Announcement

Collapse
No announcement yet.

دقة بدقة لو زدتها زادها السقا - أحمد زياد محبك

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • دقة بدقة لو زدتها زادها السقا - أحمد زياد محبك




    أحمد زياد محبك
    أستاذ الأدب الحديث في جامعة حلب
    المشرف الثقافي لديوان العرب

    دقة بدقة لو زدتها زادها السقا:

    وثمة حكاية تحث على العفاف والتقوى، وتحذر من استغلال طبيعة الحرفة في أمور مشينة، وتؤكد أنه كما تدين تدان، وأن على المرء أن يصون أعراض الآخرين، كي يصون الله عرضه، وهي توظف حرفتين للتعبير عن هذه القيم والمعاني، وهي عن شاب يعمل أجيراً عند جزار، وتقتضي طبيعة عمله أن يكون عفيفاً، إذ ينقل اللحم إلى المنازل، وغالباً ما تتناول منه اللحم سيدة في البيت أو ابنتها، وذات يوم فتحت له صبية الباب ومدت يدها للتناول اللحم، فقرصها في زندها، ورجع في المساء إلى البيت، فوجد أخته مكئتبة، فسألها عما بها، فطلبت منه أن يحضر لها الماء إلى البيت بنفسه، وألا يوصي السقاء بذلك، ولما سألها عن السبب أخبرته أن السقاء قرع الباب ففتحته ومدت يدها لتتناول منه الدلو، فقرصها في زندها، فغمغم في نفسه، وقال: دقة بدقة، ولو زدتُها زادها السقّا.
    والحكاية ذات طابع تربوي توجيهي غايتها الوعظ، وهي تتخذ من حرفتين اثنتين وسيلة لتحقيق هدفها، ولكنها تدل بصورة غير مباشرة على طبيعة حرفتين اثنتين وهما حرفة السقاء وحرفة أجير الجزار، وكلتا الحرفتين تضعان العامل فيهما على تماس مباشر مع المرأة وهي في بيتها، مما قد يعرضها لتماس مباشر مع الرجل. وتبدو الحرفتان موظفتين توظيفاً ناجحاً لحمل الفكرة والهدف، وليستا مقصودتين لذاتهما.
    ولعل معظم الحكايات قد صيغت للتعبير عن قيمة، ولتحقيق هدف، ومن الممكن تفسير كل حكاية على أنها توظف الحرفة للتعبير عن قيمة، لأن معظم الحكايات، وربما كلها، تروى من أجل هدف أخلاقي، ومن أجل قيمة، ولكن في بعض الحالات تبدو الحكاية لا غاية لها سوى التعبير عن القيمة، وتبدو الحرفة موظفة فقط لحمل هذه القيمة، وليس مقصودة في ذاتها، على نحو ما تقدم في الحكايات الأربع السابقة.
Working...
X