Announcement

Collapse
No announcement yet.

من القصائده القديمة أو الجديدة لبوشكين - الباحث : سالم سيف الجابر

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • من القصائده القديمة أو الجديدة لبوشكين - الباحث : سالم سيف الجابر

    من القصائده القديمة أو الجديدة لبوشكين
    منقول - للباحث : سالم سيف الجابر
    ما انتهى من حديثه حتى طلبت منه أن أقرأ له شيئا من قصائده القديمة أو الجديدة ،
    فناولني بضع أوراق كتب فيها الأبيات التالية :
    على تلال جورجيا
    على تلال جورجيا يخيم ليل مظلم
    وأمامي نهر (أراغفا) يهدر
    أشعر بالغمِّ وبالراحة ، حزني مشرق ،
    حزني بك مفعم ،
    بك ، بك وحدك ...
    لا شيء يمض شجني ، لا شيء يُقلِق ،
    والقلب يشتعل من جديد ويعشق
    إن لا يعشق هو يعجز .

    بلا عنوان
    إن خدعتك الحياة
    فلا تحزن ، و لا تغضب !
    في اليوم الشجي اهدأ ،
    يوم الفرح ، ثق ، لا بد آت !
    القلب يحيا في المستقبل ،
    فالحاضر كئيب !
    كل شيءعابر ، كل شيء سيمضي ،
    وما سيمضي – سيصبح أجمل .

    السجين
    في زنزانتي الرطبة أقبع وراء القضبان
    و النسر الفتي , ربيب الأسر
    رفيقي الحزين , مرفرفاً , بجناحه
    ينهش وجبته الدامية عند النافذة
    ينهشها و يلقي بها , و يتطلع من النافذة
    كما لو أنه يشاركني أفكاري
    إنه ليدعوني بطرفه و صيحته
    و يود أن ينطق : (هيا بنا ننطلق ...
    نحن طائران حران , آن لنا أن نمضي
    بعيداً حيث الجبال بيضاء وراء السحب
    حيث البحر يتألق زرقةً
    حيث لن يتجول غير اثنين: الريح و أنا .

    لا تنشدي
    لا تنشدي , قربي , أيتها البهية
    أغانيك الجيورجية الحنونة
    فهي تذكرني
    بحياة أخرى , و بساحل بعيد
    أواه ! أغانيك الجارحة
    تذكرني
    بالشرود في ليل مقمر
    و تقاسيم امرأتي البعيدة البائسة
    أنا أنسى حين أرى فيك
    طيفاً أحبه , طيفاً قاتلي,
    لكن حين تنشدين
    أستعيد الصورة أمامي
    لا تنشدي, قربي , أيتها البهية
    أغانيك الجيورجية الحنونة
    فهي تذكرني
    بحياة أخرى و بساحل بعيد .

    لم أسأله بطبيعة الحال عن زواجه من أجمل فتيات روسيا فقد حذرني (غوغول ) بقوله :أن (بوشكين) شديد الغيرة ، لذا لم أثر في حديثي معه أسباب المبارزة كيلا أجدد جروحه العميقة ، رغم إحساسي بأنها تستولي على تفكيره ، فمن يقدم على عمل كهذا لابد أن يديم الفكر فيه ، لأنها مسألة حياة أو موت .. بل هي مسألة وجود ...
    ساد قليل من الصمت ، شربت معه أثناء الحديث كوبا من الحليب الدافي ...
    ودعت شاعر روسيا الكبير .. رأيت روح التحدي وقوة الإرادة تلمعان في عينيه مع شيء الحزن من العميق .
    مازالت الريح الباردة تهب في الخارج لعلها تنتظر هذا الذي سوف يخرج بعد قليل لتلفحه في وجهه مذكرة أياه إنها لا زالت هي الأخرى تمارس طقوس وجودها بكل حرية في هذا الظلام ... !!!
    كتلك المؤامرات التي تحاك في سواد الليل .

    بعد مرور عدة أيام كنت بعيدا عن مدينة سانت بطرسبورج ، أحاول جاهدا معرفة أخبار (بوشكين)
    لا جديد ... إلا أنه في صباح ذات يوم أخذ الناس يتجمهرون ... يقرأ أحدهم قصيدة ويكاد يبكي ، بل هو يبكي فعلا ، قصيدةكتبت بخط اليد وانتشرت بين الناس كالنار في الهشيم ، والقصيدة هي ( موت الشاعر ) ، يقول الشاعر (ميخائيل رومنتوف ) في مطلعها :

    مات الشاعر !
    سقط عبدا للشرف
    - الرصاص في صدره يصرخ للانتقام
    والرأس الشامخ انحنى في النهاية –
    مات !
    فاضت روحه بالألم من الافتراءات الحقيرة
    حتى الانفجار ..

    مرثية هي من مرثيات التاريخ الكبرى ، وأحد أهم معالم الرثاء في الأدب الروسي بل العالمي ..
    وكأنها في تاريخنا العربي القديم مرثية ( أبوليلى المهلهل – الزير ) في رثاء أخيه ( كليبا ) .
    أو رثاء (الخنساء ) لأخوتها أو رثاء ( متمم بن نويره ) في أخيه (مالكا) ..
    ولا زال مصرع (بوشكين) إلى الآن يثير الأسى والألم في نفوس الروس ...
    لماذا هذا الحزن المستديم ؟
    قال أحد المثقفين الروس : " نعم ، لأن حزننا على شاعرنا مستديم ، فإننا أمة عظيمة " .

Working...
X