Announcement

Collapse
No announcement yet.

حكاية ابن الطباخ وابن الحجام ( الحكايات الشعبية والتراث الشعبي ) - أحمد زياد محبك

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حكاية ابن الطباخ وابن الحجام ( الحكايات الشعبية والتراث الشعبي ) - أحمد زياد محبك




    أحمد زياد محبك
    أستاذ الأدب الحديث في جامعة حلب



    تاسعاً ـ الحكايات الشعبية والتراث الشعبي

    وتتفق الحكايات أيضاً مع بعض ماجاء في التراث من حكايات عن الحرف، ومنها حكاية تدل على انتقاص بعض الحرف، كحرفة الحجام والطباخ، وقد رويت الحكاية على النحو التالي:
    حكاية ابن الطباخ وابن الحجام:
    "قيل: أخذ العسس رجلين فقال لهما: من أنتما؟ فقال أحدهما:
    أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره
ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره
    وإن نزلت يوما فسوف تعود
فمنهم قيامٌ حولها وقعود
    وقال الآخر:
    أنا ابن من تخضع الرقاب له أنا
تأتيه بالذل وهي صاغرة
    ما بين مخزومها وهاشمها
يأخذ من مالها ومن دمها
 فظنوهما من أولاد الأكابر، فلما أصبح سأل عنهما، فإذا الأول ابن طباخ والثاني ابن حجام". وبقدر ما تدل الحكاية على ذكاء الغلامين، فإنها تدل على امتهان العسس أو رجال السلطة الحاكمة لهاتين الحرفتين، وقد وصف كل من الغلامين حرفة أبيه بألفاظ لا تخلو من تورية، تصف القريب ولكنها تريد البعيد، وهو وصف يدل على ذكائهما، وفي الحكاية انتقام من رجال السلطة الحاكمة التي لا تفهم ذلك الوصف، ولا تقدر ذلك الذكاء، وكأن الحكاية تدلل على غباء أولئك الرجال، في مقابل ذكاء الغلامين ولدي الطباخ والحجام بالذكاء. وتتفق الحكايات أيضاً في مفهوماتها وقيمها ومعانيها مع كثير من الأمثال الشعبية، ويمكن تصنيف الأمثال على النحو نفسه الذي صنفت به الحكايات، وفيما يلي مسرد تصنيفي للأمثال الشعبية المتعلقة بالحرف اليدوية:
    أمثال تمجد الحرفة:

    أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
    أعط خبزك للخباز ولو أكل نصفه.
    شغل المعلم بألف ولو شلفه شلف.
    صنعة في اليد أمان من الفقر.
    العبادة ما هي بين القيقان، العبادة بين السيقان
    الله بارك في التجارة والنجارة.
    ما كل من صف صواني صار حلواني.
    أمثال المرأة:
    الشاطرة بتغزل على عود والعاجزة تقول مغزلي معووج.
    أمثال التوظيف الحرفة لحمل فكرة:
    لولا الكاسورة ما عمرت الفاخورة.
    حمامي فتح أقرع عبر.
    حنطة غيرك لا تحضر كيلها تتغبر ذقنك تتعب بشيلها
    الذي بده يصير جمال لازم يعلي باب داره.
    زامر الحي لا يطرب.
    الصياد بيتقلى والعصفور بيتفلى.
    كثير الكارات قليل البارات.
    كل قمحة مسوسة ولها كيال أعور.
    لا تبيّض فرايغ ـ
    لا تبيع المي بحارة السقايين.
    لاتقول للمغني غني ولا للرقاص ارقص.
    أمثال انتقاص الحرفة:
    ثلاثة لا تقبل شهادتهم الحلاق والحميماتي والذي يحلف بالطلاق.
    إذا أفلس التاجر دوّر على الدفاتر القديمة.
    اركض ركض الوحوش، غير رزقك لا تحوش.
    إذا قلت للحداد اقرض لي إصبعي قال لك أعطيني أجرتي.
    إسكافي وحافي.
    الجزار إذا ما غش أحد غش نفسه.
    الجزار ماله صاحب.
    من جاور الحداد احترق بناره، أو احترقت دياله.
    نجار وبابه مخلوع.
    اسأل مجرب ولا تسأل حكيم (طبيب).
    الله لا يحيجنا لا لحاكم ولا لحكيم(طبيب).

    ولا تختلف الأمثال في طبيعتها عن الحكايات وفي أنواعها، ولكنها تشير إلى حرف أكثر، كإشارتها إلى الخباز والإسكافي واالمبيض والحمامي والكيال وغيرهم من أصحاب الحرف، وهناك أيضاً أمثال أكثر تتعلق بالمهن، كالقاضي والمعلم والأمير والوزير والملك، ولكن لا سبيل لذكرها هنا.
    وإذا دل هذا على شيء فهو يدل على وحدة الرؤية الشعبية إلى الحِرَف اليدوية، وتمكاسك هذه الوحدة، وصدورها عن قيم واحدة، وتعبيرها عن مفاهيم واحدة، وإن كان الأمر لا يخلو من بعض الاستثناءات، ولكن المتفق أكثر من المختلف، فالمختلف نادر جداً، ومن ذلك مثلاً اتهام حرفة الحلاق في مثل واحد، في حين تمجد هذه الحرفة أكثر من حكاية.
Working...
X