أين الخلاص ؟
منذ زمن تنفس أجدادنا الصعداء لانهيار الخلافة العثمانية التي كانت جاثمة على
أنفاسهم و تستغل خيراتهم و يدفعون لها الإتاوة دون أن تساهم في تطوير بلدانهم
أو أن ترتقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة بل إنها تركت هذه البلاد للإستعمار
و لم تستطع حمايتها من الخطر الغربي . و اليوم بعد قرابة 90 سنة من انهيار
الخلافة العثمانية تعود تركيا من جديد لتظهر على الساحة و تلعب دورا هاما في
إعادة جدولة موازين القوى في المنطقة العربية . و نجد البعض يمجد الدور
التركي الهام الذي تقوم به نصرة للقضايا العربية و سعيا منها لتحرير أراضينا من
المغتصبين الصهاينة مع أننا نعلم جميعا أن تركيا صديقة للكيان الصهيوني
و تتعامل معه سياسيا و اقتصاديا و عسكريا إلا أننا ننخرط بوعي أو دونه في
تمجيد السياسة التركية .
إن الملاحظ و الدارس للتاريخ العربي يتأكد من أننا لم نكن أقوياء و لنا نفوذ
و نستطيع تقرير مصيرنا بأنفسنا إلا بوحدتنا و ديننا . و أن الأمم الأخرى لم
تحترمنا و لم تبعد شرّها عنا إلا بقوتنا و عتادنا و إيماننا فلا يمكن أن نتعلق نتيجة
حالة الضعف و الهوان التي نحن فيها بالحلم الإيراني ، فإيران لها أطماعها
و غاياتها التي تعمل على تحقيقها و لا يمكننا أيضا أن نعتبر النظام التركي هو
المنقذ لنا من حالة الفراغ و الضياع التي نعيشها نتيجة سياسة نخضع لها
و نقدسها بل إن الأمل الوحيد في نهضتنا و تحررنا هو في اكتسابنا للوعي و في
قدرتنا على تحرير أنفسنا و ضمان استقلالنا عن كل القوى الخارجية التي تطمع
في استغلال خيراتنا و ما تباين المواقف الغربية و اختلافها إلا شكل من أشكال
الصراع بين الإمبرياليات على تقسيم العالم و توزيع ثرواتها و البحث عن مناطق
نفوذ جديد بعد أن تجاوز الرأسمال حدود الدولة القطرية ليبحث له عن امتداد في
مختلف أنحاء العالم .
كفانا تصفيقا و موالاة للآخرين و كفانا حلما زائفا بأن الخير سيأتي من طرف
إيران أو من طرف تركيا أو غيرهما و لنعمل معا على اكتساب أسباب القوة
و المناعة بالسعي إلى التحرر من المكبلات التي تعوقنا في الداخل و الخارج .
فهل تعتبرون أن خلاصنا و رقينا و تطورنا سيأتي من إيران أو تركيا أو غيرهما
من البلدان ؟ أم أن تطورنا و حريتنا و بأيدينا و لا تتحقق إلا بتضحياتنا و نضالنا ؟
Comment