما نعرفه سنُري هذا الوضيع كيف يطعن بأعراض الناس . ياسين اعتبر ما حدث كأنه لم يحدث . هيا"تحثه على الذهاب"‏

              ياسين: لالا ... أعصابي متوترة ياسامية. أرى أن نؤجل موضوع السوق إلى يوم غد.‏

              سامية: لم التأجيل ؟ ثم ألا تريد أن تبلغ الفرقة بالخبر السار ؟ ياسين. دع حسادك يموتون بغيظهم وعش لحظات فرحك . ألم تقل لي يوماً : إنك لا تهتم بالكلمة إلا إذا كان قائلها مهماً؟ ( يرن جرس الهاتف) دعني أنا أرد عليه " ترفع السماعة بعصبية" ألو.. "يلين صوتها لدى سماع صوت ابنها" من ؟سامح ؟ أهلاً ياماما . كنت أصرخ على الخط لأنه كان معطلاً قبل قليل . كيف حالك يابني.؟ اشتقت لنا ياسامح ؟.. ونحن اشتقنا لك أكثر .البابا؟ مشتاق لك ولأخوتك كثيراً . سنأتي لكم حالاً . بلّغ جدّك وجدّتك بذلك . مع السلامة يابني " تضع السماعة" هيا ياياسين. أولادنا ينتظرون قدومنا ." تدفعه أمامها ويخرجان "‏





              "إطفاء نهاية مشهد"‏
              إذا الشعب يوما أراد الحياة
              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

              Comment


              • #8
                رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                المشـــهد الـــثالـث

                ( سامية تجري اتصالاً هاتفياً مع مدير المسرح مستفسرة عن سبب تأخر زوجها)‏

                سامية: ألو .. مقسم المسرح؟ أعطني مدير المسرح من فضلك . أنا زوجة ياسين الكاتب أريده بموضوع خاص. ليس موجوداً ؟ (ترى ياسين داخلاً فتقطع حديثها مع المقسم) شكراً ياأخي . مع السلامة .(تضع السماعة) قلقنا عليك يارجل. بَشّر ؟‏

                ياسين: "والفرحة تملؤه" فرجت ياسامية فرجت . حلم وتحقق. تصوري ياسامية . البطاقات كلها نفدت من السوق . كلها يعني العرض (كومبليه يا سامية...كومبليه..). معجزة ياسامية . ولهذا اتفقنا أن نطبع ألف بطاقة أخرى . وأرجأنا توزيع بطاقات الدعوة إلى عرض خاص.‏

                سامية: الحمد لله ... تهانينا .‏

                ياسين: ألم أقل لك إن بعد الضيق الفرج . لقد جئت لأبشرك أولاً ومن ثم أبشر أعضاء الفرقة بهذا الخبر السار . الآن ياسامية بإمكاننا شراء ما نشاء. حاجيات الأولاد. غرفة ضيوف. .كل شيء... وسأشتري لك أجمل فستانٍ في السوق ثم نسدد ثمن المشتريات مساء أول يوم نعرض فيه. وليكن بعلمك أنه نتيجة لهذا الإقبال سيعاد تقديم العرض أكثر من مرة ياسامية.‏

                سامية: إن شاء الله. الله يفرجها علينا وعلى الناس جميعاً. افرح(يلعن أخت الزعل)‏

                ياسين: أنا ذاهب لإبلاغ أعضاء الفرقة.‏

                سامية: انتظر . سأخرج معك لأبشر أهلي والأولاد . سأحضر الحقيبة "تدخل"‏

                ياسين: " بفرح طفولي " ياأخي والله عندما قالوا" إن المال يتكلم " صحيح لعن الله الفقر "يرقص فرحاً وهو يردد" فُرجت فرجت ياياسين " " يرن جرس الهاتف فيرفع السماعة " ألو مين؟" أي نعم أنا ياسين الكاتب. "مؤكداً" ياأخي أنا ياسين . نعم هو بذاته يتكلم .. ماذا تريد؟ (تبقى السماعة على أذن ياسين مستمعاً لحديث المتكلم معه يتغير وجهه خلال ذلك شيئاً فشيئا. يضع السماعة بعد انتهاء المكالمة شارداً مذهولاً مستغرباً حزيناً محدقاً في اللاشيء )‏

                سامية: " تدخل " (يالله ياسين) أنا جاهزة . " لايتحرك " تفضل" تلتفت إليه فتلحظ تغيره " ياسين . مابك ياياسين؟ منذ لحظات كان يغمرك الفرح . ماالذي غيرك ؟ " لايجيب فتقترب منه أكثر " الله ... ياأخي مالذي قلبك رأساً على عقب بلحظة واحدة ؟ " ياسين يشير ألى الهاتف" الهاتف ؟. يومئ بالايجاب ).... مابه الهاتف؟!!!.‏

                ياسين: "يتلكأ" مكالمة .‏

                سامية: من الذي اتصل بك ؟‏

                ياسين: لاأعرف . رجل سأل عني وبعد أن تأكد أني أكلمه شخصياً شتمني وبصق في وجهي .‏

                سامية:" تحاول اقناع زوجها بأن ما جرى كان شيئاً عادياً " ياسين . وهل يستاهل هذا الحقير كل هذا الاهتمام ؟ عادية ياياسين . حقير عديم الأصل أراد أن يتسلى على حساب الآخرين‏

                ياسين: لالا أبداً ياسامية . لم يكن اتصاله تسلية . لقد كان يقصدني أنا. انا حصراً لأنه طلبني شخصياً ولما تأكد من أني المتكلم شتمني ثم بصق‏

                سامية: هذا واحد من الحساد الذين آلمهم نجاحك فحاول بشكل أو بآخر أن يوتر أعصابك لاتهتم ياياسين. عليك أن تتوقع من الآن فصاعداً مثل هذه المضايقات .‏

                ياسين: المشكلة ليست هنا ياسامية .‏

                سامية: أين المشكلة ؟‏

                ياسين: لقد قال: (يحجم عن إعادة الجملة) لا لا،لاأستطيع ياسامية أن أعيد ما قال‏

                سامية: ولِمَ؟.‏

                ياسين: " يتلكأ " إنه دخل في موضوع الشرف .‏

                سامية: الشرف؟.....شرفنا نحن ؟...‏

                ياسين: " متابعاً " نعم بعفتك وشرفك ياسامية وقال: إن ..إن (يحجم ثانية) لا لا أستطيع أن أعيد حرفاً واحداً مما قال .‏

                سامية: (مافشر) هذا الحقير . نعل حذائي أشرف منه ومن الذين خلفوه‏

                ياسين: أعرف ذلك ياسامية.‏

                سامية: لِمَ تهتم بكلامه إذاً؟‏

                ياسين: لست مهتماً. لكن ...‏

                سامية: " مقاطعةً " وبماذا أجبته؟‏

                ياسين: لم أجبه لأنني بُهتّ... صُعقت مما سمعت (انشكل لساني) من هول الصدمة .‏

                سامية: غداً تقدّم بطلب إلى مديرية الهاتف لمراقبة الخط . وعندما نعرفه سنُري هذا الوضيع كيف يطعن بأعراض الناس . ياسين اعتبر ما حدث كأنه لم يحدث . هيا"تحثه على الذهاب"‏

                ياسين: لالا ... أعصابي متوترة ياسامية. أرى أن نؤجل موضوع السوق إلى يوم غد.‏

                سامية: لم التأجيل ؟ ثم ألا تريد أن تبلغ الفرقة بالخبر السار ؟ ياسين. دع حسادك يموتون بغيظهم وعش لحظات فرحك . ألم تقل لي يوماً : إنك لا تهتم بالكلمة إلا إذا كان قائلها مهماً؟ ( يرن جرس الهاتف) دعني أنا أرد عليه " ترفع السماعة بعصبية" ألو.. "يلين صوتها لدى سماع صوت ابنها" من ؟سامح ؟ أهلاً ياماما . كنت أصرخ على الخط لأنه كان معطلاً قبل قليل . كيف حالك يابني.؟ اشتقت لنا ياسامح ؟.. ونحن اشتقنا لك أكثر .البابا؟ مشتاق لك ولأخوتك كثيراً . سنأتي لكم حالاً . بلّغ جدّك وجدّتك بذلك . مع السلامة يابني " تضع السماعة" هيا ياياسين. أولادنا ينتظرون قدومنا ." تدفعه أمامها ويخرجان "‏





                "إطفاء نهاية مشهد"‏
                إذا الشعب يوما أراد الحياة
                فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                Comment


                • #9
                  رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                  المشـــهد الـرابـع

                  [منزل سهير سيدة ارستقراطية تتحدث مع تيسير ]‏

                  تيسير: كل شيء على ما يرام يا سيدتي.‏

                  سهير: وهل هذا جواب كاف لشرح مهمة طويلة كلفتك بها ؟ . قدم لي تقريراً مفصلاً عن كل ما جرى معك.‏

                  تيسير: أمرك ياسيدتي ... وصلت إلى المسرح ياسيدتي.‏

                  سهير: وحدك؟‏

                  تيسير:لالا يا سيدتي . كان بصحبتي مجموعة لابأس بها .‏

                  سهير: إذاً قل وصلنا" مؤكدة على/نا/الجماعة " وصلنا . ولاتقل وصلت حتى أعرف أنكم كنتم مجموعة . ثم اذكر لي أهم الأسماء فأنا أعرفهم من خلال صُوَرهم التي قدمتها لي. أكمل .‏

                  تيسير: حاضر ياسيدتي. بدأنا بالعمل أنا ومحمود وعبد النور وعطا . كل منا يسأل بطريقته الخاصة عن المكان الذي تباع فيه بطاقات مسرحية ياسين (متى يحاصر الحصار؟ ) فعرفنا أنها تباع في مكانين فقط. في المسرح ، وفي مكتبة الساحة العامة وسط المدينة.‏

                  سهير: وهل تأكدتم من عدد البطاقات التي طبعت لهذا العرض؟‏

                  تيسير: نعم ياسيدتي لقد طبعوا ألفي بطاقة‏

                  سهير: " تصفّر متعجبة " أف . ياإلهي! ... ألفي بطاقة؟...‏

                  تيسير: نعم ياسيدتي .‏

                  سهير : كانوا سابقاً يطبعون ألف بطاقة كحد أقصى . وكيف عرفت أنهم طبعوا ألفي بطاقة ؟‏

                  تيسير: من عامل المطبعة ياسيدتي‏

                  سهير: وهل اشتريتم البطاقات كلها ؟‏

                  تيسير: بذلناالمستحيل حتى اشترينا ألف بطاقة.‏

                  سهير: والألف الأخرى ؟؟ هل بيعت لغيركم؟!!!‏

                  تيسير: كلا ياسيدتي الألف الأخرى سيبدأ بيعها غداً لأنه بعد أن نفدت الألف الأولى طبعوا ألفاً أخرى وسيبدأ بيعها صباح الغد‏

                  سهير: ياويلتي ؟؟ إن لم نستطع شراء الألف الأخرى فهذا يعني أن ألف متفرج سيحضر المسرحية وبالتالي تفشل خطتي‏

                  تيسير: لالا لن تفشل خطتك ياسيدتي. أنا متأكد بأننا غداً سنتمكن من شراء الألف الأخرى لأن ياسر أبو عزيز يسكن بجوار المسرح وتربطه علاقة وطيدة ببائع البطاقات وسنشتريهم دفعة واحدة .‏

                  "يرن جرس الهاتف سهير ترفع السماعة "‏

                  سهير: ألو نعم أهلاً اهلاً ياسيدتي أهلاً (أيوه ) حاضر. نعم نعم سيدتي. مفهوم. أنا سأتصل بعد قليل ..بعد قليل سأطلعك على الموضوع مع السلامة ياسيدتي (تضع السماعة )‏

                  تيسير: خيراً ياسيدتي من اتصل بك؟‏

                  سهير : وهل هذا من اختصاصك ؟ صحيح بأني قربتك من نفسي واخترتك من بين الكل لألتقي بك وأتحدث معك وأعتمد عليك . لكن لاتنسَ الجدار العالي الذي يفصل بيني وبينك فما أريد أن أُعَرِّفك به هو الذي يجب أن تعرفه فقط.‏

                  تيسير: عذراً ياسيدتي.‏

                  سهير: اسمع أنا قد اضطر للسفر حوالي أسبوع أو اسبوعين لاأدري. وقد لاأعود إلا قبل يومين أو ثلاثة من تاريخ عرض ياسين. ولهذا علينا ترتيب كل شيء قبل السفر.‏

                  تيسير: (مرتبكاً من فكرة سفرها لأنه سيقوم بالمهمة وحده ) ومن أين جاءتك فكرة هذا السفر المفاجئ ياسيدتي ؟ (سهير تشير إلى الهاتف ) المكالمة الهاتفية ؟ (تومئ بالإيجاب ) (كمن تذكر شيئاً) سيدتي . نسيت أن أخبرك ياسيدتي أن شلهوبة قد كلفت ياسر أبو عزيز بملاحقة ياسين في كل مكان والإتصال به هاتفياً لإزعاجه ولقد اتصل مراراً بياسين وأشبعه شتماً وتحقيراً وطعناً بشرفه أيضاً‏

                  سهير: أعرف ذلك. لقد بَرْمَجْتُ هذا الموضوع مع شلهوبة مثلما برمجت معها المهام الأخرى . ما تقوله لكم شلهوبة نفذوه بحذافيره. فكلانا لسان حال الآخر . اتصلوا بياسين دائماً. وتّروا أعصابه . لاحقوه حتى في مكان راحته . حاصروه بحيث لاتتركوا له فرصة تسنح له ببارقة إبداع .‏

                  تيسير: نعم نعم ياسيدتي هذا ما نفعله.‏

                  سهير: لنعد إلى الموضوع الأساس. عليكم أن تشتروا بقية البطاقات غداً ولو دفعتم ثمنها أضعاف الأضعاف‏

                  تيسير: طبعاً ياسيدتي طبعاً.‏

                  سهير: لكن لنفترض أنكم لن تستطيعوا شراء بقية البطاقات.وأن العرض سيتم.‏

                  تيسير: مستحيل ذلك ياسيدتي . مستحيل .‏

                  سهير: أقول لنفترض (تُفصّل كلمة لنفترض) ثم لماذا مستحيل؟ أه ؟ . فلربما طبعوا بطاقات أخرى لبيعها على الباب يوم العرض. عليكم أن تشتروها كلها ...ثم علينا أن نضع كل الإحتمالات ونتخذ كل الإحتياطات. أقول: إذا تم عرض المسرحية. تمشوا في الصالة أثناء العرض . حاولوا اقناع الحاضرين بأن العرض لايستحق أن يُولى أي اهتمام . وعندما ينتهي العرض انبروا بلاهوادة في ندوة الحوار لمقاطعة ياسين. أكثروا من الانتقاد غير السليم له لما لهذا الانتقاد من تأثير سلبي على النفس. فإن رد على كبيركم اتهموه بعدم احترام من هو اكبر منه سناً، وإن رد على صغيركم، اتهموه بعدم احترام الناشئة وبمصادرة أرائها . تمادوا عليه إذا دعت الضرورة . لتكن الوقاحة المهذبة هي شعاركم . ماذا؟‏

                  تيسير:" يكرر الجملة " الوقاحة المهذبة هي شعارنا. على الرغم من أني يا سيدتي لم أسمع في حياتي بوقاحة مهذبة" يضحك "‏

                  سهير: ولاتنس ذلك الصحفي الشاب الطائش المتهور المراهق السكير ......‏

                  تيسير: " يذكرها باسمه " تقصدين سعيد شلهوب ياسيدتي .‏

                  سهير: لاأسألك عن اسمه فأنا أحفظه عن ظهر قلب . وإنما أذكرك بأوصافه لتركز عليها وتستغلها فمن خلال المقال الذي كتبه عن ياسين بإمكانك أن تُخضع شخصيته للدراسة والتحليل لأنه من خلال السطور تستطيع أن تستشف شخصية كاتب السطور " وكأنها تعلمه كيف يحلل الشخصية" صحفي طائش متهور . ساع إلى الشهرة السريعة بأية وسيلة مشرفة كانت أم مخزية . ال/أنا/ عنده في أقصى تضخّمها . أليست هذه الشخصية مهيأة - بل جاهزة لأن تكون ورقة رابحة بين يديك؟ أه؟ كن معه كما يهوى. أقنعه بأنه لم يحظ بالشهرة التي يستحق وأن الآخرين حتى الآن لم يقدّروه حق قدره وأنك من ورائه ومعه قلباً وقالباً حتى يحقق غايته المنشودة. أدخل به من نقطة ضعفه. من ماذا؟‏

                  تيسير: أ...أ....أ..نعم ياسيدتي . من نقطة ضعفه.‏

                  سهير: وجّه له قبل العرض دعوة مفتوحة إلى أفخم المنتزهات وفوضه أن يدعو من يشاء من معارفه ومقربيه وأبلغه بأن شلهوبة ستكون على رأس المدعوين (تقترب منه) ادعها له أنت . فهو مهووس بها وخاتم في اصبعها ولقد اتفقت معها على أن تعيره في الجلسة اهتمامها وتركز عليه . وحاول -بعد أن يغادر المدعوون المكان- أن تتركه معها على انفراد متظاهراً بأنك في شغل أفهمت؟.‏

                  تيسير: سيدتي في مثل هذه الأمور (مفاخراً) ولايهمك هذه مهنتي ياسيدتي .‏

                  سهير: عظيم.... وطّد علاقاتك به من مبدأ أن هنالك قاسماً مشتركاً يجمع بينكما هو التصدي لياسين لمحاصرته وتضييق الخناق عليه وأوعز له من خلال الجلسة أن يهيء مقالاً ينشره صباح اليوم الذي يلي العرض مباشرة بعنوان/عرض بائس لجمهور غفير من الكراسي/‏

                  تيسير: وقد أعجب بالعنوان أوه ... /عرض بائس لجمهور غفير من الكراسي ... ياسلام ....ياسلام ماأروع هذا العنوان ياسيدتي . بشرفي إنه يضاهي مقالاً بحاله"يقترب منها متودداً " آه ...كم أنت ذكية ياسيدتي....‏

                  سهير: " توبخه " أنا لا أنتظر منك اطلاق تعابير الثناء . أشْك لي العقبات التي تعترض سبيلك لأحلها لك . أما الثناء فمني مصدره. وأنا الذي أوزعه على الآخرين بحق أو بغير حق وذلك حسب الحاجة . أنا مصب الشكوى ومنبع الثناء. مفهوم؟‏

                  تيسير: "صاغراً " نعم ياسيدتي .‏

                  سهير: بقي في الأمر مسألة أخيرة.‏

                  تيسير: وما هي ياسيدتي .‏

                  سهير: سأجعل منك مؤلفاً ومخرجاً .‏

                  تيسير: " وكأنه لم يصدق ما سمع " نعم ياسيدتي ؟...‏

                  سهير: " مؤكدة " كما سمعت. مؤلفاً ومخرجاً.‏

                  تيسير: أنت تعرفين بأن مهنتي تسهيل الأعمال الخاصة لعارضات "الستربتيز" خارج الملاهي والاتصال بالمعجبين بهن إلى آخر ما هنالك وهذا لادخل له بالتأليف والإخراج ياسيدتي . لذا أنا لادراية لي بأي منهما ... ثم أنا ضعيف القراءة والكتابة ياسيدتي.‏

                  سهير: وهل يحتاج الأمر إلى كثير من الدراية ؟ ضع حواراً لأية قصة مرت بك عبر حياتك أو سمعت بها ، وعَنْوِن الحوار بعنوان مسرحية ياسين نفسه(متى يحاصر الحصار؟) شريطة أن تحول النص من عرض درامي هادف إلى عرض استعراضي جذاب هدفه المتعة الرخيصة وإرضاء الشهوات بلافائدة ... واجعل بطلته شلهوبة هي وفرقتها .‏

                  تيسير: سيدتي . أتجعلين مني مؤلفاً ومخرجاً دفعة واحدة ؟‏

                  سهير: وأجعل منك ملحناً أيضاً. ماالمانع من ذلك ؟‏

                  تيسير : لكن ذلك ياسيدتي أمر غير معقول .‏

                  سهير: ولم غير معقول ؟ هل أطلب منك اختراع صحن طائر؟ .‏

                  تيسير : لا . ولكن - عفوا يا سيدتي - قد تستطعين أن تجعلي مني منتجا - مصدرا - ممولا . أما أن تجعلي مني مؤلفا ومخرجا فهذا لا يكون بقرار يا سيدتي وأنت أدرى بذلك .‏

                  سهير : ولأني أدرى بذلك سأجعل منك مؤلفا ومخرجا.. بقرار.‏

                  تيسير : سيدتي ... هذا الأمر....‏

                  سهير : (( تقاطعه)) تيسير أنا أصدر أمرا ولا أفتح نقاشا .‏

                  تيسير : (( بعد حيرة ينصاع الى الامر )) ( ايه شو عليه ) . كما ترغبين يا سيدتي . مؤلف ومخرج .. مؤلف ومخرج . ( أمرى لله ) ( مستدركاً ) والممثلون يا سيدتي ؟..‏

                  سهير : استفد من خبرة من تعرفهن من عارضات (الستربتيز)‏

                  تيسير : يعني اجعل العرض كله راقصات ؟‏

                  سهير : هذا أروع وأروع .. ثم استفد من خبرة شلهوبه .... اذا اضطررت لممثلين‏

                  تيسير : سيدتي قد لا يعملون معي .‏

                  سهير : (( تتنهد )) أوف .. قلبك ضعيف . ضعيف جدا . تيسير . قلت لك مراراً كُنْ شيئا تجعل من الاخرين شيئا . بالدولار . بالدولار تشتري من تريد . الدولار صانع المعجزات .‏

                  تيسير : ولكن يا سيدتي لا أستطيع أن أشتريهم جميعا .‏

                  سهير : (( منفعلة )) وهل طلبت منك ذلك (( تُفْهِمه بتؤدة )) اشتر الممثل الذي يحتاج اليه نصك المسرحي تعاقد معه بالدولار . أعطه ( على منطوق لسانه ) بعدها قم بحمله إعلاميه وإعلانيه منقطعة النظير . واطبع عشرين ألف بطاقة ووزعها مجانا في سائر أرجاء المدينة يأتيك الجمهور زحفا من كل مكان. إسمع . سأترك لك يوما كاملا لتفكر في كل ما قلته لك . وغدا سأعطيك شيكا مفتوحا . (فالشيك بلدوزر) يسويّ كل نتوء يعترض سبيلك ياحضرة المؤلف والمخرج الجديد.‏

                  تيسير : اسمحي لي بسؤال أخير يا سيدتي .‏

                  سهير : تفضل .‏

                  تيسير : هل لي أن أعرف السبب الذي من أجله ترغبين بأن تجعلي مني مؤلفا ومخرجا ؟‏

                  سهير : ألا تدري لماذا ؟..‏

                  تيسير : (( متردداً خجلا)) لا والله يا سيدتي ولو كنت أدري ما سألتك .‏

                  سهير : ماذا تتوقع أكثر من أني .. (( تحاول أن تجد اجابة حاسمة )) أكثر من أني أردت أن أكافئك على عملك سلفا . لتحيا حياة رغد ورفاه وجاه . حياة يحلم أن يعيشها الاخرون . هذا كل ما في الامر .‏

                  تيسير : .. آه .... شكرا يا سيدتي .‏

                  سهير : اذهب وادرس الموضوع جيدا ثم جئني بورقة عمل لأُقر منها ما يلزم وأحذف مالا يلزم . وضع نصب عينيك انه بعد اسبوع واحد فقط . أتسمع؟.. اسبوع واحد فقط من تاريخ عرض ياسين يجب أن يكون نصك جاهزاً للعرض. مفهوم ؟‏

                  تيسير: أنت تأمرين يا سيدتي .‏

                  سهير : ثم لا تنس بعض الشكليات التي يجب أن تتصرف بها من تلقاء ذاتك .‏

                  تيسير : (غير مدرك لقصدها ) مثلاً يا سيدتي ؟!.‏

                  سهير : يعني كأن تضع بشكل دائم (غليوناً) في فمك‏

                  تيسير : لكني لا أدخن يا سيدتي‏

                  سهير : تَعَلمّ . فالتدخين يعطيك هيبة المؤلف والمخرج . لاتكلّم أَحَدًا إلا من وراء دخان غليونك. ثم اقتن قاموسا مسرحيا لتحفظ منه بعض المصطلحات المسرحية باللغة الاجنبية (مونودراما - بانتومايم - فيرنيسن - آكشن - ستوب ) الى آخر ماهنالك من الكلمات التي يجب عليك تردادها دائما في أحاديثك لتبهر بها السامعين وتقنعهم بأنك مثقف مسرحيا .‏

                  تيسير : امرك يا سيدتي . تصبحين على خير (( يخرج ))‏

                  سهير : أهلا (( تقفل الباب فور خروجه )) الغبي يتوقع انه مقرب الي أكثر من غيره (( ابتسامة صفراوية )) ساذج. ما هو - بالنسبة لي - الا كغيره من الذين ما أن انتهت مهمتهم حتى صَرّفتهم . / لك / ويتوقع أن أجيبه على سؤاله . (( تقلّده)) لماذاتريدين أن تجعلي مني مؤلفا ومخرجا يا سيدتي ؟../هيه / ألا يدرى هذا الغبي بأني بهذا العمل أكون قد ضربت عصفورين بحجر أو قل خنزيرين بطلقة . نعم . أضع اللامناسب في المكان المناسب وأُبْعِد المناسب عن مواقع ابداعه حتى يضمحل ويموت عطاؤه وابداعه من تلقاء ذاته وهذا لا يقل شأنا عن تخريب منشأة اقتصادية (( ترفع السماعة وتضرب رقما تلفونيا وهي تتابع حديثها )) بلدٌ إنْ أردت أن تحقق فيها مبتغاك فما عليك الا أن تكون خيطاً خفياٍ يلم شمل الساقطين والحاقدين والمارقين والموتورين ليشكلوا ثقلا ثم ألق بهم سلاحا في وجه المبدعين وقف موقف المتفرج بل موقف الشامت المتشفّي (( تضع السماعة )) يظهر أن لا أحد في البيت . كم سَيُسَرُّون عندما يعرفون بأني قد استطعت الحصول على الشريط التسجيلي المطلوب. لقد استطعت الحصول على هذا الشريط عن طريق شلهوبه .... رائعة شلهوبه . لقد استطاعت مع فرقتها الاستعراضية أن تستقطب الى ملهى باريكال عدداً لا بأس به من الشباب المراهقين والميسورين منهم بخاصة . كما استطاعت أن تجلب الى بيتها بعضا من ذوي الاماكن الحساسة (( وكأنها تغمز شخصاً وهميا أمامها )) الذين يهّمنا تواجدهم عندها . (( يطرق الباب)) ترى من الطارق ؟.. (( تنظر من ثقب الباب ثم تفتح )) (( يدخل تيسير )) خيرا ؟ أراك عدت؟...‏

                  تيسير : سيدتي . الصحفي سعيد شلهوب يجري مقابلات صحفية مع بعض المارين في الشارع المقابل لبيتك يا سيدتي بمناسبة يوم النظافة هل ترغبين أن استدعيه لك؟؟؟‏

                  سهير : وهل رآك تخرج من هنا ؟..‏

                  تيسير : لالا .. لم يرني أبدا يا سيدتي .‏

                  سهير : (( توبخه )) تيسير . كم مرة قلت لك لا أريد أن يعرفني أحد أو يتعرف بيتي سواك ؟ آه ؟.. علاقتي بك فقط .. أتسمع؟ بك فقط . ثم كم مرة أوصيتك أن لا تجتهد الا في الامور التي أكلفك بها .. وحين الضرورة ؟.. تعال . اخرج من الباب الاخر ولا تنس شراء البطاقات غدا بأية وسيلة كانت .‏

                  تيسير : حاضر ياسيدتي (( يخرج وتقفل الباب وراءه )) كل شيءٍ يجب أن أحسبه بدقة متناهيه لأستطيع متابعة مهامي . فمهمتي القادمة سأباشر بها فور الانتهاء من عرض تيسير . مهمتي القادمة تحطيم موهبة علمية دخلت مرحلة العطاء، فأنا ..أترصّدهم واحداً واحداً‏
                  إذا الشعب يوما أراد الحياة
                  فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                  و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                  و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                  Comment


                  • #10
                    رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                    المشـــهد الـرابـع

                    [منزل سهير سيدة ارستقراطية تتحدث مع تيسير ]‏

                    تيسير: كل شيء على ما يرام يا سيدتي.‏

                    سهير: وهل هذا جواب كاف لشرح مهمة طويلة كلفتك بها ؟ . قدم لي تقريراً مفصلاً عن كل ما جرى معك.‏

                    تيسير: أمرك ياسيدتي ... وصلت إلى المسرح ياسيدتي.‏

                    سهير: وحدك؟‏

                    تيسير:لالا يا سيدتي . كان بصحبتي مجموعة لابأس بها .‏

                    سهير: إذاً قل وصلنا" مؤكدة على/نا/الجماعة " وصلنا . ولاتقل وصلت حتى أعرف أنكم كنتم مجموعة . ثم اذكر لي أهم الأسماء فأنا أعرفهم من خلال صُوَرهم التي قدمتها لي. أكمل .‏

                    تيسير: حاضر ياسيدتي. بدأنا بالعمل أنا ومحمود وعبد النور وعطا . كل منا يسأل بطريقته الخاصة عن المكان الذي تباع فيه بطاقات مسرحية ياسين (متى يحاصر الحصار؟ ) فعرفنا أنها تباع في مكانين فقط. في المسرح ، وفي مكتبة الساحة العامة وسط المدينة.‏

                    سهير: وهل تأكدتم من عدد البطاقات التي طبعت لهذا العرض؟‏

                    تيسير: نعم ياسيدتي لقد طبعوا ألفي بطاقة‏

                    سهير: " تصفّر متعجبة " أف . ياإلهي! ... ألفي بطاقة؟...‏

                    تيسير: نعم ياسيدتي .‏

                    سهير : كانوا سابقاً يطبعون ألف بطاقة كحد أقصى . وكيف عرفت أنهم طبعوا ألفي بطاقة ؟‏

                    تيسير: من عامل المطبعة ياسيدتي‏

                    سهير: وهل اشتريتم البطاقات كلها ؟‏

                    تيسير: بذلناالمستحيل حتى اشترينا ألف بطاقة.‏

                    سهير: والألف الأخرى ؟؟ هل بيعت لغيركم؟!!!‏

                    تيسير: كلا ياسيدتي الألف الأخرى سيبدأ بيعها غداً لأنه بعد أن نفدت الألف الأولى طبعوا ألفاً أخرى وسيبدأ بيعها صباح الغد‏

                    سهير: ياويلتي ؟؟ إن لم نستطع شراء الألف الأخرى فهذا يعني أن ألف متفرج سيحضر المسرحية وبالتالي تفشل خطتي‏

                    تيسير: لالا لن تفشل خطتك ياسيدتي. أنا متأكد بأننا غداً سنتمكن من شراء الألف الأخرى لأن ياسر أبو عزيز يسكن بجوار المسرح وتربطه علاقة وطيدة ببائع البطاقات وسنشتريهم دفعة واحدة .‏

                    "يرن جرس الهاتف سهير ترفع السماعة "‏

                    سهير: ألو نعم أهلاً اهلاً ياسيدتي أهلاً (أيوه ) حاضر. نعم نعم سيدتي. مفهوم. أنا سأتصل بعد قليل ..بعد قليل سأطلعك على الموضوع مع السلامة ياسيدتي (تضع السماعة )‏

                    تيسير: خيراً ياسيدتي من اتصل بك؟‏

                    سهير : وهل هذا من اختصاصك ؟ صحيح بأني قربتك من نفسي واخترتك من بين الكل لألتقي بك وأتحدث معك وأعتمد عليك . لكن لاتنسَ الجدار العالي الذي يفصل بيني وبينك فما أريد أن أُعَرِّفك به هو الذي يجب أن تعرفه فقط.‏

                    تيسير: عذراً ياسيدتي.‏

                    سهير: اسمع أنا قد اضطر للسفر حوالي أسبوع أو اسبوعين لاأدري. وقد لاأعود إلا قبل يومين أو ثلاثة من تاريخ عرض ياسين. ولهذا علينا ترتيب كل شيء قبل السفر.‏

                    تيسير: (مرتبكاً من فكرة سفرها لأنه سيقوم بالمهمة وحده ) ومن أين جاءتك فكرة هذا السفر المفاجئ ياسيدتي ؟ (سهير تشير إلى الهاتف ) المكالمة الهاتفية ؟ (تومئ بالإيجاب ) (كمن تذكر شيئاً) سيدتي . نسيت أن أخبرك ياسيدتي أن شلهوبة قد كلفت ياسر أبو عزيز بملاحقة ياسين في كل مكان والإتصال به هاتفياً لإزعاجه ولقد اتصل مراراً بياسين وأشبعه شتماً وتحقيراً وطعناً بشرفه أيضاً‏

                    سهير: أعرف ذلك. لقد بَرْمَجْتُ هذا الموضوع مع شلهوبة مثلما برمجت معها المهام الأخرى . ما تقوله لكم شلهوبة نفذوه بحذافيره. فكلانا لسان حال الآخر . اتصلوا بياسين دائماً. وتّروا أعصابه . لاحقوه حتى في مكان راحته . حاصروه بحيث لاتتركوا له فرصة تسنح له ببارقة إبداع .‏

                    تيسير: نعم نعم ياسيدتي هذا ما نفعله.‏

                    سهير: لنعد إلى الموضوع الأساس. عليكم أن تشتروا بقية البطاقات غداً ولو دفعتم ثمنها أضعاف الأضعاف‏

                    تيسير: طبعاً ياسيدتي طبعاً.‏

                    سهير: لكن لنفترض أنكم لن تستطيعوا شراء بقية البطاقات.وأن العرض سيتم.‏

                    تيسير: مستحيل ذلك ياسيدتي . مستحيل .‏

                    سهير: أقول لنفترض (تُفصّل كلمة لنفترض) ثم لماذا مستحيل؟ أه ؟ . فلربما طبعوا بطاقات أخرى لبيعها على الباب يوم العرض. عليكم أن تشتروها كلها ...ثم علينا أن نضع كل الإحتمالات ونتخذ كل الإحتياطات. أقول: إذا تم عرض المسرحية. تمشوا في الصالة أثناء العرض . حاولوا اقناع الحاضرين بأن العرض لايستحق أن يُولى أي اهتمام . وعندما ينتهي العرض انبروا بلاهوادة في ندوة الحوار لمقاطعة ياسين. أكثروا من الانتقاد غير السليم له لما لهذا الانتقاد من تأثير سلبي على النفس. فإن رد على كبيركم اتهموه بعدم احترام من هو اكبر منه سناً، وإن رد على صغيركم، اتهموه بعدم احترام الناشئة وبمصادرة أرائها . تمادوا عليه إذا دعت الضرورة . لتكن الوقاحة المهذبة هي شعاركم . ماذا؟‏

                    تيسير:" يكرر الجملة " الوقاحة المهذبة هي شعارنا. على الرغم من أني يا سيدتي لم أسمع في حياتي بوقاحة مهذبة" يضحك "‏

                    سهير: ولاتنس ذلك الصحفي الشاب الطائش المتهور المراهق السكير ......‏

                    تيسير: " يذكرها باسمه " تقصدين سعيد شلهوب ياسيدتي .‏

                    سهير: لاأسألك عن اسمه فأنا أحفظه عن ظهر قلب . وإنما أذكرك بأوصافه لتركز عليها وتستغلها فمن خلال المقال الذي كتبه عن ياسين بإمكانك أن تُخضع شخصيته للدراسة والتحليل لأنه من خلال السطور تستطيع أن تستشف شخصية كاتب السطور " وكأنها تعلمه كيف يحلل الشخصية" صحفي طائش متهور . ساع إلى الشهرة السريعة بأية وسيلة مشرفة كانت أم مخزية . ال/أنا/ عنده في أقصى تضخّمها . أليست هذه الشخصية مهيأة - بل جاهزة لأن تكون ورقة رابحة بين يديك؟ أه؟ كن معه كما يهوى. أقنعه بأنه لم يحظ بالشهرة التي يستحق وأن الآخرين حتى الآن لم يقدّروه حق قدره وأنك من ورائه ومعه قلباً وقالباً حتى يحقق غايته المنشودة. أدخل به من نقطة ضعفه. من ماذا؟‏

                    تيسير: أ...أ....أ..نعم ياسيدتي . من نقطة ضعفه.‏

                    سهير: وجّه له قبل العرض دعوة مفتوحة إلى أفخم المنتزهات وفوضه أن يدعو من يشاء من معارفه ومقربيه وأبلغه بأن شلهوبة ستكون على رأس المدعوين (تقترب منه) ادعها له أنت . فهو مهووس بها وخاتم في اصبعها ولقد اتفقت معها على أن تعيره في الجلسة اهتمامها وتركز عليه . وحاول -بعد أن يغادر المدعوون المكان- أن تتركه معها على انفراد متظاهراً بأنك في شغل أفهمت؟.‏

                    تيسير: سيدتي في مثل هذه الأمور (مفاخراً) ولايهمك هذه مهنتي ياسيدتي .‏

                    سهير: عظيم.... وطّد علاقاتك به من مبدأ أن هنالك قاسماً مشتركاً يجمع بينكما هو التصدي لياسين لمحاصرته وتضييق الخناق عليه وأوعز له من خلال الجلسة أن يهيء مقالاً ينشره صباح اليوم الذي يلي العرض مباشرة بعنوان/عرض بائس لجمهور غفير من الكراسي/‏

                    تيسير: وقد أعجب بالعنوان أوه ... /عرض بائس لجمهور غفير من الكراسي ... ياسلام ....ياسلام ماأروع هذا العنوان ياسيدتي . بشرفي إنه يضاهي مقالاً بحاله"يقترب منها متودداً " آه ...كم أنت ذكية ياسيدتي....‏

                    سهير: " توبخه " أنا لا أنتظر منك اطلاق تعابير الثناء . أشْك لي العقبات التي تعترض سبيلك لأحلها لك . أما الثناء فمني مصدره. وأنا الذي أوزعه على الآخرين بحق أو بغير حق وذلك حسب الحاجة . أنا مصب الشكوى ومنبع الثناء. مفهوم؟‏

                    تيسير: "صاغراً " نعم ياسيدتي .‏

                    سهير: بقي في الأمر مسألة أخيرة.‏

                    تيسير: وما هي ياسيدتي .‏

                    سهير: سأجعل منك مؤلفاً ومخرجاً .‏

                    تيسير: " وكأنه لم يصدق ما سمع " نعم ياسيدتي ؟...‏

                    سهير: " مؤكدة " كما سمعت. مؤلفاً ومخرجاً.‏

                    تيسير: أنت تعرفين بأن مهنتي تسهيل الأعمال الخاصة لعارضات "الستربتيز" خارج الملاهي والاتصال بالمعجبين بهن إلى آخر ما هنالك وهذا لادخل له بالتأليف والإخراج ياسيدتي . لذا أنا لادراية لي بأي منهما ... ثم أنا ضعيف القراءة والكتابة ياسيدتي.‏

                    سهير: وهل يحتاج الأمر إلى كثير من الدراية ؟ ضع حواراً لأية قصة مرت بك عبر حياتك أو سمعت بها ، وعَنْوِن الحوار بعنوان مسرحية ياسين نفسه(متى يحاصر الحصار؟) شريطة أن تحول النص من عرض درامي هادف إلى عرض استعراضي جذاب هدفه المتعة الرخيصة وإرضاء الشهوات بلافائدة ... واجعل بطلته شلهوبة هي وفرقتها .‏

                    تيسير: سيدتي . أتجعلين مني مؤلفاً ومخرجاً دفعة واحدة ؟‏

                    سهير: وأجعل منك ملحناً أيضاً. ماالمانع من ذلك ؟‏

                    تيسير : لكن ذلك ياسيدتي أمر غير معقول .‏

                    سهير: ولم غير معقول ؟ هل أطلب منك اختراع صحن طائر؟ .‏

                    تيسير : لا . ولكن - عفوا يا سيدتي - قد تستطعين أن تجعلي مني منتجا - مصدرا - ممولا . أما أن تجعلي مني مؤلفا ومخرجا فهذا لا يكون بقرار يا سيدتي وأنت أدرى بذلك .‏

                    سهير : ولأني أدرى بذلك سأجعل منك مؤلفا ومخرجا.. بقرار.‏

                    تيسير : سيدتي ... هذا الأمر....‏

                    سهير : (( تقاطعه)) تيسير أنا أصدر أمرا ولا أفتح نقاشا .‏

                    تيسير : (( بعد حيرة ينصاع الى الامر )) ( ايه شو عليه ) . كما ترغبين يا سيدتي . مؤلف ومخرج .. مؤلف ومخرج . ( أمرى لله ) ( مستدركاً ) والممثلون يا سيدتي ؟..‏

                    سهير : استفد من خبرة من تعرفهن من عارضات (الستربتيز)‏

                    تيسير : يعني اجعل العرض كله راقصات ؟‏

                    سهير : هذا أروع وأروع .. ثم استفد من خبرة شلهوبه .... اذا اضطررت لممثلين‏

                    تيسير : سيدتي قد لا يعملون معي .‏

                    سهير : (( تتنهد )) أوف .. قلبك ضعيف . ضعيف جدا . تيسير . قلت لك مراراً كُنْ شيئا تجعل من الاخرين شيئا . بالدولار . بالدولار تشتري من تريد . الدولار صانع المعجزات .‏

                    تيسير : ولكن يا سيدتي لا أستطيع أن أشتريهم جميعا .‏

                    سهير : (( منفعلة )) وهل طلبت منك ذلك (( تُفْهِمه بتؤدة )) اشتر الممثل الذي يحتاج اليه نصك المسرحي تعاقد معه بالدولار . أعطه ( على منطوق لسانه ) بعدها قم بحمله إعلاميه وإعلانيه منقطعة النظير . واطبع عشرين ألف بطاقة ووزعها مجانا في سائر أرجاء المدينة يأتيك الجمهور زحفا من كل مكان. إسمع . سأترك لك يوما كاملا لتفكر في كل ما قلته لك . وغدا سأعطيك شيكا مفتوحا . (فالشيك بلدوزر) يسويّ كل نتوء يعترض سبيلك ياحضرة المؤلف والمخرج الجديد.‏

                    تيسير : اسمحي لي بسؤال أخير يا سيدتي .‏

                    سهير : تفضل .‏

                    تيسير : هل لي أن أعرف السبب الذي من أجله ترغبين بأن تجعلي مني مؤلفا ومخرجا ؟‏

                    سهير : ألا تدري لماذا ؟..‏

                    تيسير : (( متردداً خجلا)) لا والله يا سيدتي ولو كنت أدري ما سألتك .‏

                    سهير : ماذا تتوقع أكثر من أني .. (( تحاول أن تجد اجابة حاسمة )) أكثر من أني أردت أن أكافئك على عملك سلفا . لتحيا حياة رغد ورفاه وجاه . حياة يحلم أن يعيشها الاخرون . هذا كل ما في الامر .‏

                    تيسير : .. آه .... شكرا يا سيدتي .‏

                    سهير : اذهب وادرس الموضوع جيدا ثم جئني بورقة عمل لأُقر منها ما يلزم وأحذف مالا يلزم . وضع نصب عينيك انه بعد اسبوع واحد فقط . أتسمع؟.. اسبوع واحد فقط من تاريخ عرض ياسين يجب أن يكون نصك جاهزاً للعرض. مفهوم ؟‏

                    تيسير: أنت تأمرين يا سيدتي .‏

                    سهير : ثم لا تنس بعض الشكليات التي يجب أن تتصرف بها من تلقاء ذاتك .‏

                    تيسير : (غير مدرك لقصدها ) مثلاً يا سيدتي ؟!.‏

                    سهير : يعني كأن تضع بشكل دائم (غليوناً) في فمك‏

                    تيسير : لكني لا أدخن يا سيدتي‏

                    سهير : تَعَلمّ . فالتدخين يعطيك هيبة المؤلف والمخرج . لاتكلّم أَحَدًا إلا من وراء دخان غليونك. ثم اقتن قاموسا مسرحيا لتحفظ منه بعض المصطلحات المسرحية باللغة الاجنبية (مونودراما - بانتومايم - فيرنيسن - آكشن - ستوب ) الى آخر ماهنالك من الكلمات التي يجب عليك تردادها دائما في أحاديثك لتبهر بها السامعين وتقنعهم بأنك مثقف مسرحيا .‏

                    تيسير : امرك يا سيدتي . تصبحين على خير (( يخرج ))‏

                    سهير : أهلا (( تقفل الباب فور خروجه )) الغبي يتوقع انه مقرب الي أكثر من غيره (( ابتسامة صفراوية )) ساذج. ما هو - بالنسبة لي - الا كغيره من الذين ما أن انتهت مهمتهم حتى صَرّفتهم . / لك / ويتوقع أن أجيبه على سؤاله . (( تقلّده)) لماذاتريدين أن تجعلي مني مؤلفا ومخرجا يا سيدتي ؟../هيه / ألا يدرى هذا الغبي بأني بهذا العمل أكون قد ضربت عصفورين بحجر أو قل خنزيرين بطلقة . نعم . أضع اللامناسب في المكان المناسب وأُبْعِد المناسب عن مواقع ابداعه حتى يضمحل ويموت عطاؤه وابداعه من تلقاء ذاته وهذا لا يقل شأنا عن تخريب منشأة اقتصادية (( ترفع السماعة وتضرب رقما تلفونيا وهي تتابع حديثها )) بلدٌ إنْ أردت أن تحقق فيها مبتغاك فما عليك الا أن تكون خيطاً خفياٍ يلم شمل الساقطين والحاقدين والمارقين والموتورين ليشكلوا ثقلا ثم ألق بهم سلاحا في وجه المبدعين وقف موقف المتفرج بل موقف الشامت المتشفّي (( تضع السماعة )) يظهر أن لا أحد في البيت . كم سَيُسَرُّون عندما يعرفون بأني قد استطعت الحصول على الشريط التسجيلي المطلوب. لقد استطعت الحصول على هذا الشريط عن طريق شلهوبه .... رائعة شلهوبه . لقد استطاعت مع فرقتها الاستعراضية أن تستقطب الى ملهى باريكال عدداً لا بأس به من الشباب المراهقين والميسورين منهم بخاصة . كما استطاعت أن تجلب الى بيتها بعضا من ذوي الاماكن الحساسة (( وكأنها تغمز شخصاً وهميا أمامها )) الذين يهّمنا تواجدهم عندها . (( يطرق الباب)) ترى من الطارق ؟.. (( تنظر من ثقب الباب ثم تفتح )) (( يدخل تيسير )) خيرا ؟ أراك عدت؟...‏

                    تيسير : سيدتي . الصحفي سعيد شلهوب يجري مقابلات صحفية مع بعض المارين في الشارع المقابل لبيتك يا سيدتي بمناسبة يوم النظافة هل ترغبين أن استدعيه لك؟؟؟‏

                    سهير : وهل رآك تخرج من هنا ؟..‏

                    تيسير : لالا .. لم يرني أبدا يا سيدتي .‏

                    سهير : (( توبخه )) تيسير . كم مرة قلت لك لا أريد أن يعرفني أحد أو يتعرف بيتي سواك ؟ آه ؟.. علاقتي بك فقط .. أتسمع؟ بك فقط . ثم كم مرة أوصيتك أن لا تجتهد الا في الامور التي أكلفك بها .. وحين الضرورة ؟.. تعال . اخرج من الباب الاخر ولا تنس شراء البطاقات غدا بأية وسيلة كانت .‏

                    تيسير : حاضر ياسيدتي (( يخرج وتقفل الباب وراءه )) كل شيءٍ يجب أن أحسبه بدقة متناهيه لأستطيع متابعة مهامي . فمهمتي القادمة سأباشر بها فور الانتهاء من عرض تيسير . مهمتي القادمة تحطيم موهبة علمية دخلت مرحلة العطاء، فأنا ..أترصّدهم واحداً واحداً‏
                    إذا الشعب يوما أراد الحياة
                    فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                    و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                    و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                    Comment


                    • #11
                      رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                      المـشـــهد الـخامـــس

                      ( المكان بهو خارج صالة المسرح - الزمان يوم عرض مسرحية ياسين. سهير تقف على باب الصالة منتظرة قدوم ياسين . )‏

                      سهير : لم يبق سوى بضع دقائق لبدء العرض المسرحي وحضرة ياسين لم ( يُشَرَّف) حتى الان . ( ايه شو عليه .. اللي ببيت أهلو على مهلو ) لكن عندما يأتي ستكون الطامّة الكبرى . لقد استطاع تيسير ومجموعته شراء البطاقات كلها . وزيادة في الحرص أَوْعَزْتُ له أنا وشلهوبه أن يكلف مجموعة على الباب مهمتها أن تصرف بالحسنى كل راغب بالحضور . الصالة خاوية على عروشها . ما أروعه من مشهد ؟ حتما عندما يراه ياسين سينهار (( تتذكر كلمتها السابقة )) لقدكانت كلمتي أصدق تعبير عن الواقع . عرض بائس لجمهور غفير من الكراسي (( تراه قادما )) هه .. شرف .. سأدخل وأراقب عن كثب هذا الحدث الدرامي الرائع .‏

                      ياسين : (( يدخل فرحا ويتأكد من ساعته )) عظيم .. لقد جئت في الوقت المناسب . بقي بضع دقائق لبدء العرض . ألفا متفرج في عرض مسرحي ليس بالامرالسهل أبدا ولهذا رَتَّبْتُ البارحة كل أمورى وكتبت كلمة الافتتاح بحيث تلائم أذواق العامة والخاصة .(( يلفت الصمت انتباهه )) لكني لا أرى حركة ولا أسمع صوتا .. (( يجد لذلك مبررا )) يظهر أن بيع البطاقات المبكر قد ساعد على استتباب النظام . (( يُرَتّبُ هندامه متهيّا للدخول )) رب أطلق لساني وثبت قدمي . ياألله .. (( يدخل ))‏

                      سهير : (( تخرج )) رب أعقد لسانه وزل قدمه . سأتظاهر لحظة خروجه بأني واحدة من اللواتي اشترين بطاقة وَأَتيْن فلم يجدن عرضا وسأتظاهربأني لاأعرفه واذا تحدث معي بصفته مسؤولا عن العرض فسأطلق في وجهه وابلا من الشتائم التي تطعنه في الصميم (( تراه قادما فتختبئ))‏

                      ياسين : (( يخرج مذهولا )) غير معقول ... لا أحد في الصالة ...(( ينفض رأسه وكأنه لم يصدق ما رأى - يتأكد من ساعته ثانية )) لعل ساعتي غير مضبوطة . ((تظهر سهير متذمرة ياسين يقترب منها )) عفوا يا أخت .. كم الساعة من فضلك ؟‏

                      سهير : لِمَ تسأل وساعتك في يدك ؟‏

                      ياسين : عفوا ياأخت . يبدو أن ساعتي غير مضبوطة . ساعتي تشير الى السابعة مساء .‏

                      سهير : اذا . كيف تقول بأنها غير مضبوطة ؟‏

                      ياسين : يعني مضبوطة ؟!؟‏

                      سهير : وهل أنا مصلحة ساعات حتى أعرف انها مضبوطه أم لا ؟ أم تراني مسؤولة عن ساعة ( بيكبن ) ؟ تصور .. لقد تجشّمت عناء سفر طويل لأحضر العرض واذا بالعرض خُلّبي فرق تجارية تبيع بطاقات ولا تقدم عروضا. بالله عليك . لمن نشكو هذه التصرفات الصبيانية اللامسؤوله ؟‏

                      ياسين : (( مرتبكا )) عفوا يا أخت .. أنا ........‏

                      سهير (( تقاطعه )) لستُ من هواة التعارف حتى تقدم لي نفسك . المهم أن علينا أن نعرف هل هناك عرض أم لا ؟‏

                      ياسين : (( بكل عفوية وآلية )) نعم نعم ...هناك عرض .‏

                      سهير : أه ؟ ....ومن كلفك يا هذا بالرد علي.. وكأنك لسان حال أصحاب العرض .‏

                      ياسين : (( وكأنه لا يدرى ماذا يقول )) نعم نعم .. لالا .. يعني .....‏

                      سهير : أتلعب معي حزيرة نعم ولا ياهذا ؟ ان كنت لا تحترم نفسك، فاحترم من تتكلم معهم. تحدث مع الناس بما يليق بقدرهم ومكانتهم .‏

                      ياسين : ياأخت .. أنا لي علاقة بالعرض المسرحي .‏

                      سهير : (( وكأنها وجدت في اعترافه مدخلاً لتحقيره )) ها ها .. طالما أنه لك علاقة بالعرض المسرحي، لماذا تكذبون على الناس وتبيعون بطاقاتكم قبل شهر لعرض وهمي ؟ الناس ليسوا دُمى بين ايديكم . هذا عيب . صفاقة . نذالة . حقارة . اختلاس . أكلٌ لأموال الناس بغير حق سرقة . يا هذا . سرقة _‏

                      ياسين : (( يحاول تهدئتها )) يا أخت . قليلا من الهدوء . أنا أعطيك ثمن البطاقة .‏

                      سهير : نعم ؟.. والله عال . لم يبق لي سواك حتى تعطيني ثمن البطاقة. يا هذا ، هل استجديتك أو استعطفتك أو بكيت على يديك حتى تتجرأ وتعرض عليّ ثمن البطاقة ؟ ردّ ثمنها على جوعك واعرف مع من تتكلم . فمن تتكلم معها تبيعك وتشتريك أنت وعائلتك ومن لاذ بك وهذا المسرح ببنائه وأثاثه وموظفيه‏

                      ياسين : اسمعي ما سأقول يا أخت .‏

                      سهير : لا أريد أن أسمع شيئا ( أَخْ ) لو اجتمعت بالمسؤول عن هذا العرض . لكنت أسمعته من الكلام المنتقى ما يستحق . أبلغه كلامي وأعطه هذه البطاقة ليضعها وساماً مخزياً يزيّن به صدره أو ( شَكْلَةً) يزيّن بها شعر زوجته (( ترمي البطاقة في وجهه بحدّه ))‏

                      ياسين : كفى ياأمرأة . قليلا من الاحترام‏

                      سهير : نعم ؟!! .. ( يعني ضربني وبكى وسبقني واشتكى ؟ ) أتطلب مني الاحترام ؟ أليس من الأَوْلى لك أن تطلب الاحترام مِمَّنْ لا يحترمون أنفسهم لأنهم بلا إحساس . بلا ضمير . بلا كرامة انهم لا يستاهلون أكثر من كلمة واحدة . أتعرف ما هي ؟ ( تفوه ) (( تبصق وتخرج ))‏

                      ياسين : الحيوانة ضَبَعَتْني بفجورها ولم تترك لي مجالا لأقول لها بأن هناك عرضا لكن ليس هناك جمهور (( يعود الى موضوع الجمهور )) يا جماعة، أكاد لا أصدق نفسي / لك / لا أحد في الصالة .. ولا واحد !! ولا واحد ؟!! (0 يضع يده على صدره مكان الوخزة )) وضع غير طبيعي . هناك مؤامرة . مؤامرة لا ريب (يعود لذاكرته صوت سهير ) هذه سرقة . . انهم لا يستأهلون أكثر من ( تفوه ) ( تُكَرّر الجملة مِراراً كالصدى حتى يُلْحَظُ مَيَلانُ فم ياسين قليلاً كمن‏ أصيب ببداية مرض اللقوة )‏

                      حمدي : (( يدخل فيرى ياسين على هذا الحال )) استاذ ياسين ما بك ؟.. تَهَيْأ لتلقي كلمة الافتتاح (( يضربه عدة ضربات خفيفة على خده )) استاذ ياسين .. الجمهور بانتظارك لتلقي كلمة الترحيب .‏

                      ياسين : (( يحاول الكلام فلا يستطيع ولا يفهم من أقواله شيئا سوى ولا . ولا ))‏

                      ماهر : (( يدخل فيفاجأ بوضع ياسين )) استاذ ياسين . ما بك يا أستاذ ؟ ما به يا حمدي ؟‏

                      حمدي : لا أدري أتيت فوجدته كما هو عليه .‏

                      ياسين : (( يحاول الكلام ثانية فلا يُفْهم من حديثه سوى - ولا . ولا . مشيرا الى الصالة )) ((حمدي ينتبه لحركة ياسين يهرع الى الصالة وماهر يواسي ياسين ))‏

                      ماهر : استاذ ياسين .. ما بك ياأستاذ . ماذا حدث يمرر أصابعه على فمه المائل بسم الله الرحمن الرحيم‏

                      ياسين : ولا ... ولا .. ولا ...‏

                      حمدي : (( يعود مسرعا )) استاذ ماهر .. لا أحد في الصالة ياأستاذ ...‏

                      ماهر : نعم ؟... لا أحد في الصالة ؟!!!؟..‏

                      ياسين : (( يومئ بالايجاب )) .ولا .. ولا ...‏

                      حمدي : يظهر أن الاستاذ ياسين دخل الى الصالة فلم يجد جمهوراً فأصيب باللقوة . هناك مؤامرة محبوكة مدبرة باتقان ياأستاذ حمدي . (( ياسين يؤكد ذلك بحركة من رأسه )) خذه الى غرفة المقسم واتصل بالمستشفى وأناسأدخل الى الممثلين لعلهم يعرفون عن الموضوع شيئا .‏

                      ماهر: حاضر (( حمدي يدخل الى الصاله وماهر يذهب بياسين خارج الصالة وياسين يصيح منفعلا ولا يفهم من كلامه سوى ولا .. ولا .. ولا..))‏





                      (( اطفاء نهاية مشهد ))‏
                      إذا الشعب يوما أراد الحياة
                      فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                      و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                      و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                      Comment


                      • #12
                        رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                        المـشـــهد الـخامـــس

                        ( المكان بهو خارج صالة المسرح - الزمان يوم عرض مسرحية ياسين. سهير تقف على باب الصالة منتظرة قدوم ياسين . )‏

                        سهير : لم يبق سوى بضع دقائق لبدء العرض المسرحي وحضرة ياسين لم ( يُشَرَّف) حتى الان . ( ايه شو عليه .. اللي ببيت أهلو على مهلو ) لكن عندما يأتي ستكون الطامّة الكبرى . لقد استطاع تيسير ومجموعته شراء البطاقات كلها . وزيادة في الحرص أَوْعَزْتُ له أنا وشلهوبه أن يكلف مجموعة على الباب مهمتها أن تصرف بالحسنى كل راغب بالحضور . الصالة خاوية على عروشها . ما أروعه من مشهد ؟ حتما عندما يراه ياسين سينهار (( تتذكر كلمتها السابقة )) لقدكانت كلمتي أصدق تعبير عن الواقع . عرض بائس لجمهور غفير من الكراسي (( تراه قادما )) هه .. شرف .. سأدخل وأراقب عن كثب هذا الحدث الدرامي الرائع .‏

                        ياسين : (( يدخل فرحا ويتأكد من ساعته )) عظيم .. لقد جئت في الوقت المناسب . بقي بضع دقائق لبدء العرض . ألفا متفرج في عرض مسرحي ليس بالامرالسهل أبدا ولهذا رَتَّبْتُ البارحة كل أمورى وكتبت كلمة الافتتاح بحيث تلائم أذواق العامة والخاصة .(( يلفت الصمت انتباهه )) لكني لا أرى حركة ولا أسمع صوتا .. (( يجد لذلك مبررا )) يظهر أن بيع البطاقات المبكر قد ساعد على استتباب النظام . (( يُرَتّبُ هندامه متهيّا للدخول )) رب أطلق لساني وثبت قدمي . ياألله .. (( يدخل ))‏

                        سهير : (( تخرج )) رب أعقد لسانه وزل قدمه . سأتظاهر لحظة خروجه بأني واحدة من اللواتي اشترين بطاقة وَأَتيْن فلم يجدن عرضا وسأتظاهربأني لاأعرفه واذا تحدث معي بصفته مسؤولا عن العرض فسأطلق في وجهه وابلا من الشتائم التي تطعنه في الصميم (( تراه قادما فتختبئ))‏

                        ياسين : (( يخرج مذهولا )) غير معقول ... لا أحد في الصالة ...(( ينفض رأسه وكأنه لم يصدق ما رأى - يتأكد من ساعته ثانية )) لعل ساعتي غير مضبوطة . ((تظهر سهير متذمرة ياسين يقترب منها )) عفوا يا أخت .. كم الساعة من فضلك ؟‏

                        سهير : لِمَ تسأل وساعتك في يدك ؟‏

                        ياسين : عفوا ياأخت . يبدو أن ساعتي غير مضبوطة . ساعتي تشير الى السابعة مساء .‏

                        سهير : اذا . كيف تقول بأنها غير مضبوطة ؟‏

                        ياسين : يعني مضبوطة ؟!؟‏

                        سهير : وهل أنا مصلحة ساعات حتى أعرف انها مضبوطه أم لا ؟ أم تراني مسؤولة عن ساعة ( بيكبن ) ؟ تصور .. لقد تجشّمت عناء سفر طويل لأحضر العرض واذا بالعرض خُلّبي فرق تجارية تبيع بطاقات ولا تقدم عروضا. بالله عليك . لمن نشكو هذه التصرفات الصبيانية اللامسؤوله ؟‏

                        ياسين : (( مرتبكا )) عفوا يا أخت .. أنا ........‏

                        سهير (( تقاطعه )) لستُ من هواة التعارف حتى تقدم لي نفسك . المهم أن علينا أن نعرف هل هناك عرض أم لا ؟‏

                        ياسين : (( بكل عفوية وآلية )) نعم نعم ...هناك عرض .‏

                        سهير : أه ؟ ....ومن كلفك يا هذا بالرد علي.. وكأنك لسان حال أصحاب العرض .‏

                        ياسين : (( وكأنه لا يدرى ماذا يقول )) نعم نعم .. لالا .. يعني .....‏

                        سهير : أتلعب معي حزيرة نعم ولا ياهذا ؟ ان كنت لا تحترم نفسك، فاحترم من تتكلم معهم. تحدث مع الناس بما يليق بقدرهم ومكانتهم .‏

                        ياسين : ياأخت .. أنا لي علاقة بالعرض المسرحي .‏

                        سهير : (( وكأنها وجدت في اعترافه مدخلاً لتحقيره )) ها ها .. طالما أنه لك علاقة بالعرض المسرحي، لماذا تكذبون على الناس وتبيعون بطاقاتكم قبل شهر لعرض وهمي ؟ الناس ليسوا دُمى بين ايديكم . هذا عيب . صفاقة . نذالة . حقارة . اختلاس . أكلٌ لأموال الناس بغير حق سرقة . يا هذا . سرقة _‏

                        ياسين : (( يحاول تهدئتها )) يا أخت . قليلا من الهدوء . أنا أعطيك ثمن البطاقة .‏

                        سهير : نعم ؟.. والله عال . لم يبق لي سواك حتى تعطيني ثمن البطاقة. يا هذا ، هل استجديتك أو استعطفتك أو بكيت على يديك حتى تتجرأ وتعرض عليّ ثمن البطاقة ؟ ردّ ثمنها على جوعك واعرف مع من تتكلم . فمن تتكلم معها تبيعك وتشتريك أنت وعائلتك ومن لاذ بك وهذا المسرح ببنائه وأثاثه وموظفيه‏

                        ياسين : اسمعي ما سأقول يا أخت .‏

                        سهير : لا أريد أن أسمع شيئا ( أَخْ ) لو اجتمعت بالمسؤول عن هذا العرض . لكنت أسمعته من الكلام المنتقى ما يستحق . أبلغه كلامي وأعطه هذه البطاقة ليضعها وساماً مخزياً يزيّن به صدره أو ( شَكْلَةً) يزيّن بها شعر زوجته (( ترمي البطاقة في وجهه بحدّه ))‏

                        ياسين : كفى ياأمرأة . قليلا من الاحترام‏

                        سهير : نعم ؟!! .. ( يعني ضربني وبكى وسبقني واشتكى ؟ ) أتطلب مني الاحترام ؟ أليس من الأَوْلى لك أن تطلب الاحترام مِمَّنْ لا يحترمون أنفسهم لأنهم بلا إحساس . بلا ضمير . بلا كرامة انهم لا يستاهلون أكثر من كلمة واحدة . أتعرف ما هي ؟ ( تفوه ) (( تبصق وتخرج ))‏

                        ياسين : الحيوانة ضَبَعَتْني بفجورها ولم تترك لي مجالا لأقول لها بأن هناك عرضا لكن ليس هناك جمهور (( يعود الى موضوع الجمهور )) يا جماعة، أكاد لا أصدق نفسي / لك / لا أحد في الصالة .. ولا واحد !! ولا واحد ؟!! (0 يضع يده على صدره مكان الوخزة )) وضع غير طبيعي . هناك مؤامرة . مؤامرة لا ريب (يعود لذاكرته صوت سهير ) هذه سرقة . . انهم لا يستأهلون أكثر من ( تفوه ) ( تُكَرّر الجملة مِراراً كالصدى حتى يُلْحَظُ مَيَلانُ فم ياسين قليلاً كمن‏ أصيب ببداية مرض اللقوة )‏

                        حمدي : (( يدخل فيرى ياسين على هذا الحال )) استاذ ياسين ما بك ؟.. تَهَيْأ لتلقي كلمة الافتتاح (( يضربه عدة ضربات خفيفة على خده )) استاذ ياسين .. الجمهور بانتظارك لتلقي كلمة الترحيب .‏

                        ياسين : (( يحاول الكلام فلا يستطيع ولا يفهم من أقواله شيئا سوى ولا . ولا ))‏

                        ماهر : (( يدخل فيفاجأ بوضع ياسين )) استاذ ياسين . ما بك يا أستاذ ؟ ما به يا حمدي ؟‏

                        حمدي : لا أدري أتيت فوجدته كما هو عليه .‏

                        ياسين : (( يحاول الكلام ثانية فلا يُفْهم من حديثه سوى - ولا . ولا . مشيرا الى الصالة )) ((حمدي ينتبه لحركة ياسين يهرع الى الصالة وماهر يواسي ياسين ))‏

                        ماهر : استاذ ياسين .. ما بك ياأستاذ . ماذا حدث يمرر أصابعه على فمه المائل بسم الله الرحمن الرحيم‏

                        ياسين : ولا ... ولا .. ولا ...‏

                        حمدي : (( يعود مسرعا )) استاذ ماهر .. لا أحد في الصالة ياأستاذ ...‏

                        ماهر : نعم ؟... لا أحد في الصالة ؟!!!؟..‏

                        ياسين : (( يومئ بالايجاب )) .ولا .. ولا ...‏

                        حمدي : يظهر أن الاستاذ ياسين دخل الى الصالة فلم يجد جمهوراً فأصيب باللقوة . هناك مؤامرة محبوكة مدبرة باتقان ياأستاذ حمدي . (( ياسين يؤكد ذلك بحركة من رأسه )) خذه الى غرفة المقسم واتصل بالمستشفى وأناسأدخل الى الممثلين لعلهم يعرفون عن الموضوع شيئا .‏

                        ماهر: حاضر (( حمدي يدخل الى الصاله وماهر يذهب بياسين خارج الصالة وياسين يصيح منفعلا ولا يفهم من كلامه سوى ولا .. ولا .. ولا..))‏





                        (( اطفاء نهاية مشهد ))‏
                        إذا الشعب يوما أراد الحياة
                        فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                        و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                        و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                        Comment


                        • #13
                          رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                          المشـــهد الــسادس

                          [ المشهد السابق نفسه . العرض لتيسير . لافتة كبيرة تملأ باب الصالة مكتوب عليها شاهدوا مسرحية ( متى يحاصر الحصار؟ ]‏

                          تأليف واخراج الفنان القدير تيسير وبطولة الفنانة الدلوعة شلهوبه . أصوات جماهير غفيره تصدر من داخل صالة المسرح. تستمر الاصوات طيلة المشهد . وتعلو حينا وتنخفض حينا آخر )‏

                          سهير : تيسير‏

                          تيسير : (( والغليون في فمه ويكاد حرف السّين يُلْفَظ شيناً مع بعض السعال الطفيف بين الحين والاخر لانه تعلم التدخين حديثا )) نعم ياسيدتي ؟...‏

                          سهير : وَعَلَيَّ أيضا يا تيسير ؟.‎!!.‏

                          تيسير : ( يفهم قصدها فيرفع الغليون من فمه ) عفوا يا سيدتي . فما أفعله كان بناء على طلبك وبخاصة ونحن الان في مبنى المسرح‏

                          سهير : "تضحك" خذ حريتك (( يعيد الغليون الى فمه )) هل من جديد عن ياسين بعد شفائه من اللقوة واصابته بشلل في ساقه‏

                          تيسير : لا ياسيدتي . لا جديد غير ذلك، سوى أن شلله قد خف بعض الشئ (( يعلو صوت الجمهور ))‏

                          سهير : ما رأيك بهذه النتائج ؟..‏

                          تيسير : مذهلة يا سيدتي. اقبال منقطع النظير لم يشهده المسرح منذ تأسيسه . لم يعد في المسرح مُتّسعٌ لأحد حتى وقوفا . فعلاً للإعلان دور لا يستهان به. وممّا زاد في عدد الحضور أيضا هو أن عنوان مسرحيتنا عنوان مسرحية ياسين تفسه. ناهيك عن أن العرض مجاني ياسيدتي .‏

                          سهير : (( ابتسامة )) ما ذكرته يا تيسير بكفة والذي لم تذكره بكفة وهو الاهم . أنسيت الرصيد الجماهيرى للفنانة شلهوبة ؟ انظر (( تشير الى اللافتة المعلقة )) هذا الاسم المكتوب بلون يخطف الابصار ((شلهوبه )) هو الذي جلب لنا أكثر من 90 ./. من الحضور ولهذا طلبت منك أن تجعل من المسرحية نصًّا استعراضياً بطلته شلهوبه وأكثر عناصره راقصات (( ستربتيز ))‏

                          تيسير : سيدتي بأية طريقة أستطيع أن أعبر لك عن مدى اعجابي بك ياسيدتي ؟‏

                          سهير : اعجابك بي هو أن تنفذ حرفيا كل ما أطلبه منك وكفى (( تعلو ضجة الجماهير في الصالة ))‏

                          تيسير : سيدتي ألا تتوقعين بأنّنا أخطأنا حين جعلنا الدعوة عامة ؟‏

                          سهير : ما تدعوه خطأً هو الصواب بعينه . فما توصلنا اليه هو ما كنت أخطط له . ألم تغلقوا الابواب المؤديه الى المسرح ؟..‏

                          تيسير : (هُوْ هُوْ) منذ أكثر من عشر دقائق ياسيدتي . لأن آلافاً تحيط بالمبنى من جهاته كلها مما شل حركة السير في كل الطرق المؤدية الى المسرح .حتى هذا الباب ياسيدتي ((مشيرا الى باب صالة المسرح )) أقفلناه خوفا من أن يتسرب بعض الشباب المتهورين الذين يتسلقون جدران المسرح العاليه ليدخلوا غير مبالين بما قد يعترضهم من مخاطر .‏

                          سهير : هؤلاء الشباب الذين تتحدث عنهم ياتيسير أكبر دليل على أن أكثر الحضور لم يأت الاّمن أجل شلهوبه . اضحك في ( عّبك) فكل ما يجرى لصالحك . لقد لمع اسمك في سماء الفن بدون سابق انذار . غداً ستسلط الأضواء عليك . وسيتناقل اسمك الناس وستغدو بعد فترة وجيزة علماً من أعلام الادب والمسرح .‏

                          تيسير: أويعقل ذلك ياسيدتي ؟!.‏

                          سهير : ولم لا ؟.. أكثر الذين وصلوا ليسوا أكفأ منك نعم . فمنهم من ساعده مكان عمله فاستغله للوصول ومنهم من ساعده ماله ومنهم من ساعدته الظروف ومنهم من ساعدته أشياء أخرى (( تشير الى حركة تقصد بها النساء )) (( تقترب منه هامسة )) وهذه شلهوبه طوع بنانك .‏

                          تيسير : سيدتي لن أنسى فضلك علي مادمت حيا (( تعلو أصوات الجماهير )) ما العمل الان يا سيدتي ؟ الناس بعضها فوق بعض وبقي لموعد ابتداء العرض ربع ساعة. أرى يا سيدتي أن يبتدئ العرض فهذا ملاحظه له لاملاحظة عليه إذْ ما أجمل أن تكتب الصحف / نتيجة للاقبال المنقطع النظير فقد بدأوا عرض ( متى يحاصر الحصار ) قبل ربع ساعة من الموعد المحدّد له ؟/‏

                          سهير : لن نبدأ حتى يأتي ياسين .‏

                          تيسير : واذا لم يأت ياسيدتي ؟‏

                          سهير : أنا على ثقة بأنه سيأتي لاسباب كثيرة أولها عنوان مسرحيتنا هو عنوان مسرحيته نفسه . ثم لا تَنْسَ انه سيأتي من أجل أن يتأكد بأن المقلب الذي دبرناه له يوم عرضه . هل سيتكرر في هذا العرض ؟‏

                          تيسير : أنت أدرى بذلك ياسيدتي .‏

                          سهير : تيسير . لو كان لك دراية بعلم النفس لعرفت ماللمشاهدة الحسيّة من تأثير على الّرائي .فعندما يرى ياسين هذا الجمهور بأم عينه ستنقل عينه المشهد الى مخّه ...مخّه يحتفظ بالمشهد في تعاريجه ليلاحقه أينما ذهب وأنّى توجه. حتى يَتَعَقَدّ . الق نظرة على الباب الخارجي لعله يكون قد وصل‏

                          تيسير : سيدتي . لقد كلفت ياسر ومحمود وآخرين بمهمة افساح الطريق له . لدى وصوله على كل سأذهب لألقي نظرة عليه (( يخرج ))‏

                          سهير : ان أهنته سابقا بسحب البطاقات.. ومن ثم وجها لوجه. فسأهينه اليوم بهذا الجمهور الذي لا يمكن أن يتصوره بحال من الاحوال .‏

                          تيسير : (( يدخل مسرعا)) لك البشرى ياسيدتي .. ياسين على الباب .‏

                          سهير : ادخله فورا .‏

                          تيسير : سيدتي قد يتدافع المحتشدون ويدخلون عُنْوَةً .‏

                          سهير : أوعز للشرطة باستعمال أشد أنواع العنف لابعادهم . وان لا يسمحوا بادخال غير ياسين مهما كانت صفته الاعتبارية . ثم أوعز لياسر ومحمود أن ينضموا الى صفوف المشجعين لشلهوبه ((تتراجع )) أو اتركهما مع المكلفين بحماية الباب الخارجي‏

                          تيسير : حاضر يا سيدتي (( يخرج ))‏

                          سهير : (( تنظر الى الخارج وتنقل لنا كيفية دخوله)) سأجعلك عبرة لكل العاملين في المسرح تأليفا واخراجا وتمثيلا (هه) بدأت الشرطة تستعمل العنف .. انهم يدفعون الجماهير كقطعان الماشية ( أوه ) ويضربونهم بالعصي أيضا .. (هه) . هاهو ياسين يقترب من الباب . ( ايه .. ايه .. ايه ..) ((تضحك ساخرة )) رائع لقد مزق الجمهور ثيابه في الزحام لَيْتَهُمْ مزقوا جسده بدل ثيابه . الكلب بعد كل ما جرى له من لقوة وشلل ما زال عازما على ارتياد المسرح وكأنَّ شيئا لم يكن (هه ) هاهو قد وصل الى الباب . (لك) أبعدوا الجماهير عنه وادخلوه . (أيوه) يالله (هه) ها قد دخل أخيرا أوف ( تتنفس لترتاح وكأنها هي التي كانت تدفع الجماهير مع الشرطه ) سأدخل وأرصد تحركاته من ثقب الباب ( تدخل من جهة الكواليس )‏

                          ياسين : (( يدخل الى المسرح لاهثا أشعث الشعر ممزق الثياب . يشد ساقه المصابه بشلل بسيط متكئاً على عصاه في حالة يرثى لها يدخل وراءه تيسير ))‏

                          تيسير : (( لياسين متظاهرا بأنه لا يعرفه )) عفوا ياأخي طالما ان وضعك الصحي لا يسمح لك حتى بالخروج من البيت، لم جئت مزاحماً ؟‏

                          ياسين : لم أتوقع وجود مثل هذه الحشود ولو توقعت ذلك ما أتيت .‏

                          تيسير : يظهر أنك مولع بالمسرح .‏

                          ياسين : (( ينظر اليه طويلا ثم يهز رأسه متحسرا وهو يتنهد طويلا )) يعني .‏

                          تيسير : على كل قدومك وعدمه سواء لأنه - مع العذر الشديد - لم يبق في الصاله متسع لأحد حتى وقوفاً‏

                          ياسين ((يفاجأ)) ماذا ؟.. طيب لِمَ فتحتم لي الباب اذا ؟‏

                          تيسير : لا أدرى من الذى فتحه لك . لكن على ما يبدوا أنهم راعوا وضعك الصحي ليس الاّ . ولهذا ... عليك البقاء هنا حتى ينتهي العرض وتتفرق هذه الحشود . عفوا ياأخ أنا مضطر للدخول الى المسرح لأبتدئ العرض .‏

                          ياسين : أوتبدأ العرض قبل موعده بربع ساعة ؟‏

                          تيسير : ماذا أفعل ؟ مضطر ياأخ. ألا ترى هذه الجماهير الغفيرة ؟ عن اذنك (( يدخل من جهة الكواليس ))‏

                          ياسين : (( بعد أن يرتاح قليلا )) حتما لم يعرفني ولو أنه عرفني لوجد لي مكانا أجلس فيه .خجلت أن أعرّفه بنفسي خوفا من أن يفسر ذلك استجداءً مبّطّناً لتأمين مكان لي . لكن كان عليه أن يعرفني لأني لست نكره في هذا المسرح (( ينظر الى ثيابه الممزقه )) أوه .. كيف سأعود الى البيت وأنا بهذه الحاله المزريه ؟ ((يتذكر ما قاله تيسير )) لقد سمعت ذلك الرجل يقول سابتدئ العرض هذا يعني أنه المسؤول عنه (( ينظر من ثقب الباب الى الصالة ثم يصفر متعجبا )) أوف. الله أكبر . حشد غير معقول / غريبٌ ما يجري. عرضٌ لا يوجد به في الصاله أحد (( يعني بذلك عرضه )) وعرض لا يوجد به في الصاله مُتَّسَعٌ لأَحَد؟ ... وضع غير طبيعي . لا يمكن أن يكون وليد الصدفة أبدا . أبدا . لابد من وجود يد خفيه وراء كل ما يجرى. صحيح بأني حُورِبْتُ سابقا كثيرا، لكن هذه المره أشدها وأقواها (( تعلوأصوات من الصاله مختلطة بصفير وتصفيق منتظم كما نسمع في المباريات الرياضية ))....‏

                          (/بص/ شوف/ تيسير بيعمل ايه / ياسين يضع أصبعيه في أذنيه كي لا يسمع هذه الهتافات ) هتافات تطعنني في الصميم لاكُرْهاً أو تحاملا على أحد . لكن من هو هذا التيسير ؟ وكيف ظهر فجأة على الساحة الادبيه والفنيه ؟ "تعلو الهتافات لتيسير" أه..لا يمكنني أن أبقى هنا حتى ينتهي العرض وتتفرّق الحشود. عليّ أن أعود من حيث اتيت ليس حفاظا على سمعتي الادبية والفنية فقط بل حفاظا على أعصابي أيضا ((يحس بالوخزة )) أه ....لقد نصحني حمدى بعدم الحضور . لكني ركبت رأسي وأتيت ( مستدركا) لكن كيف يريد مني أن لا أحضر هذا العرض وعنوان المسرحيه هو عنوان مسرحيتي نفسه ؟.. ( يسمع صوت تيسير وهو يلقي كلمة الافتتاح ينظر ثانية من ثقب الباب إلى المسرح ) ماذا ؟! .. إذاً هذا الرجل الذى كان يكلمني هو المؤلف والمخرج تيسير ؟ انه يلقي كلمة الافتتاح (( ينفعل أكثر )) لالا ..عليك أن تخرج من هنا ياياسين قبل ان يراك أحد وأنت تقف على باب المسرح كالذليل . أريد أن أعرف من جعل من هذا النكرة مؤلفا ومخرجا ؟ من الذى أوجده غصباً ولم يكن من قبل شيئا . من أوجده ؟ . من من ((يخرج مسرعا ))‏

                          سهير : (( تظهر)) أنا الذى أوجدته غصبا عنك ليكون بديلك الأسوأ. وأنا وراءك طالما لديك ومضة تبشر بعطاء. سأنسيه حتى حليب أمه الذى رضعه، على كل لن يفلت من المصيده . فالمكلفون بالباب لن يسمحوا له بالخروج .. سيعود غصبا عنه ليسمع بأذنه ما ستفعله شلهوبه بهذه الجماهير حتى يصاب بانهيار عصبي أو بشلل كامل (هه) ها هو يعود . يعني سيبقى هنا ساعة بحالها، ساعة تعادل عمره كله (( تختبئ ))‏

                          ياسين : (( يدخل حزينا مدحورا )) لقد وقعت يا ياسين بين فكي كماشه . ها أنت بَيْنَ بَيْنْ ليس بامكانك الخروج ولا بمقدورك الدخول ( لَهْ ياياسين لَهْ ) أَبَعْدَ كلّ الذى قدمته للأدب والفن من خدمات جلىّ . لم تجد مكانا لتحضر عرضا مسرحيا ولا حتى واقفا ؟... ((يتحشرج وتعود لذاكرته كلمات ساميه ( من يدرى بك ياياسين ؟ أقرأت أم لم تقرأ .. أألفت أم لم تؤلف)) أجل يا ساميه . لا أحد يدرى بي .. لا أحد . وأنا الآن في موقع لا أُحْسَدُ عليه (يغص بالدمعه) تعلو أصوات الجماهير مشجعة شلهوبة (بص/شوف/. شلهوبه بتعمل ايه ) .‏

                          شلهوبه؟!! ...كيف تكون شلهوبه بطلة عرض مسرحي كيف ؟..أصلا ما علاقتها بالمسرح ؟ هذه العاهره . عارضة ( السربتيز ) التي لا تعرف من الحياة سوى اصطياد السكارى وزوار الليل كم وكم ضبطها الأمن الجنائي في مواقف لا أخلاقيه كيف صارت بطلة مسرحيه كيف ؟ أكاد أجن ياناس ((ينظر من ثقب الباب )) يا الهي إنها شبه عاريه .. شبه عارية في المسرح ( تعلو تأوهاتها الماجنه مع الموسيقا أوه .. أوه ) ورْصاص . ياسين .. عليك أن تخرج من هنا مهما كلّفك ذلك من ثمن حتى لو اصطدمت مع الشرطه وذلك اسهل من أن تسمع هذه المهازل وهذا السقوط الذريع للمسرح (( يحاول الخروج لكنه يتوقف )) لكن لِمَ تنسحب ياياسين ؟ أتنسحب وتترك المسرح لشلهوبه وأمثالها ؟ لا..الأَْوْلى لك أن تُسْمِعَ صوت احتجاجك للناس ((ينفعل شيئا فشيئا)) هذه المساخر لا يمكن السكوت عنها . السكوت عنها يعني مشاركة فيها . عليك أن تقف في وجه هذا السقوط الذريع . في وجه هذه المهازل ( يعلو صوته أكثر فأكثر ) هذه مهازل ياناس هذه سخافات هذا سقوط ذريع للمسرح نحو الحضيض . (( يضرب بيده باب الصاله بشده )) ارفضوا هذه المهازل ياناس ، ارفضوا هذه المهازل (( يمزق اللافته المعلقة على باب الصالة )) سخافات . مهازل ياناس هذا تضليل لعقولكم (( يضرب ثانية على باب الصاله )) هذه محاوله لابعادكم عن الطريق الذى يجب أن تسلكوه . ومحاوله لا بعادكم عن الهدف الذى يجب أن تعملوا من أجله اسمعوني ياناس. اسمعوني ياناس . هذه مهازل ياناس .. ياناس .. ياناس مهازل. مهازل . مهازل (( يخرج الى الجماهير المحتشده على الباب الخارجي صارخا )) مهازل ياناس .. مهازل ياناس .. ياناس مهازل .‏

                          سهير : (( تظهر )) رائع هذا الانفعال هو بداية انهيار عصبي‏

                          مرافق : (( يظهر )) هل أَتَدَخّل يا سيدتي ؟‏

                          سهير : لا . لم يَحِنْ دورك بعد . تَدَخَّل إذا تَدَخَّلتِ الشرطه .‏

                          شرطي : (( يظهر)) من الذى كان يصرخ ويضرب الباب ؟...‏

                          المرافق : (( بعد أن تغمزه سهير ليتدخل )) (( يتصنع الالم ويضع يده على رأسه مُدَّعِياً أن ياسين قد ضربه بعصاه )) أخ رأسي أخ ياسيدى هذا الرجل الذى هناك (( يشير الى ياسين )) هو الذى كان يضرب الباب . لقد ضربني ياسيدى على رأسي بعصاه . انه مجنون ياسيدى .‏

                          الشرطي : مجنون ؟!؟...‏

                          المرافق : نعم يا سيدى . ولقد مزق اللافته أيضا أنظر ((يُشير الى اللافته )) ثم انظر يا سيدى الى ثيابه أهذه ثياب تليق برجل أتى لحضور عرض مسرحي ؟ .. لست أدرى يا سيدى كيف تسلل الى هنا . أخ يا رأسي أخ .. أرجو منك يا سيدي ان توقفه عند حده حفاظا على سمعة العرض (( يعلو صوت ياسين في محاولة منه لإسماع صوته للناس )) اسكته يا سيدى أرجوك ((يحاول اللحاق به فيستوقفه )) لكن يا سيدى انصحك بأن لا تقترب منه خوفا من أن يضربك يا سيدى . انه وحشٌ بصورة انسان . بادِرْهُ أنت بِضَرْبَةٍ يغيب منها عن الوعي يا سيدى ثم اقبض عليه واخرجه من هنا . (( يخرج الشرطي مسرعا تنتصب سهير أمام مرافقها)) اتبعه واضرب ياسين بكل قواك .‏

                          المرافق : حاضر يا سيدتي (( يخرج ))‏

                          سهير : ((لوحدها )) سأذيقه من الذل ما استطعت (( تنقل لنا ما يحدث لياسين في الخارج )) أيوه . عظيم . يا سلام . يا سلام على هذه الضربه الرائعه على رأسه . اضربه مثلها ضربة أقوى اضربه على مخه (( يعلو صوت ياسين مستغيثا )) / لك / اضربه ضربة في المقتل . لا تدعه يفلت منك . (( وكأنه ضُرِب ياسين في المكان الذى تُريد )). ( أيوه ) . إضربْه أقوى .. أقوى .. اوه ..انه يهرب منهم الى هنا (( تختبئ))‏

                          ياسين : (( يدخل مستغيثا والمرافق يتبعه ومن ورائه الشرطي. المرافق يضربه بلا رحمه )) اسمعوني ياناس أرجوكم .. أنا ياسين الكاتب مؤلف ومخرج العرض المسرحي السابق .‏

                          المرافق : الكلب يدعي بأنه مؤلف ومخرج .......... أيها الحقير السافل (( يظل يضربه حتى يخفت صوت ياسين شيئا فشيئا ثم يسقط على الارض وقد أغمي عليه. الشرطي يبعد المرافق عن ياسين ويمنعه من ضربه ))‏

                          الشرطي : يا رجل لماذا تضربه بهذه الوحشيه‏

                          المرافق: لقد ضربني يا سيدى ضربا مبرحا ( أخ ) كل الضربات التي تَلَقّاها مني يا سيدى لا تعادل ضربة واحده من الضربات التي تلقّيْتُها منه دعني أقتص منه يا سيدى (( يخطف العصا من يد الشرطي في غفلة منه ويرفعها ليهوى بها على رأس ياسين يحاول الشرطي منعه من ضربه في هذه اللحظه يدخل حمدى فيجد المرافق يرفع العصا لضرب ياسين يهرع نحوه ويأخذ العصا من يده ))‏

                          حمدى : يا كافر . لِمَ تضرب هذا الرجل ؟أه ؟.. انه مؤلف ومخرج مسرحية (متى يحاصر الحصار)السابقه .‏

                          الشرطي :(( يفاجأ)) نعم ؟ لقد قال لنا هذا الرجل انه مجنون .‏

                          حمدى : أهذا مجنون يا عدو الله ؟.. (( يجلس القرفصاء بجانب ياسين ليطمئن عنه ))‏

                          الشرطي : سأتصل بالمستشفى لا سعافه (( يخرج مسرعا والمرافق فورا يلف بيده القويه عنق حمدي ثم يكمم فمه ويضربه على رأسه وكتفه ضربات متلاحقه بالعصا التي أخذها حمدي منه حتى يغيب عن الوعي تظهر سهير ومعها مُرافقان آخران ))‏

                          سهير : تَوَلّوا أَمْرَهُما . ابعدوهما عن هذا المكان بأقصى سرعة قبل قدوم الشرطه أخرجوهما من باب الممثلين . أنا سأغادر المكان فورا ((تحاول الخروج ))‏

                          المرافق : سيدتي سهير . أين سنذهب بهما .؟.‏

                          سهير : (لكْ) الى جهنم . الى أى مكان . هيا لا وقت للكلام . (( تخرج مسرعة . يحمل المرافقان حمدى وياسين ويتبعهما الثالث . بعد خروجهم يدخل الشرطي فلا يجد أحدا يفاجأ ويقوم بحركة تشير الى انه لا يدري شيئا عمّا حدث ثم يخرج مسرعاً بينما تأوهات شلهوبه تصدح عاليا والجمهور يشاركها وكأن الجميع سكارى.))...
                          إذا الشعب يوما أراد الحياة
                          فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                          و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                          و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                          Comment


                          • #14
                            رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                            المشـــهد الــسادس

                            [ المشهد السابق نفسه . العرض لتيسير . لافتة كبيرة تملأ باب الصالة مكتوب عليها شاهدوا مسرحية ( متى يحاصر الحصار؟ ]‏

                            تأليف واخراج الفنان القدير تيسير وبطولة الفنانة الدلوعة شلهوبه . أصوات جماهير غفيره تصدر من داخل صالة المسرح. تستمر الاصوات طيلة المشهد . وتعلو حينا وتنخفض حينا آخر )‏

                            سهير : تيسير‏

                            تيسير : (( والغليون في فمه ويكاد حرف السّين يُلْفَظ شيناً مع بعض السعال الطفيف بين الحين والاخر لانه تعلم التدخين حديثا )) نعم ياسيدتي ؟...‏

                            سهير : وَعَلَيَّ أيضا يا تيسير ؟.‎!!.‏

                            تيسير : ( يفهم قصدها فيرفع الغليون من فمه ) عفوا يا سيدتي . فما أفعله كان بناء على طلبك وبخاصة ونحن الان في مبنى المسرح‏

                            سهير : "تضحك" خذ حريتك (( يعيد الغليون الى فمه )) هل من جديد عن ياسين بعد شفائه من اللقوة واصابته بشلل في ساقه‏

                            تيسير : لا ياسيدتي . لا جديد غير ذلك، سوى أن شلله قد خف بعض الشئ (( يعلو صوت الجمهور ))‏

                            سهير : ما رأيك بهذه النتائج ؟..‏

                            تيسير : مذهلة يا سيدتي. اقبال منقطع النظير لم يشهده المسرح منذ تأسيسه . لم يعد في المسرح مُتّسعٌ لأحد حتى وقوفا . فعلاً للإعلان دور لا يستهان به. وممّا زاد في عدد الحضور أيضا هو أن عنوان مسرحيتنا عنوان مسرحية ياسين تفسه. ناهيك عن أن العرض مجاني ياسيدتي .‏

                            سهير : (( ابتسامة )) ما ذكرته يا تيسير بكفة والذي لم تذكره بكفة وهو الاهم . أنسيت الرصيد الجماهيرى للفنانة شلهوبة ؟ انظر (( تشير الى اللافتة المعلقة )) هذا الاسم المكتوب بلون يخطف الابصار ((شلهوبه )) هو الذي جلب لنا أكثر من 90 ./. من الحضور ولهذا طلبت منك أن تجعل من المسرحية نصًّا استعراضياً بطلته شلهوبه وأكثر عناصره راقصات (( ستربتيز ))‏

                            تيسير : سيدتي بأية طريقة أستطيع أن أعبر لك عن مدى اعجابي بك ياسيدتي ؟‏

                            سهير : اعجابك بي هو أن تنفذ حرفيا كل ما أطلبه منك وكفى (( تعلو ضجة الجماهير في الصالة ))‏

                            تيسير : سيدتي ألا تتوقعين بأنّنا أخطأنا حين جعلنا الدعوة عامة ؟‏

                            سهير : ما تدعوه خطأً هو الصواب بعينه . فما توصلنا اليه هو ما كنت أخطط له . ألم تغلقوا الابواب المؤديه الى المسرح ؟..‏

                            تيسير : (هُوْ هُوْ) منذ أكثر من عشر دقائق ياسيدتي . لأن آلافاً تحيط بالمبنى من جهاته كلها مما شل حركة السير في كل الطرق المؤدية الى المسرح .حتى هذا الباب ياسيدتي ((مشيرا الى باب صالة المسرح )) أقفلناه خوفا من أن يتسرب بعض الشباب المتهورين الذين يتسلقون جدران المسرح العاليه ليدخلوا غير مبالين بما قد يعترضهم من مخاطر .‏

                            سهير : هؤلاء الشباب الذين تتحدث عنهم ياتيسير أكبر دليل على أن أكثر الحضور لم يأت الاّمن أجل شلهوبه . اضحك في ( عّبك) فكل ما يجرى لصالحك . لقد لمع اسمك في سماء الفن بدون سابق انذار . غداً ستسلط الأضواء عليك . وسيتناقل اسمك الناس وستغدو بعد فترة وجيزة علماً من أعلام الادب والمسرح .‏

                            تيسير: أويعقل ذلك ياسيدتي ؟!.‏

                            سهير : ولم لا ؟.. أكثر الذين وصلوا ليسوا أكفأ منك نعم . فمنهم من ساعده مكان عمله فاستغله للوصول ومنهم من ساعده ماله ومنهم من ساعدته الظروف ومنهم من ساعدته أشياء أخرى (( تشير الى حركة تقصد بها النساء )) (( تقترب منه هامسة )) وهذه شلهوبه طوع بنانك .‏

                            تيسير : سيدتي لن أنسى فضلك علي مادمت حيا (( تعلو أصوات الجماهير )) ما العمل الان يا سيدتي ؟ الناس بعضها فوق بعض وبقي لموعد ابتداء العرض ربع ساعة. أرى يا سيدتي أن يبتدئ العرض فهذا ملاحظه له لاملاحظة عليه إذْ ما أجمل أن تكتب الصحف / نتيجة للاقبال المنقطع النظير فقد بدأوا عرض ( متى يحاصر الحصار ) قبل ربع ساعة من الموعد المحدّد له ؟/‏

                            سهير : لن نبدأ حتى يأتي ياسين .‏

                            تيسير : واذا لم يأت ياسيدتي ؟‏

                            سهير : أنا على ثقة بأنه سيأتي لاسباب كثيرة أولها عنوان مسرحيتنا هو عنوان مسرحيته نفسه . ثم لا تَنْسَ انه سيأتي من أجل أن يتأكد بأن المقلب الذي دبرناه له يوم عرضه . هل سيتكرر في هذا العرض ؟‏

                            تيسير : أنت أدرى بذلك ياسيدتي .‏

                            سهير : تيسير . لو كان لك دراية بعلم النفس لعرفت ماللمشاهدة الحسيّة من تأثير على الّرائي .فعندما يرى ياسين هذا الجمهور بأم عينه ستنقل عينه المشهد الى مخّه ...مخّه يحتفظ بالمشهد في تعاريجه ليلاحقه أينما ذهب وأنّى توجه. حتى يَتَعَقَدّ . الق نظرة على الباب الخارجي لعله يكون قد وصل‏

                            تيسير : سيدتي . لقد كلفت ياسر ومحمود وآخرين بمهمة افساح الطريق له . لدى وصوله على كل سأذهب لألقي نظرة عليه (( يخرج ))‏

                            سهير : ان أهنته سابقا بسحب البطاقات.. ومن ثم وجها لوجه. فسأهينه اليوم بهذا الجمهور الذي لا يمكن أن يتصوره بحال من الاحوال .‏

                            تيسير : (( يدخل مسرعا)) لك البشرى ياسيدتي .. ياسين على الباب .‏

                            سهير : ادخله فورا .‏

                            تيسير : سيدتي قد يتدافع المحتشدون ويدخلون عُنْوَةً .‏

                            سهير : أوعز للشرطة باستعمال أشد أنواع العنف لابعادهم . وان لا يسمحوا بادخال غير ياسين مهما كانت صفته الاعتبارية . ثم أوعز لياسر ومحمود أن ينضموا الى صفوف المشجعين لشلهوبه ((تتراجع )) أو اتركهما مع المكلفين بحماية الباب الخارجي‏

                            تيسير : حاضر يا سيدتي (( يخرج ))‏

                            سهير : (( تنظر الى الخارج وتنقل لنا كيفية دخوله)) سأجعلك عبرة لكل العاملين في المسرح تأليفا واخراجا وتمثيلا (هه) بدأت الشرطة تستعمل العنف .. انهم يدفعون الجماهير كقطعان الماشية ( أوه ) ويضربونهم بالعصي أيضا .. (هه) . هاهو ياسين يقترب من الباب . ( ايه .. ايه .. ايه ..) ((تضحك ساخرة )) رائع لقد مزق الجمهور ثيابه في الزحام لَيْتَهُمْ مزقوا جسده بدل ثيابه . الكلب بعد كل ما جرى له من لقوة وشلل ما زال عازما على ارتياد المسرح وكأنَّ شيئا لم يكن (هه ) هاهو قد وصل الى الباب . (لك) أبعدوا الجماهير عنه وادخلوه . (أيوه) يالله (هه) ها قد دخل أخيرا أوف ( تتنفس لترتاح وكأنها هي التي كانت تدفع الجماهير مع الشرطه ) سأدخل وأرصد تحركاته من ثقب الباب ( تدخل من جهة الكواليس )‏

                            ياسين : (( يدخل الى المسرح لاهثا أشعث الشعر ممزق الثياب . يشد ساقه المصابه بشلل بسيط متكئاً على عصاه في حالة يرثى لها يدخل وراءه تيسير ))‏

                            تيسير : (( لياسين متظاهرا بأنه لا يعرفه )) عفوا ياأخي طالما ان وضعك الصحي لا يسمح لك حتى بالخروج من البيت، لم جئت مزاحماً ؟‏

                            ياسين : لم أتوقع وجود مثل هذه الحشود ولو توقعت ذلك ما أتيت .‏

                            تيسير : يظهر أنك مولع بالمسرح .‏

                            ياسين : (( ينظر اليه طويلا ثم يهز رأسه متحسرا وهو يتنهد طويلا )) يعني .‏

                            تيسير : على كل قدومك وعدمه سواء لأنه - مع العذر الشديد - لم يبق في الصاله متسع لأحد حتى وقوفاً‏

                            ياسين ((يفاجأ)) ماذا ؟.. طيب لِمَ فتحتم لي الباب اذا ؟‏

                            تيسير : لا أدرى من الذى فتحه لك . لكن على ما يبدوا أنهم راعوا وضعك الصحي ليس الاّ . ولهذا ... عليك البقاء هنا حتى ينتهي العرض وتتفرق هذه الحشود . عفوا ياأخ أنا مضطر للدخول الى المسرح لأبتدئ العرض .‏

                            ياسين : أوتبدأ العرض قبل موعده بربع ساعة ؟‏

                            تيسير : ماذا أفعل ؟ مضطر ياأخ. ألا ترى هذه الجماهير الغفيرة ؟ عن اذنك (( يدخل من جهة الكواليس ))‏

                            ياسين : (( بعد أن يرتاح قليلا )) حتما لم يعرفني ولو أنه عرفني لوجد لي مكانا أجلس فيه .خجلت أن أعرّفه بنفسي خوفا من أن يفسر ذلك استجداءً مبّطّناً لتأمين مكان لي . لكن كان عليه أن يعرفني لأني لست نكره في هذا المسرح (( ينظر الى ثيابه الممزقه )) أوه .. كيف سأعود الى البيت وأنا بهذه الحاله المزريه ؟ ((يتذكر ما قاله تيسير )) لقد سمعت ذلك الرجل يقول سابتدئ العرض هذا يعني أنه المسؤول عنه (( ينظر من ثقب الباب الى الصالة ثم يصفر متعجبا )) أوف. الله أكبر . حشد غير معقول / غريبٌ ما يجري. عرضٌ لا يوجد به في الصاله أحد (( يعني بذلك عرضه )) وعرض لا يوجد به في الصاله مُتَّسَعٌ لأَحَد؟ ... وضع غير طبيعي . لا يمكن أن يكون وليد الصدفة أبدا . أبدا . لابد من وجود يد خفيه وراء كل ما يجرى. صحيح بأني حُورِبْتُ سابقا كثيرا، لكن هذه المره أشدها وأقواها (( تعلوأصوات من الصاله مختلطة بصفير وتصفيق منتظم كما نسمع في المباريات الرياضية ))....‏

                            (/بص/ شوف/ تيسير بيعمل ايه / ياسين يضع أصبعيه في أذنيه كي لا يسمع هذه الهتافات ) هتافات تطعنني في الصميم لاكُرْهاً أو تحاملا على أحد . لكن من هو هذا التيسير ؟ وكيف ظهر فجأة على الساحة الادبيه والفنيه ؟ "تعلو الهتافات لتيسير" أه..لا يمكنني أن أبقى هنا حتى ينتهي العرض وتتفرّق الحشود. عليّ أن أعود من حيث اتيت ليس حفاظا على سمعتي الادبية والفنية فقط بل حفاظا على أعصابي أيضا ((يحس بالوخزة )) أه ....لقد نصحني حمدى بعدم الحضور . لكني ركبت رأسي وأتيت ( مستدركا) لكن كيف يريد مني أن لا أحضر هذا العرض وعنوان المسرحيه هو عنوان مسرحيتي نفسه ؟.. ( يسمع صوت تيسير وهو يلقي كلمة الافتتاح ينظر ثانية من ثقب الباب إلى المسرح ) ماذا ؟! .. إذاً هذا الرجل الذى كان يكلمني هو المؤلف والمخرج تيسير ؟ انه يلقي كلمة الافتتاح (( ينفعل أكثر )) لالا ..عليك أن تخرج من هنا ياياسين قبل ان يراك أحد وأنت تقف على باب المسرح كالذليل . أريد أن أعرف من جعل من هذا النكرة مؤلفا ومخرجا ؟ من الذى أوجده غصباً ولم يكن من قبل شيئا . من أوجده ؟ . من من ((يخرج مسرعا ))‏

                            سهير : (( تظهر)) أنا الذى أوجدته غصبا عنك ليكون بديلك الأسوأ. وأنا وراءك طالما لديك ومضة تبشر بعطاء. سأنسيه حتى حليب أمه الذى رضعه، على كل لن يفلت من المصيده . فالمكلفون بالباب لن يسمحوا له بالخروج .. سيعود غصبا عنه ليسمع بأذنه ما ستفعله شلهوبه بهذه الجماهير حتى يصاب بانهيار عصبي أو بشلل كامل (هه) ها هو يعود . يعني سيبقى هنا ساعة بحالها، ساعة تعادل عمره كله (( تختبئ ))‏

                            ياسين : (( يدخل حزينا مدحورا )) لقد وقعت يا ياسين بين فكي كماشه . ها أنت بَيْنَ بَيْنْ ليس بامكانك الخروج ولا بمقدورك الدخول ( لَهْ ياياسين لَهْ ) أَبَعْدَ كلّ الذى قدمته للأدب والفن من خدمات جلىّ . لم تجد مكانا لتحضر عرضا مسرحيا ولا حتى واقفا ؟... ((يتحشرج وتعود لذاكرته كلمات ساميه ( من يدرى بك ياياسين ؟ أقرأت أم لم تقرأ .. أألفت أم لم تؤلف)) أجل يا ساميه . لا أحد يدرى بي .. لا أحد . وأنا الآن في موقع لا أُحْسَدُ عليه (يغص بالدمعه) تعلو أصوات الجماهير مشجعة شلهوبة (بص/شوف/. شلهوبه بتعمل ايه ) .‏

                            شلهوبه؟!! ...كيف تكون شلهوبه بطلة عرض مسرحي كيف ؟..أصلا ما علاقتها بالمسرح ؟ هذه العاهره . عارضة ( السربتيز ) التي لا تعرف من الحياة سوى اصطياد السكارى وزوار الليل كم وكم ضبطها الأمن الجنائي في مواقف لا أخلاقيه كيف صارت بطلة مسرحيه كيف ؟ أكاد أجن ياناس ((ينظر من ثقب الباب )) يا الهي إنها شبه عاريه .. شبه عارية في المسرح ( تعلو تأوهاتها الماجنه مع الموسيقا أوه .. أوه ) ورْصاص . ياسين .. عليك أن تخرج من هنا مهما كلّفك ذلك من ثمن حتى لو اصطدمت مع الشرطه وذلك اسهل من أن تسمع هذه المهازل وهذا السقوط الذريع للمسرح (( يحاول الخروج لكنه يتوقف )) لكن لِمَ تنسحب ياياسين ؟ أتنسحب وتترك المسرح لشلهوبه وأمثالها ؟ لا..الأَْوْلى لك أن تُسْمِعَ صوت احتجاجك للناس ((ينفعل شيئا فشيئا)) هذه المساخر لا يمكن السكوت عنها . السكوت عنها يعني مشاركة فيها . عليك أن تقف في وجه هذا السقوط الذريع . في وجه هذه المهازل ( يعلو صوته أكثر فأكثر ) هذه مهازل ياناس هذه سخافات هذا سقوط ذريع للمسرح نحو الحضيض . (( يضرب بيده باب الصاله بشده )) ارفضوا هذه المهازل ياناس ، ارفضوا هذه المهازل (( يمزق اللافته المعلقة على باب الصالة )) سخافات . مهازل ياناس هذا تضليل لعقولكم (( يضرب ثانية على باب الصاله )) هذه محاوله لابعادكم عن الطريق الذى يجب أن تسلكوه . ومحاوله لا بعادكم عن الهدف الذى يجب أن تعملوا من أجله اسمعوني ياناس. اسمعوني ياناس . هذه مهازل ياناس .. ياناس .. ياناس مهازل. مهازل . مهازل (( يخرج الى الجماهير المحتشده على الباب الخارجي صارخا )) مهازل ياناس .. مهازل ياناس .. ياناس مهازل .‏

                            سهير : (( تظهر )) رائع هذا الانفعال هو بداية انهيار عصبي‏

                            مرافق : (( يظهر )) هل أَتَدَخّل يا سيدتي ؟‏

                            سهير : لا . لم يَحِنْ دورك بعد . تَدَخَّل إذا تَدَخَّلتِ الشرطه .‏

                            شرطي : (( يظهر)) من الذى كان يصرخ ويضرب الباب ؟...‏

                            المرافق : (( بعد أن تغمزه سهير ليتدخل )) (( يتصنع الالم ويضع يده على رأسه مُدَّعِياً أن ياسين قد ضربه بعصاه )) أخ رأسي أخ ياسيدى هذا الرجل الذى هناك (( يشير الى ياسين )) هو الذى كان يضرب الباب . لقد ضربني ياسيدى على رأسي بعصاه . انه مجنون ياسيدى .‏

                            الشرطي : مجنون ؟!؟...‏

                            المرافق : نعم يا سيدى . ولقد مزق اللافته أيضا أنظر ((يُشير الى اللافته )) ثم انظر يا سيدى الى ثيابه أهذه ثياب تليق برجل أتى لحضور عرض مسرحي ؟ .. لست أدرى يا سيدى كيف تسلل الى هنا . أخ يا رأسي أخ .. أرجو منك يا سيدي ان توقفه عند حده حفاظا على سمعة العرض (( يعلو صوت ياسين في محاولة منه لإسماع صوته للناس )) اسكته يا سيدى أرجوك ((يحاول اللحاق به فيستوقفه )) لكن يا سيدى انصحك بأن لا تقترب منه خوفا من أن يضربك يا سيدى . انه وحشٌ بصورة انسان . بادِرْهُ أنت بِضَرْبَةٍ يغيب منها عن الوعي يا سيدى ثم اقبض عليه واخرجه من هنا . (( يخرج الشرطي مسرعا تنتصب سهير أمام مرافقها)) اتبعه واضرب ياسين بكل قواك .‏

                            المرافق : حاضر يا سيدتي (( يخرج ))‏

                            سهير : ((لوحدها )) سأذيقه من الذل ما استطعت (( تنقل لنا ما يحدث لياسين في الخارج )) أيوه . عظيم . يا سلام . يا سلام على هذه الضربه الرائعه على رأسه . اضربه مثلها ضربة أقوى اضربه على مخه (( يعلو صوت ياسين مستغيثا )) / لك / اضربه ضربة في المقتل . لا تدعه يفلت منك . (( وكأنه ضُرِب ياسين في المكان الذى تُريد )). ( أيوه ) . إضربْه أقوى .. أقوى .. اوه ..انه يهرب منهم الى هنا (( تختبئ))‏

                            ياسين : (( يدخل مستغيثا والمرافق يتبعه ومن ورائه الشرطي. المرافق يضربه بلا رحمه )) اسمعوني ياناس أرجوكم .. أنا ياسين الكاتب مؤلف ومخرج العرض المسرحي السابق .‏

                            المرافق : الكلب يدعي بأنه مؤلف ومخرج .......... أيها الحقير السافل (( يظل يضربه حتى يخفت صوت ياسين شيئا فشيئا ثم يسقط على الارض وقد أغمي عليه. الشرطي يبعد المرافق عن ياسين ويمنعه من ضربه ))‏

                            الشرطي : يا رجل لماذا تضربه بهذه الوحشيه‏

                            المرافق: لقد ضربني يا سيدى ضربا مبرحا ( أخ ) كل الضربات التي تَلَقّاها مني يا سيدى لا تعادل ضربة واحده من الضربات التي تلقّيْتُها منه دعني أقتص منه يا سيدى (( يخطف العصا من يد الشرطي في غفلة منه ويرفعها ليهوى بها على رأس ياسين يحاول الشرطي منعه من ضربه في هذه اللحظه يدخل حمدى فيجد المرافق يرفع العصا لضرب ياسين يهرع نحوه ويأخذ العصا من يده ))‏

                            حمدى : يا كافر . لِمَ تضرب هذا الرجل ؟أه ؟.. انه مؤلف ومخرج مسرحية (متى يحاصر الحصار)السابقه .‏

                            الشرطي :(( يفاجأ)) نعم ؟ لقد قال لنا هذا الرجل انه مجنون .‏

                            حمدى : أهذا مجنون يا عدو الله ؟.. (( يجلس القرفصاء بجانب ياسين ليطمئن عنه ))‏

                            الشرطي : سأتصل بالمستشفى لا سعافه (( يخرج مسرعا والمرافق فورا يلف بيده القويه عنق حمدي ثم يكمم فمه ويضربه على رأسه وكتفه ضربات متلاحقه بالعصا التي أخذها حمدي منه حتى يغيب عن الوعي تظهر سهير ومعها مُرافقان آخران ))‏

                            سهير : تَوَلّوا أَمْرَهُما . ابعدوهما عن هذا المكان بأقصى سرعة قبل قدوم الشرطه أخرجوهما من باب الممثلين . أنا سأغادر المكان فورا ((تحاول الخروج ))‏

                            المرافق : سيدتي سهير . أين سنذهب بهما .؟.‏

                            سهير : (لكْ) الى جهنم . الى أى مكان . هيا لا وقت للكلام . (( تخرج مسرعة . يحمل المرافقان حمدى وياسين ويتبعهما الثالث . بعد خروجهم يدخل الشرطي فلا يجد أحدا يفاجأ ويقوم بحركة تشير الى انه لا يدري شيئا عمّا حدث ثم يخرج مسرعاً بينما تأوهات شلهوبه تصدح عاليا والجمهور يشاركها وكأن الجميع سكارى.))...
                            إذا الشعب يوما أراد الحياة
                            فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                            و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                            و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                            Comment


                            • #15
                              رد: مسرح : متى يحاصرالحصار؟

                              المشــهد الــسابع

                              [ بيت ياسين كما في المشهد الاول ياسين على الفراش وعلى جبينه عصبة وقد عاد اليه مرض اللقوة. يدخل حمدي مسرعا رابطا يده الى عنقه ]‏

                              حمدي : صباح الخير‏

                              سامية : أهلا استاذ حمدي‏

                              حمدي : طمئنيني عن الاستاذ ياسين ....‏

                              سامية : طمئناعنك أنت. لقد سمعت منه بعض ما جرى لك‏

                              حمدي : بسيطة ، رضٌّ في مرفقي لا أكثر . المهم صحة الاستاذ ياسين ماذا قال لك الطبيب ؟‏

                              سامية ؟ لم يقل شيئا لكن بعد الحاحي في السؤال عليه قال انه مصاب بلقوة حادة ويخشى من شلل نصفي وأعطاني هذه الوصفة الطبية‏

                              حمدي : لا سمح الله . وهل أحضرتها له ؟‏

                              سامية : نعم أحضرها ابني سلام وكان يعطي والده الدواء بانتظام طيلة الليل ومنذ دقائق غلبه النعاس فنام ((تتابع حديثها مستغربة مستنكرة )) تصور يا أستاذ حمدي حتى وهو على هذا الحال ما زال متعلقا بالكتب والمكتبة بين كل حين وحين لا أسمع منه سوى (الكتب . المكتبة . الكتب . المكتبة ) وكأنه لم يعد في هذا العالم شئ سوى الكتب والمكتبة كم مرة قلت له ياياسين يا عيني . يا قلبي . يا روحي بِعْ هذه الكتب وبثمنها نستطيع تحسين وضعنا المعاشي قليلاً لكنه لم يستمع لكلامي حتى حصل ما حصل .‏

                              حمدي : ياأخت سامية لقد كان يشكو لي مما كنت تطلبين منه. يعني أَبَعْدَ كل هذا التحصيل الثقافي تطلبين منه أن يبيع الكتب ؟ وأن يعمل نجار باطون وما شاكل ذلك ؟ طلبك هذا ياأخت سامية ضرب من المستحيل وبيع الكتب ليس حلا لمشكلة .‏

                              سامية : يعني ما وصلنا اليه برأيك هو حل لمشكلة ؟....‏

                              حمدي : لا هذا ولا ذاك . على كلٍّ، الوقت غير مناسب للخوض في هذا الموضوع ياأخت سامية ليست الكتب هي التي أوصلنا الى ما نحن عليه . الذي أوصلنا الى ما نحن عليه هي هذه الأيادي الخفية التي يجب أن نَجِدَّ في البحث عنها لبترها لأَِنِهّا ان بقيت تعمل في الخفاء فهناك الكثيرون امثال الاستاذ ياسين سَيُعانون كما عانى وسَيحاصرون كما حُوْصِر .‏

                              سامية : ألم تتوصلوا الى نتيجة ما ؟‏

                              حمدي : والله ياأخت سامية كل واحد كان يتصور احتمالاً. لكني شخصياً أأكد بأن وراء كل ما جرى أيادٍ تستغلها امرأة بشكل او بآخر‏

                              سامية : أمرأة ؟.....وماأدراك......‏

                              حمدي: البارحة بعد ان ضُرِبْتُ . وأنا على باب الصالة سمعت وأنا بين الصحوة والغيبوبة أحد المتعاونين مع هذه المرأة يناديها باسم / سهير / فأَمَرَتْه أن يتولى أمر ابعادنا‏

                              سامية : ألم تبلغ الشرطة بذلك ؟‏

                              حمدي : طبعا ياأخت سامية لقد كَتَبَت الشرطة افادتي . والاستاذ ماهر معها يتابع الموضوع طيلة الليل. على كلٍّ لقد اتصلتُ به قبل قدومي الى هنا ووعدته أن نلتقي عندكم وعندما يأتي سنعرف منه فور وصوله آخر الاخبار‏

                              ياسين : (( يئن من الألم. حمدي وسامية يهرعان نحوه ويتزامن ذلك مع دخول ماهر ))‏

                              (ياسين) يستيقظ ويسأل حمدي بصعوبة بالغة (وفمه مائل من اللقوة) كيف حالك ياحمدي ؟‏

                              حمدي : كيف حالك أنت ؟‏

                              ياسين : (( يلحظ وجود ماهر )) ماهر أخبرنا ماذا جرى معك؟‏

                              ماهر : طمئنا عن حالك أولا ياأستاذ .‏

                              ياسين : ( متألما ) بخير والحمد الله . ماذا جرى معك ؟‏

                              ماهر : والله ياأستاذ ياسين طُفْتُ مع الشرطة مساء البارحة أكثر أحياء المدينة نعرض أوصاف هذه المرأة لكل من نراه الى أن سألنا / وبطريق الصدفة / شابا كان يعرفها فَدَلّنا على بيتها وأكدّ لنا أن رجلا اسمه تيسير كان يزورها دائما وقد دعاهم الى حضور حفل له من تأليفه واخراجه .‏

                              سامية : ليقبضوا عليها وليلعنوا ( أبو أبوها )‏

                              ماهر : أحاطت الشرطة ببيتها وعندما لم يفتح الباب لهم احد دخلوه عُنوة لكنهم لم يجدوا في البيت أحدا‏

                              سامية : لِمَ لَمْ ينتظروها حتى تعود؟‏

                              ماهر : ياأخت سامية قلت لك ان ما يخطر على ذهنك بهذه العُجالة لا يغيب عن ذهن الشرطة لأن ذلك من اختصاصها والشرطة ما زالت تحيط ببيتها تساعدها في ذلك الجهات الامنية الاخرى لأن أمر هذه المرأة صار يهمها أكثر واكثر . اذ بعد أن دخلوا بيتها عثروا فيه _ اضافة الى صورها وصور بعض مساعديها- على بعض الأشياء الخطرة التي لها مساس بالأمن ويظهر أنها قبل هربها لم تستطع أخذ كل ما يتعلق بها‏

                              سامية : الى أين ستهرب ؟ .. أألى جهنم وبئس المصير ؟. ليضربوا حصارا حول المدينة كلها.‏

                              ماهر : الجهات الامنية تتوقع أنها غادرت المدينة . على كل لقد أرسلوا صورها الى الحدود كلها وَرَصَدُوا مكافأة مالية لكل من يقبض عليها او يساعد في القبض عليها.‏

                              ياسين : ( بصعوبة بالغة ) وماذا عن تيسير .؟..‏

                              سامية : (( مُعَقّبةً )) الله لا ييسر له أمر .‏

                              ماهر : أيضا لم يجدوه في البيت يااستاذ ياسين فنصبوا حول بيته كميناً .‏

                              سامية : يعني ( نقص ملح وذابوا ؟) هل اختفوا تحت الارض؟‏

                              حمدي : وهذه الساقطة شلهوبة ؟.‏

                              ماهر : داهمنا ملهى باربيكال لكنها لم تحضر البارحة لأداء فقرتها‏

                              حمدي : اذا حتما لم يجدوا هذا الصحفي الدعي سعيد شلهوب .‏

                              ماهر : نعم يا أستاذ لم يجدوه لكنّي متأكد بأنهم سيعثرون عليه لا محالة .‏

                              حمدي : نأمل ذلك لأن شلهوب وشلهوبة لا يقلان خطورة عن سهير أبداً ظهروا معا ... ونفذوا مؤامرتهم معا . واختفوا معا ......‏

                              (( ياسين يئن من ألم صدره ثم ينادي ماهر )) . ماهر . البارحة وأنا قرب باب المسرح كان هناك رجلان يُفْسِحان لي الطريق وأعرف أحدهما .‏

                              ماهر : ما أسمه .‏

                              ياسين : اعرف اسمه .لكني لا اتذكره الآن.‏

                              ماهر : وما أوصافه ؟......‏

                              ياسين : طويل ؟ أسمر ؟ بيته بجانب المسرح ينادونه ( أبو عزيز ) .‏

                              ماهر : أبو عزيز ؟.. ( يتذكر الاسم ) لقد سمعت بهذا الاسم من قبل . فعلاً انه يسكن بجوار المسرح سأذهب الى هناك حالاً لأسأل عنه لعلّي أمسك رأس الخيط (يخرج مسرعا )‏

                              ياسين : انتظر ... سأذهب معك .‏

                              سامية : لا والله . لن أسمح لك بالتّحرك أبداً .‏

                              ياسين : سامية .. ماهر لا يعرفه . أنا أعرفه .....‏

                              سامية : يا عيني يا ياسين، دع غيرك يتابع الموضوع عنك .‏

                              ياسين : ( وكأنه لم يسمع ما قالته سامية ) ساعِدَاني على الوقوف .‏

                              سامية : يعني لن أدعك تذهب حتى لو التصقت السماء بالارض .‏

                              ياسين : ( وقد تذكر الاسم ) تذكرت اسم الرجل . اسمه ياسر . ياسر أبو عزيز‏

                              حمدي : (( يعيد الاسم متذكرا )) ياسر ابو عزيز ..... ((يلتفت نحو ياسين )) استاذ . ارتح أنت وأنا سألحق بالاستاذ ماهر لنتابع الموضوع معا .‏

                              ياسين : (( مكابرا يجالد المرض )) لا . أنا سأذهب لأني أعرفه (( يحاول الوقوف فيقع على الأرض ))‏

                              سامية : (( تحاول مع حمدي ايقافه لاعادته الى السرير فلا يفلحان الا بعد جهد )) ألم أقل لك : انك في وضع لا يسمح لك حتى بالوقوف ؟‏

                              ياسين: (( وقد أدرك أن الشلل قد لحق به )) أه ...... انه الشلل ياسامية .‏

                              سامية : (( تتصنع عدم معرفتها بذلك فتنفي ذلك مواساة له)) لا سمح الله يارجل .‏

                              حمدي : (( يتصنّع أيضاً عدم المعرفة ويواسيه )) . توكل على الله ياأستاذ . وسيزول عما قريب‏

                              ياسين : (( ينفي قولهما ويؤكد شلله من خلال حديثه المتقطع نتيجة الألم )) لالا .. أنه الشلل يا حمدي أه ...‏

                              ((يئن من ألم قلبه )) ألألم يمزقني هنا .هنا . (( يشير الى جهة القلب )) حمدي .. (( يبلع ريقه بصوت مسموع)) أبلغ أعضاء الفرقة بأن يحاولوا تقديم عرضي المسرحي (( يزداد نطقه صعوبة )) يجب أن يرى الناس مسرحيتي ..لأنها .. تتحدث عنهم .. ((يتابع حديثه بصعوبة بالغة )) مسرحيتي ... يجب ..أن . تُعْرَضَ في .. ها ..ها ..هذه ...ال ... مر ..مر..حلة ...مس .. رح... حيتي ... مو . ضو. عها و . و. , . واو . وو. .وو .. (( يتلوى من ألم قلبه وتزداد اللقوة ))‏

                              حمدي : أستاذ ياسين . ستُقَدَّم المسرحية لا محالة . وستلقي بنفسك كلمة الافتتاح أن شاء الله .‏

                              ياسين : (( يحاول أن ينفي بشدة ما قاله ياسين باجابة تحمل أكثر من معنى )) واو .وو .أو . واو . ووو. (( ثم يطلب باشارة أن يعطوه ماء ))‏

                              حمدي : (( يقترب من سامية )) أحضري له قليلاً من الماء وأنا سأتصل بالمستشفى لا سعافه (( سامية تدخل لتحضر الماء . بينما حمدي يتقدم نحو الهاتف وتتزامن لحظة مد يده الى السماعة مع رن جرس الهاتف فيرفع السماعة )) ألو نعم .. نعم ؟. عفوا ياأختي يظهر أنّ هناك تشابكاً في الخطوط .من فضلك ياأختي ضعي السماعة فلديّ اتصال ضروري . نعم ؟ .. نعم .نعم هنا بيت الأستاذ ياسين . أجل موجود ماذا تريدين منه ؟ .. أتريدينه شخصياً ؟ من حضرتك ياأخت ؟ . صديقته ؟.. تشرفنا (( وكأنه يقاطعها )) نعم نعم اعرف بأنك تتكلمين من المدينة لكن .. ما الاسم الكريم ؟ الله !!!... (( ينفعل بينما سامية تدخل لتسقي ياسين الماء )) ياأختي أنا صديقه وليس لدي متّسعٌ من الوقت للأخذ والرد معك لماذا تريدينه شخصياً ومن حضرتك ؟ أه !! . وكيف عرفت بأنني حمدي‏

                              سامية : (( تسرع وتأخذ السماعة من يده )) ألو ..ألو . ((واذا بالصوت الذي يكلمها صوت رجل تُخاطب حمدي )) هذا صوت رجل لا أمرأة ..ألو ..ألو ..((تتعرف على الصوت الذي يكلمها )) تفوه ياابن الكلب / (( تضع السماعة بقسوة )).‏

                              حمدي : خيرا يا سامية ؟ من هذا ؟ .‏

                              سامية : من نبحث عنهم يا حمدي ما زالوا في المدينة ما زالوا في المدينة يا حمدي . ولم يغادروها . سأتصل فوراً بالشرطة (( تَتَّصِل بالشرطة متابعة حديثها مع حمدي))‏

                              حمدي : لكن من تكلّمتْ معي أمرأة وأعتقد بأنها شلهوبة .‏

                              سامية : ربما لأن هذا الرجل الذي اتصل بنا الآن هو نفسه الذي كان يتصل بنا سابقاً ليوتر اعصابنا ويطعن بأعراضنا (( ترد الشرطة فتتكلم سامية عن طريق الهاتف ...)) ألو ألو .. الشرطة ؟ أنا سامية الكاتب. نعم نعم زوجة ياسين الكاتب . من تبحثون عنهم ما زالوا في المدينة . ما أدراني ؟.. لا تسألني الآن. أقول لك انهم ما زالوا في المدينة يعني مازالوا في المدينة . سآتي اليكم بعد قليل لأشرح لكم كل شئ بالتفصيل "تضع السماعة على الهاتف".‏

                              حمدي : لقد أبلغني الاستاذ ياسين منذ مدة أنكم قد تَقَدّمْتُمْ بطلب الى البريد لمراقبة الخط‏

                              سامية : نعم . لكن لم يُجْدِ ذلك نفعاً لأن هذا الحقير كان يتصل بنا كل مرة من مكان وكل الأماكن التي كان يتصل منها بنا... كانت من أماكن عامة .‏

                              ياسين : (( يحاول النطق تعقيبا على ما يجري )) واو .ووو . ووو .واو .واو . ((ثم يتلوى من ألم قلبه ))‏

                              حمدي : اتَصلي بالمستشفى سريعا .‏

                              سامية : (( قبل أن ترفع السماعة لتتصل بالمستشفى يرن الهاتف ترفع السماعه فتفاجأ بأن الرجل الذي كان يكلمها قبل قليل مازال يتكلم فتجيبه بانفعال شديد )) ولك - ياابن الكلب / أخرج عن الخط ودعني أتصل بالمستشفى . وتضحك أيضا ؟.. ياعديم الأصل ((تكلم نفسها )) مازالوا يحاصروننا حتى عن طريق الهاتف . (( تعود فتتكلم عن طريق الهاتف )) لك ياساقط / يا عديم الوجدان . أقول لك : دعني اتصل بالمستشفى (( تضغط مراراً على الفاصل لفصل الاتصال وياسين يئن من الالم ويحاول النطق وكأنه يريد الرد على الهاتف )) واو . وو.وأو. ثم يتلوى من الألم . ((الرجل مازال يشغل الخط تخاطب حمدي في حزن وانفعال شَدِيدَين )) هذا الرجل الحقير مازال يشغل الخط .‏

                              حمدي : بسيطة .. دعي الهاتف . أنا أحمله على ظهري الى الشارع ثم نوصله الى المستشفى بسيارة عابرة‏

                              سامية : (( قبل أن تضع السماعة ترد على ضحك الرجل الذي يتصل )) /ورصاص ان شاء الله هلضحك يفتح بجسدك مصايب /. ياعديم الضمير (( تضع السماعة بقسوة وتخاطب حمدي )) انتظر . سأوقظ ابني سلام ليساعدك على حمله (( وهي تتجه الى غرفة الأولاد يدخل ابنها من تلقاء ذاته ))‏

                              سلام : (( الارهاق والنعاس بادِيَان عليه )) خيرا ياأمي ؟.‏

                              سامية : سلام .ابوك متعبٌ جداً حاول أن تحمله مع حمدي الى الخارج لنأخذه الى المستشفى بسيارة عابرة أنا سألبس ثيابي وسأتبعكم فوراً .........(( تدخل مسرعة وحمدي وسلام يحملان ياسين ليخرجا به. يرن جرس الهاتف قبل أن يَخْرُجُوا يحاول ياسين أن يستنكر وَيَوَدُّ لو كان يستطيع الرد على الهاتف فيتلفظ بعبارات غير مفهومة وهو في أشد انفعال )) واو .وو . أو ..ووو .. (( تخرج سامية مسرعة للحاق بهم فيستوقفها رنين الهاتف الذي ما زال مستمرا وبعد أن تتخطى بسيرها مكان وجود الهاتف تعود وتقف أمامه برهة قصيرة متسائلة حيرى أترد أم لا ؟.. ثم تقطع حيرتها وترفع السماعة فتسمع صوت الرجل نفسه )) "تفوه" يا عديم الأصل "تضع السماعة بقسوة وتخرج"‏

                              يعلو الرنين شيئا فشيئاً بتصاعد ملحوظ الى درجة يكاد يصم الآذان ويصل لحظتها الى مرحلة لم يعد الجمهور يطيق فيها سماع صوت الرنين يبقى الرنين مستمرا حتى بعد إسدال الستار .‏





                              (( انتهت ))‏





                              1/ 6/ 1994‏
                              إذا الشعب يوما أراد الحياة
                              فلا بدّ أن يستجيب القــــدر
                              و لا بــــدّ لليــل أن ينجلــي
                              و لا بـــدّ للقيــد أن ينكسـر

                              Comment

                              Working...
                              X