Announcement

Collapse
No announcement yet.

ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور


    ممدوح السكاف
    شيخ شعراء حمص تكرمه
    جمعية شعر
    (( بين واديي عبقر و العاصي ))
    سوزان إبراهيم
    العروبة
    إعداد : فريد ظفور
    بلى.. كانت أطياف دمع كاد يحلق في فضاء عينيه وهو يقبل صديق العمر الجميل إذ ينصت لكلمات تبريك عولجت بإكسير حبٍ معطر بذكريات نصف قرن الصداقة..
    هكذا رأيته وهو يتلقى تهاني صديقه عبد الكريم الناعم في لقاء حميمي جمع الكثير من شعراء سورية للاحتفاء بيوم الشعر العالمي وتكريم شيخ شعراء حمص.. ممدوح السكاف.‏
    ممدوح السكاف بين وادي عبقر والعاصي
    كان عنوان الندوة التكريمية التي أقامتها جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب ضمن نشاطها الشعري واختارت حمص مركزها الثقافي مكاناً للقاء والاحتفاء والتكريم.‏
    حمص وأسرار العاصي‏
    حمص مدينة الشعر والشعراء التي طالما منحها العاصي كثيراً من أسراره منحت الشعر قامات عالية منذ ديك الجن, تراهن اليوم وهي تحتفي بالشعر وتكرم أحد مبدعيه على ان الشعر ما زال أحد النوافذ الممكنة بحثاً عن الجمال الانساني..‏
    وأنه (مورد الحب وبوصلة القلق), ( الاقدام والغفران.. الهمة والتاج والعرفان )..‏
    على روحك السلام‏
    درجت العادة في الاجتماع الشهري لجمعية الشعر ان تقدم قراءات شعرية لشاعر ما وقد اختيرت مقاطع من شعر الشاعر الراحل موريس قبق- الحمصي- الذي يعد محطة هامة في تاريخنا الشعري الحديث: أكاد أحس انتهائي, مرارة موتي, استحالة عيني فحمة نبوءات فكري الرهيف, تشق الضباب, ترى في دهاليز عتمته ..
    غياب غير مسوغ‏
    كان من المفترض ان يشارك في الندوة تلك, أربعة شعراء يقدمون قراءات نقدية في تجربة ممدوح السكاف لكن ثلاثة منهم غابوا عن المناسبة ولا أحد يعلم الاسباب وهم الشعراء: عبد القادر الحصني-سعد الدين كليب ومحمد حمدان وبقيت قراءة الدكتور الشاعر نزار بريك هنيدي وحيدة., قدم هنيدي قراءته تحت عنوان استنبطه من عنوان الندوة: ممدوح السكاف بين قصيدتين حيث اختار من شعر المكرَّم قصيدتين الاولى بعنوان ( انتظار ) من ديوانه (في حضرة الماء) الصادر عام 1983 تنتمي الى نمط شعر التفعيلة أما الثانية فهي بعنوان (أحلام أمير الرماد) اختارها من ديوان ( الصومعة والعنقاء) ا لصادر عام 2003 وتنتمي الى قصيدة النثر.. إذاً هما قصيدتان يفصل بينهما 20 عاماً وقد حاول الناقد تلمس خطوطاً رئيسة ثلاثة هي : وصف الواقع,حال الشاعر, وانتظار الحبيبة المخلصة.‏
    بعد شرح مطول مدعم بشواهد شعرية من القصيدتين رأى نزار بريك هنيدي ان ثمة تشابهاً كبيراً في تصوير الواقع وحال الشاعر وطبيعة الحبيبة المنتظرة في القصيدتين وموقف الشاعر منها ولكنه يرى أيضاً ان هناك فروقاً هامة بينهما ففي /انتظار / لم يكتف الشاعر ينعت الواقع بالعتمة والقحط بل أشار الى عدد من العوامل التي تشخص الأسباب الكامنة وراء كل ذلك البؤس أهمها الرواسب الفكرية والاجتماعية المختلفة التي تنخره من الداخل, أما في قصيدة /أحلام أمير الرماد/ فإن الشاعر يرسم صورة الواقع القائم الصلد دون أن يكون معنياً على الاطلاق بتشخيص الأسباب والفرق الثاني الهام من وجهة نظر هنيدي أن ممدوح السكاف في قصيدته الأولى جعل الحبيبة تحمل كل صفات الثورة فألبسها لباساً عقائدياً قومياً وتقدمياً, بينما لم تتجلَ في القصيدة الثانية إلا كطيف أو وهم أو ذكرى.. إذاً كان الشاعر في قصيدته الأولى مُصراً على لعب دوره الطليعي- وفقاً ل هنيدي- لكنه في القصيدة الثانية استقال من ذلك الدور وأصبح عاشقا للظل- يجلس في المقاعد الاخيرة يصلي من أجل خلاصه الفكري, لقد أصبح كائناً هامشياً عاجزاً ومعزولاً, وهذه الفروق تشكل المرجعية الفكرية والأساس النظري الذي قامت عليه قصيدة النثر كما يرى دارسوها ومنظروها, إنها المعادل الفني للاختلاف في نظرة الشاعر للواقع الذي يعيشه وموقفه منه وتبدل مكانته فيه وتغير فهمه لطبيعة الشعر ووظيفته .‏
    شهادات حب‏
    تتالت كلمات الحب والتبريك للشاعر ممدوح السكاف من عدد كبير من الشعراء والأصدقاء منهم : شاكر مطلق الذي قال: إن ممدوح يحمل رومانسية شفيفة ولديه شيء من الحزن والإحساس بالعدمية المدركة لزوال الكينونة.. هكذا يكتب الشعر, وكان هناك أيضاً عبد النبي التلاوي ونزار بني المرجة ومعتصم دالاتي ومحمد راتب الحلاق وفايد ابراهيم وغيرهم, لكن اللافت إضافة الى كلمات الحب والمباركة ان معظم المتحدثين أنكروا على الشاعر نزار بريك هنيدي ما ذهب إليه في قراءته النقدية معتبرين أنه حمّل القصائد أكثر مما تحتمل والنفحة الإيديولوجية لا وجود لها في القصيدة التي تناولها فهي تتحدث عن انكسارات الشاعر مع أحلامه والمرأة هي رمز ذلك الحلم.‏
    ممدوح السكاف وتأريخ شعر حمص‏
    الدكتور عبد الإله النبهان وفي مباركته لممدوح السكاف عبّر عن حزنه لغياب ثلاثة من الشعراء بشكل غير مبرر وغير مقبول راجياً من جمعية الشعر أن تجعل مما حصل مقدمة لندوة تكريمية موسعة ولائقة بالشاعر ممدوح السكاف فهو بها جدير .‏
    وقال: إن ما كتبه السكاف عن ذكرياته مع شعراء حمص أمثال محي الدين الدرويش ورفيق فاخوري ورضا صافي وغيرهم أصبح وثيقة من وثائق الأدب في تاريخ هذه المدينة وزاد على ذلك إصداره لكتابه الهام جداً عن الشاعر عبد الباسط الصوفي ويطالبه بنشر كتابه عن الشاعر وصفي قرنفلي.‏
    الدراسات النقدية وضيق الرؤية‏
    الشاعر عبد الكريم الناعم الصديق المعتق على مدى نصف قرن لممدوح اسكاف قال: لم أستطع اقناع نفسي بأن أظل صامتاً . لقد دفعني لهذا الكلام ذلك ا لزمن الطويل من العلاقة الحميمة والعميقة مع ممدوح .. إنه من الجيل الشعري الذي يجب التوقف عنده بدقة وبعمق فقد كتب العمود والتفعيلة وقصيدة النثر, هذا الجيل الذي ثبت جذوره في كل شكل من أشكال الشعر والذي يعد ممدوح السكاف واحداً من رموزه يحتاج الى دراسة معمقة في الخيال والصورة وتطورها وفي الأبعاد النفسية والايقاع وكل جماليات القصيدة الشعرية وهنا أغتنم الفرصة لأقول إنه لمن المؤسف أننا في سورية نفتقر الى الدراسات النقدية الجادة الموسعة وعلى عكس ما يجري في أقطار عربية أخرى إذ يكرس نقادها كتاباتهم لشعراء أقطارهم وهذا ليس عيباً- هو عيب قطري فقط-لكنه من ناحية أخرى يشكل مسؤولية ففي جامعة عمان على سبيل المثال هناك دراسات ورسائل ونصوص قدمت عن شعراء معاصرين هم ليسوا أكثر من تلاميذ بالنسبة لشاعر كممدوح السكاف بينما تحظر جامعاتنا هذا الأمر وتعتبره مخالفة وأنا أستغرب هذه العقول التي تدير هذه الجامعات فأي جيل سوف تخرّجه ما دامت على مثل هذا الضيق من الرؤية.‏
    مفاجأة على أبواب السبعين‏
    بكثير من العتب الرقيق قال السكاف في كلمات قليلة ما خبأه عبر سنوات لكنه رغم ما يمر في شريان من شرايين قلبه من حب ورغبة في قول الكثير فضل ألا يفعل معتبراً أن المناسبة ليست موقفاً للثرثرة النقدية او الشعرية أو الكلامية وقال:كي تبقى شاعراً, ينبغي ان تظل طفلاً: لا شيء في الوجود يشبه الدهشة والمفاجأة لطفل مثل أن تقدم له هدية ليس محتسباً لها وأنا انتظر المفاجآت منذ دهور .. صدقاً أقول لكم لقد فوجئت حقيقة بهذا اللقاء الشعري يكرّس لي.. ما الذي يحصل ?!‏
    في العام القادم سأضع رجلي- إذا كتبت لي السلامة- في السبعين .. وإذا بي أتذكر !! إنها للفتة كريمة ولغة جديدة بالنسبة لي سعيد بها كل السعادة كطفل يُدهش :‏
    وأضاف السكاف: لم يسعدني شيء في حياتي قدر سعادتي في عملي بتكريم زملائي وتأبينهم كنت وما زلت أشعر أن تكريم زميل لي هو تكريم للأدب والكلمة والمعرفة والثقافة والحياة وأن تأبينه يحمل المعنى نفسه وأنا بذلك متفاخر ليس كفرد وحده وإنما كفرد يعمل ضمن مؤسسة-وفي الختام وجه تحية حب للجميع.‏
    وخص بها أصدقاء العمر الجميل (عبد الكريم الناعم- شاكر مطلق ومعتصم دالاتي).‏
    مفاجأة على »السماوي)‏
    يسمي ممدوح السكاف الهاتف الجوال بالسماوي وقال: لقد تلقيت رسالة جميلة من صديق الشعر والدروب والتشرد مصطفى خضر على ذلك السماوي ثم اتصل خضر بي ليسمعني مقطعاً شعرياً من قصيدة ينجزها لي : ممدوح الشاعر في عبقر/والمعطف من حبر أخضر/ والشعر خطاب به يكبر/ والعاصي يوقظه كفاه في أرض الدفتر/.‏
    تحية‏
    كانت لفتة كريمة من مجلس مدينة حمص أن يرعى تكريم أحد شيوخ الشعر في المدينة حيث حضرت رئيسة المجلس المهندسة ناديا كسيبي وقدمت للمكرَّم درعاً.. وقد وجه الشاعر تحية حب لكل من ساهم في إحياء وحضور هذه الندوة. يبقى ان نشير الى ان المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب سيقيم في وقت لاحق من هذا العام ندوة تكريمية موسعة للشاعر ممدوح السكاف.‏


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

  • #2
    رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

    يستحق الأستاذ ممدوح السكاف تكريما يليق به وبابداعاته الشعرية ومن العيب تغيب ثلاثة من أربعة شعراء كان من المقرر أن يلقوا بقصائد ويتحدثوا عنه !!! ويستحق بجد محاضرة تقام لتكريمه في مبنى الاتحاد!!

    Comment


    • #3
      رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

      بداية يطيب لي أن أهنئكم بعيد الفطر السعيد وبانطلاقة هذا المنتدى الجميل....
      اليوم ثاني ايام اجازة العيد, وددت أن أستغل هذه الفسحة, فأعرف ابنتي على تراث جدها, مستعينا بمحرك البحث غوغول, فوجدت منتداكم هذا .. وأحببت أن اسجل فيه , وأشكر الكاتب على موضوعه المتعلق بتكريم الوالد, راجيا لكم التوفيق.


      If you do not read unless it agrees only, you will never learn

      Comment


      • #4
        رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

        الأخ الأستاذ أبو ممدوح وابن شاعرنا المجيد المتربع على عرشنا الأدبي كالسنديان الشامخ بين الصخور ....
        مرحباً بك مطلاً ومصطافاً في روضة المفتاح الثقافي تقطف لحفيدة شاعرنا (( ابنتك الغالية حفظها الله )) زنبقة وياسمينة ووردة جورية من عبق أريج موقع ومنتدسات المفتاح التي آلت على نفسها متابعة وأرشفة كل مبدعين بلدنا الغالي سوريا عامة وحمص خاصة ...
        مرحباً بك على بساطنا الأدبي وسندسه الشعري ونعدك بتقديم المزيد عن مبدعنا الحبيب الشاعر الكبير ممدوح السكاف ونلرحب بمساهماتك بتقديم ماتراه مناسبك لإضاءة مسيرة مبدعنا وشاعرنا سكاف يا ((أبا ممدوح الغالي )) ...
        دمت ودامت صحة والدك الشاعر والأديب المبدع... ومرحباً بصداقتك بين ربوع أخوتك بالمفتاح ...

        Comment


        • #5
          رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

          شكرا جزيلا للترحيب الحار (( كلك زوء ))


          If you do not read unless it agrees only, you will never learn

          Comment


          • #6
            رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

            شكرا" للسيد المفتاح ترحيبه الحار وهذا ما عهدناه منه
            وللسيد أبو ممدوح وجوده بيننا
            وأتمنى أن نكرم أديبنا الكبير بقراءة أدبه على صفحات منتدانا لتكون لفتة طيبة منا بأتجاه ذلك الأديب فلكل من يملك القدرة على أتحافنا ببعض من أدبه فليقدم مشكورا"وبذلك منتهى التكريم ورد الجميل لذلك الأديب الراقي
            ولكم الشكر سلفا" حييتم
            تراجم أعضاء اتحاد الكتاب العرب في سورية و الوطن العربي - الطبعة الرابعة 2000
            Updated: Monday, October 22, 2007 01:35 AM ممدوح السكاف
            ولد في حمص عام 1938.

            تلقى تعليمه في حمص ثم تابع تحصليه الجامعي فنال الاجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق. وعمل في التدريس ، وهو اليوم رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في مدينة حمص، وسبق له أن عمل مديراً للمركز الثقافي العربي فيها، ونقيباً للمعلمين أيضاً.

            عضو جمعية الشعر.- عضو مجلس اتحاد الكتاب العرب

            مؤلفاته:

            1- مسافة للممكن.. مسافة للمستحيل- شعر- 1977.- دار الأنوار

            2- نشيد الصباح- شعر للأطفال- دمشق 1980.- اتحاد الكتاب العرب

            3- شواطئ بلادي- شعر للأطفال- دمشق 1981.- اتحاد الكتاب العرب

            4- في حضرة الماء- شعر- دمشق 1983.- دار الجليل

            5- انهيارات - شعر- دمشق 1985.- اتحاد الكتاب العرب

            6- عبد الباسط الصوفي- دراسة - دمشق 1983.- اتحاد الكتاب العرب

            7- فصول الجسد - شعر - اتحاد الكتاب العرب-1992.

            8- الحزن رفيقي- شعر - دمشق 1995- اتحاد الكتاب العرب.

            9- على مذهب الطيف - شعر - دمشق 1996 - اتحاد الكتاب العرب


            طرائف من فكاهات الشعراء في آداب الغرب للكاتب ممدوح السكاف
            هذه شذراتٌ ضاحكة ومواقف محرجة ومفارقات ساخرة، ابتسمت وأنا أقرؤها مُنجَّمةً هنا وهناك في كتب أو مجلات لأنها تدلُّ على ذكاء لمَّاح وسُرعة بديهة وجواب مفحم وإصابة للهدف فدوَّنتُها على وريقات مبعثرة مع مرور الزمن، وهي عبارة عن طرائف من السيرة الذاتية لشعراء الغرب المعروفين أو المشاهير، ثم جمعتُها في هذه الأعمدة لأقدمها إلى القارئ، لعلّه -بمطالعتها- يخفف عن نفسه همَّاً نزل به وما أكثر هموم الناس، أو ضيقاً أحسَّ به وما أمرَّ ما يُقاسيه الإنسان من الضيق، ومن جانب آخر، وفي الوقت ذاته، يطّلع على الروح المرحة الفكاهية في الآداب الأوروبية وطريقة تفكيرها وتعبيرها وتأملها وفلسفتها في فن الحياة، أو فن الضحك من الحياة وعليها ومعها.‏
            ***‏
            -1-‏
            في تشرين الأول من عام 1940 بلغ النشاط الجوي لسلاح الطيران الألماني في أقصى مداه فوق الجزر البريطانية، وحدث أن كانت سيدة عجوز تتسلّى بشغل الإبرة في حدائق (نيوبليس) بمدينة (ستراتفورد) المدفون فيها جثمان الشاعر والمسرحي الكبير (شكسبير) في أثناء مرور أسراب الطائرات الألمانية المغيرة فوقها، فقالت لها فتاة كانت تمرُّ بالقرب منها:‏
            -ألا تخشين يا سيدتي من إلقاء القنابل على (ستراتفورد).. هلمّي إلى الملجأ.‏
            فأجابت العجوز بمنتهى الهدوء والرصانة واليقين:‏
            -كلا.. لأن هتلر لن يقدم على ضرب هذه البلدة بالقنابل فهو شديد التطيُّر ويخاف أن تحل عليه اللعنة.‏
            فسألتها الفتاة مستغربة: -أية لعنة تقصدينها..؟!‏
            فأجابت العجوز: -ألا تذكرين بيت الشعر المحفور على قبر شكسبير: "لتحلَّ البركة على من لايمسّ هذه الأحجار بسوء، ولتقع اللعنة على من يحرّك عظامي" فلو ألقيت قنابل على (ستراتفورد) فربما تحرّكت عظام الشاعر في قبرها ووقعت اللعنة على هتلر.‏
            ويبدو أن هتلر كان على بينة من معنى الشعر المحفور على قبر شكسبير فكانت (ستراتفورد) من المدن القلائل التي نجت من غارات سلاحه الجوي.‏
            -2-‏
            ومادمنا في صدد شكسبير فلنتابع الحديث إذن عنه، فقد كتب (جورج مور) الروائي الانكليزي الذائع الصيت والمعروف بتعليقاته الأدبية موضوعاً طريفاً لايخلو من الدهشة والإثارة تحدث فيها عن شهرة شكسبير التي طبقت الآفاق وجعلت منه شبه أسطورة عالمية في الذيوع والانتشار، فقاله فيه: -"في الحق أقول لكم، لقد سئم الناس وملُّوا من تكرار اسم هذا الشاعر على مسامعهم صباح مساء وبمناسبة ودون مناسبة فكم من دراسات ومقالات وتعليقات وتحقيقات وأخبار وأسرار تظهر عنه في الصحف والمجلات ولابد أن يظهر كذلك بين وقت وآخر رجلٌ من الشُّراح يزعم أنه اكتشف جديداً في شكسبير، فقد بلغ ماكتب عن أنواع القبعات وأشكالها وألوانها في مسرحيات شكسبير (45) مجلداً وعن نعال أبطاله (20) كتاباً وعن الأزهار التي ذكرها في مسرحياته (15) كتاباً، إن شكسبير نفسه لو بُعث من قبره ورأى بعينيه ما سُطّر عنه من الهراء لمات عشرين ألف ميتة كيلا يراه أو يتحدث عنه إنسان.‏
            -3-‏
            ولابدّ لنا قبل أن نغادر الشاعر العبقري شكسبير إلى غيره من ذكر هذه الطرفة عنه، إذ كثيراً مايتورط الأدباء الكبار في هفوات فنية وتاريخية عجيبة، ومن أشهر مثل هذه الهفوات التي وقع فيها شكسبير في مسرحيته (الملك جون) حين وصف قصف المدافع، بينما المدفع لم يخترع إلا بعد مائة وخمسين عاماً من وفاة هذا الملك.‏
            وطرفة أخرى تدور حول شكسبير ولا علاقة له هو بها، فقد دعا أحد الانكليز صديقه الأمريكي لمشاهدة مسرحية (هاملت) على أحد مسارح لندن وبعد انتهاء الحفلة سأل الانكليزي صديقه:‏
            -هل أعجبتك (هاملت)؟‏
            فأجابه الأمريكي من غير مبالاة:‏
            -لا بأس بها، ولكن يظهر أن مسرحكم الانكليزي متأخر جداً، فلقد شاهدتُ هذه المسرحية في نيويورك منذ عشر سنوات.‏
            -4-‏
            أما الشاعر الانكليزي الأعمى (ملتون) صاحب ملحمة (الفردوس المفقود) فقد كان مقترناً شريرة سليطة اللسان، وقد ورد ذكرها في حديث بين الشاعر و (دوق بكنغهام) وكان الدوق من الكياسة بحيث شبهها بالوردة فقال الشاعر:‏
            -إنني لا أرى وجهاً للشبه من حيث اللون فأنا ضرير، أما من حيث الشوك فأعترف أن التشبيه صحيح لا مبالغة فيه.‏
            ولقد سُئل الشاعر (ملتون) مرة: -لماذا يسمحون لولي العهد بأن يتولى الملك في الرابعة عشرة من عمره ولايسمحون له بالزواج قبل بلوغه الثامنة عشرة.‏
            فأجاب ملتون على الفور: -لأن سياسة الدولة أسلس قياداً من سياسة الزوجة.‏
            -5-‏
            ومن (شكسبير) و (ملتون) إلى (برناردشو) أحد فلاسفة هذا العصر أو القرن العشرين وأدبائه الكبار، فمما يُروى عنه قوله إن البشر حين يحبون يسلكون سلوك الحمير.. ومرة قالت له الراقصة (ابزادورا دولكال) إنها أجمل النساء وهو أذكى الرجال وأنها لو أنجبت منه طفلاً لجمع بين جمالها وذكائه، فرفض برناردشو العرض وقال إنه يخشى أن يخرج الولد وقد جمع عقلها هي إلى جسمه هو، ومعروف أنه كان مديد القامة نحيلاً أشهب، أشهل، ذا لحية صهباء، وكان برناردشو يقول: يتحتم علينا أحياناً أن نتحدث إلى المرأة حسب درجة أنوثتها، تماماً كما ينبغي أن نتحدث إلى المجنون حسب درجة جنونه، وكان يردّد: إن الحب الأمثل هو الذي يجري عن طريق البريد، وكثيراً ماكان يقول: لايستطيع الأديب أن يخدم سيدين معاً: الفن والزوجة.. ولكنه عندما بلغ الأربعين تزوّج من فتاة ثرية هي (شارلوت بيه تونسهد) وقد كانت في منتهى الجمال وقد حضر معه إلى الكنيسة لإتمام مراسم الزواج صديقه (غراهام وولاس) المفكر المشهور وكان يمتاز بقوام وصحة وإشراق ويتزين بوردة على صدره فلما رآه القس، حسبه العريس، ونحّى برناردشو عن كرسي الزفاف، مستهيناً به لهزاله وضعفه، ثم اعتذر له عندما عرف الحقيقة وأتمَّ عقد القران.‏
            وكان برناردشو يقول: أفضل بهجة أعرفها عندما أرى أحد الناس يقرأ أو يحمل كتاباً من مؤلفاتي.‏
            -6-‏
            بعد هذه الجولة الخاطفة مع طرائف الشعراء الانكليز، ننتقل في سياحة شعرية مع الشعراء الفرنسيين الانتقاديين المرحين مرحاً أسود، إذ يُقال إن الشاعر (شارل بودلير) وصف مرة الحياة مع المرض فهتف: الحياة مستشفى.. كل مريض فيها يبحث عن سرير جديد في غرفة أخرى، لأنه يعتقد بأنه إذا انتقل إلى فراش غير الفراش الذي ينام عليه فسوف تفارقه علّته، حتى إذا أحسَّ بأن موعد تركه المستشفى قد اقترب تمنّى لو أنه بقي فيها.‏
            وكانت معشوقته الخلاسية_(جان دوفال) مُرَائية، كاذبة، فاسقة، مبذّرة، سِكّيرة، ناهيك عن جهلها وحمقها وقد كان هو معجباً بغبائها، لذلك تراه يوحي الأدباء الشباب بحب النساء الغبيات كما محبوبته فيكتب: "من الناس مَنْ يحمّر خجلاً من حبه امرأة يوم يدرك أنها حمقاء.. إن هؤلاء لحمير أغرار خُلقوا ليرعوا أقذر أشواك الخليقة، فالغباوة هي غالباً زينة الجمال وهي التي تُضفي على العيون ذلك الصفاء الكئيب البادي في المستنقعات السوداء، وذلك الهدوء الزَّيتيّ في البحار الاستوائية.. إن الغباوة تصون الجمال.. دوماً.. وتُبعد عنه الغضون... إنها دهن إلهيّ يقي معبوداتنا من النَّهش الذي يلحقه التفكير بنا نحن العلماء والمساكين" وكان يقول: "حبّ النساء الذكيّات هو متعة اللّواطي".‏
            -7-‏
            أما (أبولينير) الفرنسي أيضاً والرمزي كبودلير فله رأي فَكِهٌ في الحياة ومُتفائل إذ يقول في قصيدة له ماترجمته "أتمنى في البيت امرأة بكامل عقلها وقطة تمرّ بين الكتب وأصدقاء في كل فصل، بدونهم جميعاً لا أستطيع الحياة" وسُئِلت -على سيرة العقل- (مدام دوستال) الشاعرة والكاتبة الفرنسية ذات يوم: "ما السبب في أن الجميلات بين النساء أكثر حظوة لدى الرجال من ذوات العقول الرَّاجحة؟.." فأجابت:‏
            -السبب بسيط وهو أن القليلين هم العميان ولكنّ الأغبياء كثيرون لا يُحصر عددهم، وقد قارنت في إحدى فكاهاتها بين الفرنسي والألماني فقالت: "إنّ الفرنسي يعرف كيف يتكّلم ولو لم تكن لديه أدنى فكرة من الأفكار، بينما الألماني، على العكس من ذلك: في ذهنه شيء أكثر مما لايستطيع التعبير عنه".‏
            ومن أشهر أقوالها: "إن صوت الضمير من الرقة وسرعة العطب بحيث يسهل خنقه ولكنه من الصفاء بحيث يستحيل إنكاره".‏
            أما مُواطن بودلير وأبولينير ومدام دوستال الشاعر والكاتب (مارسيل إيميه) فكان يقول: "أنا أفضّل موسيقا تشايكوفسكي على كل ماعداها: فهي صاخبة بحيث أن المرء يمكنه أن يثرثر طوال الوقت دون أن يُزعج جيرانه".‏
            ويُقال إن بعضهم أورد ملاحظة أمام (إيميه) حول مستشفيات الأمراض العقلية وأنها تضمّ من الرجال أكثر مما تضمّ من النساء بنسبة 35%، فردّ معلقاً:‏
            -طبعاً.. ولكنْ مَنْ أوصل الرجال إلى تلك الأماكن..؟!‏
            ويُقال إنه حين بلغ الشاعر (رامبو) سيّد الرمزيين في العالم وأميرهم عامه الرابع، روى بريشون عنه نادرة طفولية، إذ بعد ولادة أخته "فيتالي" أخذه صاحبُ مكتبة، جارٌ لأسرته، ليريه بعض صور المجلات ثم سأله: - ما الذي أعجبك أكثر من غيره..؟!‏
            وحين بيّن له رامبو ما الذي راق له منها سأله مُدَاعباً:‏
            -هل تودّ شراء بعض هذه الصور.‏
            -لا نقود لديّ.‏
            -آه... لاتملك أية نقود..!!‏
            -لا.. ولكن أستطيع الدفع بإعطاء أُختي الصغيرة...‏
            -8-‏
            ونظلُّ في فرنسة مع الشاعر (بييرموتان) الذي كتب هذه الأبيات: "من الآن فصاعداً لن يكون للعاقلة ولا للحمقاء أي نصيب في قلبي فالأولى منهما لاترفع ثوبها إلا بعد فوات الأوان والثانية ترفعه باكراً جداً".‏
            ولقد جرى الحوار التالي بين الشاعر الفرنسي (دوفرفيل) وبين صديق له، قال الصديق: -في الحبّ.. مَنْ يحصل على لذة وخير أكثر.. الرجل أم المرأة..؟!‏
            فأجاب الشاعر: -لو أنّ أُذنك سبّبت لك الحكّ وحككتَها بخنصرك، فمن منهما يحصل على لذة وخير أكثر... أليست هي الأُذن؟!‏
            ويُقال إن المركيزة (ماري فرنسوا كاترين 1711-1787) الملقبة بسيّدة الشهوة قد نظمت الأبيات التالية لتنقش على ضريحها: "هنا ترقد بسلام آمن تلك المرأة الملقبة ب "سيدة الشهوة" التي أوجدتْ فردوس لذائذها في هذا العالم على سبيل الاحتياط".‏
            -9-‏
            ومن الشعر الفرنسي نعرّج في طريقنا على الشعر الألماني وشعرائه، فلقد كان الفيلسوف والشاعر شيلر يرمز في قصائده فكتب مرّة يقول: "الكلب المدلّل مهما أنَامَتْه صاحبته في حضنها الوثير الدافئ ومهما أطعمته المآكل الفاخرة، ومهما عطّرته بالند والمسك، فإنه عندما يرى باب الدار مفتوحاً أمامه يجري سريعاً إلى تنكة الزبالة يفتش فيها عن نفاياتها، يأكلها أيضاً بنهم.. فالكلب كلب... ولو طوّقته بالذهب".‏
            -10-‏
            ونُنهي هذه الجولة مع طرافة أو طرفة حصلت للشاعرة السوفييتية (آنا أخماتوفا) التي تعرّضت في حياتها إلى ألوان من الشقاء لا يُوازيه إلا المجد الذي نالته، فعندما كانت في الخامسة والثلاثين من عمرها، وفي قاع العوز والحصار مَرَّتْ بجانبها في الشارع امرأة عجوز فحسبتها من رثاثة ثيابها وبؤس منظرها أنها متسولة فقدّمت لها صدقةً، قطعة نقدية ظلّت هذه الشاعرة تحتفظ بها للذكرى ويُقال أيضاً أن (ديوستوفسكي) كان يحتفظ بقطعة كوبيك تحسَّنت عليه بها امرأة في الطريق بعد أن قالت لها ابنتُها قدِّمي كوبيك لهذا التّعس، أما الشاعر التشيلي بابلونيرودا فيروي هذه الطرفة عن صديق له شاعر اسمه (ميغيل ايرنانديث) من أبدع شعراء إسبانيا وكان فقيراً معدماً بسيطاً، حتى أنه كان ينتعل نعلاً مصنوعاً من خيوط القنّب، وقد توسّط له بابلو أن يُعيّن في منصب بوزارة الخارجية في بلده واستُشير في نوعية الوظيفة الرفيعة التي يود أن يتقلّدها، ولما سُئِل عنها مرَّت الساعات ولم يجب، وبعدئذ قال لبابلو وعيناه تومضان كمن وجد حلاً لمشاكل حياته:‏
            -ألا يستطيع صديقك الذي سيُعيّنني في وزارة الخارجية أن يجد لي قطيعاً من الغنم أرعاه هنا قرب مدريد؟!‏

            المصدر : جريدة الاسبوع الادبي
            قيمة المرء ما يحسنه

            Comment


            • #7
              رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

              الأخ كبير المشرفين زين العابدين في موقع ومنتديات المفتاح ...
              من بعد التحية...
              أشكر لكم هذه الإضاءة واللفتة الجميلة والمتفردة لنجمنا الأدبي الكبير القطب الأدبي الشاعر والباحث والأديب والأستاذ مربي الأجيال (( ممدوح السكاف )) ...
              ولكن أتمنى على كل من يتكرم ويتفضل بتقديم شيء عن أديبنا أن يفرد له صفحة وعنوان جديد وذلك لنعرف عنه ونمكن محركات البحث مثل غوغل وغيره من الوصول السريع بالمتصفح والزائر لغايته المعرفية وأدينا يستحق منا صفحات وهذه دعوة لكل عشاقه ومريديه أن يدلو بدلوهم في رحاب مملكة الأدب والشعر عند عظيم حمصنا الشاعر ممدوح السكاف أطال الله في عمره وألبسه ثوب الصحة والعافية الجيدة ...

              Comment


              • #8
                رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

                شكرا" سيدي الكريم المفتاح لتنبيهك وتوعيتك لنا كي لا نبخس المشاركة أشيائها وهذا نتيجة لقلة الخبرة
                شكرا" مرة أخرى أيها القلب الكبير والأخ الراقي وأنشاء الله سأستفيد من تلك الملاحظة مستقبلا"
                قيمة المرء ما يحسنه

                Comment


                • #9
                  رد: ممدوح السكاف - شيخ شعراء حمص تكرمه جمعية شعر - سوزان إبراهيم - إعداد فريد ظفور

                  الأستاذ ممدوح يستحق كل تقدير وتكريم والشكر الجزيل لكاتب الموضوع

                  Comment

                  Working...
                  X