Announcement

Collapse
No announcement yet.

الكويت على مسرح انتخابي ساخن

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الكويت على مسرح انتخابي ساخن

    منذ صدور حكم المحكمة الدستورية الكويتية في العشرين من يونيو الماضي ببطلان انتخابات مجلس الأمة 2012 وما ترتب عليها، وعودة مجلس 2009 المنحل بمرسوم أميري بسبب خطأ إجرائي صاحب مرسوم حل الأخير، لاتزال الضبابية القانونية تخيم على كل الاحتمالات الممكنة لما يجب اتخاذه من إجراءات، الأمر الذي عقّد صورة المشهد السياسي، خاصة وأن المعنيين بالأمر قيادة وحكومة وفعاليات سياسية لم تعط طريقة لكيفية التعامل والخروج من هذا المأزق غير المسبوق في تاريخ الحياة السياسية الكويتية، وسط انقسام الأغلبية النيابية بشأن تعديل المادة الثانية من الدستور ومراجعة كافة القوانين بواسطة هيئة إسلامية.

    فالضبابية الدستورية والقانونية فتحت الباب أمام آراء عديدة للمختصين والخبراء الدستوريين والقانونيين، فما بين من يرى ضرورة صدور مرسوم لدعوة مجلس 2009، يرى رأي آخر أن الدعوة يجب أن تأتي من رئيس المجلس، كما يرى رأي آخر أن الحكومة ورغم تشكيلها المتوقع خلال أيام فإن عليها ضرورة القسم أمام البرلمان لكي تكتسب شرعيتها الدستورية التي تخولها ممارسة كافة الصلاحيات، بما فيه التوقيع على مرسوم حل مجلس 2009.

    مرسوم وسبب

    ويؤكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت محمد الفيلي أن «عدم اكتمال النصاب لعقد جلسات مجلس الـ 2009 لعدم قدرته للانعقاد، يعطي الحكومة سبباً لرفع مشروع حل مجلس الأمة لأمير الكويت لحل مجلس 2009 وذلك لأن المادة 107 من الدستور لم تحصر أسبابا محددة لكي تتوافر ويستند إليها مرسوم الحل إلا أنه يتعين ومن الناحية الإجرائية أن يستند مرسوم الحل إلى أسباب وأن يكون مسببا حتى يكون الحل متوافقا مع المادة 107 من الدستور».

    وقال الفيلي إن «صدور مرسوم الحل من دون أن يتضمن أسباب الحل، وهو شرط إجرائي استلزمه الدستور لا يعفي القضاء من الرقابة مجدداً على مرسوم الحل والذي أكدت المحكمة الدستورية في حكمها الأخير بأنها تراقب الاجراءات الشكلية ولا تراقب الدوافع».

    نظام الدوائر

    كما حذر استاذ القانون الدستوري د. محمد المقاطع من الاستمرار بنظام الانتخابات الحالي المتمثل بالدوائر الخمس، لمخالفته الدستور بوضعها الراهن والاستمرار فيها بعد صدور الحكم القضاء بعدم دستورية مجلس 2012 «المبطل»، موضحا أن استمرار هذا النظام يعني تصدي المحكمة الدستورية في المستقبل للانتخابات القادمة وإبطالها، وأضاف أن «الدعوات التي تنادي بعدم التعرض والمساس بنظام الدوائر الانتخابية الحالية أمر غير صحيح، وتعديلها أمر ضروري إذ ما كنا نود ألا نقع بنفس الخطأ الحالي الذي أبطل مجلس 2012، لأننا سنشهد وضعا مماثلا في حال عدم تغيير الدوائر».

    وقال المقاطع إن «حماية إرادة الأمة تأتي بتحمل تبعات المسؤولية التي تقتضي منا أن نصرح ونجاهر حول قضية الدوائر، وأقل ما فيه أن نفتح حوارا حقيقيا دون القفز على الوضع الحالي»، مبينا أن «الوضع القائم لمجلس 2009 بحاجة لدعوة لانعقاده وحتى أن تكررت الدعوة له في حال عدم اكتمال النصاب حتى تتكرر فكرة أن هناك أغلبية واضحة من أعضاء المجلس ترفض الحضور ويكون بذلك سبب يقود إلى حل المجلس من ناحية دستورية».

    المتنافسون والأجواء

    ووسط تلك الآراء والمعطيات بدأت الأجواء الانتخابية تسود الساحة السياسية مبكراً. إذ ونتيجة تصاعد وتيرة التصعيد في الشارع، فإن الانتخابات لن تتأخر كثيراً لكى لا تعطى المعارضة فرصة بأكبر لتجييش الشارع مرة أخرى ودعمه لها في الوصول الى البرلمان، كما أن الاجراءات التصحيحية للخطأ الإجرائي الذي أفضى الى حكم المحكمة الدستورية قد تستغرق ثلاثة أشهر أي أنه من المرجح أن تكون الانتخابات في أكتوبر أو نوفمبر المقبل على أبعد تقدير.

    وينقسم النشاط الانتخابي الى شقين رئيسين؛ الأول نواب مجلس الأمة «المنحل» و «المبطل» اللذين بدءا معركتهما الانتخابية قبيل انطلاق الانتخابات أو معرفة توقيت إجرائها، والشق الثاني هم من يرون أن الأوضاع الحالية باتت مواتية للمنافسة على كرسي البرلمان من المرشحين الجدد، وتنحصر المنافسة في الشق الأول حتى الآن في كتلتين رئيسيتين، هما الكتلة الإسلامية والتي تشكل معظم أعضاء «الأغلبية» في مجلس 2012 والكتلة الليبرالية، فيما لاتزال كتلة نواب الشيعة تراقب الوضع دون تحرك ملحوظ.



    كتلة الأغلبية

    ولعل كتلة الأغلبية هي الأكثر تداخلاً وتعقيداً، فهي تخوض الانتخابات بقائمة قوامها 35 مرشحاً، وتجمع بين جناحين مختلفين من التيار السلفي، كما تجمع «حدس- الإخوان» وكتلة العمل الشعبي والتيار الديني القبلي، ومجموعة من الذين نجحوا في الانتخابات السابقة كمستقلين غير محسوبين على أي تيار أو كتلة، وكان السبب الرئيسي لنشأة تلك الكتلة وتوحيدها هو محاربة مجلس 2009 المتهم بالرشاوى وكشف فساد الحكومات السابقة «الإيداعات والتحويلات»، لكن هذا العنصر لم يعد كافياً لضمان وحدة الكتلة، فطبيعة التكوين الفكري والاجتماعي والاختلافات الكبيرة ستطفو مع اشتداد حدة الحملة الانتخابية.

    انتخابات فرعية

    ويزيد من تقاطعات المشهد الانتخابي لكتلة الأغلبية كيفية تعاملها مع إصرار بعض القبائل على إجراء انتخابات فرعية جديدة، حيث يرى بعضهم أنها انتخابات جديدة، ويجب أن يكون لهم رأي في مرشحيهم، ولا يمكن الاكتفاء بالنتائج السابقة واعتماد الفائزين في الفرعيات السابقة كمرشحين للانتخابات القادمة، إضافة الى ان هناك تباين السقف في الطرح السياسي والخطاب الإعلامي، فهناك من أعضائها من رفعوا السقف إلى حد لم يستطع آخرون من الكتلة مجاراته، والعلاقة بين السلطة وبعض أعضاء الكتلة خلقت اختلافاً واضحاً في الخطاب وحدته من جهة، وفي المطالب والإصرار عليها من جهة أخرى، وأصبح القرب من أعضاء السلطة نقطة ضعف لدى بعض أعضائها.

    توحيد الخطاب

    ومن المعضلات الحقيقية أمام الكتلة توحيد الخطاب الانتخابي والسياسي، حيث تختلف جموع الناخبين لكل عضو فيها ولا تجمعهم أرضية مشتركة، فبعضهم قاعدته قبلية، وآخرون قواعدهم حركات دينية، وآخرون متفرقون. ولم تعد أخطاء الحكومة وخطاياها عنواناً جذاباً في الخطاب الانتخابي لقصر عمرها الذي لم يمنحها الوقت الكافي لاصطياد أي عيوب تدغدغ مشاعر الناخبين، الأمر الذي سترتفع معه وتيرة تصريحات الأغلبية حول التهديد باللجوء إلى الشارع أو التهديد بمقاطعة الانتخابات إذا تم أي تعديل على الدوائر الانتخابية أو تغير نظام التصويت، لأن ضمان الوضع الراهن هو الأسهل بالنسبة لهم في التعامل مع متغيرات العملية الانتخابية، وفهم توجهات الناخبين وقراءة الدوائر الانتخابية.

    احتقان وتأزم

    الواقع السياسي والدستوري المتداخل في الكويت من شأنه التروي أو تأخير أي إجراء أو قرار يقضي بحل مجلس 2009 الذي عاد بحكم المحكمة الدستورية، خاصة وإنه يكسب الحكومة أكثر من نصف نواب هذا المجلس الذين يشترطون حضور جلسة قسم الحكومة الجديدة لاستكمال مدتهم الدستورية أي لما بعد عام من الآن، لكن هذا الأمر هو الآخر سيُدخل الاوضاع في نفق جديد، بل وسيزيد من حالة الاحتقان والتأزيم السياسي، لاسيما وأن مجلس 2009 كان مادة خصبة لتأجيج الشارع بمختلف مكوناته ضد أعضائه وأعضاء الحكومة، وكذا منح المعارضين ورقة سهلة لاستعمالها في تحريك القواعد الشعبية كما حدث طوال العام الماضي، وبالتالي سيكون مادة خصبة للخطاب الانتخابي لكتلة الأغلبية من المجلس السابق، وسيكون إحياء لموضوعات: «الإيداعات النيابية والتحويلات المالية والنواب القبيضة»، وهي عناوين تلاقي قبولاً شعبياً واسعاً لدى قواعد نواب الأغلبية.

    طلب »الأقلية«

    كشف النائب في المجلس «المبطل» خالد السلطان عن قيام قطبين برلمانيين من كتلة الأقلية بلقاء مراجع عليا، وطلبهما باسم بعض الكتل في الأقلية إصدار مرسوم ضرورة للانتخابات البرلمانية القادمة من خلال خمس دوائر وصوتين لكل ناخب.

    وتساءل السلطان عبر حسابه على التويتر: «وين وطنيتكم بالتعدي على الدستور». ويأتي ذلك في ظل ما تشهده البلاد من ضبابية موقف الحكومة من صحة ما يتم تداوله بتعديل الدوائر، وبيانات الحركات الشبابية المهددة بمقاطعة الأغلبية في حال لم تلتفت لإصلاحات جدية. برنامج سياسي

    يرى النائب في مجلس 2012 المبطل فيصل اليحيى أنه لا داعي لوجود كتلة أغلبية في المجلس المبطل إذا لم تتفق على برنامج سياسي للإصلاحات السياسة، مؤكداً أن الهدف «ليس الوصول الى مجلس الأمة وإنما تحقيق الإصلاح المطلوب»، وقال «إذا عجزت الأغلبية عن الاتفاق على برنامج للإصلاحات السياسية يكون واضحا ومحددا ومحققا لطموح الشارع، فلا داعي لوجودها».

    الخلافات تشتت خطاب »الأغلبية« السياسي

    برغم المطالب الخمسة التي حددتها كتلة الأغلبية في بيانها الثالث وهي: الرفض القاطع لمحاولات إعادة الحياة إلى المجلس المنحل، وسرعة اتخاذ اجراءات حل مجلس 2009، ووجوب إجراء الانتخابات الجديدة خلال المهلة الدستورية، مع وجوب إجراء الانتخابات وفق النظام الحالي، ووجوب تقديم ضمانات بنزاهة الانتخابات القادمة وعدم التلاعب بنتائجها، إلا أن هناك بروز بوادر اختلاف اتضحت من تصريحات بعض أعضاء الكتلة. إذ وفي الوقت الذي، أكد فيه النائب وليد الطبطبائي أن «الشعب الكويتي لا يستحق مجلسا كامل الصلاحيات فقط؛ بل يستحق أن يختار حكومته»، قال النائب السابق عبداللطيف العميري إن «كتلة الأغلبية ستصدر بيانا بعد التوافق عليه في الأيام القادمة لتحديد برنامج الكتلة ومطالبها ورؤيتها للمرحلة المقبلة».

    بدوره، شدد النائب في المجلس المبطل عادل الدمخي أنه لا يمثل الأغلبية سوى ما جاء في بياناتها، داعياً إلى كتابة الأولويات في الاصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية في بيان الأغلبية في الاجتماع المقبل الاثنين القادم، وقال: «أعتقد بكل صراحة أن الأغلبية يجب أن تكتب بياناً في الاصلاحات السياسية والتعديلات الدستورية والأولويات».

    وأمام هذه التقاطعات العديدة والتباين في آراء الدستوريين والقانونيين، وأمام عدم الوصول إلى رأي فاصل وحاسم في الآليات والإجراءات اللازم اتباعها، يستمر المشهد ضبابياً وتستمر الاحتمالات مفتوحة وممكنة لأي رأي، كما يبقى الحراك السياسي في التنامي والتصاعد كلما تأخر الفصل في الأمر، ما يزيد من حرارة المشهد السياسي الكويتي الساخن منذ أعوام.



    أكثر...
Working...
X