قصة ( قمر مخسوف ) - بقلم : نبيه إسكندر الحسن
قمر مخسوف
عبرت أسواق المدينة , علّني أبتاع هديّة لمن قال الرّسول: " الجنّة تحت أقدامها " ، و بعد عناء عثرت على ضالتي ،كنت في غاية السعادة,وحين قفلت أدراجي سمعت صراخاً , تلفت إلى الوراء ، وقع بصري على حشد من النّاس يشكّل دائرة ، دفعني فضولي أن أستطلع الأمر,لا أدري كيف قفزت عدّة قفزات , وما إن أصبحت بين الناس حتى وجدت نفسي أشقّ طريقاً إلى وسطهم , وقع بصري على طفل دون العقد الأول تقبض على عنقه يد رجل عريض المنكبين ، قويّ البنية ، فوق فمه شاربان عريضان , فبدا الطّفل كعصفور بين أظافر طائر جارح , رفعه عن الأرض حوالي العشرة سم ، دفعتني الشفقة أن أقترب من الرجل الخشن, وسألته :
- أترك الطّفل ...
نهرني وقال:
- لا إنّه حراميّ .
- ماذا؟.
رفع بصره وحدّق في وجهي , وأردف قائلاً:
- ما شأنك .... أتكونين شريكته ؟.
- أريد الحقيقة...
- ما شأنك؟.
- صحفيّة ...
هزّ رأسه قائلا:
- اسأليه ولو أنك حشرية...ّ
وقفت أمام الصّغير ,نظرت إلى عينيه المنكسرتين,ثمة لؤلؤة تعلقت على أهدابه , مسحت يدي على شعره برفق,رفع بصره إلى وجهي ,أحسّ بالأمان , مدّ يده إلى عبّه ,وأخرج رغيفاً لم يؤكل منه سوى لقمة واحدة ,لا أدري لِمَ أجهش عله وجدني أشبه أمه,أو أنه وجد من يدرأ عنه مصيبة وقال:
- وحياتك وشرف أمي لست سارقاً...
ضحك الرجل الخشن متسائلا:
- وهذا الرّغيف ؟.
- منذ البارحة ووالدتي مريضة دون طعام , أرسلتني إلى خالتي لأجلب من عندها ما يسدّ رمقها , فلم أجد خالتي , وفي طريق عودتي , عبقت بأنفي رائحة الخبز , حبّي لوالدتي دفعني أن أخطف رغيفاً واحداً.
هززت رأسي و نظرت إلى الرجل، قلت :
- عملك غير قانونيّ و تحاسب عليه ...
- تدافعين عن سارق...
- أتحسب من يسرق رغيفا بدافع الجوع لصا ,وهناك يسرقنا يومياً دون محاسبه ...
تنهدّت من الغيظ,وسألت الطفل :
- أين والدك ؟
- لا أعرفه .... مات قبل ولادتي .
مسح لؤلؤة علقت على الهدب, واندفع النّاس يلقون عليه القطع النّقديّة ، ولأن لم يبق معي نقود لقد أنفقتها على وردة ابتعتها هديّة لأمي ، دفعتها إليه ، تناوله بأصابع طريه ، ونظر في وجهي ، قذف الرجل بالرّغيف:
- قسما بعيد ماما و هديّتك لا أحبّ الصّدقات ...
ترك القطع النقدية على التراب ،وانطلق كسنونوة تردّد الأزقة صدى صوته :
- أمّي يا ملاكي ... يا حبّي الباقي إلى الأبد.
قمر مخسوف
عبرت أسواق المدينة , علّني أبتاع هديّة لمن قال الرّسول: " الجنّة تحت أقدامها " ، و بعد عناء عثرت على ضالتي ،كنت في غاية السعادة,وحين قفلت أدراجي سمعت صراخاً , تلفت إلى الوراء ، وقع بصري على حشد من النّاس يشكّل دائرة ، دفعني فضولي أن أستطلع الأمر,لا أدري كيف قفزت عدّة قفزات , وما إن أصبحت بين الناس حتى وجدت نفسي أشقّ طريقاً إلى وسطهم , وقع بصري على طفل دون العقد الأول تقبض على عنقه يد رجل عريض المنكبين ، قويّ البنية ، فوق فمه شاربان عريضان , فبدا الطّفل كعصفور بين أظافر طائر جارح , رفعه عن الأرض حوالي العشرة سم ، دفعتني الشفقة أن أقترب من الرجل الخشن, وسألته :
- أترك الطّفل ...
نهرني وقال:
- لا إنّه حراميّ .
- ماذا؟.
رفع بصره وحدّق في وجهي , وأردف قائلاً:
- ما شأنك .... أتكونين شريكته ؟.
- أريد الحقيقة...
- ما شأنك؟.
- صحفيّة ...
هزّ رأسه قائلا:
- اسأليه ولو أنك حشرية...ّ
وقفت أمام الصّغير ,نظرت إلى عينيه المنكسرتين,ثمة لؤلؤة تعلقت على أهدابه , مسحت يدي على شعره برفق,رفع بصره إلى وجهي ,أحسّ بالأمان , مدّ يده إلى عبّه ,وأخرج رغيفاً لم يؤكل منه سوى لقمة واحدة ,لا أدري لِمَ أجهش عله وجدني أشبه أمه,أو أنه وجد من يدرأ عنه مصيبة وقال:
- وحياتك وشرف أمي لست سارقاً...
ضحك الرجل الخشن متسائلا:
- وهذا الرّغيف ؟.
- منذ البارحة ووالدتي مريضة دون طعام , أرسلتني إلى خالتي لأجلب من عندها ما يسدّ رمقها , فلم أجد خالتي , وفي طريق عودتي , عبقت بأنفي رائحة الخبز , حبّي لوالدتي دفعني أن أخطف رغيفاً واحداً.
هززت رأسي و نظرت إلى الرجل، قلت :
- عملك غير قانونيّ و تحاسب عليه ...
- تدافعين عن سارق...
- أتحسب من يسرق رغيفا بدافع الجوع لصا ,وهناك يسرقنا يومياً دون محاسبه ...
تنهدّت من الغيظ,وسألت الطفل :
- أين والدك ؟
- لا أعرفه .... مات قبل ولادتي .
مسح لؤلؤة علقت على الهدب, واندفع النّاس يلقون عليه القطع النّقديّة ، ولأن لم يبق معي نقود لقد أنفقتها على وردة ابتعتها هديّة لأمي ، دفعتها إليه ، تناوله بأصابع طريه ، ونظر في وجهي ، قذف الرجل بالرّغيف:
- قسما بعيد ماما و هديّتك لا أحبّ الصّدقات ...
ترك القطع النقدية على التراب ،وانطلق كسنونوة تردّد الأزقة صدى صوته :
- أمّي يا ملاكي ... يا حبّي الباقي إلى الأبد.