Announcement

Collapse
No announcement yet.

بقلم : ابراهيم البوزنداكي قصة ((سقط الفارس و تاه الفرس ))

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • بقلم : ابراهيم البوزنداكي قصة ((سقط الفارس و تاه الفرس ))


    مجلة أصوات الشمال
    سقط الفارس و تاه الفرس
    بقلم : ابراهيم البوزنداكي



    قاسية كصخرة صماء، ما أزال أذكر عبارتك التي أوردتها في أول و آخر رسالة تلقيتها منك:
    " أيها العاشق لست لعوبا، مالحب إلا منديل أزرق يمسح به أمثالك أنوفهم و عندما يمتلئ مخاطا يلقون به في أحراش الشهوة"

    سقط الفارس و تاه الفرس
    - هل سمعت الأخبار؟
    - أجل، بلغني أن الفارس سقط و أن الفرس ما زال تائها.
    - أملي كبير أن يكون هذا التيه مجرد تجربة قصيرة، يجد بعدها الفرس فارسا يحسن قيادته.
    - يا أخي الفرس من دون عنان قلما يجد فارسا يناسبه يستطيع ترويضه. أترى ما يجري؟ كل هذه الأحصنة أصبحت حميرا ترزح تحت الأثقال.
    -استمع، الفرس و الفارس يجب أن يكونا كتلة واحدة، قطعة واحدة. الفارس يحس بالفرس والفرس يحس بفارسه. عندما يعدو الفرس و كأن الفارس هو من يعدو، هكذا ينجحان، كائنان متكاملان. أما أن يكون الفارس كصخرة على ظهر الفرس،سرعان ما يفتر الفرس و يجمح و يلقي بالفارس.
    -هذا ما حدث حقا، أكثر هذا الفارس من النغز و الجلد، أنظر إليهما الآن، فارس جريح ملقى على الأرض و فرس تائه قطع العنان.
    كان هذا حوارا دار بين رجلين جالسين يستندان إلى جدار من صخور يكاد ينقض على رأسيهما. بين قدمي أحدهما زجاجة خضراء نصف ممتلئة يؤرجحها ذات اليمين و ذات الشمال..
    على مبعدة منهما، على بعد فراسخ، عين ماء تجري مكونة خطوطا رفيعة من الماء تجتمع على قمة صخور حادة لتسيل من الجهة الأخرى شلالا من فضة يعكس أشعة الشمس الذهبية لتقع على أشجار من مختلف الأحجام و الأشكال مبددة ظلالها الجاثمة على هذا الركن من الوطن. لوحة إلاهية تتوقف عندها كل عين لتتمعن في عظمة الخالق عز و جل..
    هناك حيث تجمعت روافد المياه في بركة كبيرة، جلست فتيات يغسلن شعورهن و يدور بينهن حوار من مرتبة ما يجري.
    - غالية، أخيرا انتهينا منه، الدواء الذي جلبه الشاب أطاح به قضى عليه دفعة واحدة.
    - كنت أظن أنه ما يزال موجودا بالقرية، مصاص الدماء ذاك.
    - أنت حمقاء، لقد قضي عليه، لم يعد له وجود. رؤوسنا أصبحت حرة، لم تعد حقولا للتنقيب.
    - أمر جميل أن نحس بنظافة رؤوسنا.
    تنشغل الفتيات بهذا الحوار و شبهه، و يترنمن بين الفينة و الأخرى ناسيات أو متناسيات أنهن في الهواء الطلق و أن شعورهن مفتوحة مبللة بالماء تدغدغها شمس الضحى في دلال.
    غير بعيد، بين تلك الأشجار المتكاثفة، كان هناك شاب ينتقي شجرة ثم يتسلقها بسرعة و مهارة و كأن هذا العمل يقوم به منذ صباه. شجرة سامقة تشبت بيد واحدة في أحد أقوى أغصانها العالية وفي اليد الأخرى منظار صغير وجهه تلقاء العين و ركزه في نقطة واحدة. ذاب في هذه المشاهدات و كأنه هناك بينهن وليس معلقا بين السماء و الأرض هنا. ينظر إليهن بلهفة عجيبة ويركز نظره على واحدة منهن و يتنهد:
    - آه منك يا "سنوت"، قضيت علي بعينيك، بشعرك الذهبي البراق، كل شيء فيك ينطق فتنة. أهيم بك حبا و أنت..
    قاسية كصخرة صماء، ما أزال أذكر عبارتك التي أوردتها في أول و آخر رسالة تلقيتها منك:
    " أيها العاشق لست لعوبا، مالحب إلا منديل أزرق يمسح به أمثالك أنوفهم و عندما يمتلئ مخاطا يلقون به في أحراش الشهوة"
    أكانت تلك كلماتك أم كلمات جلاد في سجن الباستيل؟
    مازلت تحت رحمة حبك، أشرب و أشرب حتى أثمل فأنسى كل الهموم و عندما أعي من جديد تخنقني ياقة القميص و أحس بنفسي كقلب المفاعل، مترنحا غير متزن. بهذا عرفت أن سكر الخمر يزول و أن هذا السكر دائم لا يزول، لذلك ما أزال في انتظارك قابعا هنا يا "سنوت"...



    ابراهيم البوزنداكي
Working...
X