قصة ( تجربة ) - بقلم : نبيه إسكندر الحسن
تجربة
حلّ مساء خريفيّ ، أرعب الأمّ دويّ الرّعد و هي تحدّق في شاشة التـّلفاز .... فجأة فصرخت :
- يا ويلي ! سمير ....
كان قلبها يدقّ ، انهمرت دموعها ، نظرت إليها بخوف ثمّ جلست قربها أحاول منعها من البكاء . فجأة قالت :
- يا بنيتي ... احذري رفاق السّوء .
حدّجتها بنظرة فاحصة ، لم أعرف لماذا تقول أمّي هذا الكلام ، خشيت أن يكون قد وقع مكروه ما ، سألتها :
- ماذا حصل يا أمّي ؟
مسحت على شعري برفق و تنفسّت بعمق و هي تشير إلى التّلفاز :
- انظري ...
وقع بصري على طفل لم بتجاوز عقده الأوّل ، أدهشني الحزن في عينيه و رأسه المطأطئ أمام المذيع الّذي سأله :
- من دفعك إلى هذا العمل ؟
- والله برئ ....
كان الرّعب يملأ قسمات وجهه ، أجهش بالبكاء ثمّ قال و هو يضع إصبعه في فمه :
- والله يا سيّدي لم أفعل شيئاً .
ترك المشهد في نفسي انطباعاً جعلني أتلفت حولي لأرى إخوتي الصّغار يحضّرون واجباتهم المدرسيّة ، و حين نظرت إلى التـّلفاز مجددّاً، أدركت أنّني أعرف هذا الطـّـفل ... فهو سمير الطـّـالب المجتهد النّشيط ، كان المذيع يقول للطفل مؤنّباً :
- أنت تلميذ نشيط و من الأوائل في الصّفّ .. فكيف تعرّفت على أحمد ؟
أجابه سمير :
- ذات مساء عادت والدتي من زيارة أمّ أحمد مضطربة الأعصاب ، شعرت بالانزعاج لاضطرابها فسألتها :
- ما وراءك ؟
- اغرورقت عيناها بالدّموع و قالت :
- ما شاء الله ... ابن أمّ أحمد يكسب مائتي ليرة كلّ يوم لأنّه يعمل في الأعمال الحرّة بعد الدّوام المدرسيّ ... و الآن يبحث عن مساعد له في العمل ... ما شاء الله ! هؤلاء الأولاد يرفعون الرّأس ...
هدّأت من روعها و سألتها :
- ما قصدك ؟ هل أعمل معه ؟
- يا ريت يا فالح .
شعرت بشيء من الضّيق ، لم أدر كيف عبرت الشّارع . و فجأة كنت في منزل أمّ أحمد الّذي استقبلني بالتـّرحاب ... قضيت معه الوقت حيث عرض عليّ أن أعمل معه ، رحبّت بالفكرة و أخذت أفكّر بالغد ، أحسست بشعور لذيذ علـّني أخفف عن والدي ... الرّجل المسنّ الّذي يركض خلف رغيف الخبز و الرّغيف يركض أمامه كنبع ماء منحدر .
عملت مع أحمد على مضض طيلة الأسبوع ، و حين حلّ المساء طلبت أجرتي ... فأنقدني ربّ العمل ميئة ليرة ... لفّني الإحباط و شعرت أنّني فشلت فشلاً ذريعاً فسألت أحمد :
- كيف تحصل على مائتي ليرة يوميّاً ؟
- تعال معي لتعرف .
لاحت عل وجهه إمارات لم أفهم كنهها ، أمسك يدي و انطلقنا نعبر الشّوارع ، و فجأة وقف أحمد أمام محلّ تجاريّ ، دسّ يده في جيبه ثمّ أخرج مفتاحاً و فتح مصراع الباب ، شدّني من يدي إلى داخل المحل ... وقفت أمام خزانة المال مندهشاً ... قبل أن يفتحها حضرت دوريّة من الأمن الجنائيّ و ألقت القبض علينا .. فجأة صفعني أحدّهم على وجهي قائلاً :
- يا كلب ... يا حرامي ...
تركت كلماته في نفسي أسوأ انطباع عن صحبتي لأحمد ، فصرخت :
- والله لست سارقاً .
ارتسم الذعر في قلبي و تذكّرت والدي حين قال :
- أريد تحذيركم من رفاق السّوء .
تجربة
حلّ مساء خريفيّ ، أرعب الأمّ دويّ الرّعد و هي تحدّق في شاشة التـّلفاز .... فجأة فصرخت :
- يا ويلي ! سمير ....
كان قلبها يدقّ ، انهمرت دموعها ، نظرت إليها بخوف ثمّ جلست قربها أحاول منعها من البكاء . فجأة قالت :
- يا بنيتي ... احذري رفاق السّوء .
حدّجتها بنظرة فاحصة ، لم أعرف لماذا تقول أمّي هذا الكلام ، خشيت أن يكون قد وقع مكروه ما ، سألتها :
- ماذا حصل يا أمّي ؟
مسحت على شعري برفق و تنفسّت بعمق و هي تشير إلى التّلفاز :
- انظري ...
وقع بصري على طفل لم بتجاوز عقده الأوّل ، أدهشني الحزن في عينيه و رأسه المطأطئ أمام المذيع الّذي سأله :
- من دفعك إلى هذا العمل ؟
- والله برئ ....
كان الرّعب يملأ قسمات وجهه ، أجهش بالبكاء ثمّ قال و هو يضع إصبعه في فمه :
- والله يا سيّدي لم أفعل شيئاً .
ترك المشهد في نفسي انطباعاً جعلني أتلفت حولي لأرى إخوتي الصّغار يحضّرون واجباتهم المدرسيّة ، و حين نظرت إلى التـّلفاز مجددّاً، أدركت أنّني أعرف هذا الطـّـفل ... فهو سمير الطـّـالب المجتهد النّشيط ، كان المذيع يقول للطفل مؤنّباً :
- أنت تلميذ نشيط و من الأوائل في الصّفّ .. فكيف تعرّفت على أحمد ؟
أجابه سمير :
- ذات مساء عادت والدتي من زيارة أمّ أحمد مضطربة الأعصاب ، شعرت بالانزعاج لاضطرابها فسألتها :
- ما وراءك ؟
- اغرورقت عيناها بالدّموع و قالت :
- ما شاء الله ... ابن أمّ أحمد يكسب مائتي ليرة كلّ يوم لأنّه يعمل في الأعمال الحرّة بعد الدّوام المدرسيّ ... و الآن يبحث عن مساعد له في العمل ... ما شاء الله ! هؤلاء الأولاد يرفعون الرّأس ...
هدّأت من روعها و سألتها :
- ما قصدك ؟ هل أعمل معه ؟
- يا ريت يا فالح .
شعرت بشيء من الضّيق ، لم أدر كيف عبرت الشّارع . و فجأة كنت في منزل أمّ أحمد الّذي استقبلني بالتـّرحاب ... قضيت معه الوقت حيث عرض عليّ أن أعمل معه ، رحبّت بالفكرة و أخذت أفكّر بالغد ، أحسست بشعور لذيذ علـّني أخفف عن والدي ... الرّجل المسنّ الّذي يركض خلف رغيف الخبز و الرّغيف يركض أمامه كنبع ماء منحدر .
عملت مع أحمد على مضض طيلة الأسبوع ، و حين حلّ المساء طلبت أجرتي ... فأنقدني ربّ العمل ميئة ليرة ... لفّني الإحباط و شعرت أنّني فشلت فشلاً ذريعاً فسألت أحمد :
- كيف تحصل على مائتي ليرة يوميّاً ؟
- تعال معي لتعرف .
لاحت عل وجهه إمارات لم أفهم كنهها ، أمسك يدي و انطلقنا نعبر الشّوارع ، و فجأة وقف أحمد أمام محلّ تجاريّ ، دسّ يده في جيبه ثمّ أخرج مفتاحاً و فتح مصراع الباب ، شدّني من يدي إلى داخل المحل ... وقفت أمام خزانة المال مندهشاً ... قبل أن يفتحها حضرت دوريّة من الأمن الجنائيّ و ألقت القبض علينا .. فجأة صفعني أحدّهم على وجهي قائلاً :
- يا كلب ... يا حرامي ...
تركت كلماته في نفسي أسوأ انطباع عن صحبتي لأحمد ، فصرخت :
- والله لست سارقاً .
ارتسم الذعر في قلبي و تذكّرت والدي حين قال :
- أريد تحذيركم من رفاق السّوء .