Announcement

Collapse
No announcement yet.

حكايات الجد مشعل ( تعليم السلطان ) قصة / محمود عبد الله محمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حكايات الجد مشعل ( تعليم السلطان ) قصة / محمود عبد الله محمد

    4
    - أنا لا أجيد الكتابة يا فضيلة الشيخ .
    - تقرأ ولا تكتب! .. معقول يا شمس النهار ؟! .. حافظ للقرآن ولا تكتب حتى اسمك؟ هذا والله عجباً !!.
    ثم طلب مني بعد أن انتهى من عقد قراني .. أن اذهب إليه في الكتّاب ليعلمني القراءة والكتابة .. في البداية فرحت كثيراً .. العلم نور .. لكنني سرعان ما تراجعت وقلت لنفسي : كيف ؟ أي كتابة أتعلمها وأنا في هذا السن ؟ ويا ليتني ذهبت إلى الشيخ وتعلمت !!
    حكاية
    تعليم سلطان
    ومرت الأيام سريعة .. حتى رزقني الله مولوداً جميلاً أسميته سلطان .. كان طفلاً ذكياً أيضاً .. شكرت ربي من أجله كثيراً .. لذا كان لابد أن أعلمه حتى لو كنت سأبيع من أجله الدار.. وكان عام 1930 هو موعد دخوله المدرسة .. وعلى الفور وبلا تردد ذهبت به إلى مدرسة التوفيق بالمحلة الكبيرة .. وألحقته بها .. ثم استأجرت له مسكناً قريباً من المدرسة .. وكان يغيب عنَّا بالأسبوع .. وأحياناً بالأسبوعين إلا أنني كنت أزوره في وسط الأسبوع .. وكنت لا أكتفي بما يتعلمه .. بل كنت أجلس معه عندما يأتي لزيارتنا في سامول .. خميس وجمعة .. وأحفظه من القرآن ما يستطيع أن يحفظ .. حتى صار متفوقاً .. لكن قيام الحرب العالمية الثانية في آخر الثلاثينات .. جعلتني أخشى عليه من البقاء في المدينة بمفرده .. خاصة وبعد أن سمعنا حديث الشيخ أبو المجد .. عن الدمار الذي أصاب العالم من جراء هذه الحرب .. وعن حالة العشوائية التي أصابت المدن الكبرى .. بسبب خوفها من أن تتعرض لقذف مباغت.. كما حدث لمدن كثيرة .. لذا قررت عودته إلى القرية مكتفيا بما تعلم .. لكن سلطان غضب غضباً شديداً .. وأخذ يرجوني أن أتركه حتى يكمل تعليمه .. وأكثر من ذلك فقد ذهب إلى الشيخ أبو المجد في المسجد وطلب منه أن يتوسط له عندي .
    وذات ليلة جاءنا الشيخ أبو المجد .. وكنت جالساً مع أبي نور الدين .. فسعدنا به كثيراً.. فزيارته لأبي تثير البهجة في نفوسنا .. سلم على أبي وجلس إلى جواره .. وبلا مقدمات أخذ ينقل لنا رغبة سلطان وحبه لتكملة مشوار التعليم .. وأنه هو أيضاً مؤيده في ذلك .. خاصة وأن مدينة المحلة الكبيرة .. بعيدة كل البعد عن الحرب .. عند ذلك أردف أبي قائلاً :
    دع ولدك يا شمس يكمل تعليمه .. من يدرى .. ربما أصبح طبيباً فيعالجني من هذا الربو اللعين .. أو عالماً كبيراً كجده الشيخ أبو المجد .
    واستعنت بالله وألغيت فقط فكرة المسكن بالمدينة .. لكنني كنت كل يوم بعد صلاة الفجر اصحبه إلى المدرسة في مدينة المحلة الكبيرة .. في ضوء مشعلي .. ولا أعود إلا معه في الظهيرة .. كانت معاناة سببتها لي وله الحرب .. إذ أننا في أحياناً كثيرة كنا نذهب إلى المدينة سيراً على الأقدام .. ويا ليتها دامت تلك الأيام .. لقد تعلمت خلالها كيف أكتب الحروف الأبجدية.. إذ كان كل يوم يعلمني سلطان حرف أو حرفين .. حتى اشتدت الحرب وزادت كوارثها .. عندما سمعنا أن أمريكا ستضرب جميع المدن الكبيرة .. التي ستقف ضد مصالحها بالقنابل الذرية .. وجلست أنا وأمه نضرب أخماسا في أسداس .. نفكر في حيلة نقنع بها سلطان كي يكتفي بما تعلم .. وبعد جدال طويل معه .. استطعت أن أقنعه بحيلة أنني احتاجه معي في فلاحة الأرض .. خاصة بعد وفاة جده نور الدين .
    وانتهت الحرب لما أخبرنا الشيخ بأن الألمان قد هزموا في العلمين .. وهيئ لنا أن الأعياد قد عادت .. وأن أزهار جديدة ستولد .. وأن الدنيا سيعود إليها صفاؤها ونقاؤها .. وها هو سلطان يعد نفسه من جديد وبإصرار على تكملة مشوار التعليم .. وها أنا أعد نفسي لأكمل معه المشوار وأتعلم الكتابة .
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
Working...
X