Tweet
سيد درويش عبقرية قبل الثلاثين
في ذكرى ولادته..
إعداد : فريد ظفور
في 17 آذار تمر الذكرى 117 على ولادة أحد أهم المجددين في الموسيقا العربية «سيد درويش»، الذي أبدى عبقرية غير عادية في التأليف، استعمل أسلوب تعدد الأصوات في أعماله المسرحية فاتحاً بذلك آفاقاً جديدة لم تكن مألوفة في الأداء الغنائي العربي.ولد سيد درويش في حي شعبي متواضع في الاسكندرية، وألحقه أبوه بالكتّاب وهو في سن الخامسة ودرس الأناشيد والأغاني على يد الأستاذ سامي أفندي، ولبراعته ونبوغه جعله أستاذه مساعداً له في تدريس زملائه، كما تعلم أصول تجويد القرآن ليصبح فيما بعد مؤذناً في مسجد الشوربجي، وعندما فصل من المعهد الديني نتيجة حبه للغناء، عمل منشداً في المقاهي وغنّى الطقاطيق والموشحات والقصائد والأدوار، ولما كان المردود المادي لا يكفي عمل دهاناً، حتى أعفي من مهنة الدهانة مقابل الغناء بهدف الترفيه عن العمال، بعد ذلك تعرف الى الموسيقي أمين عطا الله الذي ضم درويش الى فرقته، ومعها زار الشام لأول مرة وفي زيارته الثانية الى الشام درس الموسيقا على أسس فنية سليمة واستفاد من الخبرة الواسعة بالموسيقا الشرقية التركية والإيرانية والعربية، التي يتمتع بها فنانو الموسيقا في تلك المناطق ليبدأ مرحلة إبداع متطور، وعند عودته الى مصر عمل في مقاهي ألف ليلة والالدرادو ونزهة النفوس، التي كانت تستضيف كبار الموسيقيين أمثال القباني، داود حسني، والسيد الصفتي وعبد الحي حلمي، وانضم فيما بعد الى «تخت» سيد درويش بعض الموسيقيين البارزين من أمثال: ضابط الايقاع المعروف علي ابراهيم وعازف الكمان الملم بالتدوين الموسيقي آنذاك جميل عويس، الذي دون معظم ألحان سيد درويش، الذي وأن عرف أصوله لكنه لم يلم به ويتقنه.كما تعلم سيد درويش في تلك الفترة العزف على العود على يد الحاج سالم فصار يغني ويعزف على العود الى جانب العوّاد محمد عزت وعازف القانون أحمد شبانة والمنشد حامد مرسي، فذاعت شهرته وصارت ألحانه مطلوبة يغنيها بعض المطربين المحترمين أمثال مفيدة الاسكندرانية ونعيمة المصرية.عرف سيد درويش بنبوغه في تطوير الألحان القديمة من موشحات وأدوار جاعلاً هدفه التعبير باللحن حتى يساير إيقاع الشعر ومعانيه، تاركاً الطريقة القديمة في التطريب ومستخدماً مقامات غير مطروقة كثيراً في التلحين.ولعبت طقطوقة «زوروني كل سنة مرة» دوراً هاماً في حياة سيد درويش، اذ سمعها بالصدفة جورج أبيض فطلب الى الفنان حامد مرسي أن يعلمها لأفراد فرقته فأداها الأخير على مسرح «الهمبرا» في الاسكندرية وفاق نجاحها ما كان متوقعاً، حتى قيل أن جورج أبيض خاف من تفوق الموسيقا الشعبية على فنه الدرامي، ثم ذهب سيد درويش الى القاهرة والتقى الشيخ سلامة حجازي الذي أعجب به وبأسلوبه التجديدي، لكن جمهور القاهرة قابل درويش بالفتور.يقول د. محمود الحفني: إن أعمال الكثير من العباقرة لا يستسيغها الناس بادىء الأمر، والأمر ينطبق على عمل سيد درويش «فيروز شاه» رغم روعته وسماته التجديدية، تماماً كما كان الأمر مع قصص الباليه الثلاث لتشايكوفسكي أو أوبرا «كارمن» لبيزيه.لكن درويش لم يلبث أن تألق نجمه مرة أخرى فأنشأ فرقة خاصة عام 1921 مستوحياً كلمات أغانيه من الزجل الرائع، الذي كان يكتبه بديع خيري وأمين صدقي وبيرم التونسي.سيد درويش ابن البيئة المصرية أستوحى أغلب أعماله الغنائية منها فكتب أغلب مسرحياته عن: السقايين، الرشايدة، الشياليين، والمجانيين والحشاشين، والتحفجية، المراكبية، الجزارين، مطوراً تصوير موسيقاه على نحو متجدد ومتماسك دون اللجوء الى التكرار.عُدَّ سيد درويش أول من أدخل تعدد الأصوات «البوليفوني والهارموني» في مسرحياته، فكان مدرسة فعلية.في منتصف أيلول عام 1923 سافر سيد درويش الى الاسكندرية في رحلة قدر لها أن تكون الأخيرة، طاف فيها أمكنة كان يزورها مع أصدقائه، ترك سيد درويش للموسيقا العربية روائع منها: موشحات/ يا شادي الألحان «مقام رست»- يا غصن البان «مقام حجاز»، وأدوار/ أنا هويت وانتهيت «مقام كرد»- في شرع مين «مقام ونجران»، وطقاطيق/ بطلوا ده واسمعوا ده- يا بلح زغلول- سيبوني يا ناس- على قد النرجس يا منور- زوروني كل سنة مرة، ومسرحيات أشهرها/ العشرة الطيبة.توفي سيد درويش في 15/ أيلول/ 1923 عن 29 عاماً فقط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ