قصة ( هديّة ) - بقلم : نبيه إسكندر الحسن
هديّة
جلست وسط سكينة الفضاء في شرفة تطلّ على غابة غنّاء , تتلمس السّعادة , مسحت أطرافها , وقع بصرها على جوقة من العصافير , ثمّة عصفور جميل يرفرف بجناحيه على زجاج النّافذة , أطالت النّظر إليه , وقالت لنفسها : " يا إلهي .... ما أجمله " !
طار العصفور إلى أعماق الغابة , يحمل بوحه إلى الينابيع والأشجار و يلاحق الفراشات , فجأة خطرت لها طائفة من الأمنيات , جابت بحلمها مسالك الغابة , تذكّرت أنّ يوم غد عيد الطّفل , فجأة انتبهت إلى صوت والدتها :
- هيّا بنا...لأبتاع هديّة لك في عيدك..
صفّـقت وقالت :
- تحقق الحلم.
أدركت أنّها قادرة أن تنال ضالـّتها , وقفت أمام والدتها , نظرت في عينيها بضع ثوان , غرّد البلبل في أذنيها تغريدا شجيّا , وثبت وحضنت أمّها قائلة:
- اسمعي غناء البلبل.
أدركت قصدها , ضحكت وأمسكت ذراعها , عبرتا الشّارع، و ما إنّ وطئت أقدامهم وسط المدينة , وقفت والدتها برهة علـّها تتذكّر أين يقع سوق الدّواجن:
- من هنا...
- إيلام؟.
- إلى سوق الدواجن..
- حقـّاً...يا أجمل ماما !..
أمسكت معصمها برفق , وسلكت طريقاً بمحاذاة ساقية تفرّعت عن العاصي تودي إلى سوق الدّواجن , وهناك وقفت تنظر إلى المخلوقات الصّغيرة الجميلة , أحسّت بفرح يغمر قلبها , وراحت تتجوّل بين الأقفاص , تنظر إلى عصافير مزركشة , وفجأة رأت بلبلاً أعجبت بشكله،أشجاها تغريده , كان البلبل يقفز من ركن إلى آخر ثمّ يحطّ على علبة الماء , يشرب بمنقار أحمر صغير .... التفتت إلى أمّها وندّت عنها حركة , عرفت ما يدور بخلدها , فأسرعت وابتاعته , ثمّ قدّمت لها القفص ومسحت على شعرها بلطف قائلة:
- لك هديتك...
عادت مع أمّها إلى البيت مسرورة , أوت إلى سريرها باكراً, حلمت أنّها تطعم البلبل الـّذي أخذ يغنّي غناءً شجيّاً , يرفرف ويضرب القفص بجناحيه, وفجأة كانت تجوب غابة وارفة يأسر العقل منظرها ، ثمّة بلبل يتأوّه , دعته إلى القفص , وأغرته بكلّ أصناف الطـّعام , لكنّه رفض كلّ المغريات .... فاستيقظت تلهث من التعب ، هرعت إلى القفص , فتحت بابه , ومسحت بيدها على ريش البلبل , قبّلته وأطلقته , حلـّق في الفضاء يشقّ الهواء بجناحيه ,انصرفت إلى شأنها قائلة:
- تعيش الحرية !