Announcement

Collapse
No announcement yet.

رواية السماء تعود الى أهلها فصل ابليس جزء 5 وفاء عبد الرزاق

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • رواية السماء تعود الى أهلها فصل ابليس جزء 5 وفاء عبد الرزاق

    - عرفت أن اسمه صابر بحق، ولم يكذب، أو لربما هو اسم مستعار كذب به على الجميع، المهم هو صابر الآن.
    ردّ عليه صابر، وهو يصبّ لنفسه كأس فودكا:
    - دعك منها، إنها لا تحب النيولوك أو نفخ الشفاه، اليك بالأخرى
    وقدّمه لها :
    - سي جورج، فنان.
    - غالبتها ابتسامة، وبلا تفكير سألته:
    - من أي نوع؟ فحولة فنيه أم؟
    رفع سي جورج خصلة شعر تدناثرت على جبهته:
    - أم من.. تقبريني، وحياتك أنا من صنف أم من.
    وضحك ضحكة هستيرية، ثم أشار اليها كمن ينكت ماء من أصابع:
    - ياي، جميلة ووقحة، ومهضومة هالصبية.
    أعطت السمراء لنفسها حرية الكلام، واستمرت تجادله وهي تراقب صاحبتها المنسجمة مع الجميع، وقد التفّ حولها عدد من الرجال:
    - كل شخص بإمكانه أن يصبح فناناً في هذه الأيام، خاصــــــة في بلدكم.
    أسهل منها ما في، لكن ليس بإمكان أي شخص أن يصبح ذكراً.
    ضحك بعضهم، والتفتوا اليها مؤيدين. لفتت انتباهها امرأة تدخّن بشراهة، بيدها كأس من الخمر تمسكه بطرف أصابعها، بينما يلمع خاتمها الماسي بشكل ملفت. كانت جالسة على طرف كرسي، وقد أرخت جسدها، وراحت تنظر الى الجميع من طرف عينيها، ومنخارها في السقف وكأنّ الله لم يخلق غيرها.. مدّت إصبعها وحيّت به السمراء:
    - أي ذكور يو خيّتي؟ لو الرجولة بالكروش والكؤوس لاسترجل العالم بأسره، الرجولة بالضمير.
    وأشارت لعازف بدا السكر عليه :
    - رقّصني دخلك، أحب الرقص على إيقاع ضمير مومس.
    - نفرت السمراء من كلامها، وصاحت في وجهها :
    - أنا لستُ مومساً، أتريدين أن أخبرك من هي المومس؟
    تدخل صابر لتهدئة الجو، وقدّم اعتذاره للمرأة الثرية التي راحت تشدّ وسطها بغترة أحدهم، وغمزت للشقراء وهي تطقطق بأصابعها: نحن المئة، المثنى، المفرد.. قومي معي.
    سحبت السمراء من يدها، ونزعت غترة رجل أكرش شدّت به وسط المرأة السمراء، وراحت تأمرها:
    - هزّي، هزّي.. هذا هو الحاكم الذي يفكّ من حبل المشنقة.
    - وتابعت تحريك مؤخرتها بيديها، لكن العزف توقف، مع استمرار ممانعة السمراء التي بدا أنها لم تزعج أحداً. غضبت المرأة الثرية منهم، وصـــرخت باحتقار للجميع:
    - أنا أشتريكم وأشتري مئة من هذه الحثالة النكرة.
    ورمت بأقرب مزهريـّة كريستالية الي رجلاً أكرش أخذ ركناً بعيداً لتدخين غليونه، فاعتدل في جلسته ضاماً ركبتيه، وهي تصيح:
    ـ أيها الأبله، أوَ تهينني هذه الساقطة وأنت تتفرّج؟
    كان مزيجاً من العظمة والخنوع، ابتسم لها مخبئاً كلامه بين شفتيه، فبدا كشخص عارٍ من أيامه، أو كقائد عسكري تساقطت أوسمته.
    أومأ صابر لأحد الخدم بإحضار كعكة الحفلة، وأشار الى عازف العود والطبل. فصدحت الموسيقى، رغم أن السيدة ماتزال تحدج السمراء ذات الرداء الأحمر بنظرات حاقدة، وارتفع الصوت.
    (سنة حلوة يا جميل).. التفّت الكؤوس حول صابر، وارتفعت الأصوات (بصحة صابر) هَي.. هَي، سنة حلوة يا جميل.
    وزّعت صحون الكيك المزينة حسب الأولوية والمكانة والرتب الاجتماعية، لفـّت السمراء طرف ثوبها الأحمر بين ساقيها، وشدّت صحراءها على صدرها، دارت بها خجلاً، تبني لها عشاً من كبرياء. لم تجد نفسها معهم، كانوا مثل حشرات، وهي خارج المكان، بين الأسود والأحمر، تدخل نافذة أخرى.
    شدّها صوت عشش في روحها:
    - ماذا لو لم يرسمني ساقطة؟ (وراحت تلوم وليداً وتعتب عليه) لماذا لم يرسمني من بلاد النفط، مثل الرعناء المخمورة وزوجها التمثال؟
    - أيمكن أن تكون أغنيتي شرعية؟
    - سأغنـّي يا وليد، نعم سيكون الغناء شرعياً وعُري جسدي شرعياً، ولخضعتْ كل الوجوه والرقاب الى حقيبتي.
    لكزتها صاحبتها :
    - أين كنت، ما هذا الغياب؟
    أجابتها على الفور:
    - كنت أعيد ترتيب الأشياء، أو بالأحرى كنت أطوّعها و أختار لي شكلاً، أشعر أنني بحاجة الى البكاء.
    وضعت الشقراء كأسها على الطاولة الزجاجية، وبحركتها فاح عطرها الصارخ، اختارت وردة حمراء قطفتها من باقة زهور تتوسط الصالة، وضعتها في شعرها، مسّتها رائحة الورد، فتنفست عميقاً وضغطت على ساق صاحبتها لإشراكها في المتعة. تفحصت خلخالاً من الذهب الخالص الذي نفر من رجل (الوحلة) وهمست بأذن السمراء:
    - هل تعرفين أنني سميت المغرورة (وحلة)؟
    وكبتت ضحكة ودارت شهقتها .
    ـ اسمعي يا صاحبتي، لا تزعلي نفسك، هنا لندن، عرض البضائع الجميلة الفاخرة، عرض الأجساد. وهنا كل من حبلت ببلدها أحبت مستشفيات لندن التي لا تعتبر الابن غير الشرعي حراماً، ولا ( البوي فرند) حراماً، وهنا لا أخ رقيب ولا زوج ولا أب، إنها الأوقات السعيدة والتجديف ضد الأحجبة المزيفة والعباءات.
    بعد ليلة صاخبة، رمت كل منهما جسدها المتهالك على السرير، حاولت الشقراء محادثة رفيقتها لتُخرجها من وجومها: - نحن ضحايا البغاء، وضحايا فنان مخصي
    قاطعتها :
    - لا يا عزيزتي، لسنا ضحايا إطار لم يكتمل. كل جلساء الليلة زنازين مغلقة ، أحياء، سجناء أحرار، أوسمة ذهبية مطلية بالصدأ. نحن حقيقة عارية، وهم عُراة بلا حقيقة.. لا تتحركي، إني أسمع زحف دمه في عروقي، أجده يبحث عن القطعة التي مازالت بيضاء في فستاني، إنها سمائي الوحيدة، فغداً سيغدق علي عطايا ألوانه.
    تحركت الشقراء متململة، وتابعت السمراء:
    - ابقي ساكنة، إنه يمرّ قرب روحي.. إنه ابتسامة خاطفة على نافذتي.
    - هل أغلق النافذة؟
    - إنه هواء بارد وليس وليداً.
    منذ أن تعرّفت على صابر ســاورها الشك بكل تصــرفاته، قلبها وعقلها لا يطاوعانها على البقاء في شقته الموبوءة. تسللت بعض خيوط الشمس من النافذة، شعرت بالدفء والصداع يوقظانها، نهضت متوجهة الى المطبخ، فقد لمحت به صيدلية منزلية صغيرة. رأت فراش الشقراء خالياً، وهي تمشي على رؤوس أصابعها كي لا تُحدث ضجة. خامرها شعور بأن صاحبتها في الحمام، لكنها سمعت أصواتاً من غرفة صابر، خففت من مشيتها وكأنها تبحث عن عصافير في مخبئها، صعقتها المفاجأة. اقتربت من البــاب، لصقت أذنها به بحثاً عن وضوح، تأكدت أن صديقتها في الداخل.
    تناولت حبتين من المهدئ، ثم عادت متسللة الى فراشها، خرجت الشقراء من غرفة صابر، فبدا بريق شعرها المبعثر لامعاً. سألتها :
    - لماذا شعرك مبلول؟ هل أخذت حمّاماً للتو؟
    - نعم، حمام دافئ.
    - أنا سأدخل الحمام، لعلّ الماء والصحوة يزيلان الصداع عن رأسي.
    غابت عشر دقائق، ثم عادت بصحوة منعشة :
    - حمداً لله، يبدو أن مفعول المهدئ قد أخذ يسري في بدني ورأسي.
    واستدارت الى صاحبتها بعد أن جلست على الفراش تمشط شعرها الأسود :
    http://samypress.blogspot.com
    http://samypress.yoo7.com
Working...
X