Announcement

Collapse
No announcement yet.

كتاب جواهر الأدب-فنون الإنشاء-6-

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • كتاب جواهر الأدب-فنون الإنشاء-6-

    وكتب الفاضل عبد العزيز بك محمد"
    عهدي بالسيد الجليل أدامه الله مصدراً للمكارم تستق منه صفاتها ومظهراً للفضائل تتجلى فيه آياتها سباقاً إلى غايات المجد درا كالمطلب الحمد أريحيا لا يصبو إلا إلى إسداء المنن جواداً لايطمع طرفه في بث عوارفه إلى ثمن ما أمه أسير فاقة إلا وألفى لديه كهفاً منيعاً وجاهاً رفيعاً قصده ذو حاجة إلا وصدر عن مورد فضله شادياً بثنائه معلناً بولائه وإن لي إلى السيد حاجة إن لم يسعف بقضائها فيا حسرة نفسي وطول شقائها وليست هذه بأول مرة استمحت فيها عالي مروءته واستمطرت صيب همته فإنه طالما طوقني قلائد نعمه وأرسل علي مدرار كرمه فليجر في هذه أيضاً على عادته ويقابلني بما عودني من كرامته: ومعاذ الله أن اسأله ما ليس في وسعه أن أستقضه شيئاً يحرص على منعه: ولكنني:
    أريد بسطةَ كفّ أستعينُ بها

    على قضاء حقوق للعلى قبلي
    والذي يكفلُ لي تلك البسطة أن يقلدني سيدي وظيفة مناسبة لحالتي حتى تكون لي درعاً أتقى بها مهانة الفقر وسيفاً أكف به عوادي الدهر ومالي والأقسام عليه في إنالتي هذه البغية بنفيس وقت قضيته في خدمة العلم واقتناء أبكاره وطويل عناء تحملته في مزاولة الأدب واكتشاف أسراره ونفس ارتاضت بالفضل وآثرت غصة الفقر على منة البذل ووله من سنيات الفضائل وعليات الفواضل وجليات المآثر وجليلات المفاخر ما لو أقسم به عليه في إنالة أعز المطالب لألزمه كرم سجاياه بر ذلك القسم وإجابة دواعي الهمم: وإنك لفاعل إن شاء الله تعالى.
    "وكتب فقيد الأدب حسن أفندي توفيق المتوفي بلندن سنة 1322ه?"
    كتابي إلى رب النعماء واليد البيضاء وقد أصبحت كما قال الحريري خاوي الوفاض بادي الأنفاض لا أملك بلغة ولا أجد في جرابي مضغة قد التوى علي أمري وثقل من حاجتي ظهري مد الاحتياج إلى أطنابه وسربلني الافتقار إهابه والدنيا مكدرة بأحداثها وقصورها منمغضة بأجداثها نعيمها يضفو ولكن لا يصفو وأنت كما أعلم مفرج كريبي ومنقذي من شدتي، بطرفة من طرف رفدك ولمحة من لمحات برك فإن استدررت حلوبة مالك فقد لاذ غيري بجاهك ما يممت غيرك وكيف يقصد النهر من جاوز البحر ويحتاج إلى النجم من يسري في ضوء البدر فأستهز عطف جودك وأستمطر سحاب كرمك كيف وأنت قبلة المعروف: وملاذ الملهوف إليك تشد الرحال وبك تناط الآمال مال أولياؤك منك في ظل ممدود وهناء وسعود أفأنت الشمس عمت بالإشراق أو الغيث وغلى الاندفاق: لكن.
    منْ قاسَ جدواك يوماً

    بالسُّحبِ أخطأ مدحك

    فالسُّحبُ تعطي وتبكي

    وأنت تعطي وتضحك
    نسب الكرم بك عريق وروض المجد أنيق أصل راسخ وفرع شامخ تهتز للمكارم اهتزاز الحسام وتثبت أمام الشدائد بثغر بسام.
    تراه إذا ما جئتهُ متهلّلاً

    كأنّك تعطيه الذي أنتَ سائلهُ
    حكمت الآمال في أموالك واستعبدت الأحرار بفعالك ينابيع الجود من أناملك تتفجر وربيع السماح بك ضاحك لايضجر فلا زلت مولاي ممتعاً بشرف سجاياك وشيمك مستمداً الشكر من غراس نعمك ولازالت الأنام تنفع بتلك الشيم وتجني ثمار ذلك الكرم ودمت للمكارم بدر تم لا يناله خسوف وشمس فضل لا يحلقها كسوف: أطال الله لك البقاء كتطول يديك بالعطاء آمين.
    الفصل الثالث في رسائل الشكر
    "كتب أبو منصور الثعالبي المتوفي سنة 429ه?"
    الشكر ترجمان النية ولسان الطوية وشاهد الإخلاص وعنوان الاختصاص عندي من إنعامه وخاص بره وعامه ما يستغرق منه الشكر ويستنفذ قوة شكر الأسير لمن أطلقه والمملوك لمن أعتقه شكر كأنفاس الأحباب في الأسحار أو أنفاس الرياض غب الأمطار.
    "وكتب الحسن بن وهب المتوفي سنة 472ه?"
    من شكرك على درجة رفعته إليها أو ثروة أقدرته عليها فإن شكري لك على مهجة أحييتها وحشاشة أبقيتها ورمق أمسكت به وقمت بين التلف وبينه فلكل نعمة من نعم الدنيا حد تنتهي إليه ومدى تقف عنده وغاية من الشكر لايسمو إليها الطرف خلا هذه النعمة التي فاقت الوصف وأطالت الشكر وتجاوزت قدره (وأنت من وراء كل غاية رددت عنا كيد العدو وأرغمت أنف الحسود) فنحن نلجأ منك إلى ظل ظليل وكنف كريم فكيف يشكر الشاكر وأين يبلغ جهد المجتهد.
    "وكتب الأمير أبو الفضل الميكالي المتوفي سنة 436ه?"
    فأما الشكر الذي أعارني رداءه وقلدني طوقه وسناءه فهيهات أن ينتسب إلا إلى عادات فضله وأفضاله أو يسير إلا تحت رايات عرفة ونواله وهو ثوب لايحلى بذكره طرازه واسم له حقيقته ولسواه مجازه ولو انه حين ملك رقي بأياديه وأعجز وسعي عن حقوق مكارمه ومساعيه خلي لي مذهب الشكر وميدانه ولم يجاذبني زمامه وعنانه لتعلقت في بلوغ بعض الواجب بعروة طمع ونهضت فيه ولو على وهن وطلع ولكنه يأبى إلا أن يستولي على أمد الفضائل ويتسنم ذرا الغوارب منها والكواهل فلا يدع في المجد غاية إلا سبق إليها فارطا وتخلف سواه عنها حسيراً ساقطاً لتكون المعالي بأسرها مجموعة في ملكه منظومة في سلكه خالصة له من دعوى القسم وشركه.
    "وكتب أستاذي الحكيم الشيخ محمد عبده إلى حافظ بك إبراهيم"
    لو كان بي أن أشكرك لظن بالغت في تحسينه أو أحمدك لرأي لك فينا أبدعت في تزيينه لكان لقلمي مطمع أن يدنو من الوفاء بما يوجبه حقك ويجري في الشكر إلى الغاية كما يطلبه فضلك لكنك لم تقف بعرفك عندنا بل عممت به من حولنا وبسطته على القريب والبعيد من أبناء لغتنا زفقت إلى أهل اللغة العربية عذراء من بنات الحكمة العربية سحرت قومها وملكت فيهم يومها ولا تزال تنبه منهم خامداً وتهز فيهم جامداً بل لا تنفك تحيي من قلوبهم ما أماتته القسوة وتقوم من نفوسهم ما أعوزت فيه الأسوة حكمة أفاضها الله على رجل منهم فهدى إلى التقاطها رجلاً منا فجردها من ثوبها الغريب وكساها حلة من نسج الأديب وجلاها للناظر وحلاها للطالب بعدما أصلح من خلقها وزان من معارفها حتى ظهرت محببة إلى القلوب رشيقة إلى مؤانسة البصائر تهش للفهم وتبش للطف المذوق وتسابق الفكر إلى موطن العلم فلا يكاد يلحظها الوهم إلا وهي من النفس في مكان الإلهام.
    حاول قوم من قبلك أن يبلغوا من ترجمة الأعجم مبلغك فوقف العجز بأغلبهم عند مبتدأ الطريق ووصل منهم فريق إلى ما يحب من مقصده ولكنه لم يعن بأن يعيد إلى اللغة العربية ما فقدت من أساليبها ويرد ما سلبه المعتدون عليها من متانة التأليف وحسن الصياغة وارتفاع البيان فيها إلى أعلى مراتبه: أما أنت فقد وفيت من ذلك ما لا غاية لمريد بعده ولا مطمع لطالب أن يبلغ حده، ولو كنت ممن يقول بالتناسخ لذهبت إلى أن روح "ابن المقفع" كانت من طيبات الأرواح، فظهرت لك اليوم في صورة أبدع ومعنى أنفع ولعلك قد سننت بطريقتك في التعريب سنة يعمل عليها من يحاوله بعد ظهور كتابك ويحملها الزمان إلى أبناء ما يستقبل منه فتكون قد أحسنت إلى الأبناء كما أجملت في الصنع مع الآباء وحكمت للغة العربية أن لا يدخلها بعد من العجمة ما هو الأسماء الأماكن والأشخاص لا أسماء المعاني والأجناس: ومثلي من يعرف قدر الإحسان إذا عم ويعلي مكان المعروف إذا شمل ويتمثل في
    (1/61)
    ________________________________________
    رأيه بقوله:
    ولو أ'ني حبيتُ الخلدَ فرداً

    لما أحببت بالخلدِ انفرادا

    فلا هطلت علي ولا بأرضي

    سحائبُ ليسَ تنتظم البلادا

    فما أعجز قلمي عن الشكر لك وما أحقك بأن ترضى من الوفاء باللقاء.

    "وكتب أيضاً في الشكر مع المودة إلى بعض أصحابه"
    لك في قلوبنا من المودة ما يزكيه سناؤك وفي مناطقنا من الحمد ما يوجبه كمالك وفي صدورنا من الإجلال ما يرفعه بهاؤك وما بيننا من المودة لا تحده منه ولا تخلق له جده نعيذه من حاجة للتجديد واستدعاء للمزيد فلا المواصلة تربيه ولا المجاهلة توهيه: نعم إن ما يحفظ لك في الأنفس هو تجلي فضلك ومثال علائك ونبلك وذلك الخالد بخلود الأرواح الباقي في تفاني الأشباح.
    وبعد فقد تلقيت منك كتاباً يبوح بسر المحبة وبنشر طي الصداقة فيه تبيان وجدانك مما وجدنا وتأثرك على ما فقدنا فكان نبأ عما نعلم وقضاء بما نحكم ولكن شكرنا لك فضل المراسلة وأريحية المجاملة والله يتولى إيفاءك مثوبة تكافئ وفاءك.
    "وكتب أيضاً في الشكر لآخر"
    لو كان في الثناء وملازمة الدعاء وحفظ الجميل والقيام بالخدمة جهد المستطيع ما يفي بشكر من يفتتح باب المحبة ويبدأ بصنائع المعروف لكنت والحمد لله من أقدر الناس عليه ولكن أني يكون في ذلك وفاء والمحبة سر نظام الأكوان والإحسان قوام عالم الأمكان والقائم على كنه جميعه قيوم السموات والأرض والمفتتحون لأبواب العرف على هذه النسبة الجليلة منه فليس لي إلا أن ألجأ إلى الله في مكافأة فضيلتكم على ما كان منكم أيام الإقامة بينكم ثم أسلي نفسي عن عجزي بما أتخيل أن كرمكم سيروي:
    سيكفي الكريم إخاءُ الكريم

    ويقنع بالودّ منه توالا
    (1/62)
    ________________________________________
    وبعد هذا أرجو عفوكم عن التقصير في المبادرة إلى المكتبة لأني شغلت بما شغلني عن نفسي ولكن زالت العوارض والحمد لله: وفاتني لهذا العذر تهنئتكم بالعيد: وإنما للمؤمن في كل يوم بربه عيد فنهنئكم برضاء الله عنكم وتقبله صالح الأعمال منكم: وسلامي على نجلكم ومن يتمنى إليك.

    الفصل الرابع في رسائل النصح والمشورة
    "كتب بديع الزمان الهمذاني المتوفى سنة 398 ه?"
    اسمعْ نصيحةَ ناصحٍ

    جمعَ النصيحة والمقه

    إياك واحذرْ أن تكون

    ن منْ الثقاتِ على ثقة

    صدق الشاعر وأجاد وللثقات خيانة في بعض الأوقات: هذه العين تريك السراب شراباً وهذه الأذن تسمعك الخطأ صواباً فلست بمعذور إن وثقت بمحذور وهذه حالة الواثق بعينه السامع بأذنه وأرى فلاناً يكثر غشيانك وهو الدنيء دخلته الرديء جملته السيء وصلته الخبيث كلته وقد قاسمته في زرك وجعلته موضع سرك فأرني موضع غلطك فيه حتى أريك موضع تلافيه أفظاهره غرك أم باطنه سرك.
    يا مولاي يوردك ثم لا يصدرك ويوقعك ثم لا يعذرك فاجتنبه ولا تقربه وإن حضر بابك فاكنس جنابك وإن مس ثوبك فاغسل ثيابك وأن لصق بجلدك فاسلخ إهابك ثم أفتتح الصلاة بلغته وإذا استعذت بالله من الشيطان فأعنه.
    "وكتب الاسكندر المقدوني إلى أستاذه الحكيم أرسطو"
    "يستشيره فيما يفعله بأبناء ملوك فارس بعد أن قتل آباءهم وتغلب على بلادهم"
    عليك أيها الحكيم منا السلام أما بعد فإن الأفلاك الدائرة والعلل السماوية وإن كانت أسعدتنا بالأمور التي أصبح الناس لنا بها دائنين فإنا مضطرون إلى حكمتك غير جاحدين لفضلك والاجتباء لرأيك لما بلونا من أجداء ذلك علينا وذقنا من جنى منفعته حتى صار ذلك وبنجوعه فينا وترسخه في أذهاننا كالغذاء لنا فما ننفك نعول عليه ونستمد منه استمداد الجداول من البحار وقد كان مما سبق إلينا من النصر وبلغنا من النكاية في العدو ما يعجز القول عن وصفه والشكر على الإنعام به وكان ذلك أنا أرض سورية والجزيرة إلى أرض بابل وفارس فلما نزلنا بأهلها لم يكن إلا ريثما تلقانا نفر منهم يرأس ملكهم هدية وطلباً للحظوة عندنا فأمرنا بصلب من جاء به وشهرته لسوء بلائه وقلة أرعوائه ووفائه ثم أمرنا بجمع من كان هنالك من أولاد ملوكهم وأحرارهم وذوي الشرف منهم، فرأينا رجالاً عظيمة أجسامهم وأحلامهم حاضرة ألبابهم وأذهانهم رائعة مناظرهم ومناطقهم دليلاً على أن وراء ذلك ما لم يكن معه سبيل إلى غلبتهم لولا أن القضاء أدالنا منهم وأظهرنا عليهم ولم نر بعيداً من الرأي في أمرهم أن نستأصل شأفتهم وتجتث أصلهم ونلحقهم بمن مضى من أسلافهم لتسكن القلوب بذلك إلى الأمن من جرائرهم وبوائقهم فرأينا أن لا نعجل ببادرة الرأي في قتلهم دون الاستظهار بمشورتك فيهم؟؟ فارفع إلينا رأيك في ما استشرناك فيه بعد صحته عندك وتقليبك إياه بجلي نظرك.
    والسلام على أهل اللام فليكن علينا وعليك.
    "وكتب أرسطو المتوفى قبل الميلاد سنة 322 إلى الاسكندر المقدوني"
    إن لكل تربة ولا محالة قسماً من كل فضيلة وإن لفارس قسمها من النجدة والقوة وإنك إن تقتل أشرافهم تخلف الوضعاء منهم على أعقابهم وتورث سفلتهم منازل عليتهم وتغلب أدنياءهم على مراتب ذوي أخطارهم ولم تبتل الملوك قط ببلاء هو أعظم عليهم من غلبة السفلة وذل الوجوه وأحذر الحذر كله أن تمكن تلك الطبقة من الغلبة فإنهم إن نجم منهم ناجم على جندك وأهل بلادك دهمهم ما لا روية فيه ولا منفعة معه فانصرف على هذا الرأي إلى غيره وأعمد إلى من قبلك من العظماء والأحرار فوزع بينهم مملكتهم وألزم اسم الملك كل من وليته منهم ناحية وأعقد التاج على رأسه وإن صغر ملكه فإن المتسمي بالملك لازم لاسمه والمعقود له التاج لا يخضع لغيره ولا يلبث ذلك أن يوقع بين كل ملك وصاحبه تدابراً وتغالباً على الملك وتفاخراً بالمال والجند حتى ينسوا بذلك أضغانهم عليك وتعود بذلك حربهم لك حرباً بينهم ثم لا يزدادون بذلك بصيرة إلا أحدثوا هنالك استقامة لك فإن دنوت منهم كانوا لك وإن تأيت عنهم تعززوا بك حتى يثبت كل منهم على جاره باسمك وفي ذلك شاغل لهم عنك وأمان لأحداثهم بعدك (وإن كان لا أمان للدهر) وقد أديت للملك ما رأيته خطأ وعلي لاحقاً: والملك أبعد روية وأعلى عيناً في استعان بي عليه.
    والسلام الذي لا انقضاء له ولا انتهاء ولا غاية ولا فناء فليكن على الملك.
    "ومن رسالة للإمام علي المتوفى سنة 40 ه?"
    دع الإسراف مقتصداً واذكر في اليوم غداً وامسك من المال بقدر ضرورتك وقدم الفضل ليوم حاجتك أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين أو تطمع وأنت متمزغ في نعيم تمنعه الضعيف والأرملة أن يوجب لك ثواب المتصدقين.
    وإنما المرء مجزيء بما أسلف وقادم على ما قدم: والسلام.
    "وكتب أيضاً كرم الله وجهه إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما"
    أما بعد فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه فليكن سرورك بما نلت من آخرتك وليكن أسفك على ما فات منها وما نلت من دنياك فلا تكثر فيه فرحاً وما فاتك منها فلا تأسف عليه جزعاً وليكن همك فيما بعد الموت.
    "وكتب بطل الوطنية السيد عبد الله النديم المتوفى سنة 1314 ه?"
    لا حول ولا قوة بالله اشتبه المراقب باللاه واستبدل الحلو بالمر وقدم الرقيق على الحر وبيع الدر بالخزف والخز بالخشف وأظهر كل لئيم كبره (إِنّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران: 13] سمعاً سمعاً فالوشاة إن سمعوا لا يعقلوا (وّيُحِبّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ) [آل عمران: 188] فكيف تشترون منهم القار في صفة العنبر و(قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) [آل عمران: 118] وكيف تسمع الأحباب لمن نهى منهم وزجر (وَلَقَدْ جَآءَهُم مّنَ الأنبَآءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ) [القمر: 4] عجبت لهم وقد دخلوا دارنا (وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) [يوسف: 105] (فَلَمّآ أَحَسّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مّنْهَا يَرْكُضُونَ) [الأنبياء: 12] فقابلوهم بنبال الطرد في الأعناق (حَتّىَ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدّواْ الْوَثَاقَ) [محمد: 4] أيدخلون بما لا ينفع في بيوت أذن الله أن ترفع سيعلمون مقام الهبوط والعروج (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصّيْحَةَ بِالْحَقّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) [ق: 42] ويقولون إذا لم يجدوا ملاذاً (يَوَيْلَنَا قَدْ كُنّا فِي غَفْلَةٍ مّنْ هََذَا) [الأنبياء: 97] فإنهم عزموا على الإقامة مدة ولو أرادوا الخروج لأعدوا لهم عدة وأنت يا عزيز العليا ووحيد الدنيا بيتت لك فعلهم (فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ) [آل عمران: 159] ولكنهم طمعوا في عميم طولك (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضّواْ مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159] أتراهم يعقلون كلامك أم يفهمون
    (لَعَمْرُكَ إِنّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الحجر: 72] لهم قلوب لا يدرون بها للحسد قرار لَوِ اطّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوْلّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً) [الكهف: 18] وأني قد شيدت لك بقلبي حصناً صعباً (فَمَا اسْطَاعُوَاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً) [الكهف: 97] نسيت بالعاذل جميل الصوت وأنكره ما أنسانبه إلا الشيطان أن أذكره رميت أيها العاذل بسيف الغدر في نحرك أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك فإن لم ترجع عن السحر وفعله فلنأتينك بسحر مثله كيف يسعى العاذل بين النديم وإلفه (وَقَدْ خَلَتِ النّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) [الأحقاف: 21] فيا سادتي دعوني من المعجب والمطرب (لّيْسَ الْبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) [البقرة: 177] واجعلوا سيف ثباتكم للعذال مسلولا (لّيْسَ الْبِرّ أَن تُوَلّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) [الإسراء: 34] فإنهم قالوا كذب النديم أو بطر سيعلمون غداً من الكذاب الأشر وها قد صار أمر الحزبين عندك جلياً أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً أتظن عهد العذل عند غضبك لا ينكث مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث على أنه لكم عدو كبير ففروا إلى الله إني لكم منه نذير فإنه جمع لقتالك الأولاد والأحفاد وآخرين مقرنين في الأصفاد تركوا أمر الله واشتغلوا بما يرضونه فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه: وطني أن وصل إليك كتابي أنهم يطرون ويردعون (وَحَرَامٌ عَلَىَ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) [الأنبياء: 95] أيعجبك إذا مشى هذا اللاه ثاني عطفه (لِيُضِلّ عَن سَبِيلِ اللّهِ) [القمان: 6] وإنك وإن فرحت بعلم ما يجهلون قد نعلم إنه لحزنك الذي يقولون: فإن قلت إن اجتماعي بهم لأجل الصدقة أو شيء من هذا القبيل (إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ) [التوبة: 60] على أنه لا تحل الصدقة لذميم (هَمّازٍ مّشّآءِ بِنَمِيمٍ) [القلم: 11] وطباعهم كما تعلم منكرة مستقذرة (كَأَنّهُمْ حُمُرٌ مّسْتَنفِرَةٌ فَرّتْ مِن قَسْوَرَةٍ) [المدثر: 50 51] وقد قال (وفائي) خاطب عزيزك هذه المرة وإن لم يعمل فيك فكرا (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلّهُ يَزّكّىَ أَوْ يَذّكّرُ فَتَنفَعَهُ الذّكْرَىَ) [عبس: 3 4] فقال (لساني) إن الود هو الرسول المأمون (فَأَرْسِلْهِ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدّقُنِي إِنّيَ أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ) [القصص: 34] فقلت سيروا مع المحبة ذات الفتوة (وَلاَ
    تَكُونُواْ كَالّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوّةٍ) بالنحل: 92] وقولوا له عند الغاية قد جئناك بآية ولا تهابوا الجيش وإن كبر سيهزم الجمع ويولون الدبر ولا تظنوا من ظاهر الأمر حلول البلوى (إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىَ) [الأنفال: 42] بل قاتلوهم قتال المستشهدين (وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ) [التوبة: 123] وإذا اشتبك القتال فليدب كل منكم على مولاه (وَإِن جَنَحُواْ لِلسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ) [الأنفال: 61] فسيروا ودعوا الأولاد والجنة (وَسَارِعُوَاْ إِلَىَ مَغْفِرَةٍ مّن رّبّكُمْ وَجَنّةٍ) [آل عمران: 133] ولا تسألوا عن الميرة من أصله (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) [التوبة: 28] فإن الله قد أثاركم لقتال العذال العائبين (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مّنَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ) [آل عمران: 127] واحملوا عليهم فإنهم متى طعنوا في جنوبهم رضوا أن يكونوا مع الخوالف (وَطَبَعَ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِهِمْ) [التوبة: 93] ولا تدبروا إذا رأيتموهم قدامكم (إِن تَنصُرُواْ اللّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7] وإن أخذتم أسرى فقاتلوا أنصارها (فَإِمّا مَنّا بَعْدُ وَإِمّا فِدَآءً حَتّىَ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) [محمد: 4] فإن أطعتم رفعتم وأصلح الله بالكم (وَإِن تَتَوَلّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمّ لاَ يَكُونُوَاْ أَمْثَالَكُم) [محمد: 38] وسأتلوا في خطبتكم عند قدومكم سالمين (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام: 45].
    "وكتب أستاذي الإمام الحكيم الشيخ محمد عبده المتوفى سنة 1323 ه?"
    عرض لي ما منعني من قراءة الجرائد نحو أسبوع وكنت أسمع فيه بحادثة (ميت غمر) من بعض الأفواه أظنها من الحوادث المعتاد وقوعها حتى تمكنت من مراجعة الجرائد ليلة الخميس الماضي فإذا لهب ذلك الحريق يأكل قلبي أكله لجسوم أولئك المساكين سكان (ميت غمر) ويصهر من فؤادي ما يصهره من لحومهم حتى أرقت تلك الليلة ولم تغمض عيناي إلا قليلاً وكيف ينام من يبيت يتقلب في نعم الله وله هذا العدد الحم من أخوة وأخوات يتقلبون في شدة البأساء فأردت أن أبادر بما أستطيع من المعونة وما أستطيعه قليلاً لا يغني من الحاجة ولا يكشف البلاء ثم رأيت أن ادعوا جمعاً من أعيان العاصمة ليشاركوني في أفضل أعمال البر في أقرب وقت وكان ذلك يوم السبت فحضر منهم سابقون وتأخر آخرون وكتب بعضهم يعتذرون فشكر الله سعي من حضر وجزى خيراً من اعتذر وغفر لمن تأخر.. على أنه ليس الحادث بذي الخطب اليسير فالمصابون خمسة آلاف وبضع مئين منهم الأطفال الذين فقدوا عائليهم والتجار والصناع الذين هلكت آلاتهم ورؤوس أموالهم ويتعذر عليهم أن يبتدئوا الحياة مرة أخرى إلا بمعونة من إخوانهم وإلا اصبحوا متلصصين أو سائلين والذين فقدوا بيوتهم ولا يجدون ما يأوون إليه ولا مال لهم يقيمون ما يؤويهم من مثل بيوتهم المتخربة لهذا رأيت ورأى كل من تفكر في الأمر أن يجمع مبلغ وافر يتمكن به من تخفيف المصاب عن جميع أولئك المنكوبين.

    "وكتب أيضاً في الغرض المذكور"
    قد بلغكم ولا ريب من أخبار الجرائد ما عليه أهل (ميت غمر) بعد الحريق الذي أصاب مدينتهم فهم بلا قوت ولا ساتر ولا مأوى فليتصور أحدكم أن الأمر نزل بساحته أفما كان يتمنى أن يكون جميع الناس في معونته فليطالب الآن كل منا نفسه بما يطالب به الناس لو نزل به ما نزل بهم ولينفق مما له ما يدفع الله به عنه مكروه الدهر.. فأرجو من همتكم أن تدفعوا شيئاً من مالكم في مساعدة إخوانكم وان تبذلوا ما في وسعكم لحث من عندكم على مشاركتكم في هذا العمل: والسلام.
    الفصل الخامس في رسائل الملامة والعتاب
    قيمة المرء ما يحسنه
Working...
X