حكاية كل يوم
نعرف موعد قدومه من العمل ، ونشعر بإيقاع خطواته وهو يدخل إلى البيت ، يتنحنح مرة ، ثم يتبعها بأخرى ، نقول بلهفة :
- أبونا وصل
ثم نسمع صوته :
- السلام عليكم
نرد السلام ، ونجرى إليه بفرح ، سيجتمع الشمل ، ونتحلق حول مائدة واحدة ، ثم تكون الحكاية "حكاية كل يوم" ومع أنها دائما تبدأ بخروجه للعمل وتنتهي بعودته ، إلا أننا كل يوم نسمع شيئا جديدا ، وأحداث كثيرة ، فما أكثر ما يرى أبى من حكايات ،في الطريق ، في المصنع ، هناك مشاهد يلمحها ، يضعها في جيبه ، ويعود إلينا محملا بالمشاهد ، ومنها يصنع الحكاية ، لا ندرى لماذا كان وقع خطواته ثقيلا هذه المرة ، وما الذي جعلنا نلحظ جميعا أنه اجتهد ليتنحنح مرتين فخرجنا جميعا ، وحين أوشكنا أن نتأمل وجهه المعروق ، فاجأنا بضحكته ، وبدا وجهه مضيئا جميلا ، اتكأ على الحائط وقال :
- أظننتمونى مريضا؟! .. لا .. انه الحر يا أولاد .
لكننا تأكدنا أن تغيرا قد حدث حين نسى "حكاية كل يوم" ، وعندما تحلقنا حوله تذكرها ، فقال :
- تريدون الحكاية ؟
- نعم
قال :
- لا بأس سنجعلها أربع حكايات .
ودهشنا:
- أربع حكايات وفى هذا اليوم بالذات !
وواصل أبى حديثه قائلا :
- ستكون أجمل حكايات
وأشار لي وهو يمسح العرق من فوق جبهته وقال : - أنت تحكى حكاية
وأشار إلى أخي الثاني :
- وأنت تحكى حكاية .. وأختك .. وأخوك
اعتدت أن أقول لكم فلماذا لا أسمع منكم الآن .. هناك مشاهد في رحلاتكم إلى المدرسة .. وأشياء جديرة بالاهتمام تحدث هنا .
قلنا بفرح :
- والله فكرة
وأخذنا نحكى ، كل واحد حكى حكاية جميلة ، واكتشفنا أننا نستطيع أن نحكى ، ونظرنا إلى أبى وقد زاد البشر على وجهه وقال :
- لم أسمع أجمل من هذه الحكايات هكذا يمكنكم أن تسمعوا الحكاية دوما سواء كنت معكم أو خارج البيت .
واتفقنا مع أبى في أن نتبادل الحكايات .
قصة / فريد محمد معوض
نعرف موعد قدومه من العمل ، ونشعر بإيقاع خطواته وهو يدخل إلى البيت ، يتنحنح مرة ، ثم يتبعها بأخرى ، نقول بلهفة :
- أبونا وصل
ثم نسمع صوته :
- السلام عليكم
نرد السلام ، ونجرى إليه بفرح ، سيجتمع الشمل ، ونتحلق حول مائدة واحدة ، ثم تكون الحكاية "حكاية كل يوم" ومع أنها دائما تبدأ بخروجه للعمل وتنتهي بعودته ، إلا أننا كل يوم نسمع شيئا جديدا ، وأحداث كثيرة ، فما أكثر ما يرى أبى من حكايات ،في الطريق ، في المصنع ، هناك مشاهد يلمحها ، يضعها في جيبه ، ويعود إلينا محملا بالمشاهد ، ومنها يصنع الحكاية ، لا ندرى لماذا كان وقع خطواته ثقيلا هذه المرة ، وما الذي جعلنا نلحظ جميعا أنه اجتهد ليتنحنح مرتين فخرجنا جميعا ، وحين أوشكنا أن نتأمل وجهه المعروق ، فاجأنا بضحكته ، وبدا وجهه مضيئا جميلا ، اتكأ على الحائط وقال :
- أظننتمونى مريضا؟! .. لا .. انه الحر يا أولاد .
لكننا تأكدنا أن تغيرا قد حدث حين نسى "حكاية كل يوم" ، وعندما تحلقنا حوله تذكرها ، فقال :
- تريدون الحكاية ؟
- نعم
قال :
- لا بأس سنجعلها أربع حكايات .
ودهشنا:
- أربع حكايات وفى هذا اليوم بالذات !
وواصل أبى حديثه قائلا :
- ستكون أجمل حكايات
وأشار لي وهو يمسح العرق من فوق جبهته وقال : - أنت تحكى حكاية
وأشار إلى أخي الثاني :
- وأنت تحكى حكاية .. وأختك .. وأخوك
اعتدت أن أقول لكم فلماذا لا أسمع منكم الآن .. هناك مشاهد في رحلاتكم إلى المدرسة .. وأشياء جديرة بالاهتمام تحدث هنا .
قلنا بفرح :
- والله فكرة
وأخذنا نحكى ، كل واحد حكى حكاية جميلة ، واكتشفنا أننا نستطيع أن نحكى ، ونظرنا إلى أبى وقد زاد البشر على وجهه وقال :
- لم أسمع أجمل من هذه الحكايات هكذا يمكنكم أن تسمعوا الحكاية دوما سواء كنت معكم أو خارج البيت .
واتفقنا مع أبى في أن نتبادل الحكايات .
(تمت)
Comment