جلسنا ننصت إليه بعناية , كان يتألق بل كاد أن يطير على جناح اللغة العربية الجزلى و معانيها الجميلة ... يقف هنيهة , يخلع النظارة عن عينيه لكي يقرأ جملة من على الورق المنثور على الطاولة أمامه ... يعيد النظارة يبتسم و يغضب ... يبتسم عندما يورد في حديثه قيمة مجتمعية مهمة و ذلك لأنه يجيد لغة الوجوه و يعرف بالتجربة أن الوجه يتكلم دون أن يتكلم .. ! و يغضب بحدة عندما يورد أمثلة تتعلق بالمشكلة التي يتحدث عنها .. و أية مشكلة ؟
الأستاذ "س" حاضر فينا عن " المرأة و الأدب " و لأننا نمارس التهكم خلسة من أجل تحويل الواقع إلى دراما مقبولة نوعاً ما .. علّق صديقي حسين على عنوان المحاضرة قائلاً : جيد سأسجل أهم النقاط في الحاضرة و أعطيها لأخي عبود لأن زوجته قليلة أدب !! أما مروان فقال له : لك يا فهيم ليس المقصود بكلمة (أدب) التهذيب بل الإنتاج الإنساني الأدبي فقال حسين : صار لدينا إثنان قليلو أدب زوجة عبود و مروان ... و ضحكنا ... ثم ذهبنا إلى المحاضرة و استمعنا إلى الأستاذ "س" الذي حلق مستخدماً مقدرة فذة على التحليل و الجدل و التفكير بصوتٍ عالٍ ..
استمرت المحاضرة زهاء الساعتين ثم سلم السيد "س" علينا فرداً فرداً و دار بعض الحديث حيث تجمعت حوله بعض (الأدبيات) و جعلن يسألنه أسئلة مختلفة ... ثم شكرهن و خرج من القاعة و ذهب إلى سيارته مقلعاً بها ... و عندما وصل إلى المنزل فتح الباب و دخل متجهماً دون أن يلقي السلام على زوجته ... صاح في وجه أولاده الثلاثة بعنف : انقلعوا كل إلى فراشه
ذهب الأولاد ليناموا خائفين ... نادى حضرته على زوجته أن تأتي ... فدخلت إليه خائفة و هي تعلم أن غضبه لا يطاق .. قال لها تعالي (بعنف) و بدأ بضربها
محمد عبدالله الاحمد