جثة مجهولة المعالم
قصة / سامى النجار
تعوى صفارات الإنذار ، يتناهى إلى أسماع الآمنين عواءها ، تمتلأ القلوب
رعبا ، تجحظ العيون، ترتعش الأجساد ، يتحول شعر الأبدان والرؤوس إلى أشواك ، يتحرك الجميع ، تحضن الأمهات أطفالهن ، يتشبث الكهول بالعكاكيز ،
تمتد الأيدى إلى الأبواب تفتحها ، يهبط القاطنون فى الأدوار العليا السلالم، ينساب القاطنون فى الأدوار السفلى من الأبواب إلى المخابئ . فى سماء المدينة الوادعة تحوم الأشباح المخيفة ، تبرق عيونها كالرعد ، تمتد مخالبها المميتة ، تلقى بكرات
سوداء، تهبط، تنفجر الكرات السوداء ، تزحف العقارب القاتلة تتنفث بنيرانها تندلع النيران ، تنهار البيوت الآمنة تتحول إلى أكوام .
فى نفس المساء الأسود ، تزعق أبواق الإزاعات ، تلمع شاشات التلفزة سوداء ملونة البعض يكتفى بالمشاهدة والوصف ، فى صباح اليوم التالى لهذا المساء الأسود ترفع الأنقاض . تحت الأنقاض أشلاء متناثرة أرواح بريئة فارقت الأجساد أطفال أجسادهم ممزقة ، بقايا أيديهم تتشبث بصدور أمهاتهم ،عجائز تفتت عظامهم بقايا أيديهم تتشبث بالعكاكيز ، نساء تفحمت أجسادهن ، بقايا أيديهم
تتشبث بأعناق أطفالهن ، بين الجثث المتناثرة جثة سوداءإتمحت معالم وجهها صارت مجهولة تماما ، بعد عدة سنوات مازالت صفارات الإنذار تعوى ، مازالت الأشباح تحوم ، مازالت الأبواق تزعق ، مازالت الأنقاض ترفع ، مازالت الجثة مجهولة المعالم ، مجهولة المعالم .
تــــمـــت
Comment