Tweet
من الأداب الإسلامية
آداب المجالس
بقلم / ياسر دويدار
ــ أحبائي الصغار سوف نتناول اليوم الحديث عن آداب المجالس و مجالسة الصالحين:
فيجب علي الشبل الصغير المسلم أن يحسن اختيار من يجلس إليهم ويصاحبهم؛ فيختارهم من أهل الصلاح والتقوى، وممن يُعْرَفون بطاعة الله وعبادته، والمسلم لا يتخذ جلساءه ممن لا دين لهم ولا أدبًا ؛ لأن الجليس والرفيق له تأثير كبير في نفس من يجالسه.
والمسلم يحرص على عدم مجالسة العاطلين والمدمنين والمنحرفين أخلاقيَّا حتى لا يؤثروا عليه، ويجتذبوه إلى طريقهم، وهو يسمع كل يوم أو يقرأ حادثة جديدة يكون سبب الانحراف فيها هو مجالسة شاب مدمن، أو عاطل أو شاذِّ أو منحرف؛ لذا فهو يختار أصدقاءه من أصحاب الأخلاق الحسنة، ومن الناجحين في دراستهم وأعمالهم.
فسأله حفيد محمد بأدب جم كما عودة جدة قائلاً:
ــ وما الدليل علي ذلك يا جدي في السنة المحمدية 0
فأجابه الشيخ صالح قائلاً :
ـــ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الرجل على دين خليله ؛ فلينظر أحدكم من يخالل)
[أبوداود والترمذي].
وشبه الرسول صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح والصديق الحسن بحامل المسك، أما الجليس السوء فهو كالذي ينفخ في النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير . فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك من المسك) وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً . ونافخ الكِير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) [متفق عليه].
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على مجالسة الصالحين الأتقياء، فقال صلى الله عليه وسلم:
( لا تصاحبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامك إلا تقي)[أبو داود والترمذي]
ثم صمت الشيخ صالح برهة..
ثم أردف قائلا وهو يرمي إلي إصلاح بعض أخطاء الأشبال :
ـــ وللمجالس آداب يجب علي الشبل المسلم القويم أن يعرفها حق معرفة .
فسأل حسن الشيخ صالح قائلاً :
ـــ وهل للمجالس آداب سيدي الشيخ ؟
فأجاب الشيخ صالح قائلاً :
ــ نعم يا حسن .
فطلب حسن من الشيخ صالح قائلاً :
ــ نرجو إلقاء الضوء علي أهم هذه الآداب يا شيخ صالح حتى نتعلم آداب ديننا الإسلامي القويم.
فابتسم الشيخ صالح قائلاً بهدوء:
ــ بارك الله فيك يا حسن علي هذا السؤال الجميل ، سأنزل علي طلبك وأجيبك .. تتمثل آداب المجالس في الأتي :
ــ يجب علي الأشبال الذين يحضرون حلقات الذكر ألا يتحاورون :
في حديث منفرد ؛ لأن هذه المناجاة تُحزن الجليس الثالث، وتجعله يشعر بالضيق، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه)
[البخاري].
ــ الإفساح للقادم:
فإذا كانت هناك جماعة تجلس في مجلس، وقدم عليهم آخرون وكان المكان ضَيِّقًا، فيجب على الجالسين أن يفسحوا ويوسعوا للقادمين ما أمكنهم ذلك، قال الله تعالى:
{ يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فأفسحوا يفسح الله لكم }[ المجادلة: 11]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( خير المجالس أوسعها )[أخرجه أبو داود وأحمد].
ــ عدم القيام للقادمين بقصد تعظيمهم:
فإن ذلك مُحَرَّم شرعًا، ويتأكد هذا التحريم إذا كان من يقوم له الناس يحب ذلك منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظِّم بعضهم بعضًا ) [ أخرجه أبو داود وأحمد].
فرفع محمد يده قائلاً :
ــ أسمح لي يا جدي أن أضيف حديثاً .
فسمح له جدة قائلاً :
ــ تفضل يا محمد فكل آذان مصغية .
فقال محمد بهدوء وثقة عالية :
ــ هناك حديث نبوي يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من سَرَّه أن يمْثُلَ له عباد الله قيامًا، فليتبوأْ بيتًا من النار) [البخاري في الأدب المفرد].
وابتسم الشيخ صالح قائلاً :
ــ بارك الله فيك يا محمد !!
وسال محسن الشيخ صالح قائلاً :
ــ وماذا لوقمت لوالدي أو لأستاذي 0
فابتسم الشيخ صالح قائلاً بهدوء :
ــ لا مانع يا محسن من القيام للوالدين، أو لرجل كبير، أو عالم جليل، أو لولي أمر، أو أستاذ له الفضل، أو القيام بقصد المصافحة أو المعانقة أو التهنئة؛ فإن كل هذا من الأدب الإسلامي، فقد حثنا ديننا الإسلامي على احترام الناس وإنزالهم منازلهم وإكرام كريمهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار أن يقوموا لسيدهم سعد بن معاذ - رضي الله عنه- فقال :
( قوموا لسيدكم ) [البخاري].
ــ إلقاء السلام والجلوس حيث انتهى المجلس:
يجب علي الشبل المسلم أن يلقي السلام إذا دخل على قوم وأراد أن يجلس معهم، فقد لاحظت أن أحد الأشبال الصغار جلس في المجلس دون إلقاء السلام وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال:
( إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلِّم )[الترمذي].
كذلك يجلس المسلم حيث ينتهي جلوس الناس، ولا يجوز له أن يقيم أحدًا من مكانه ؛ ليجلس فيه مهما كانت مكانته ؛ فالناس لآدم، وآدم من تراب، كلهم سواسية كأسنان المشط لا فرق بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
( لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه )[متفق عليه].
ولا يجلس المسلم وسط المجلس، فقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
( لُعِنَ من جلس وسط الحلقة ) [أبو داود والترمذي]
ولا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما، قال صلى الله عليه وسلم:
( لا يُجْلَسْ بين رجلين إلا بإذنهما )[أبوداود].
ــ مراعاة الأدب إذا عطس المسلم أو سعل أو بصق:
وقد تطرق الشيخ صالح إلي عطس أحد الأشبال قائلاً :
ــ على الشبل المسلم أن يتجنب إيذاء الحاضرين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه ( فمه ) وخفض - أو غض- بها صوته
[أبو داود والترمذي].
وإذا عطس المسلم قال : ( الحمد لله ) ؛ فيقول له الجالسون: ( يرحمكم الله ) ويرد عليهم قائلا:
(يهديكم الله ويصلح بالكم).
ومن الآداب التي يجب على المسلم أن يراعيها في جلوسه :
ــ الجلوس في اعتدال:
المسلم يجلس معتدلا متأدبًا، لا يحدق النظر في الجالسين حوله، ولا يكثر من التنقل في المجلس، ولا يفعل ما ينافي الذوق السليم والطبع الحميد، ولا يقف والقوم جالسون، ولا يجلس والناس واقفون، كما أن المسلم يلتزم في مجلسه بالوقار والسكينة وحسن المظهر.[البخاري].
ــ التأدب في المحاورة:
المسلم يجلس جلسة المتأدب الوقور، ينصت إلى كلام المتحدثين، ما لم يتحدثوا بإثم أو معصية، ولا يقاطع أحدًا أثناء حديثه، وإذا تحدث كان كلامه لطيفًا، فيُسمع مَنْ حوله من غير رفع للصوت، قال تعالى: {واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} [لقمان: 19].
وإذا عرض المسلم رأيه عرضه بهدوء ووضوح، حتى يفهمه الناس؛ فإذا رأى أن يعيد كلامه ليفهم من لم يفهم أعاد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى يفهمها المستمع، وقد وصفت السيدة عائشة - رضي الله عنها- كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها:" كان كلامه فصلا يفهمه كل من سمعه " .
والمسلم في حواره يحرص على عدم الحديث بما لا يعلمه، قال تعالى :
{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} [الإسراء: 36].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع)[ رواة مسلم].
كما أنه يحرص على الاستماع إلى الآخرين واحترام رأي جلسائه، ولا يُطيل الكلام حتى لا يملَّ الناس حديثه ومجلسه.
ــ إلقاء السلام عند الانصراف:
الشبل المسلم إذا أراد أن ينصرف استأذن من الجالسين معه، وألقى عليهم السلام، قال صلى الله عليه وسلم : (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلِّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلِّم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة) [أبوداود والترمذي].
ــ عدم السمر بعد العشاء:
فالشبل المسلم لا يجلس في مجالس بعد العشاء إذا كانت لا تفيده أو تفيد غيره، ولا يكتسب منها سوى السمر والسهر، والأَوْلى أن ينام المسلم مبكِّرًا حتى يستيقظ مبكِّرًا، ويؤدي صلاة الفجر، ويبدأ أعماله في الصباح في وقت البكور الذي جعله الله -عز وجل- وقتًا طيبًا مباركًا، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النوم قبل العشاء، والحديث بعدها.
[أبوداود].
دعاء كفَّارة المجالس:
يجب علي الشبل المسلم أن يذكر ربه في مجلسه دائمًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جِيفة حمار، وكان لهم حسرة) [أبوداود].
ولْيلتزم الشبل المسلم في نهاية مجلسه بدعاء كفارة المجلس، كما أرشدنا إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:
(كفَّارة المجالس أن يقول العبد: سبحانك اللهم وبحمدك . أشهد أن لا إله إلا أنت . أستغفرك وأتوب إليك) [أحمد].
وفهم الأشبال الصغار الرسالة التي وجهها لهم الشيخ صالح بطريقة أدبية وقد وعدوه بعدم تكرار ذلك مرة أخري والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي وهتف الجميع قائلين :
ــ شكراً لك يا شيخنا الجليل ..صالح0
تمت