القاهرة - سانا
واصل المصريون التظاهر في ميدان التحرير وسط القاهرة اليوم ولليوم العاشرعلى التوالي مطالبين الرئيس حسني مبارك بالرحيل عن السلطة مؤكدين أنهم لن يغادروا الميدان حتى تتحقق مطالبهم وأنه لن يرهبهم أي شيء بالرغم من الاعتداءات عليهم، كما تواصلت المظاهرات في مختلف المدن المصرية.
وأدت الاعتداءات التي نفذها مناصرون للحزب الوطني على المتظاهرين في ميدان التحرير وسط القاهرة أمس وفجر اليوم إلى سقوط قتلى وعدد كبير من الجرحى ونقلت رويترز عن مصادر طبية وإعلامية قولها إن 5 أشخاص من متظاهري ميدان التحرير قتلوا وأصيب العشرات إثر تعرضهم لإطلاق رصاص حي في الساعات الأولى من صباح اليوم.
بدوره قال وزير الصحة المصري أحمد سامح لرويترز: إن ثلاثة أشخاص قتلوا في المصادمات التي شهدها ميدان التحرير بينما كانت وزارة الصحة المصرية أعلنت أن مجندا قتل وأصيب أكثر من 650 شخصا في المصادمات.
غير أن مصدرا طبيا في ميدان التحرير ابلغ الوكالة أن أكثر من 1500 من المتظاهرين أصيبوا إصابات مختلفة في الهجوم المنظم الذي شنه مناصرون للحزب الوطني على ميدان التحرير باستخدام القنابل الحارقة والأسلحة البيضاء والخيول والجمال فيما وصف بأنه عمل بلطجة منظم لترهيب المتظاهرين.
وأكد شهود عيان لقناة الجزيرة أن المتظاهرين في ميدان التحرير ألقوا القبض على عدد من مهاجميهم وتبين أن عددا منهم من الحزب الوطني الحاكم يحملون بطاقات أمنية واعترفوا أنهم دفعوا من جهات رسمية لمهاجمة المتظاهرين.

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الموالين لمبارك رشقوا المحتجين بالحجارة واعتدوا عليهم بالضرب باستخدام الهراوات والعصي بينما نقلت قناة الجزيرة عن شهود عيان في الميدان قولهم إن المهاجمين استخدموا المواد الحارقة وقنابل المولوتوف ضد المتظاهرين لكسر عزيمتهم.
وقال عمر بهاء مدير مستشفي ميداني في ميدان التحرير في حديث لقناة الجزيرة إن معظم إصابات المتظاهرين حالتهم خطيرة للغاية وتتفاوت إصاباتهم بين كسور في قاع الجمجمة وكسور مضاعفة في الجمجمة والعظام وحالات احتباس في الرئة وانفجار في مقلة العين وطعنات في البطن والطحال وغيرها.
وأوضح بهاء أن المستشفي الذي أقامه المواطنون المصريون يستقبل كل 5 دقائق حوالي 20 حالة معظمها خطيرة.
وعرضت عدد من وسائل الإعلام المرئية تصدي المتظاهرين للمهاجمين وإمساكهم ببعض المهاجمين الذين يحملون هويات لرجال أمن سقطت خلال الاشتباكات تم تسليمها إلى قوات من الجيش المصري المتمركزة في مداخل الميدان.

وقال أحد المتظاهرين خلال اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة إن البلطجية والمرتزقة يستخدمون الهراوات والسياط والخيول والجمال والمواد الحارقة ضد المتظاهرين داعيا الجيش المصري إلى حماية المتظاهرين.
وذكرت مصادر صحفية انه وفي أعقاب انتشار خبر اقتحام مؤيدين لمبارك ميدان التحرير واعتدائهم على المتظاهرين بدأت حشود مؤيدة للمعتصمين بالتوجه من مناطق مختلفة من القاهرة إلى ميدان التحرير للتضامن معهم ومساندتهم.
وفي السياق ذاته اندلعت النيران في مدخل المتحف المصري قرب ميدان التحرير بعد إلقاء قنابل حارقة عليه من قبل المهاجمين قام الجيش بإطفائها.
وفي دمنهور قال شهود عيان إن المواجهات بين متظاهرين وعناصر أمنية أوقعت نحو 35 مصابا كما أفاد متظاهرون أن عددا من المهاجمين الذين ألقي القبض عليهم هم عناصر أمن ومأجورون تم تسليمهم إلى أفراد الجيش.
إلى ذلك أعلن التلفزيون المصري أن القوات المسلحة دعت جميع المواطنين إلى القبض على الأفراد السارقين لملابس القوات المسلحة وتسليمهم إلى أقرب وحدة عسكرية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم.
كما دعت وزارة الدفاع المصرية المتظاهرين المصريين إلى العودة إلى منازلهم لتوفير الأمن وإعادة الاستقرار والحياة الطبيعية إلى البلاد.
وقال المتحدث باسم الوزارة متوجها للمتظاهرين إن رسالتكم وصلت ومطالبكم عرفت ونحن ساهرون على تأمين الوطن من أجلكم والقوات المسلحة تناديكم ليس بسلطان القوة ولكن برغبة في حب مصر. وأضاف المتحدث: أنتم بدأتم الخروج للتعبير عن مطالبكم وأنتم القادرون على إعادة الحياة الطبيعية لمصر والقوات المسلحة بكم ومعكم ستستمر في تأمين الوطن مهما كانت التحديات.
من جهته قال صلاح عبد المقصود وكيل نقابة الصحفيين المصريين..إن قيادات الحزب الوطني الحاكم حرضت عدداً من عناصر الأمن وأرباب السوابق ودفعت لهم الأموال ليهاجموا المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير ويعتدوا عليهم بالحديد والحجارة والقنابل الحارقة والأسلحة الرشاشة.
وأضاف عبد المقصود في حديث لقناة الجزيرة إن من أشعل تظاهرات الشعب المصري هم من ينتمون إلى كل الأطياف والطبقات والمستويات التعليمية ومنهم الأطباء والمهندسون والقضاة والمدرسون وعلماء الأزهر وغيرهم من فئات الشعب ولكن ذلك لم يشفع لهم عند السلطة الحاكمة التي بذلت الغالي والنفيس لردعهم عن تحقيق مطلبهم الرئيسي بتنحي الرئيس حسني مبارك عن الحكم.
وقال عبد المقصود إن ميدان التحرير مكتظ بالمواطنين المصريين المصممين على إيصال رسالتهم السلمية لكل العالم بهدف ضمان حقوق الشعب المصري في الحرية والتغيير والعدالة الاجتماعية.
وناشد عبد المقصود الجيش المصري بالتدخل لحماية المعتصمين في ميدان التحرير من اعتداءات المأجورين والمدفوعين من قبل السلطة الحاكمة متسائلاً..إن الجيش نزل إلى الشوارع لحماية الشعب فلماذا يقف على الحياد على الرغم من أن هذا وقت الاصطفاف إلى جانب شعبه وأهله وأبنائه وإذا لم يقم بواجبه الآن فمتى سيقوم بذلك.
من جهته قال حمدي قنديل الإعلامي المصري إن هناك خطة من قبل النظام المصري لشق صف المعارضة والقوى المصرية والتفرقة بين أبناء الشعب المصري الواحد من أجل البقاء في الحكم.
وأضاف قنديل إن النظام المصري لا يستطيع أن يعيش لأسابيع أو شهور بالرغم من أنه يحشد قواته للهجوم على ميدان التحرير اليوم وهذه القوات مكونة من رجال شرطة سريين وبعض العمال الذين يعملون في مصانع رجال الأعمال المنتفعين من السلطة وأرباب سوابق يعرفهم الشعب المصري منذ أن شاركوا مع الشرطة في تزوير انتخابات مجلس الشعب المصري الماضية.
وحمل قنديل الرئيس حسني مبارك مسؤولية أي مجزرة جديدة في ميدان التحرير معتبرا أن عناد النظام يفتح أبواب مصر أمام تدخل أجنبي.
ولفت قنديل إلى أن الرئيس مبارك يعرض الأمن القومي للخطر داعيا إياه للرحيل لتجنيب البلاد المزيد من الضحايا.
من جانبه اعتبر عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية المصرية..أن ما جرى بالامس من اعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير يمثل جريمة تضاف إلى سجل نظام الرئيس حسني مبارك وأن هذا ما جعل التصميم أكبر لدى أبناء الشعب المصري لتنحيته عن الحكم.
وأضاف قنديل أن ما جرى بالأمس جعل من المستحيل لدى كل قوى المعارضة إجراء أي مفاوضات مع نظام الرئيس مبارك.
وازدادت التداعيات الاقتصادية للأزمة حيث أعلن مسؤول في البورصة المصرية تعليق التداول في البورصة اليوم الخميس لليوم الخامس على التوالي مع استمرار الاضطرابات.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز إن إدارة البورصة تأخذ قرار إغلاق السوق يوما بيوم نظرا للظروف.
كما خفضت وكالة موديز انفستورز سرفيس للتصنيف المالي درجة خمسة مصارف مصرية لأنها تعتبر أن خطر تخلف هذه المؤسسات عن التسديد لمودعيها قد زاد إثر موجة الاحتجاجات في البلاد.
والمصارف هي البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجاري الدولي وبنك الإسكندرية وجميعها تتخذ من القاهرة مقرا لها.

وتعرض القطاع السياحي المصري لضربة موجعة بعد تدفق ألوف الأجانب على مطار القاهرة الذي سادته حالة من الفوضى سعيا إلى العودة إلى بلادهم خشية الأوضاع غير المستقرة في البلاد فيما تخطط شركات سياحية أوروبية إلى إجلاء مجموعات سياحية تقدر بالآلاف من مصر. وفي الردود الدولية على موقف الرئيس مبارك من المطالب الشعبية برحيله وآخر الأحداث في ميدان التحرير أعرب البيت الأبيض عن استنكاره وإدانته لاستخدام العنف ضد المظاهرات السلمية.
البيت الابيض: التغيير يجب أن يحدث الآن
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس في مؤتمر صحفي: إنه من الواضح أن الشعب المصري يحتاج لتحقيق تقدم وتغيير على الفور والرسالة التي أبلغها الرئيس باراك أوباما بكل وضوح للرئيس مبارك في اتصاله الهاتفي أمس الأول كانت هي أن الوقت قد حان للتغيير مضيفا أن التغيير يجب أن يحدث الآن.
وتوالت الدعوات الدولية للرئيس مبارك بالتحرك الآن للإيفاء بمطالب الشعب المصري فقد قال الرئيس التركي عبد الله غل إنه من المهم جدا أن تجري العملية الانتقالية في مصر في وقت قصير جدا وذلك بما يتفق وآمال وتطلعات الشعب المصري.
وأكد غل أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في مصر مضيفا أنه كلما كانت آمال وتطلعات الشعب المصري التي يتم التعامل معها اكبر كلما كان من الأفضل اتخاذ إجراءات أسرع وإجراء عملية انتقالية في وقت قصير قدر الإمكان.
وتابع غل أن التطورات الأخيرة التي جرت في المنطقة لم تشكل مفاجأة كبيرة معتبرا أن تنفيذ إصلاحات في هذه البلدان كان سيجعل الأوضاع أفضل لافتا إلى أن تركيا تراقب الوضع في مصر عن قرب وهي تتمنى أن يتحقق ما فيه مصلحة ورخاء الشعب المصري.
بدوره قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إن الكلمة التي ألقاها الرئيس مبارك لم ترض الشعب المصري وإنهم يتوقعون منه اتخاذ خطوات مختلفة تماما والسماح بانتقال البلاد نحو الديمقراطية.
وأضاف أردوغان إن الشعب المصري لا يثق بالإدارة الحالية ومن الأفضل السماح بتشكيل إدارة انتقالية للانتقال بالبلاد نحو الاستقرار والديمقراطية داعيا إلى وضع خارطة طريق وجدول زمني محددين لتحقيق ذلك.
من جانبه اعتبر "بنيامين نتنياهو" رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن عدم الاستقرار والمظاهرات ضد الحكومة في جميع أنحاء مصر سيؤدى إلى زعزعة الاستقرار لسنوات في المنطقة.

وذكرت رويترز أن "نتنياهو" دعا في كلمة له أمام الكنيست الإسرائيلي إلى تعزيز قوة إسرائيل في ضوء الاحتجاجات التي تفجرت في مصر مطالبا زعماء العالم بأن يكفلوا التزام مصر باتفاقية كامب ديفيد التي أبرمتها مع إسرائيل.
من جهته جدد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دعوته إلى انتقال سريع للسلطة في مصر ودون تأخير.
ودعا بيان صدر عن مكتب ساركوزي السلطات المصرية إلى القيام بكل ما هو ممكن كي تتم هذه العملية الحاسمة دون عنف.
إلى ذلك دعا كل من رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر ورئيس وزراء نيوزيلندا جون كاي إلى انتقال سلس للسلطة في مصر.
وفي لندن دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى انتقال سريع للسلطة في مصر.. وقال أمام البرلمان إنه يجب أن يكون الانتقال سريعا وله مصداقية ويجب أن يبدأ الآن مضيفا: باعتقادي أنه كلما كان بوسعهم المضي في برنامج زمني يقتنع الناس بأنه حقيقي كلما تسنى أن يصبح مستقبل البلاد أكثر استقرارا وديمقراطية.
وفي بروكسل قالت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن قرار مبارك عدم ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها رأت أن الحكومة المصرية الجديدة التي تم تعيينها لا تمثل قاعدة عريضة.
وأضافت اشتون في بيان لها أن الاتحاد الأوروبي مستعد لمساعدة الشعب المصري في مطلبه الخاص بمستقبل أفضل ودعت إلى انتقال منظم للسلطة من خلال حكومة ذات قاعدة عريضة ما يؤدي إلى عملية حقيقية لإصلاح ديمقراطي ملموس مع كل الاحترام لسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
من جهته عبر وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي عن ارتياحه لرغبة مبارك في فتح الطريق لتجديد سياسي خلال بقائه على رأس السلطة.
وقال الوزير الألماني لإذاعة بايريشر روندفونك: من الضروري أن تلي الأقوال أفعال ملموسة جدا مؤكدا أن الشعب المصري هو الذي يقرر من يجب أن يحكم.
غير أن عمر سليمان المعين نائبا للرئيس المصري اشترط لإجراء الحوار مع القوى السياسية المصرية وقف المظاهرات وعودة المواطنين المصريين إلى منازلهم.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن سليمان قوله إن الحوار مع القوى السياسية الذي يضطلع به بناء على تكليف الرئيس مبارك يتطلب الامتناع عن المظاهرات وعودة الشارع المصري للحياة الطبيعية بما يتيح الأجواء المواتية لاستمرار الحوار.