Announcement

Collapse
No announcement yet.

كتاب جواهر الأدب-فنون الإنشاء-12-

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • كتاب جواهر الأدب-فنون الإنشاء-12-

    فتحمل عني أيها الصديق تحية إلى ربة هاتيك الحديقة واشرح لديها حديث شغفي بفضلها الباهر على الحقيقة وأعتذر عن كتابي هذا فقد جاء يمشي على استحياء وكلما حركة الشوق يبطئه الحياء وكيف وقد حل في منيع الفضائل والمقام الذي لم يدع مقالاً لقائل فكأني إما أهدي الثمر إلى هجر وأمنح البحر الخضم بالمطر أدام الله معالي تلك الحضرة وزادها في كل حال بهجة ونضرة ما لاح جبين وبلغ غاية الكمال.
    ?"وكتب السيد عبد الله النَّدي المتوفى سنة 1314ه?"
    أستاذي وقدوتي وملاذي وعمدتي، ربيت فأحسنت وغذيت فأسمنت مؤدباً ليثا ولنت فسودت وجدت فعودت مهذباً غيثاً وعلمت فأفهمت وأشرت فألهمت غرض سهمك وقد نلت ما أملت فيمن تعليه عولت حسن فهمك.
    غلامك الشهيرُ بالنّديم

    منْ صار في البيان كالنّسيم
    وكيف لا يكون لساني قوس البديع وكلامي السهم السريع وأنت باريه وراميه أم كيف لا يكون مقامي الحصن المنيع وقدري العزيز الرفيع وأنت معليه وبانيه وفوجه جمال العلم أنت غرته وإنسان عين العلم أنت قرته وحاليه وجاليه وجبين العقل أنت طرته وكتاب الفضل أنت صورته وطاليه وتاليه.
    على بابك العالي من الفضل رايةٌ

    على رأس أرباب المعارف تخفقُ

    فعلمك جناتٌ من الفضل رايةٌ

    وكلك خبراتٌ وغيثك مغدقٌ

    أرى غصن من يدعو إلى الفضل نفسه

    من الفضل عرياناً وغصنك مورقٌ

    إذا رمت إنشاء فعن صدق فكرة

    تهادى بأبكار وغيرك يسرق

    "وكتب أيضاً في التوادد"
    بينما أنا راكب لجة بحر الفكر مجد في طلب فريدة بكر تارة أغوص ومرة أسبح وآونة أقف وطوراً أصفح لا يقر لي قرارا ولا يمكنني الفرار ولا يقصر عن طرح شباكي ذراعٌ ولا يطوى لسفينتي شراع كلما أدركني الملل هاجت عليّ رياح الأمل حتى دخلت في بحر عجاج متلاطم الأمواج فاقتحمت هذا المركب الصعب وتهت بين الجزائر والشعب فتعلقت أفكاري بالسواري والحبال وبت بليلة نجومها كواحل لا يرى فيها بر ولا سواحل وقلت اشتداد الأمر يستدعي ضده ولا يأتي الفرج إلا بعد الشدة، وعينيك ما سل سيفها على مفرق مساها حتى سمعت (بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) [هود: 41] فكان من تمام حظي وسعودي أن تركت لجنة اليم (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ ) [هود: 44] وتنصرف خوفي وارتباكي وبادرت بطرح شباكي فإذا هي قد ملئت بأصداف الجوهر وعلقت بها شجرة العنبر فتفتح الصدف عن در يستخدم الأقمار وفاح العنبر بما أذهب شذى الأزهار.
    وصرت ما بينها كسرى الزمان له

    شمسٌ تنادمه في مجلس عطر

    ونلت أقصى أمان كنت آملها

    الأنس في خلدي والنور في نظري
    ولما جلوت الطرف بما فيها من الظرف ووقعت ندي الموقع الحسن أردت أن أسومها بثمن فإذا هي درة يتيمة لا يقدر لها أحد على قيمة فاستهديتها من ربها لشغفي بحبها وجعلت القلب لها كنزاً والفؤاد لها حرزاً ألا وهي محة العزيز الحافظ أبدع مرئي وأبلغ لافظ.
    "وكتب إبراهيم بك المويلحي المتوفى سنة 1323 يعزي محمود باشا البارودي"
    أنت فوق أن تعزى عن الأحبا

    ب فوق الذي يعزيك عقلا

    وبألفاظك اهتدي فإذا عزا

    ك قال الذي له لت قبلا

    وقتلت الزمان علماً فما يغ

    رب قولاً ولا يجدد فعلا
    نعم إن يا "محمود" الخصال و"سامي" الفعال لأنت الشهم المجرب لصروف الحدثان والعالم الخبير بأحوال الزمان قد أعددت لنوازل المقدور نزلاً من الصبر المأجور وصرفت ضيف الشجون والهموم إلى قرى الفضائل العلوم وأخذت من المصاب العظيم بسيرة ذاك الفيلسوف الحكيم بين هو جالسٌ يوماً في الدرس بين تلاميذه إذ جاءه من أخبره بأن ابنه الوحيد مات وهو رطب الشباب غض العمر فلم يتوله الفزع ولم يظهر عليه الاضطراب ولم يبد على وجهه الكدر وما زاد على أن استرجع واستمر في قراءة درسه كما كان فلما انتهى منه بادر أحد الحاضرين من أصحابه ممن حيرتهم الدهشة في أمره ويسأله كيف لم يسله الحزن ثوب الثبات برهة مفاجأته بالخبر فقال له: "لو فاجأتني النازلة على غرة مني لجزعت وحزنت ولكني ما وزلت أقدر لابني منذ يوم ولادته حلول أجله كل يوم من أيام حياته ولمثل هذا اليوم كنت أعده من زمان طويل وكان كلما مضى عام من أعوام اعتبرته خلسة اختلسها من الدهر حتى مضى على هذه العارية عشرون عاماً فشكري لله اليوم على أن أبقاها في يدي و لهذه المدة يوم مقام الحزن عند غير لدى استرداها" وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة أقبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول أقبضتم ثمرة قلبه فيقولون نعم فيقول الله تعالى ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد" وأنت يا محمود صلوات الله عليك ورحمته لقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثّمَرَاتِ وَبَشّرِ الصّابِرِينَ {155} الّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنّا للّهِ وَإِنّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ {156} أُولََئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مّن رّبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولََئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155 157] أول من يمثل لحكم القضاء ويسترجع عنه نزول
    البلاء ويعمل بأدب الدين في التجلد والتصبر ويأخذ بسيرة الحكماء في التدبر والتبصر.
    ومن كان ذا نفس كنفسك حرة
    ففيه لها مغنٍ وفيها له مسلْ
    قيمة المرء ما يحسنه
Working...
X