Announcement

Collapse
No announcement yet.

القاص المبدع رابح قندولي - قصة (( عائشة ))

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • القاص المبدع رابح قندولي - قصة (( عائشة ))


    عائشة
    بقلم : رابح قندولي

    مجلة أصوات الشمال

    كل هذا الشقاء تعيشه عائشة و تنغمس فيه إلى حد الثمالة،غير أنها لا تفهم شيئا واحدا فقط،لماذا تتولى العجائز من النساء السهر على استمرار ذلك العرف المنكر؟يا
    فرغت عائشة لتوّها من كل الأعمال المنزلية.أعمال شاقة لا يقوى على القيام بها العصبة أولي القوة من الرجال،و ربما يقدرون لكنهم لا يصبرون.ربما تمنت عائشة لو كانت ذكرا،فليس الذكر كالأنثى،هؤلاء الذكور تخدمهم النساء من المهد إلى اللحد،بل من قبل المهد إلى ما بعد اللحد.لا تنام الأنثى إلا إذا نام الذكر،يقولون إن المرأة الذكية لا تنام أبدا قبل أن ينام زوجها،هل يشعر الرجل بفقدان كبريائه إذا سمحت زوجته لنفسها بان تنام قبله؟هل يجب عليها أن تبقى مستيقظة ليشعر أنها في خدمته حتى و هو يغط في نوم عميق؟آه نسيت،لا تأكل الأنثى إلا إذا شبع الرجل،و لا تشرب القهوة،هي إذاً مسترجلة لا يجوز أن يقربها الرجال.ثم إنها لا تفطر أصلا ،فالذين يفطرون هم الرجال الذين يحرثون و يزرعون و يحصدون،حتى الحمار المسكين لا يتعشىّ،هل يعلم صاحب الحمار بذلك؟ في دوّارنا يتطيّر الناس ممن يفطّر الأنثى و يعشّي الحمار،يقولون انه موعود بالفقر.
    كل هذا الشقاء تعيشه عائشة و تنغمس فيه إلى حد الثمالة،غير أنها لا تفهم شيئا واحدا فقط،لماذا تتولى العجائز من النساء السهر على استمرار ذلك العرف المنكر؟يا الله يا من عرفت المعروف و أنكرت المنكر،يا من أمرت بالأمر بالعرف و أمرت بتغيير المنكر،كيف صار ذلك المنكر عرفا و لماذا يقبل عرفنا كل ذلك المنكر؟
    و زوج عائشة،ما زوج عائشة ؟هل هو ظالم أم مظلوم؟قاهر أم مقهور؟راض أم ساخط؟لا تعرف عائشة لون عينيه ،تقول أمه إنهما عسليتان،هل يجرأ أن يكلم عائشة في حضرة أمه؟ هل يجرؤ على أن يقبل ولده أو أن يلاعبه ؟هل يسمح لنفسه أن يدعوها باسمها؟كل نسائنا لهن اسم واحد فقط هو ًاسمعيً ،اسم على وزن فعل،مثله مثل يزيد و يعرب و يعلى. غير أن أمي قد أفلتت من هذا الاسم العموميّ، فأبي يناديها بنت الطالب. تختلس عائشة النظرات إلى زوجها،تتعطل بينهما لغة الكلام،يتخاطبان بالإشارات،بل بأدنى من الإشارات،بل إن عائشة تخدم ذلك الزوج الصامت دون أن يطلب هو ذلك،إنها مجبولة قبل البدايات على تحقيق الرغبات و تقديم الخدمات،و قهر المكبوتات.لماذا تتعطل لغة الكلام ؟رغم أن الرسول بين الذكر و الأنثى كلام و ما هو أبعد من الكلام،هل خاف شوقي فكبت ذلك الكلام و حمد الله أنه لم يرتكب ما هو أكبر من ذلك الكلام؟
    فرغت عائشة لتوها من أعمال المنزل،عمل شقي .العمل المنزلي تسميه النساء في بلادي الشقا.يا له من شقاء.ولم تكد عائشة ترتاح من ذلك الشقاء حتى سمعت صوتا قويا يندفع من خارج الكوخ .أخرجوا جميعا .خرجت عائشة من غرفتها مع من خرجن من النساء كان العساكر يسبونهن بأقبح العبارات، لا يفهم الريفيون من الفرنسية غير عبارات السب و التجريح، و في لحظات تحطم كل شيء في ذلك الكوخ ،خلط العسكر كل شيء بكل شيء،أين تعلّم هؤلاء هذه الوحشية و من أين لهم بكل هذه القسوة و ماذا يريدون من امرأة شقية مثل عائشة؟تتحرك عائشة ببطء نحو الخارج يستعجلها العسكري بركلة تسقطها أرضا ،أين زوجك يا عربية وسخة؟أين ذلك الخارج عن القانون؟و قبل أن تفكر في الجواب يكون عسكري آخر قد ركلها في أسفل البطن، تصرخ العجوز الرحمة يا سيدي إنها حامل ،يتوقف العسكري عن الركل ،لعله رق لحالها،يتقدم منها عسكري آخر،ما تحملين في بطنك؟فلاقا أم فلاقة؟ينظر بعضهم إلى بعض،يقول أحدهم لو كان ذكرا قتلناه سيلتحق بأبيه،إن أطفالهم يرضعون بغض فرنسا مع حليب أمهاتهم.لا بد من قتله.و ما يدريك لعل الجنين أنثى ،إذاً لا نقتلها ،يتقدم عسكري آخر و قد أطفأ سيجارته للتو في وجه عائشة،نشق بطنها لنعرف جنس المولود.يتقدم العساكر جميعا من عائشة، تعجبهم تلك اللعبة،يريد أحدهم أن يحولها إلى رهان،أنا أقول إن المولود سيكون ذكرا ،كم تدفعون لي؟قال أحدهم يدفع كل واحد منا علبة سجائر،حسنا و لو كان المولود أنثى تدفع لكل واحد منا علبة، قبلت الرهان،يقول العسكريّ....يا الله، تقول عائشة، حتى هؤلاء الأوغاد يفضلون الذكور على الإناث،يربطون الربح بالذكر و الخسران بالأنثى....ألا ساء ما يحكمون.
    يتقدم أشقاهم من عائشة يبقر بطنها ،تصرخ عائشة صرخة تنهدّ لها العجوز ،لم يصرخ الجنين ،بخرجه العساكر من بطن عائشة غارقا في دمه و دم أمه،إنها أنثى،يقول العسكري،خسرت يا صاحبنا الرهان.
Working...
X