Announcement

Collapse
No announcement yet.

الشاعر محمد فريد أبوسعدة - الشعر وأنا في قبضة الصيرورة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الشاعر محمد فريد أبوسعدة - الشعر وأنا في قبضة الصيرورة



    محمد فريد أبوسعدة
    الشعر وأنا في قبضة الصيرورة

    العرب أونلاين - محمد فريد أبوسعدة



    في تجربتي انتقالات مختلفة، ويمكن للمتابع أن يرصد هذه الحركة من الديونسيوسية إلى الأبولونية في تجربتي، وفي هذا التحول التدريجي تخلت التجربة عن عناصر وأبرزت أخرى وإن تمسكت على الدوام باللغة الحسية والحبك السردي.

    لا شك أن هذا التحول كان قرينا بتحولات الوعي، فإذا كانت مهمة الشاعر ـ فيما مضى ـ هي اكتشاف الانسجام في الفوضى عبر مؤالفة الأصوات كما في الإيقاع الخليلي، فإن مهمة الشاعر الآن ـ فيما أرى ـ لم تعد قاصرة على تجميل العالم أو تسويغه باكتشاف النظام في الفوضى وإنما مهمته اكتشاف الفوضى في النظام، أي البدء بالعالم كما هو عليه، ودون أي تصور مسبق.

    من خلال هذا الوعي أصبح في إمكاني وضع الموسيقى في مواجهة الميلودي، ووضع الآخر في مواجهة الجماعة، بجملة واحدة كانت تجربتي تتحرك من مركزية الصوت ومركزية الذات ومركزية الجماعة الأيديولوجية إلى تعددية ترفد الصوت بالموسيقى والأنا بالآخر والجماعة بالثقافات المغايرة.

    تخيلت الشعر"امرأة تقودني كضرير، فأرى ما لا يُرى وأسمع ما لا تسمعون"، لقد قادتني خلال تجربتي كلها حاستا السمع والبصر. وكنت أعتقد أن الشعر تشكيل جمالي للزمن عبر تقطيعه بالصوت، و تشكيل جمالي للمكان عبر الصورة أو ما يسمى الآن بالسينوغرافيا. كنت أرى أن الوقوع على صورة شعرية تزاوج بين الألفة والدهشة، والبصر والبصيرة هي مهمة شعرية بامتياز، وهي كذلك بالطبع ولكنها لم تعد كل شيء.

    كنت مولعا بالسينما، بل وحلمت بأن أكون مخرجا، فقد سحرتني منذ صباي الباكر هذه اللغة التي هي الخيال دون ترجمة، سحرني الإيقاع الذي تمتع به المشاهد: السرعة والبطء، القطع والمزج، القرب والبعد، الصوت والصمت والإيماءة، الموسيقى والكلام، وكان السؤال الذي أرقني منذ بدأت الشعر: هل يمكن للشعر أن يغتني ويتسع عبر هذه الجماليات؟.


    فوتوغرافيا:

    "اقتربتْ المدينةُ من نافذتي
    تفرطحَ أنفُها على الزجاجِ
    "تراقبني
    بفضولِ العوانسِ"
    ثم تختفي
    في تنفّسها

    ***

    درجات السّلم
    المنحولة على شكل قدمين
    حاول هذا الصباح
    أن يتفاداها
    درجةً
    درجتين
    ثلاثين

    ثم وجد رجليه تخونانه
    وتقودهُ الأقدامُ المنحوتةُ
    كما لو كان يقتفي أثرًا!!

    ***

    ترك الصورة ومضى
    توقف في الصالة قليلاً
    ثم ذهب.. تأكد بنفسه
    من غلق صنابير الماء والغاز
    دلف إلى حجرة النوم وقبّل زوجته
    ثم أحكم الغطاء على الأولاد

    دائمًا الولد يرفس الغطاء
    دائمًا البنت تنسى الموسيقى
    كل شيء في مكانه
    ابتسم
    وذهب هو الآخر
    إلى مكانه
    في الصورة العائلية.

    ***

    من النافذةِ
    رأي كل شيء يختفي فى الظلام
    البيوت..
    النهر..
    الشوارع…
    لم يعد سوى الإعلانات المضيئة
    معلّقة في سقف المدينة
    وتتحاور بحميّةٍ كمجموعةٍ
    من الخُرس.

    ***

    عندما انفتح بابُ البار
    كان عليه أن يحدّق قليلاً
    في حلّةِ البخارِ هذه
    قبل أن يرى رءوس أصدقائهِ
    وهي تظهر ببطءٍ
    مثل صورةٍ
    فوتوغرافية!

    ***

    في الأربعين
    يصعدُ الماضي
    حارًّا كبخارِ الظهيرةِ
    وجميلاً
    كتنهّدِ امرأةٍ
    تحت أصابعَ مدرَّبةٍ."
Working...
X