Announcement

Collapse
No announcement yet.

من عوالم الشراع والعاصفة - الطروسي بحّاراً في عين العاصفة..العين السورية لأدب البحر - علي الحسن

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • من عوالم الشراع والعاصفة - الطروسي بحّاراً في عين العاصفة..العين السورية لأدب البحر - علي الحسن

    الطروسي بحّاراً في عين العاصفة
    «الشراع والعاصفة» العين السورية لأدب البحر


    علي الحسن




    جاء «الشراع والعاصفة» الفيلم السوري المأخوذ عن رواية الكبير حنا مينه ليشكل محطة ذات خصوصية وعلامة فارقة في الخط البياني لنتاجات المؤسسة العامة للسينما في سورية إذ شكل الفيلم الذي تصدى لإخراجه غسان شميط انعطافة مهمة في خارطة السينما السورية لاعتبارات عدة يأتي في مقدمتها أن الفيلم مقاربة إبداعية سينمائية- لها حضورها ومشروعيتها- لعوالم «الشراع والعاصفة» العمل الروائي الأشهر بين أعمال حنا مينه التي لاقت رواجاً كبيراً واحتفاء غير مسبوق في سورية والعالم العربي، وأيضاً على صعيد الخيارات والحلول الإخراجية التي لجأ إليها شميط صاحب «شيء ما يحترق» في تجسيد الحالة المشهدية التي حاولت الاستفادة من التقنيات المتقدمة في تصوير مشاهد العاصفة على غرار ما تفعل السينما العالمية وهي المشاهد الأهم في الفيلم- والتي ربما أنقذته من مطب «العادية»- حيث تصل فيها الأحداث إلى الذروة إذ يحبس المتلقي أنفاسه متماهياً مع الطروسي بطل الفيلم (جهاد سعد) وهو يواجه عين العاصفة في مغامرة بحار «ريّس» على غاية من النبل والبأس للبحث في قلب العاصفة عن مركب سليم الرحموني (ماهر صليبي) ومحاولة انقاذه بعدما فقد مركب الرحموني بعضاً من بحارته وتأتي مشاهد العاصفة الهوجاء هنا على صعيد التجسيد لترفع من رصيد الفيلم مشهدياً وبصرياً وقد تم تنفيذها في أوكرانيا بمشاركة خبراء هناك الأمر الذي يعكس مدى جدية فريق «الشراع والعاصفة» في الاشتغال بذهنية أقرب للاحتراف احتراماً لسمعة الرواية وللمتلقي ورغبة في اثبات الأنا السينمائية على نحو يتجاوز السائد والتقليدي طموحاً للتأكيد على أننا «مخرجاً وكادراً ومؤسسة» نملك مشروعية الارتقاء بعملنا والذائقة السينمائية.

    في مواجهة السلط.. مخاضات ومغامرة

    عن الرواية والفيلم يبدو عبثاً الحديث عن مدى الأمانة في التجسيد وإلى أي درجة ارتقى الفيلم إلى مستوى الرواية فهنا لكل خصوصيته ولغته واشكال التلقي في الكيفية والاختلاف والسرد والصورة والتجسيد مع الأخذ بعين الاهتمام أن شميط ووفيق يوسف على صعيد السيناريو بدا أنهما بذلا جهداً واضحاً في التقاط عوالم الرواية والحفاظ على العناوين الأعرض أما في التفاصيل فثمة خيارات أخرى تخضع للغة السينمائية وشروطها في الاستغناء عن بعض الخطوط والتركيز على أخرى وهنا تظل شخصية «الطروسي» المحور كبطل شعبي له حكايته في المغامرة والتحدي والعشق والغيرية في انصاف البسطاء والانتصار لهم في مواجهة الظلم والسلط الاقطاعية والاحتلالية بنبل وبأس وعنفوان وهي الشخصية الحاضرة واقعاً من لحم ودم في الحكايا السيرية لأناس سوريين في البحر والبر وعلى امتداد الأرض السورية وخاصة أيام الاحتلال الفرنسي وفترات الإقطاع حيث تحضر على نحو فاضح الممارسات التي تحط من قيمة الإنسان في توقه إلى الحرية والانعتاق والعيش بكرامة والحديث هنا عن فترة الاربعينيات العاصفة بالأحداث العالمية والإقليمية والمحلية في أشكال لصراعات ومخاضات ونضالات. جسد الفيلم مقاربة لها سياسياً ومجتمعياً وعلى غير صعيد.

    حيتان... و«بنات هوى»

    على صعيد بيئة الفيلم الاجتماعية ثمة غليان لجهة المصالح والجشع والقسوة والظلم ومحاولات «كسر العظم» والسيطرة على المينا من حيتان بشرية يمثلهم أبو رشيد (حسام عيد) في ابتلاعهم كل ما يجود به البحر على الصيادين في بحثهم عن قوت يومهم ويحضر المقهى الشعبي على المينا ليعكس حجم الصراعات في مقابل «أخلاق نبيلة» ليس فقط لا يروق لها الظلم والجشع إنما تسعى إلى تحقيق العدالة والإنصاف ليس فقط على صعيد البحارة والصيادين إنما حتى على صعيد «بنات الهوى» حيث يخلص «الطروسي» لحبه لبائعة الهوى أم حسن «رندة مرعشلي» المرأة التي جرفتها العواصف للابتذال ليعيد لروحها ولجسدها الشكل الذي يليق بامرأة ويليق أيضاً بالطروسي كفارس عاشق ونبيل وهنا كما في الفيلم كله فإن جهاد سعد يؤدي دوراً كبيراً على صعيد التمثيل يرقى لسمعة وحضور سعد الفنان حيث يعطي الشخصية نبضاً حاراً ودفقاً من المشاعر كدور هنا يسجل لجهاد سعد ويضاف إلى رصيده الفني كذلك فإن رندة مرعشلي سجلت حضوراً عادياً إلى جانب فنانين أظهروا تميزاً ونذكر هنا على سبيل الحصر زهير عبد الكريم وجرجس جبارة فيما سبق للفنانة رنا أبيض وتبعاً لتصريحات إعلامية أن اعتذرت عن دور «أم حسن» نظراً «للمشاهد الساخنة».

    مطبات وعثرات

    «الشراع والعاصفة» انتاجياً مر برحلة لم تكن مفروشة بالورود وواجهتها عثرات ومطبات تجاوزها فريق العمل بعد جهود وتأخير كذلك على صعيد التصوير تبعاً للظروف التي يمر بها البلد وهنا يأتي توقيت عرض الفيلم متزامناً مع الأزمة في سورية ليشكل بعداً آخر له حضوره في الأجواء بصورة أو بأخرى ولكن أيضاً عدّ عرض الفيلم منذ أيام في كندي دمر كعرض افتتاحي أول حدثاً لافتاً حيث امتلأت الصالة عن آخرها وسجل غياب النجوم السوريين سواء من المشاركين في الفيلم أو بشكل عام وجهاً آخر من تداعيات الأزمة. يبقى «الشراع والعاصفة» الفيلم المأخوذ عن شيخ الروائيين السوريين الذي أبحر في عباب البحر قبطاناً و«ريّسا» كبيراً فيلماً له حضوره المفصلي في السينما السورية وسيفتح نقاشاً نقدياً واسعاً بصرف النظر عن الـ«مع» أو الـ«ضد» ولكل في ذلك رؤاه.

    بطاقة الفيلم

    الشراع والعاصفة رواية الأديب السوري حنا مينة. إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
    سيناريو: وفيق يوسف وغسان شميط.
    إخراج: غسان شميط.
    تعاون فني: رسلان شميط
    مخرج مساعد: أيمن حمادة.
    إستشارة درامية: حسن سامي يوسف.
    مكياج: تاتيانا ماركوفا. إينا ميكولا.
    تصميم أزياء: ليديا يوشينكو. غرافيكس. ليونيد رادوتشينكو.
    مهندس الصوت: غيورغي ستيموفسكي.
    تعاون فني صوت: ابراهيم الصباغ.
    مهندس الديكور: بسام ابراهيم.
    مونتاج: علي ليلان.
    مدير التصوير: أناتولي ساخنو
    الطول: 100 دقيقة ملون 35مم
    غرافيك: ليونيد رادوشنيكو
    تمثيل: جهاد سعد، رندة مرعشلي، وضاح حلوم، زهير عبد الكريم، جرجس جبارة، زهير رمضان، حسام عيد، أندريه سكاف، ماهر صليبي، هاني الأطرش، هدى شعراوي، عبد اللـه شيخ خميس، لانا شميط، ريما الشيخ توبا رشيد. مشهور خيزران، جهاد عبيد.
    الروائي محمد زهرة
Working...
X