Announcement

Collapse
No announcement yet.

ضياء الشرقاوي وعالمه القصصي - حكاية كتابي الأول..

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • ضياء الشرقاوي وعالمه القصصي - حكاية كتابي الأول..

    غلاف الكتاب
    حكاية كتابي الأول.. ضياء الشرقاوي وعالمه القصصي

    شوقي بدر يوسف


    "ضياء الشرقاوي وعالمه القصصي"، هو كتابي الأول، صدر هذا الكتاب عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عام 1988، وكان في البداية عبارة عن مسابقة أقامها المجلس تحت أسم الكاتب الراحل يوسف السباعي عام 1986، اشتركت فيها بهذا الكتاب.

    وقد فاز البحث بالجائزة الأولى وكانت فكرته قائمة في ذهني وهاجسها يلح في خاطري دائما حيث كنت مولعا بأعمال هذا الكاتب الذي كان جادا ومثقفا من الطراز الأول، وكان يمثل بإبداعه أيقونة مهمة في جيل الستينات المصري في مجال السرد، وكانت أهيمته تتمثل في محاولته تخطي الأشكال السائدة في تقنية الكاتبة وارتباط هذا التخطي بفهم فلسفة عميقة تجاه حالة الإنسان الفرد المتمحورة حول هذه الكتابة، لذا فقد ارتبط بكتابات هذا الكاتب منذ حداثة عهده وعهدي بفنون السرد.

    وعندما أعلن المجلس الأعلى للثقافة عن هذه المسابقة. قمت بجمع جميع مؤلفات ضياء الشرقاوي ومجموعاته القصصية ورواياته وما كتبه من دراسات نقدية وتنظيرية.

    وأعددت هذه الدراسة التي أخذت منى جهدا كبيرا في إعدادها حيث أن أعمال هذا الكاتب كانت لا تسلم نفسها للمتلقي بسهولة، فقد كان عالمه الإبداعي عالما متشابكا معقدا ثريا له نسقه الخاص في الصياغة.


    كما كانت إبداعاته في مجال القصة والرواية والنقد تتميز بالغموض والإيهام وقد عالج ضياء العديد من القضايا الإنسانية كالاغتراب والحب والحرية وكان له ولع خاص بإشكالية الموت حتى توحد أخيرا مع هذه الإشكالية في الثاني من نوفمبر/تشرين الأول عام 1977.

    وتعتبر حالة ضياء الشرقاوي ككاتب حالة خاصة من الحالات التي قلما تتوفر في زمننا المعاصر.


    فقد تأثر كثيرا بالأدب الغربي خاصة بعالم كافكا، وشكّل مع عدد من مبدعي جيله مثلثا متساوي الأضلاع في فن السرد، حيث حقق مع صديقيه الكاتب السوري جورج سالم، ومحمد الراوي، اهتماما خاصا بكتابات سردية متحلقة حول إشكالية الموت والحب والحرية، وغيرها من قضايا ما وراء الواقع.

    وقد نجح ضياء الشرقاوي فى أن يتلمس لنفسه طريقا مضيئا واضحا وجادا في رحلة حياته الأدبية عن طريق تقنين الإبداع من وجهة نظره في الهيكل الخارجي والداخلي، وعن طريق الوصول إلى نماذج حية لهذه النظرة فيما كان يكتبه من إبداع قصصي وروائي ونقدي، أو عن طريق نسقه الخاص وصياغته لمشروع نقدي تحليلي له رؤية متعمقة داخل تضاريس وشرايين وأوردة العمل الأدبي.


    وقد تطور الإبداع السردي عند ضياء الشرقاوي عبر هذه الرحلة القصيرة التي عاشها مع قلمه، واستطاع خلالها أن يتفاعل مع حركة السرد الروائى والقصصي في مصر والعالم العربي وأن يؤسس لنفسه مكانة كبيرة وسط هذا الزخم الكبير من الإبداع في مصر وخارجها.

    كتب ضياء الشرقاوى القصة القصيرة والرواية وكانت له مساهمات نقدية تنظيرية حول الفن والواقع، وكذا مساهمات تطبيقية – أطلق عليها المعمار الفني – تناول فيها العديد من الأعمال القصصية والروائية شملت نجيب محفوظ وجبرا إبراهيم جبرا وابو المعاطي أبو النجا وإدوار الخراط ويوسف الشاروني.

    وكانت في جعبته الكثير من المساهمات في هذا المجال التطبيقي للنقد إلا أن القدر لم يمهله حتى يحقق هذا المشروع النقدي الجاد في ساحتنا النقدية، وقد استطاع هذا الكاتب خلال الفترة القصيرة من عمره الأدبي أن يكون ضياء الشرقاوي القاص، والروائي، والناقد، صاحب الأسلوب المميز المتميز الذي كان بينه وبين المتلقي نوعا من التوحّد، كما كان بينه وبين الكلمة نوعا من الصوفية الخاصة.

    وحاولت في هذا الكتاب أن حقق معادلة صعبة في التناول النقدي في هذا الوقت حين طرحت مجموعة من العناونين ومنهج خاص في تناول هذا الكاتب من خلال مدخل خاص حول الكاتب، ثم موقعه وسط جيل الستينات وعطاؤه الأدبي خلال هذه الفترة.

    ثم تناولت بواكير أعماله في مجال القصة القصيرة في مجموعات "رحلة فى قطار كل يوم"، و"سقوط رجل جاد"، و"بيت في الريح"، ومجموعة من القصص القصيرة كانت تنشر تحت عنوان قصص صغيرة زرقاء، كان الكاتب يحاول فيها أن يضع علامة وشفرة وتميزا خاصا بها في مجال السرد القصصي في ذلك الوقت. ثم تناولت الرواية عنده في روايات "الحديقة"، و"أنتم يا من هناك"، و"مأساة العصر الجميل"، و"الملح"، ثم تناولت المضمون وإشكالياته وقضية الموت في أدبه، والحياة بوجهيها، وإشكالية المنتمي واللامنتمي، والجنس، واللغة، والعناصر التراثية في أدبه، والمؤثرات الأجنبية في أعماله، كذلك الأبعاد السيكولوجية التي تواجدت في قصصه ورواياته.


    لقد حاولت أن أتناول ضياء الشرقاوي من حيث هو موجود ومن داخل أعماله الإبداعية وليس من خارجها. وكان جهدا كبيرا بقدر ما أتعبنى أسعدني. وكانت تجربة نقدية مررت بها دفعت بي بعد ذلك إلى أتون هذه النظرة القرائية التي وجدت فيها ذاتي متحلقة في مجال السرديات والقراءة المتحلقة حولها والنقد الخاص بها.

    وأذكر وأنا أسلم الدراسة إلى المسؤولين عن المسابقة في سكرتارية المسابقة بمبنى المجلس الأعلى للثقافة بالزمالك بالقاهرة، وكانت المستلمة لهذا العمل هي أنسية أبو النصر، أذكر أسمها حتى الآن، فقد كانت مترجمة متميزة و كانت زوجة للشاعر الراحل فوزي العنتيل قالت لي بالحرف الواحد": أنت الوحيد اللي قدمت دراسة عن واحد من الأدباء الشبان.. لأن كل الذين قدموا، قدموا عن نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم من رموز السرد في ذلك الوقت".

    وكانت هذه الكلمات البسيطة بمثابة جائزة مبكرة لإنجازي لهذه الدراسة. وفوجئت بعد ذلك بفوز دراستي بالجائزة الأولى، ثم بعد ذلك طلب المجلس مني طبع هذه الدراسة في كتاب صدر بعد ذلك عن المجلس، وكانت فرحتي بذلك أكثر من الجائزة.

    وصدر الكتّاب بعد ذلك وكان هو الكتّاب الوحيد الذي ظهر عن ضياء الشرقاوي، وكان هذا الكتاب بعد ذلك نواة لدراسة حصلت بها إحدى الباحثات في الإسكندرية عن درجة الماجستير في نفس العالم لهذا الكاتب عن كلية الدراسات الإسلامية.

    فقد فوجئت بإحدى الباحثات بكلية البنات تتصل بي هي وزوجها، بعد اتصالهم بأسرة الكاتب وبصديقه محمد الراوي في مدينة السويس، الذي قال لهم أن هناك كتاب كتبه شوقي بدر يوسف في الإسكندرية عن ضياء الشرقاوي، وقد قمتم بمساعدة الباحثة فى الحصول على الكثير من أعمال ضياء المنشورة في الدوريات وأهديتها نسخة من كتابي الصادر عن المجلس.

    وقد دعتني الباحثة لحضور مناقشة رسالتها، وأهدتني نسخة من أطروحتها، ووجدت أن عنوان كتابي وأسمي يتردد كثيرا داخل نسيج الأطروحة، وكان هذا أيضا بمثابة جائزة كبيرة أخرى ووسام جديد سعدت به كثيرا.

    لقد كان هذا الكتّاب بالنسبة لي هو الأبن البكر الذي أسعدني في مجال النشر وحقق لي حضورا خاصا وبعدا متميزا في مجال النقد الأدبي، حيث يعتبر هو المرجع الأول في أعمال هذا الكاتب، كما إنه يعتبر إضافة نقدية لواحد من جيل الستينات المتميز في مجال السرد المصري المعاصر.


    أنا بنت الهاشمي أخت الرجال
    الكاتبة والشاعرة
    الدكتورة نور ضياء الهاشمي السامرائي
Working...
X