Announcement

Collapse
No announcement yet.

رواية السماء تعود الى أهلها فصل ابليس جزء 4 وفاء عبد الرزاق

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • رواية السماء تعود الى أهلها فصل ابليس جزء 4 وفاء عبد الرزاق

    - أنت أستاذة لغة إذاً؟
    - ورماها على الأريكة مازحاً؛ استسلمتْ لرميته، تطاير ثوبها حتى وصل سرّتها. لكنها قرّرت تأجيل إرواء نظراته النهمة لما بعد الغداء، ماءت بحزن:
    - لا تنظر اليَ هكذا، نحن غرباء حتى عن ثيابنا.
    - لا تحوليها الى نكد، دخلك، أبوس إيدك.
    رنّ جرس الباب، فتحه مسرعاً، دخلت سيدة ترتدي بنطالاً دهنت نفسها كي تدخل ساقيها فيه، وبلوزاً بحمالتين، وبحركة عاجلة تركت شنطة متوسطة الحجم. وقّع لها صكاً، أخذته وخرجت معتذرة عن المقاطعة:
    - بوسة لها الشنبات، باي..
    - وقف الشقراء بكل ثقة أمام صاحبتها، وهمست في أذنها:
    - كوني طبيعية واستمتعي بوقتك.
    - مع هذا؟
    - لكني أحبه.
    - إنه لا يستحق حبك، أنت تحبينه وهو لا يشعر بعبادتك. (إي شنو قيمتها يا وردة؟)
    ليته يعرف أنك تتحمّلينه وتتحمّلين إلغاءه لك بسبب حبك له.. (أنا ما أريد واحدة ترافقني بعذابها)
    ـ أنت تتكلمين باللهجة العراقية.
    ـ هاي اللغة اللي سمعتها، كما أني صرت أعرف أحكي لبناني.
    أخذ المساء يلتهم الوقت، بعد وجبة دسمة وقيلولة على فراش واسع مغطى بشراشف مزركشة وجميلة. صحت السمراء على صوت طرق باب الغرفة، أيقظت صاحبتها:
    - انهضي وافتحي الباب.
    - ببطء ولهفة كسلى فتحت عينيها :
    - الموعد اقترب، هيا لنستحم.
    وجدت عند الباب حقيبة الملابس، سحبتها الى الداخل، وراحت تنتقي المقاسات، هذا 16 لك، وهذا لي.
    وكجندي ينهض مرغماً الى ساحة التدريب، فتحت ذراعيها وتنفست بعمق، تناثر الشعر الأسود الطويل، سمعت وقع أقدام قرب الباب، فسألت صاحبتها :
    - كيف تثقين بمثل هذا الرجل؟
    - ـ أنا أثق بالشيطان ولا أثق به. قومي، لستُ بحاجة الى نصيحة. قومي قسراً، سهواً، عمداً، فقط تزيّني واتركي لي الباقي. إننا في حياة أخرى، لم يعد أمامنا غير أن نلبس. اسمعي جرس الباب، لقد تهافتوا..
    ـ لا أستطيع أن أجرجر نفسي، لستُ لغيره، إنه يقيّدني، بل عشقه يسمّرني.
    ـ الشرقيون يدفعون أعمارهم من أجل شقراء، كل يبحث عن ما ينقصه.
    رمت لها قرطاً فضياً
    - جربى الحلَق، الفضة مع الشعر الأسود تسحر الرجال.
    - لا، هذا ثقيل، أعطني الأصغر.
    - ها.. بدأنا نلين.
    دغدغتها :
    - قومي، قومي.. اتركي قلبك وراءك، نحن هنا بالصدفة، مجرد حلم ولون، ولا تنسى أنه قد انتهي يوم من أيامنا.
    - قالت السمراء :
    - الصدفة جعلتني أمسح كرامتي من أجل مهووس بغيرى.
    - أجابتها :
    - نحن جواري الحياة، سوف تتذكرين قولي. المرأة تمثال وجارية توضع على طاولة من ورد، وإذا لم تكن كذلك نبذها الرجل، لأنه يستعرض رجولته أمام التماثيل. ومن تريد أن تكون هي ذاتها لا شيئاً يريده هو أو تبعية لمن يحب ويفضلهم عليها، ستكون عاقبتها الطرقات.
    سحبت الشقراء شعرها كله عن ظهرها، وجمعته في حضنها:
    - من فرط ما نحبّ، من فرط ما نصير أو لا نصير، اتخذنا شكلا لانعرفه علقنا نوافذنا عليه ورحنا ننتظر من يقول لنا كما قال محمود درويش:
    - من أنتَ يا أنا؟ إنه يتساءل عن نفسه، وأنا أتساءل عن الذي يراني نفسه ويسأل: من أنتِ يا أنا؟ فأردّ عليه: أنا أنتَ يا نحن.
    أجابتها الشقراء بلهجتها الفاترة:
    - التقطتِ أجمل الأشعار من معتوهك، وأحببتها، حفظتها عن ظهر قلبك؛ أنت سمراء وشاعرة.
    - جميل أن ألتقط الأجمل، لكن القبح بحاجة الى..
    قاطعتها:

    - احفظيه أيضاً.
    - بل لأشفق عليه.
    - تعالي.. الى متى سنبقى دون أسماء؟ٍ
    - هل يا ترى يذكرنا وليد الآن؟
    - ألا يمكنك أن تتوقفي عن ذكر وليد لحظة؟ أرجوك استمتعي بوقتك.
    كان صابر يدرك أنهما ترغبان بعقد صداقة، وكان يجهد نفسه ليكون جديراً بثقتهما، فلم يمارس ضغطاً عليهما في اتخاذ أي قرار يرسمه ويطلب اليهما تنفيذه. رغب في البداية أن يلعب دور المسالم، وأن يتفانى في حميمية العلاقة ليستفيد أكثر من ما يعطي. ومع ذلك بقيت السمراء تحسّ بالغربة في داخلها.
    ـ سيداتي الحلوات.. أعتذر عن اقتحامي الغرفة والدخول دون استئذان، أرجو الاستعجال.. امتلأت الصالة بالحاضرين.
    علم أنهما جاهزتان فاسرع باتجاههما، قادهما عن يمينه ويساره، ممسكاً السمراء من يدها، وقد لفّ ساعده على خصر الشقراء. ابتسم حزن على شفتي السمراء وكأنه يستنشق ومضة كاشفة، يبحث فيها عن وليد. تعددت ضحكات الشقراء مع الجميع، فاتجهت الأنظار الى صابر وجميلتيه، همس قائلاً:
    - بماذا أقدّمكما، أقصد بأي اسم؟
    ردّت السمراء :
    - ما شأن الرجولة بالاسم؟
    غيّر سؤاله، وحوّله الى ابتسامة باردة. كانت الصالة مليئة بمزيج من أولئك الذين تلقّوا ثقافات خاصة في التعامل مع بنات الهوى، الأسمر والأبيض ، رجال تهدّلت كروشهم وجيوبهم، نساء اغترب فيهنّ ما تحت الخصر، شعراء، موسيقيون، وكلاء شركات، منافقون ورجال نفط. قدموا لإشباع غرائزهم الجنسية وتحليل اللحم الحرام بالاسترواح النفسي، والارتباط بالسراويل حول مأدبة عشاء وكأس وضحك فاضح.
    قدمهما صابر على أنهما فنانتان ارتبطتا معه بصداقة قديمة، وقد جاءتا لزيارته والبقاء عدة أيام.
    تنوّعت المازات وأنواع الكحول كتنوع الحضور وهوياتهم وتفاوت درجاتهم الاجتماعية. تذكّرت السمراء وليداً وهو يناقش مرة أصدقاءه حول المسرح، إذ قال:
    - المسرح لا علاقة له بالتسلية واللهو والتهويل السياسي الدعائي، إنه مسرح الغريب المنطقي والوهمي الحقيقي، يعني خلق ضوء من كرسي خشبي.
    وتساءلت:
    - ما الذي سيفعله وليد، لو حضر، وكيف يصنّف هذا المسرح؟
    قام اثنان وطلبا من السيدتين الجلوسَ على إحدى الأرائك الواسعة، قدّم أحد الجلوس كأســــــاً من الويــــسكي الى الشقراء فقبلته دون تردد، بينما تابعت السمراء أحاديثهم وتصرفاتهم.
    كيف يضحكون، وما الذي يضحكهم ويبهجهم، وكيف يتحاورون؛ كلهم لا يشبه كلهم.
    تقدم رجل يتصرف بميوعة واضحة الى السمراء، ولعب بشعرها:
    - أحب الشعر الأسود.. ياي، ياي.. أنت بحاجة الى نيو لوك؛ مسيو صابر أعطها لي يوماً واحداً، وسأجعلها أجمل نساء الكون.
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
Working...
X