Announcement

Collapse
No announcement yet.

حول الأسس المعتمدة في التطبيق (( العِشق لغة )) - دراسة (( حسن عباس ))

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حول الأسس المعتمدة في التطبيق (( العِشق لغة )) - دراسة (( حسن عباس ))

    حول الأسس المعتمدة في التطبيق
    (( العِشق لغة ))
    - دراسة (( حسن عباس ))
    -العِشق لغة:
    هو عُجب المحبوب بمحبوبه، أو إفراط الحب، ويكون في عفاف ودعارة، أو عمى المحب عن إدراك عيوب المعشوق، وقال أبقراط (العشق نصف الأمراض).
    من أسرتها: عشقه (أحبّه أشدّ الحبّ).عِشق بالشيء (لِصق به ولزمه).
    من مقاطعها: عش- من عشّ بدنه (نحل وضمر) عشّش الكلأ (يبس). عق -من عقّ الثوب (شقه). شق- من شقّ الشيء (صدعه وفرقه). شقّ عليه الأمر (صعب).
    في حروفها: العين (للعقد والربط والعيانية والفعالية والإحاطة). الشين (للتفشي والانتشار). القاف (للقوة والمقاومة والانفجار الصوتي).
    ومفهوم العشق بحسب معاني أسرة هذه اللفظة يتضمن التلازم والالتصاق وهما من أخص خصائص العشق ولئن كانت معاني مقاطعها لا تمت إلى عاطفة الحب بأي صلة، فإنها تكشف عما يكابده العاشق من:
    نحول وضمور، ومن يباس ومشقة، ومن تصدع في النفس يعمى له العاشق عن إدراك ما في المعشوق من عيوب (وعين الرضى عن كل عيب كليلة...)
    أما مفهوم العشق بحسب حروف هذه اللفظة، فهو يتضمن العقد والربط (للعين)، كما يشمل مختلف النزعات النفسية (للشين)، في صراع بين القلب والعقل (للقاف) من قوة ومقاومة
    وإذن فالعشق يبدأ بإحاطة عاطفة الحب بمشاعر الإنسان، لينتهي إلى صراع مدمر بين مشاعره وقواه العقلية.
    وهكذا يتضمن مفهوم العشق، العلانية والشدة والتعلق والمشقة والقلق والضنى والوساوس، وكل ما يعانيه المحب من حالات وأعراض تصل به إلى حد الهوس والجنون.
    ومما سبق يتضح أن العشق ليس (حباً)، وإنما هو حالة مرضية مستعصية من حالات مرض الحب كما قال أبقراط.
    ولكن ماذا عن بقية الالفاظ التي استخدمها العربي للتعبير مجازاً عن حالات خاصة من حالات الحب وأمراضه؟ باختصار شديد أجيب.
    الهوى: يمثل حالة الحصار والتخبط في الحب. كمن يسقط في هاوية.
    والهيام بمعنى (العطش الشديد)، لمحاكاة من يحرق الحب قلبه (والهاء) للاضطرابات النفسية.
    والوجد بمعنى (الحزن تارة، والغضب تارة أخرى)، يمثل تقلب المحب بين هذه المشاعر بصدد علاقته بالحبيب.
    والولع، للتعلق الشديد بالحبيب. وذلك لخاصية اللام في (الالتصاق) وخاصية العين (في العيانية والظهور والفعالية والإحاطة والربط).
    والوله بمعنى (شدّة الحزن حتى ذهاب العقل)، لمضاهاة ضياع الرشد بعد أن يتمكن الحب من نفس صاحبه لتخصص (الهاء) بالاضطرابات النفسية.
    والدّله بمعنى (ذهاب الدم هدراً)، لمضاهاة من يقع في (حيرة ودهشة من الحب والعشق)، فيذهب عقله هدراً ، من دلَه (ذهب دمه هدراً) ودلِه (ذهب فؤاده من هم وعشق)، للهاء.
    ونحن لو عمدنا إلى استخراج معاني أسر هذه الألفاظ ومقاطعها وحروفها، لرأيناها خلواً مما يتصل مباشرة بعاطفة الحب فكل واحدة منها كما لحظنا آنفاً، تكشف عن حالة معينة من حالات الإنسان المرضية بعد أن يغزو الحب قلبه، على مثال ما لحظنا ذلك في لفظتي الغرام والعشق.
    فعاطفة الحب في اللغة العربية كما هي في الطبيعة الإنسانية، إنما هي وقف على حرفين اثنين:
    عاطفة جميلة يحتضنها قوس من (الحاء)، مشدودة إلى سهم من (الباء) يشكها المحبوب في سويداء القلب . وهكذا، قد خلت الألفاظ الدالة على حالات الحب ومقاطعها مما يشير إلى أي لذة أو مسرة. وكأني بالحب لدى الإنسان العربي ليس إلا مدخلاً لصنوف الهموم والأوهام وضروب العناء والمعاناة، وألوان الشقاء والضياع، فلم أعثر على أي لفظة لحالات الحب وضروبه فيها مسرة أو سعادة أو لذة، مما جعل الشكوك تحوم حوله في تهم من الجنون.
    فالحب على رأي اللغة العربية بين فتى وفتاة ليس مجرد نداء غريزي خفي، وإنما هو قبل ذلك اختبار حساسية مشاعر وتجربة حياة، وامتحان وجود. فمن لم يغز الحب النقي قلبه أنّى كان مصدره ومحله، تظل أعماقه النفسية مغلّقة الأبواب لا يتسرب إليها نور، وخامدة لا تحركها أنسام، وهكذا يمضي صاحب هذا القلب المتحجر أو العاصي عمره، وفي نفسه ضمور، وفي عواطفه شلل، هيهات أن يعرف للجمال طعماً وللإيثار معنى.
    تعقيب لا بد منه:
    بحيادية قاض نزيه، ودرءاً لكل شبهة تحيز أو محاباة، قد اخترت هذه الفئة من المفاهيم الاجتماعية والفلسفية التي يغلب على معانيها بالضرورة طابع التجريد، وقد أبدعت مصادرها أصلاً لمعان محسوسة. لقد وقع اختياري عليها متحملاً مشقة البحث عن الرابطة الذهنية بين معانيها الحسية وغير الحسية وذلك للأغراض التالية:
    1-لاختبار هذه الدراسة عن خصائص الحروف ومعانيها في أعصى استعمالاتها، وأدق دلالاتها.
    2-للاهتداء إلى حقيقة مضامين هذه المفاهيم إزالة لكل التباس معجمي حول معانيها.
    3-للكشف عن عمق نظر الإنسان العربي فيما تناولته هذه المفاهيم من الشؤون الثقافية، وعن صِدق حدسه فيها.
    فهل وفقت في ذلك كله؟
Working...
X