اهرب وانتمي لوجهك .
الليل يندس تحت اضلع الكون كطفلة داهمها العشق ,دفء المكان يزرعني بالف صقيع ..
لو استطيع الخروج قليلا لاسرق من الشتاء المتجول لمسة برد لاعيد بها الى جسدي حس التشرد والضياع ..لاجوس الظلمة بحثا عن وجهك المنعم بالدفء .
دفء المكان يبلورني كسمكة ضاعت في تيارات المحيط ..يحنطني كجثة حوت نسيت في القطب الف عام .انت حبيبي حتى النهاية !!
انت حبيبي الى الابد !!
رايت كم الفرق شاسع ؟؟
الموسيقا تزداد صخبا ..عازفة الكمان الشقراء تغمض عينيها امام نظرات المايسترو ,يحفت صوت الكمان حتى يستحيل الى همس .
رواد المكان يكرعون كؤوسهم كما لو انهم يعبون من بحر الحياة ,نور برتقالي خفيف يتدفق من كل مكان ,يتسلق الجدران ,يتشرب ملامح الجالسين بينهم .
وجهك يلقي على كل الاشياءظلا بنفسجيا يطل عبرنهر الموسيقا ,وسحابة الدخان الازرق لا تنقطع ..
مالذي حدث ؟؟؟
كيف للنجوم ان تغير مداراتها بهذه العبثية وتضرب قوانين نيوتن واصدقائه عرض الحائط ؟؟
يحرقني هذا البرد المصطنع ..هذه اللامبالاة الغبية ستدفع بي الى الجنون .
جربت ان افعل مثلك ..اكتشفت انني اتجاهل نفسي فقط.
كان هناك ازدحام ومساء وبرد وكنا معا ,انت كعادتك سرت نحو الباص ,لم تلتفت الى الوراء كنت اريد ان اركض ,ان اصرخ باعلى صوتي :احبك لدرجة الكره ,احبك حتى الحقد ,ايها الذاهب دون كلمة وداع .كان صوتي يجيش في داخلي في حلقي ,يريد الخروج عاليا ,مدمرا كموج البحر ,وكنت اريد له
ان يخرج محطما ,مدمى كقلبي ,مكسرا كخشوع القديسين .
ايها الاله القادم من الجحيم ,اريد ان يكون له صوت تكسر الصخور ,لا تفتت الموج .
صديقتي تضحك ,على انغام ضحكتها يرقص قلب صديقها العاشق .
ابعد مقعدي قليلا ,مالذي جاء بي الى هنا ؟؟
وحدة هنا ..وغربة هناك.
يا وجهك ...يرسم حدود وطن صغير ..لكنه دافئ ..يحلو اليه الهرب والانتماء
عازفة الكمان تبتسم ,المايسترو يزداد حماسة ,اكرع كاسي دفعة واحدة ..اضغط عليها ..اريدها ان تنشطر في قبضتي اقمارا وكواكب ..اعيدها بهدوء كي لا افسد هدوء نظرات المايسترو واحلام الفتاة الشقراء .بدات الارض تدور ,اضع راسي على المسند ,وجهك مثل كل الاشياء المقدودة من نور ..
يستطيع ان يخترق الزجاج ,زجاج النافذة دون ان ينكسر ,ياتي حاملا معه غيمة من وسن ..وهذيان
ويلتصق بوجهي .
حتى الجريمة احبك يا من تحمل تحت براءتك صك انتحاري .
كان هناك ازدحام ومساء وبرد ..عندما لحقتك الى الباص شعرت ان انفاسك تحرقني ,مع ان اجساد الطلاب تحول بيني وبينك صارعت لارى طرف معطفك ففشلت ,لكنني كنت احس بك هناك.في اخر الباص
بركان يتحطى بحجمه كل الرؤوس ,ينصب حولي اعمدة جهنم ,يكويني ,ارتعد قشعريرة اغلق فمي بصعوبة كي لا يخر
صوتي عاليا مدمرا كالاعاصير ..
وحدهما عيناك ..جسرذكريات وبوابتا امل ..
كيف تستطيع ان تحملهنا كل ما نسجته روائعنا وايامنا بثانية ؟؟
كلما نظرت في عينيك ,يتملكني احساس ان شيئا لم ينته بعد .
اعود الى الغرفة البنفسجية والصيف الذي لم اشهد مثله ,اعود الى بدايتنا ...........
دعي لقائنا للمصادفة !يا الهي ايعقل هذا ؟؟؟
مزيد من التشردايتها الشوارع التي انعمت عليك الدنيا بفقدان ذاكرتك ,والا اصبت بالجنون لكثرة ما تسكعت عليك قدماي المتعبتان .
كيف يعود القطار الى المحطة الاولى ؟بعد ان رمى بسكته الحديدية في البحر وانتمى لاخر محطة؟
عاد القطار بطريقة ما !وكما الطيور تلتقي ..سيكون لنا لقاء,كم احسد الطيور!!!
لا مواسم للهجرة والعودة هنا ...ولا قطب لهذه المدينة ,ولا خط استواء !
لنكن طيورا من نوع اخر ,طيور لايجمعها صيف ولا يشردها شتاء .

هل يملك طير قلبا كالذي املك ؟؟
هل يملك طير سماءا كسماء تشردي ؟
ان للطيور اعشاشا في كل مدخنة وشجرة ,وان لا عش لي الا قلبك ايها الغالي ..
اتريد ان تجعل من ايامي السوداء رحلة بحث عنك وقد قص الزمان جناحي ؟؟
ما اشد ما تقسو علي الايام ؟؟
بدا صوتي يخفت في حلقي ,وصوت الكمان بدا بالارتفاع طغى على كل الاصوات..المايسترو يتحرك كشجرة بلا جذور,فتاة الكمان تتابعه بوله شديد وهي تتمايل .
وجهك يسافرعبر النافذة ,يهرب تذوب ملامحه في المدى البارد .
الاصوات تزداد تالقا ,تتسرب من الجدران ,والسقف ,والكؤوس والاحداق تتدفق مع انحناءات النادلين ,ومن عصا المايسترو ,وابتسامة عازفة الكمان .
دفء المكان يشلني ...اريدان يرتعش جسمي بالبرد لاصرخ بملء حرقتي :تعال الي يا وطنا ملعون الكبرياء ..يا وجهك مسكونا بالف صيف ......هل حقا اننا ننتمي لعالم واحد ,لكون واحد ؟؟؟
كذبة كبيرة لا اصدقها ...لماذا اذا نفترق ؟..لماذا نبتعد ؟...
اريد ان اركض وراءك ..وانت تذهب شامخا ...راسك لا يلتفت ابدا ...
اتشبث بك ,ادفن راسي في جحيمك ,واصرخ ...احبك حتى الجريمة يا قاتلي ....
يا شيطان البراءة ...يا حبيبي ..
اريد ان يكون صوتي مدمرا مكسرا كصخور الشاطئ لا كموج البحر ...
ايها القادم من ارض الجحيم ....اناديك ...فهل تسمعني ....................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
__________________

.
.