Announcement

Collapse
No announcement yet.

هل يؤثر العنف التربوي في دماغ الطفل؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • هل يؤثر العنف التربوي في دماغ الطفل؟

    هل يؤثر العنف التربوي في دماغ الطفل؟
    علي أسعد وطفة
    مجلة العربي

    تعطيل النمو الذهني والدماغي


    يرى كثير من الباحثين أن بعض الصدمات الخفيفة قد تكون قادرة على تعطيل النمو الذهني والدماغي عند الطفل. وفي هذا الأمر يعلن عالم الأعصاب أنطونيو داماسيو Antonio Damasio «أن اضطرابات النظام الدماغي يمكنها أن تؤدي إلى عطالة وظيفية في طبيعة الدماغ ولاسيما في الدورة المجهرية للعصبونات الدقيقة». ويتابع داماسيو قوله: «حتى أن بعض الاضطرابات الخفيفة في النظام العصبي للمخ قد تؤدي إلى اضطرابات كبيرة وخطرة في مستوى الحياة الذهنية عندالطفل». وفي هذا الصدد يعلن جوزيف لودو Joseph Le Doux وهو أحد علماء الأعصاب الدماغية «إن أي تغيرات مهما تكن بسيطة في ترابطات الخلايا الدماغية، أو أي تغيرات طفيفة جدا في طبيعة التحولات الكهرومغناطيسية بين العصبونات الدماغية، قد تؤدي إلى اختلاف كبير في طبيعة سلوك الكائن الإنساني». وتبين الدراسات الجارية في هذا المضمار أن المراكز الدماغية الانفعالية والمناطق الدماغية الخاصة بالذاكرة، وهي مناطق في غاية الأهمية من حيث توجيه السلوك، تتميز بهشاشتها وقابلتيها الكبيرة للتصدع والضرر.

    وفي هذا الشأن يمكن الإشارة إلى ما يعلنه فان دير كولك Van Der Kolk حديثا «إننا نخطئ كثيرا في تصورنا لمفهوم الصدمة، فنحن نجد صعوبة في تمثل واستيعاب بعض الأحداث الصعبة والمخيفة الاستثنائية في حياتنا ولكن يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن العدد الكبير من الأحداث المؤلمة العادية تلعب دوراً كبيراً وخطيراً في تشكيل شروط الحياة الإنسانية لدى الأطفال، وبالتالي فإنه عندما يجد الفرد نفسه تحت تأثير الشعور بالعجز وخيبة الأمل فإن ذلك يترك ندوباً مؤلمة تستمر مع دورة الزمن». فكل هؤلاء الذين عاشوا في وسط تربوي لآباء متسلطين، وعاشوا في كنف علاقات تربوية عنيفة، أو هؤلاء الذين تعرضوا لصدمات انفعالية شديدة، كفقدان صديق بحادث يعرفون مرارة هذه الوضعيات ويدركون الآلام المحزنة التي خلفتها على امتداد الزمن. ولكن هؤلاء الأفراد قد لا يدركون التأثير والندوب التي تتركها هذه الأحداث فيما بعد الصدمة في تكوينهم الذهني والعضوي، فأبحاثنا ودراساتنا تبرهن اليوم على أن هذه الأحداث المؤلمة تترك بصمتها في مستوى الجسد والبنية الذهنية الدماغية عند الفرد.

    عندما يتعرض الطفل للعدوان من قبل مصدر أمنه

    يمكننا أن نجد في المثل الشعبي «حاميها حراميها» صورة للتهكم من المفارقات المنطقية في وظائف الأشياء. فالأب والأم يشكلان من حيث الجوهر حماة الطفل ومصدر استقراره وأمنه وملاذه الوجودي، وعندما يتعرض الطفل للعدوان والاعتداء والتسلط من جهات خارجية فإن الأثر الممكن قد يكون ضئيلا جدا بالمقارنة مع التسلط الذي قد يتعرض له من قبل أبويه مصدر أمنه. فعندما يتعرض الطفل للعنف من قبل الأبوين أو أحدهما، فهذا يعني أن الطفل قد خسر آخر معاقله الوجودية، وهذا يعني أن آثار القمع والتسلط الداخلي الذي يصدر عن الأبوين قد يشكل مقتلا نفسيا للطفل، ويؤدي إلى تدميره أخلاقيا وذهنيا في مراحل لاحقة من حياته.

    فالطفل بوصفه كياناً فطرياً، لا يوجد في استعداداته الفطرية والوجودية ما يجعله قادراً على تحمل الهجوم والاعتداء والتسلط من قبل أبويه، فهو ليس معداً ومهيئاً نفسياً أو فطرياً لقبول أو تحمل هذه الكارثة الوجودية. فالأب والأم يمثلان في حقيقة الأمر المصدر الأمني الوجودي للطفل وهما يشكلان الحصن الحصين الذي يوفر للطفل الأمن العاطفي والانفعالي ويمكنه بالإضافة إلى ذلك من امتلاك القدرة على مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها. فعندما يتعرض الطفل للاعتداء من قبل أي كان فإنه سرعان ما ينادي أبويه أو أحدهما طلبا للحماية والأمن، وعندما يكون كبيرا فإنه سرعان ما يجري بحثا عن أحد أبويه ليرتمي في أحضانه طلبا لأمنه الإنساني.

    ولكن الطفل عندما يتعرض لعقاب من قبل الأم أو الأب مهما كان هذا العقاب خفيفا فإنه سرعان ما يمتلكه شعور مؤلم بأنه قد أصبح وحيدا في مواجهة العالم وأنه يواجه خطرا وجوديا، وكأن كل قطعة من جسده تقول له إنه أصبح وحيدا طريدا وإنه لن يستطيع الاستمرار في هذا الكون خارج حصنه الأمني ومتراسه الوجودي. فالعلاقة العاطفية التي تربطه بأبويه تمثل عاملا حيويا ووجوديا في تكوينه وفي قدرته على الاستمرار.

    وبالتالي فإن تعرضه لعدوانية من يفترض بهم تقديم العون والحماية سيكون كارثة إنسانية ووجودية بالنسبة للطفل وغالبا ما يرتد الطفل في هذه الحالة إلى وضعية القلق النفسي والتوتر الوجودي، وهذا التوتر النفسي والقلق السيكولوجي يكون في الغالب ردة الفعل الطبيعية لسلوك الطفل إزاء غياب الأمن الداخلي.

    ففي المستوى البيولوجي العصبي، أي في الحالة التي يتعرض فيها الطفل لعدوانية الأبوين، فإن الطفل يعاني فرط إفرازات هرمونية مضطربة تؤثر مباشرة في النسق الوظيفي لعمل المخ ونموه، وتضع الجسد بكامله في حال استنفار كامل لمواجهة الخطر الوجودي. ولأن الجسد أو العضوية بكاملها في حالة خطر فإن ردود الفعل تكون في الدفاع أو في الهرب وذلك من أجل تحقيق التوازن والعودة إلى مستويات الاستقرار الطبيعي للنفس والجسد.

    ولكن في الحالة التي لا يستطيع فيها الطفل دفاعا أو هروبا من تحدي العدوان الداخلي (تسلط الأبوين) فإن التكوين السيكولوجي الفطري يضعه في حالة التوتر والاكتئاب وبالتالي فإن هرمونات الاكتئاب والصدمة تتحول إلى قوة تفتك بالجسد فتهجم على النظام العصبي لديه وتلحق به أشد الضرر.

    ويضاف إلى ذلك أن النظام المناعي يفقد تواصله الفعال مع الدماغ وذلك تحت تأثير قانون الاقتصاد في الطاقة وهو بذلك يجعل الجسد إزاء مخاطر المرض والانهيار.

    فالطفل عندما يضرب من قبل أبويه، يشعر بالعجز، ويرغب في الهرب إلى أي مكان آخر غير المنزل الذي يحتضنه، فهو لا يستطيع الدفاغ عن نفسه لضعفه وعجزه. وعندما يعتاد الأبوان على ضرب الطفل ولطمه فإن هذه العقوبات تكون في الوقت الذي ينمو فيه دماغه ويتشكل. ولذلك، غالبا ما يعاني الطفل الطريد والمعاقب من قبل أبويه من المرض المستمر في مرحلة الطفولة، وهذا يؤدي أيضا إلى التأثير سلبا وبكل المقاييس على وضعية الجملة العصبية الدماغية في الطفل، لأن ردود فعل الطفل تكون نفسية وعصبية وهرمونية، ومع ديمومة هذه الاستجابات النفسية الحزينة فإن الدماغ- ومع الاستمرارية في مواصلة العنف- يصاب بضرر كبير يؤدي إلى ضعف شديد في القدرات الذهنية والعقلية عند الطفل في المستقبل.
    وهنا يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار ضعف التكوين العصبي في مرحلة الطفولة وهشاشته وعرضته للتدمير تحت تأثير العنف الذي يصدر عن العمق الأمني للطفل ممثلا بوالديه.وهنا أيضا يجب علينا أن ندرك مدى الخطر الذي يتعرض له الطفل عندما يتعرض للشدة والعنف والتسلط من قبل والديه أو الآخرين، وأن نحذر من ممارسة هذا العنف. وهنا أيضا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بأن أي شكل من أشكال العقاب الفيزيائي والنفسي مهما تبلغ درجته أو بساطته- التي يعتقد بأنها أمور عادية وبسيطة لا أثر لها ولا خوف منها- يمارس دوراً كبيراً في إضعاف البنية الذهنية والعقلية عند الطفل. وهذا العنف الذي تتم ممارسته في تربية الطفل يدخل في دائرة علاقات التواصل التي تؤدي دورها في تربية الطفل على نحو سلبي ومأساوي حيث تلعب هذه العلاقات دوراً أكبر مما نتصور نحن المربين في التأثير على عقل الطفل وحياته.

    العنف يولد الخضوع والعنف


    غالبا ما نعتقد بأن صفعة خفيفة للطفل، أو متواضعة على قفاه، أو شدة إذن عابرة، تمكننا من توجيه سلوك الطفل وتربيته بصورة صحيحة. ولكن في حقيقة الأمر فإن الأثر الذي تتركه هذه الصفعات الخفيفة والضربات البريئة قد تكون مؤثرة ومدمرة. ولأننا نشكل النموذج التربوي لأطفالنا فإن الصفع والضرب والاعتداء الذي نقوم به يحمل رسائل مهمة ودلالات خطرة في تربية الطفل تتمثل في تكثيف وغرس البعد غير الأخلاقي في سلوك الطفل نفسه. فالعنف يعلّم الأطفال ما لا نتمناه لهم ويأخذهم إلى ممارسة غير تربوية وغير أخلاقية في المستقبل، إنه يعلمهم:

    *- عندما لا توافق شخصا ما في رأي أو موقف فإن لك الحق في أن تصفعه حتى لو كنت تحبه.
    *- عندما تصبح كبيراً وقوياً لك الحق في أن تضرب الصغار والضعفاء وتصفعهم.
    *- عندما يضربك شخص آخر ويصفعك ويهددك يجب أن تخضع له.
    *- العنف شر ولكنه في الوقت نفسه أمر جيد لأن من مصلحة الطفل أن نضربه.
    ومثل هذه المعايير السلوكية يمكنها أن تشوه البوصلة الداخلية للطفل وتجعله غير قادر على التمييز بين الحق والخطأ، بين الخير والشر. كما أنها تفقده القدرة على مواجهة تأثير العنف الثقافي المتمثل في الدعاية والإشاعة والإعلان، كما تفقده القدرة على مقاومة الإغراءات التعصبية المضللة التي تتعلق بالإرهاب والعنف في المستقبل. وهكذا فإن ممارسة العنف ضد الآخر من أجل الحزب وخير الأمة والدين والوطن أمر يبدو طبيعيا ومشروعاً إن لم يكن مطلوبا وواجبا. وهذه الأمور كلها يكون الفرد قد تلقاها وتشبع بها في مرحلة الطفولة حيث كان الدماغ آخذا بالنمو والتشكل، وهذا العنف يمكن أن يصل إلى أبعد مما نتصور وذلك حين يصل تأثير العنف الطفولي إلى درجة يتم فيها تدمير أحاسيس الطفل ومشاعره التي تتعلق بالرحمة والشفقة والحس الإنساني.

    علي أسعد وطفة، (هل يؤثر العنف التربوي في دماغ الطفل؟)
    مجلة العربي, العدد 614, كانون الثاني 2010

  • #2
    رد: هل يؤثر العنف التربوي في دماغ الطفل؟



    يؤكد أطباء علم الخلايا أن الأهل يصوغون شخصية ولدهم-و في فترة الستة شهور الأولى يتشكل 50%من جهاز المخ ،ويستمر النمو حتى سن العاشرة ،والعنف ينطبع أثره على فكر الطفل ومخيلته وكيانه الذهني والنفسي ،وهنا تتشكل شخصيته حسب مااختزنته الذاكرة بصورة لاإرادية في العقل الباطن .
    -وقد أظهرت التقاريرالدولية ان معظم الأطفال الذين يتعرضون للعنف؛يتغيرون داخلياًبسبب وضعهم في حالة الرد على العنف أو الهرب مما يخيفه،وقد قرر أساتذة الإجتماع في المركز القومي للبحوث الجنائية ؛إن ضرب الأطفال وتعنيفهم يولد لديهم عقد نفسية تتحول الى سلوك شاذ يصعب السيطرة عليه
    -وثبت أيضاً أن الحالة الجسدية العصبية للطفل يمكن ان تُحدث تغيراًفي كيفية تطوير المخ –وهذا يؤدي لتغيرات فسيولوجية وعصبية وسلوكية ،وردود فعل نمو المخ يكون نتيجة للعنف او عدمه
    -ويمكن ان يؤثر التعدي على جسم الطفل الصغيرإلى تغيرات في طريقة نمو مخ الطفل وتحول الخلايا العصبية في تلك الفترة الخطيرة في حياته ؛وهي فترة تشكيل ونمو المخ مما يؤثر عليه على عدم القدرة في الإستجابة للضغوط الخارجية التي سيتعرض اليها مستقبلاً حتى انه لايمكنه ان يدافع حتى عن نفسه



    اخى المعتز

    موضوع رائع وشديد الأهمية
    شكرا لك
    مع خالص ودي وتحياتي
    اللهم اجعلني خيرا مما يظنون
    ولاتؤاخذني بما يقولون
    واغفر لي مالا يعلمون

    Comment

    Working...
    X