Announcement

Collapse
No announcement yet.

جبران كورية الملائكة كاتم أسرار الكبار جف قلمة ولملم أوراقه ورحل عنا

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • جبران كورية الملائكة كاتم أسرار الكبار جف قلمة ولملم أوراقه ورحل عنا

    جبران كورية
    ملائكة كاتم أسرار الكبار
    جف قلمة ولملم أوراقه ورحل عنا
    تشرين


    جف قلمه.. ولملم أوراقه ورحل.. مات جبران كورية


    جف قلمه.. ولملم أوراقه ورحل.. مات جبران كورية
    غيب الموت أمس الإعلامي البارز جبران كورية بعد صراع طويل مع مرض عضال أنهكه وانتصر على الجسد دون أن ينتصر على الروح. غاب جبران كورية، الأستاذ والزميل والمعلم لجيل من الصحفيين السوريين، خاصة في صحيفة «تشرين» التي له فضل عليها عندما شغل مديراً للأخبار ومديراً للتحرير وكان صديقاً أكثر مما كان رئيساً على مرؤوسين. ‏
    غيب الموت جبران كورية الذي جعلنا نعشق التعليق السياسي الرشيق، الخالي من العبارات الجاهزة المكرورة، والذي علمنا كيف نفيد من أخطائنا بألا نكررها مرة أخرى، وأن نعمل ـ كما كان هو ـ ساعات طويلة بحثاً عن الحقيقة والخبر المميز، وان يكون عملنا في سبيل ايصال رسالة سامية انيطت بالإعلامي دون انتظار مكافأة أو ثناء. ‏
    كنا فريق عمل واحداً على الدوام، لم نشعر اننا امام مدير التحرير، بل أمام زميل يستشيرنا حتى في التعليقات التي كان يكتبها.. كان يقول لنا: إذا وجدتم أي خطأ فصححوا لي، وكنا نخجل من ذلك لأننا كنا نظن أنه لا يخطئ أبداً. ‏
    .. ومع ذلك إذا حدث واكتشفنا أي غلط ونادراً ما كان يحدث ذلك، كنا نقول له: أستاذ.. أظن أن هنا خطأ ما.. فيبادر دون أن يقرأ ما اكتشفناه: صحح الخطأ فوراً لماذا أطلب منك أن تقرأ؟ ‏
    عندما تفشى المرض الخبيث في جسده النحيل وهده المرض، بادر السيد الرئيس بشار الأسد إلى إصدار توجيهاته بإرساله فوراً إلى ألمانيا لمتابعة العلاج.. لكن المرض كان أقوى من طب الأطباء وعقاقير الصيادلة. ‏
    فور عودته من رحلته الاستشفائية أرسل إلى «تشرين» التي كان من مؤسسيها وكتابها مقالة «خواطر من المانيا» مزج فيها بأسلوب شيق بين الخواطر الشخصية والهموم السياسية والاقتصادية، دون أن ينسى رفع أسمى آيات الشكر للرئيس الأسد على بادرته الكريمة. ‏
    وكتب بعدها مقالتين في الموضوع نفسه مستعرضاً التجربة الاقتصادية الألمانية وإمكانية الإفادة منها في سورية. ‏
    ربما كانت تلك المقالات الثلاث هي آخر ما خط قلم جبران كورية الذي لملم أوراقه دون وداع في رحلته الأخيرة تاركاً سجلاً ناصعاً وسيرة عطرة. ‏
    ولد الراحل في 31 آب عام 1929، وعمل في الإعلام السوري منذ الخمسينيات وسافر إلى ألمانيا حيث عمل في إذاعة المانيا «دويتشه ميله» الناطقة بالعربية، قبل أن يعود إلى دمشق ويشارك في تأسيس «تشرين» مع عدد كبير من الإعلاميين البارزين في مقدمتهم الراحل جلال فاروق الشريف الذي كان أول رئيس لتحرير الصحيفة، ثم اختاره القائد الراحل حافظ الأسد ليتسلم مهام مدير المكتب الصحفي في القصر الرئاسي. ‏

    داماس بوست
    جبران كورية كاتم اسرار الكبار ... بقلم : طلال سلمان
    بصمت، كعادته دائماً، بلا تذمّر ولا شكوى، رحل »كاتم أسرار الكبار« جبران كورية.
    رحل »أبو جابر« الذي بدأ حياته مناضلاً سياسياً، عبر الصحافة، وقد جعلته ثقافته العريضة محللاً متميزاً، ثم هجر مهنة المتاعب إلى موقع شديد الحساسية يفرض على شاغله أن يتنكر للصحافة وأن يبتعد عن زملائه وأصدقائه الأقربين حتى لا تأخذه غفلة أو سوء تقدير فيصدر عنه أو يفهم من سياق حديثه ما يكشف المكتوم ولا ما يجوز الإفصاح عنه مما يعرفه بحكم موقعه. شغل جبران كورية، وعلى امتداد سنوات طويلة مركز مدير المكتب الصحافي للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.. وقد حضر بطبيعة الحال العديد من اللقاءات ـ المفاصل وسمع الكثير من أسرار الدول، وسجل محاضر لاجتماعات قيل فيها الخطير من الوقائع، وصدر فيها عن بعض الضيوف الكبار ما يتمنى أي صحافي أن يشهده أو يعرفه... لكنه استمر على أسلوبه: هو في القصر أبو الهول، محدث لبق، مع أصدقائه الكثر ومع زملائه يشير ولا يقول، ولا يلمح ولا يفصح ويبقى السر دفيناً في صدره حرصاً على قيمة الأمانة وأهمية الثقة.
    أما مع أصدقائه فكان يستعيد حيويته وينطلق بظرفه وسعة اطلاعه، إلا في ما يتصل بما يعرفه بحكم موقعه...
    لعائلة العزيز »أبي جابر«، ولأصدقائه الكثر في سوريا وفي الوطن العربي، من أهل الصحافة والرأي، أحرّ التعازي.
    رحم الله جبران كورية.. وحفظ لعائلته رصيده العظيم من الصداقات والصيت العطر.

    السفير

    جبران كورية عميد عائلة الحرف ... بقلم : حسن م يوسف
    قبل حوالي ساعتين من كتابة هذه الكلمات علمت أن عائلة الحرف السورية قد فقدت صباح يوم الجمعة الأستاذ والمعلم جبران كورية الذي تميزت حياته المهنية بالجدارة والاقتدار، وتميزت شخصيته بالدماثة والرصانة. للمرة الثانية خلال أسبوع واحد يقف الموت بيني وبين الكلمات، وللمرة الثانية أجد نفسي في مواجهة الخيار ذاته إما أن اكتب عن العزيز الراحل أو لا أكتب. ‏طوال ساعتين استحضرت ذكرياتي مع الأستاذ جبران كورية، حاولت أن أستعيد أين التقيت به لأول مرة لكنني لم أفلح في ذلك، ما أعرفه هو أن علاقتي بالأستاذ جبران كورية تعززت عندما شغل منصب مدير التحرير في جريدتنا تشرين. صحيح أنني خلال حياتي المهنية تعاملت مع كثير مع أمناء ومدراء ورؤساء التحرير، إلا أن علاقتي مع الأستاذ جبران تميزت عن علاقتي بالجميع، لسبب بسيط هو أنه أوَّل وربما آخر مسؤول عن التحرير أشعرني بأهميتي وبقيمة العمل الذي أقوم به، وهو لم يعبر عن ذلك بالكلمات بل بالممارسة العملية. وأنا لن أنسى ابداً موقفه من زملائي ومني خلال المؤتمر الدولي الذي أقيم للتضامن مع سورية والمقاومة الفلسطينية اواسط الثمانينات، فقد كان يتابعنا ويتابع موضوعاتنا ساعة بساعة، وكان يسهر معنا طول الليل مؤجلاً إغلاق تحرير الجريدة، حتى قبيل طلوع الفجر أحياناً، كنوع من الضغط علينا لاستكمال تفريغ وتحرير ما أجريناه من لقاءات كي تنشر في عدد اليوم التالي. وكثيراً ما كان يأذن للسائقين في العودة الى بيوتهم، عندما يتأخر الوقت كثيراً، ليبقى هو وحده معنا ليوصلنا بسيارته واحداً واحداً الى بيوتنا قبيل الفجر! ولن أنسى ماحييت أنني طلبت منه في آخر مرة أوصلني بها، أن ينزلني على بعد خمسين متراً من مدخل البناء الذي كنت أسكن فيه، لكنه رفض الوقوف وقام بدورة طويلة حول البناء لينزلني أمام الباب تماماً مع تعليق ودود ساخر مفاده أن خدماته هي الأفضل. ‏كان الأستاذ جبران كورية منفتحاً ومرحاً يتسم بالظرف وخفة الظل، وكانت تعليقاته الذكية اللماحة، ترغم جليسه على الابتسام مهما كان متجهماً نكد الطبع ، غير أن الأستاذ جبران لم يكن يتكلم عن أموره الشخصية إلا نادراً ، مما يغري من يعاشره بالاعتقاد أن حياته خالية من كل هم وغم. ‏ بعد سنوات طويلة من العمل في جريدة تشرين وقع اختيار السيد رئيس الجمهورية الزعيم الراحل حافظ الأسد، على أستاذنا وزميلنا جبران كورية ليكون مديراً للمكتب الصحفي في القصر الجمهوري، وخلال فترة قصيرة رشحته قدراته المهنية وأخلاقه الشخصية، لأن يصبح الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية. ‏ والحق أن أستاذنا وزميلنا الراحل الكبير جبران كورية ظل صحفياً قديراً ومتميزاً من الدرجة الأولى في كل المناصب التي شغلها، وترك بصمة واضحة على الإعلام السوري لايستطيع أي منصف أن يتجاهلها.

    تشرين
    جبران كورية ..الملائكة لا يموتون ...بقلم : وليد معماري
    جبران كورية ...سيبقى هذا الاسم محفوراً في ذاكرتي وذاكرة جميع من عرفوه نموذجاً فذاً للطيبة والمرح والدماثة، وقبلها نموذجاً لا للإخلاص بل التفاني في العمل مع مهارة خاصة به في حرفته كصحفي متميز. ‏أعرف أن مقدمتي هذه تلامس العموميات والرجل كان نموذجاً خاصاً في كل شيء حتى في طريقة شربه للقهوة.. وها نبأ رحيله يصلني قبل بدئي كتابة هذه الزاوية بنصف ساعة.. وأجدني محرجاً.. فقد طافت صورة وجهه المبتسم والسمح دائماً فوق أمواج ذاكرتي، وحين التقيته لأول مرة في الصحيفة وكنت مخرجاً فنياً فيها وكان هو مدير تحرير حولني إلى صديق بعد خمس دقائق من لقائنا.. ومازحني حول اسمي وكنيتي ثم مازحته بعد أسبوع في مهارته الصحفية العجيبة.. ‏ومن عجائبه أنه كان يأتي مساء إلى دوامه رغم دوامه الصباحي، وفي جعبته قراءة شاملة لكل أحداث العالم الكبرى في زمن لم تكن شابكات «الميديا» معروفة وكان بإمكانه التحدث إلى زوار غرفته بذهن صاف بينما هو يكتب تعليقاً سياسياً سيدفع به إلى المطبعة بعد قليل ثم يعكف على قراءة مقال في مجلة «دير شبيغل» الألمانية بعينين على المقال بينما يده تخط على الورق ترجمة للمقال من دون التفات إلى ما يخطه قلمه.. وحيث إن التلفزيون مفتوح في غرفتي وهو غير ملتفت إليه كان ذهنه يسجل كل ما يقال وقد يعيد علينا سرد ما أذيع.. ‏ قلت له: يا أبا جابر .. الله سبحانه وتعالى كان سيخلقك سائق باص عمومي! لكنه غيّر رأيه في اللحظة الأخيرة! ونظر إلي مستفسراً مبتسماً فشرحت له: سائق الباص يقود المركبة ويستمع إلى المذياع وينظر إلى مرآتين جانبيتين وينتبه إلى إشارات المرور ويتحدث مع معاونه وربما التقط وجهاً مليحاً في مرآة الحافلة فراح يسبّح الخالق على حسن ما أبدع.. وضحك الرجل ضحكة طفل خجول وقال: هذه هي الصحافة... إنما فن إمساك عشرين خيطاً لـ «تلعيب» دمية واحدة فوق مسرح للعرائس. ‏أسهر وإياه حتى الساعات الأولى من يوم جديد بانتظار خبر مهم سيأتي وليس معنا في الصحيفة سوى الخطاط، وطاقم العمل الفني في المطبعة، ويأتي الخبر ويدفع إلى النشر فيتبرع أبو جابر بإيصالنا إلى بيوتنا بسيارته وفي الطريق في الساعة الثانية بعد منتصف الليل يتوقف عند إشارة مرور حمراء! وأسأله لماذا توقفت؟ يجيبني ببساطة : لأن الإشارة حمراء.. وقبل أن تفتح الإشارة الخضراء يدعونا إلى وجبة فطور في مطعم بوز الجدي ثم يصعد بنا نحو حارات الشيخ محي الدين بن عربي لنكتشف أن المكان الذي دعانا إليه ليس مطعماً، بل دكان فول وحمص منضدته الوحيدة مركونة على رصيف الشارع.. ونحن زبائن آخر الليل أو أول النهار. ‏داومت معه في أعياد كثيرة ومعنا طاقم «بوز الجدي» فقط... أيام كانت تصدر الصحيفة سبعة أعداد في الأسبوع.. ولا تحتجب في الأعياد، وكان العدد يصدر في اليوم التالي وربعه من مواد حررها الزملاء مسبقاً وربع من تلفيقي والنصف الباقي من شغل جبران كورية.. ‏ المفارقة الأخيرة بيننا أننا التقينا على غير موعد في مقبرة وقد جاء من دمشق للمشاركة في وداع زميل صحفي، أراحه الموت من أوجاع المرض، تعانقنا بمحبة وشوق، ومازحني ضاحكاً كعادته، وقال مشيراً إلى اللحود من حولنا: كلنا ماضون إلى هذه الحفرة!. ‏ أجبته: إلا أنت!.. فالملائكة لا يموتون.. ‏

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
    جبران كورية الملائكة كاتم أسرار الكبار جف قلمة ولملم أوراقه ورحل عنا
Working...
X