Announcement

Collapse
No announcement yet.

اللوحة والقلم قصة / محمود عبد الله محمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • اللوحة والقلم قصة / محمود عبد الله محمد

    اللوحة والقلم
    تأليف/ محمود عبد الله محمد
    أن يفرَغ المداد من قلمي وآتى بغيره .. تلك أمنية .. كم حلمت بتحقيقها وأنا طفل صغير .. أمنية صغيرة .. لكنها ظلت حلما يشغلني طويلا يا أصدقاء .. فقلمي دائما إما أن يضيع أو ينكسر .
    العنوان على السبورة "خط بارليف" الأستاذ يلقى بقلمه الذي فرغ مداده في سلة المهملات .. ويخرج غيره من حقيبته .. أنا أيضا فتحت قلمي ونظرت إلى أنبوبته المليئة بالمداد .. علىّ أن أكتب كي أحقق الأمنية .. سأكتب الواجب ثلاث مرات لا مرة واحدة .. كما طلب الأستاذ .
    وهذه فكرة مدهشة .. سأرسم به حقلنا بعد أن أنتهي من كتابة الواجب سأرسم أبى وهو جالس أسفل شجرة الجازورين الكبيرة بالقرب من بقرتنا الطيبة .. وسأرسم الحمار والزرع والطيور المحلقة في السماء .. الله .. ستكون لوحة رائعة .. بل سأرسم أيضا صورة أخي الأكبر وهو مستعد ببندقيته على شاطئ القناة .. سأرسمه ورأسه بارتفاع هذا الخط المدعو بارليف .. والذي يقابله بالشط الآخر للقناة .. لا .. بل سأرسمه أعلى منه .. ولكن كيف يكون بارليف؟كم ارتفاعه وكم عرضه؟لونه ماذا يكون ؟ هل أصفر؟ أم أحمر بلون الدم؟على أية حال .. لونه لايهم .. لأنني لن أستطيع أن أتخيله .. ويبدو أيضا أنني سأتركه لأخي .. ثم رحت أكتب وأرسم .. وأرسم وأكتب .. حتى تعبت . ويالها من مفاجأة..ما زال بالأنبوبة مداد كثير..ماذا أفعل؟ الأمنية الصغيرة .. صارت صعبة المنال لماذا ؟ والله يا أصدقاء أنا لست من المبذرين .. لكنني فقط أكره أن تنتهي علاقتي بقلمي دائما .. إما بضياعه أو بكسره ومرت الأيام ليقترب وقت امتحان منتصف العام .. وعاد أخي من الجبهة منتصرا .. عاد بعد أن عبر القناة وحطم خط بارليف .. عاد مرفوع الرأس بعد أن حول مع زملائه الهزيمة إلى نصر .. عاد سعيدا مسرورا .. فجلست إلى جواره وطلبت منه أن يحكى لي عن خط بارليف .. فحكى لي بطولاته وشجاعة زملائه وهم يحطمون هذا الحصن المنيع .. وعلى الفور أحضرت له لوحتي وقلمي .. وطلبت منه أن يكملها لي .. فرسم بارليف مدمرا .. مرفوعا فوقه علمنا العزيز .. فاكتملت اللوحة وصارت أكثر روعة .. علقتها إلى جوار لوحة الحقل وصورة أبى وأمي داخل غرفتي .. ورحت أستذكر دروسي .
    اللغة العربية .السؤال الأول ، الثاني ، الثالث ، الرابع ، الخامس ، السادس من أكتوبر.. اكتب فيما لايقل عن عشرة أسطر :كيف عبرت قواتنا القناة وحطمت خط بارليف .. موضوع سهل .. ومستعد أن أكتب فيه أكثر من عشرة أسطر ويا للمفاجأة المذهلة التي أتت في غير توقيتها .. لقد نفد المداد وما عاد القلم يكتب فاختلطت لدى كل المشاعر .. هل أفرح؟هل أغضب؟..أنا خائف حيران .. أريد أن أكمل الامتحان .. نظرت إلى الامتحان .. نظرت إلى الأستاذ استنجد به .. وقبل أن أنطق بكلمة .. اقترب منى وسألني :
    - هل انتهيت من حل الامتحان؟
    - لا يا أستاذ بل المداد هو الذي انتهى من قلمي .
    وعلى الفور أخرج قلمه وأعطاني إياه .. فأكملت موضوع التعبير .. وعند خروجي اتجهت إلى سلة المهملات .. لألقى بقلمي .. لكنني ما ألقيته وأعدته إلى جيبي .. لقد رأيت أن أحتفظ به في مكتبي .. كذكرى جميلة مدى الحياة .. ومع كل هذا فلقد تعلمت شيئا مهما يا أصدقاء .. وهو ألا أسرف بعد ذلك في المداد .

    (تمت)
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
Working...
X