Announcement

Collapse
No announcement yet.

بقلم : هدلا القصار الكاتبة والشاعرة - من مطاعم روايات القصة الفلسطينية بين الرجل والمرأة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • بقلم : هدلا القصار الكاتبة والشاعرة - من مطاعم روايات القصة الفلسطينية بين الرجل والمرأة

    من مطاعم روايات القصة الفلسطينية بين الرجل والمرأة
    بقلم : هدلا القصار



    بقلم : الكاتبة والشاعرة: هدلا القصار
    هل يوجد فعلا أدب نسائي؟ هل تكتب المرأة بطريقة مختلفة عن الرجل؟ هل يكتب الرجل بطريقة مختلفة عن المرأة؟ وما هو وجه الاختلاف بينهما ؟! أن مثل هذا السؤال يتكرر دائما في جميع المناسبات والندوات الأدبية التي تخص المرأة في الكتابات الأدبية، وخاصة في القصة أو الرواية، أن مثل هذا الموضوع سبق وسبب جدلا كبيرا، حتى اليوم .
    من مطاعم روايات القصة الفلسطينية بين الرجل والمرأة
    وبين استنساخ الماضي واستحضار الحاضر
    بقلم : الكاتبة والشاعرة/ هدلا القصار
    هل يوجد فعلا أدب نسائي؟ هل تكتب المرأة بطريقة مختلفة عن الرجل؟ هل يكتب الرجل بطريقة مختلفة عن المرأة؟ وما هو وجه الاختلاف بينهما ؟! أن مثل هذا السؤال يتكرر دائما في جميع المناسبات والندوات الأدبية التي تخص المرأة في الكتابات الأدبية، وخاصة في القصة أو الرواية، أن مثل هذا الموضوع سبق وسبب جدلا كبيرا، حتى اليوم .
    سنقف هنا لنناقش الموضوعات التي تتطرق إليها المرأة لمعالجة معانات الفرد ومطالب المجتمع في الكتابات الأدبية، ونناقش حيثيات "الكتابة النسائية" لنكتشف ما هو الفرق بين البينيين من خلال وضع بعض التساؤلات التي سنتلمس لها الجواب فيما بعد، قبل أن نضع أسئلتنا في سلة واحدة، لربما نكتشف بعض من جوانب من تركيبات المرأة، بما أنها الأكثر قدرة من الرجل في إظهار الوجود الإنساني، ودلالات تعقيداته وتوليد رموزه وارتباطها بروح العصر...

    لذا يجب أن نتفق أولا على أن الكتابات الروائية أو القصصية الأدبية، هي العماد الذي تعتمد عليه لغاتنا، وخاصة منطقتنا التي لا تخلو من التطورات . وبما أننا من السهل المؤكد أن نعرف أسباب الحرب والاحتلالات والثورة التي نريد أو تخصنا، من خلال عالم التكنولوجيا الحديث، لكن من الصعب أن نحدد خصائص أو مزايا هذا المجتمع أو ذاك الشعب وعقائده، وتحركاته الاجتماعية، والحضارية معرفة صحيحة إلا عن قرب، أو من خلال كتــاب تدفعهم أمور الحياة للكشف عن المجاهل التي نـتعرض لها في حياتنا العادية، والأحداث الكامنة بالمفاجآت، مستذكرين عبر كتاباتنا الواقع الإنساني وتأثيره على المجتمعات أثناء مخاطبتنا الفرد، من خلال عالمنا الأدبي، ناقلين له تفاصيل الواقع، معبرين عن لحظات أوجاعنا في قصص وروايات، ليتثنى لنا تعديل عروض سيرها بعد عرضها على المتلقي، والناقد، والمبدع الشاهد على مجتمعات تتعدد فيه الظواهر والموروثات، كتعدد اللغات، والموضة، والديكور، والأفلام السينمائية، أو كالأنظمة التي تعكس اتجاهات شأنها شأن ذاك الكاتب أو تلك الكاتبة، كما يدور في حلقات الندوات المفتوحة للجميع، وبالأخص الكاتب الحقيقي الذي يمكنه أن يكتب بكل الأشكال الأدبية، ويستطيع أن يدخل إي باب من أبواب الكتابة، باعتباره الأقوى إيصالاً للجمهور .
    لكننا اليوم لو حاولنا الدخول إلى "مطاعم" القصص والروايات، واستعرضنا "مأكولات" أدبائها لوجدنا العديد منها مستنسخاً من الماضي الوطني، الذي لم تتطور أقلام أدبائه، إلا من عنصرية بعض اللذين ما زالوا يؤرخون مواقع بلداتهم وقراهم على جغرافية الحاضر المستمد من التاريخ "الفيتو مينو لوجي"، مؤسطر في منولوج صور حلم ما فقده الشعب على صفحات منشوراتهم، بحكايات وقصص حبكت بأقلام كبار الأدباء اللذين سبق وتسابقت أقلامهم فيما مضى على رسم أعمدة الأوجاع والتشرد والهجرة واغتصاب الأراضي، وعواصف خيبات قضيتهم من جنون التاريخ أمثال: الأديب إميل حبيبي، وحسين البرغوتي، وغسان كنفاني، ومحمود شقير، وجبرا خليل جبرا، وسميح القاسم، ماجد أبو شرارة، غريب عسقلاني، زكي العيلة، ومحمد كمال جبر، وإبراهيم نصر الله، وهناك العديد من الأدباء لا يحتاجون تعديل قصصهم عن القضية الفلسطينية، أو تكرار موضوعات رواياتهم. كما لم يعد المجتمع بحاجة إلى مطبوعاتهم الفوتوغرافية، المعروضة في المطاعم الأدبية، المنشغلة باستحداث أشكال كراسيهم وكراساتهم، التي اكتسحت مؤسسات النشر في الضفة الغربية وقطاع غزة . معتقدين "أن لكل قائل مجداً مجدداً."
    علما أننا ترددنا كثيرا قبل الدخول إلى مطاعم هؤلاء الأدباء المنشغلين بالهم الوطني، المتغيبين عن التصاقهم بالواقع اليومي ومعايشة خفاياه الفسيولوجية، والسيكولوجية، دون التلفت إلى هموم المجتمع الشخصية والاجتماعية، وتأثير ثقافة الماضي على الحاضر الإيديولوجي، البعيد عن التفكير بالذات الإنسانية، ساهيين بعيداً عن تحرك الواقع وانعكاسه على الفرد الذي يتمزق في مجتمعه وأمام وجوده، واضعين المتلقي والمثقف في حيرة إبداعاتهم، دون الإدراك لأهمية اختيار الموضوعات المناسبة، لتحديد نقاط التركيز عليها في شكل القصة الوطنية والسياسية والاجتماعية والإنسانية والفردية، وطريقة البوح الملائمة .
    كما تجاهلوا حضور المرأة الفلسطينية المثقفة، وما وصلت إليه قدراتها حروفها الأنثوية المتألقة، وإحساسها المفرط للأشياء في إبداعاتها الأدبية، وبحثها لإيجاد مخرجا للدوافع والأسباب التي أدت إلى فوضى تلك العلاقات الاجتماعية، وتفكيك أوصال العلاقات الأسرية والعائلية، وأهمها علاقة الرجل والمرأة والعوائق المصيرية المتصدية لهم .
    أعترف اليوم أن ما دفعني للتوقف أمام هذا العرض الملخص في مساجلتي هو صدق المحبة والغيرة على الأدب الفلسطيني، وعلى علاقة الكاتب في بيئته، التي من المفترض أن يسجل الكاتب كل ما يمر به شعبه، من توتر في يومياته الحياتية، من خلال ثقافته الأيديولوجية المؤثرة، بدل أن يكشفوا للمتلقي عن إبداعات عالمهم الوطني المستنسخ، لأدباء سائحين، لتلاقي الترويج المخصص لهم، وليبقى الأدب الفلسطيني الحلقة الأضعف بين الروايات والقصص على الساحة الفلسطينية والعربية والدولية، مهما كثرت مكونات تذوق الصحف والمؤسسات والسينما والمجاملات والمراعاة والمحاباة، والتعاطف مع القضية الفلسطينية . فنحن على يقين أن هناك من يدرك ما نرمي إليه، ولأننا ننتظر إتاحة ورقة خاصة للتفرد لهم وتفكيك شيفرات كتاباتهم، كي نثبت أننا نتذوق الأدب ولنا الحق بإبداء الرأي قيما نراه على الساحة الأدبية العربية عامة .
    ففي أثناء هذا التراجع المذكور في الأدب الفلسطيني الذكوري، قامت المرأة الكاتبة بإمكانيات محدودة تغيير نمط صفحات قصصهم، لتتخطى القمع الثقافي بمحاربتها الهروبية، وتلاحمها مع الحركة الثقافية الفلسطينية ماضياً و حاضراً و مستقبلاً، لإخراج قصة فلسطينية لها شكلها الفني، ونبضها المعبر عن ألم المجتمع برؤية أنثوية، هاربة من إجهاض رغبات بوحها لكل من سجل مروره بمخيلتها الخصبة في نتاجها الأدبي بأحابيلها المتنوعة التقسيمات، لتفريغ مخزونه الإبداعي من خلال خبراتها التكنولوجيا الحديثة، التي ساعدت بعضهن الخروج من بالونات الكبت إلى العالم، واضعة صمتها وتأملها في كتاباتها الموضوعية لارتقاء نتاجها النسوي الذي يخص صحوة الأنثى التي سعت لإخراج صورتها الحقيقية، ولتفعيل حياتها من خلال استحضار معاناتها، ضمن قواعد تجربتها الشخصية والتاريخية كما هي على ارض الواقع، دون أن تتنافر أوراقها الخالية من الترويج .
    لا بل هناك بعضهن تسابقن الغوص في الأنا المحرومة من التعبير عن الذات الفيزيائية والنفسية، بطريقهن الأنثوية، وإحساسهن الاستثنائي من خلال خوضهن في عمق الإنسان بحكم تركيبتهن في التقاط التفاصيل الدقيقة لتملكهن الحس العاطفي والمعنوية لأحوال الوجود بطريقة مجازة بمختلف أشكال تجليات حضورهن الذي لا يريد الرجل أن يتكلم عن تجربتهن ورغباتهن وفلسفتهن وما يجول من خلف ستائرهن .
    لهذا تبدو نصوصهن أكثر واقعية، من الرجل، بحكم تركيبتهن الأنثوية التي تمثلت بالمرأة منذ أن ظهرت أولى المعبودات التي حملت أسماء أنثوية ما قبل الأديان على سبيل المثال: الكينونة أنثى/ والمشاعر أنثى/ والمعرفة أنثى/والسعادة أنثى/ والخصوبة أنثى /والحب والجمال أنثى،" وحتى أعضاء جسم الإنسان المزدوجة غالبيتها أنثوية " . لهذا تزرع الأنثى نفسها بالحياة بكل قوى وتصميم، كلما أتيحت لها الفرص، حتى لو تجاهل البعض أساس القصة " السيرة الذاتية الاجتماعية والإنسانية "، وهي تجربة كانت في السابق تأخذ شكل مذكرات يومية، أما فيما بعد أصبحت هذه الرسائل تأخذ شكل الاعترافات استشهاداً بــ طه حسين، في رواية "عصفور الشرق" وحكاية بحار" لحنا مينا، وقصة "نفسي" لنجيب محفوظ، و "اعترافات" لجان جاك روسو، وأخيرا الروائي جبرا خليل جبرا في روايتين " البئر الأول، وشارع الأميرات " .
    ومن هذه الانطلاقة انتقينا حديثا من الضفة الغربية وقطاع غزة أصواتا نسائية متميزة في قصصهن المسجلة من مشاهد الحياة ممزوجة بمنولوج رواياتهن الميكافيلية، ووظائفها الفنية المتكئة على أناة الذات المستدعية لوعة المرأة التي تحمل عبء المجتمع، وسياسته، وعاداته، وتقاليده، وعلاقتها الجدلية بين التحرر الوطني، والاجتماعي المتمثل في المرأة الفلسطينية الحبلى بالأمل،.المستعينة بالعمق والمنطق، لاستفز حواسها وتعاملها مع المأساة الإنسانية، لتعطي نموذجا مضيئا ومميزا في الإبداع المحلي، ولتشكل وحدة موحدة لصورتها وصوتها الأنثوي الخارج من أوتار لغتها الرقيقة، المتعددة الرؤى المتجسدة في تجربتها واتجاهات تشكيلاتها الأدبية، لتدخل أفاق الثقافة العربية مقارنة بعالمها المرتبط بتقرحات المجتمع باعتباره المصير الغامض للإنسان، وانعكاس سهاده، وأفكاره، وفلسفته، المعبرة عن روح العصر، المنفرد في كتابات المرأة التي جمعت الحياة بالشارع والجامعة، والأستاذ، والطبيب، والعامل، والموظف، والبائع والمحامي، والشاعر، والراوي، كما في مجموعة " الشكل المستطاع" الصادر في 2007، همس المسرحية والكاتبة سماح الشيخ، في العقل الجمعي، ومدى ارتباطها بالحكايات والأحاجي، من خلال قصص وحكايات بينت مهارات الكاتبة المتعددة لاستخدامها تقنيات فنية متميزة، مثل الحوار الداخلي وارتباطه بخلجات الوجه، ونظرات العيون ،ولحظات الصمت والشرود، وحركات الجسد و الصوت، وإيماءات الكاتبة، التي ركزت على "النزعة الحقائقية، المتسم بتواصلها، وتنقلها بالصوت والقلم، الذي أبرز فراغات المجتمع ومؤثراته المرسومة في قصص سماح، واحتجاجها على الخلل الفكري، وتهدج بطاقات خراب المجتمع نفسيا واجتماعيا ومعنوياً، بأفكارها الممتدة من أصابعها المتوغلة في حياة الفرد، والكون، والتكوين البشري، لنرى ما تراه الكاتبة وما يراه الآخرون، ولنكتشف مهارة وذكاء تلك الأصابع التي دخلت فنتازيا حكايات قصصها ألا وهي: البلوغ عند الفتاة/وبين الكبر والصغر/ والحاسوب/ و الرياضيات / والموظف في المؤسسات/ والعامل /والبائع/ والحارس /والمسئول / والمرؤوس والمدرسة /والمدرس /والبنطال والسترة/ والأخوة/ والأم/ والأبناء /والجار/ والزوج / والأمنيات /والسائق/ والشارع/ والمعبر /والسفر / والسجان/ والسجين/ والفرد داخل الوطن وخارج حدوده . بنزعة وجودية تذكرنا بقصص الكاتب الروسي" أنطون تشيكوف" الذي اشتهر بإعماله الفنية والاجتماعية والإنسانية، وكيفية استخدام المزاج العام للفرد في مجتمعه، من اجل الوصول إلى تحرر قضايا الإنسان الشخصية والإنسانية من خلال رسائله القصصية .
    إذا يمكننا القول أن المرأة الكاتبة تسجل كل ما يستوقف شهقتها ولغتها ورؤيتها المتحركة كشهيق وزفير الكاتبة سماح الشيخ في تلبسها حالات البشر المتعددة، دون أن تفلت من تكوينها الأنثوي، كما شخصت الكاتبة هويتها وتمردها وأسئلتها وموهبة تصويرها البصري، وقدرتها الذكية على تلخيص عروض المجتمع في 49 قصة،تحكي حواراتها مع الأناة، والآخر، مستفيدة من تأملها التفاعلي الذي فتح لها قناة مخاطبة ضمير الغائب، لتعبر عن الحاضر الذي يمر في حضور لحظة بوحها المعبئ في سطور مجموعة "الشكل المستطاع" على هذا الشكل الذي ينتمي إلى ما بعد الحداثة، لإبداع تجليها الذي جعل لها مدخلها الخاص، كما في أدوارها وخفة تنقلها المتنوع على خشبة المسرح . ونحن من جانبنا نرحب بإبداعات قصص سماح الشيخ، وننتظر قدوم ما بعد " الشكل المستطاع" كما ننتظر رشاقة حضورها على المسرح الفلسطيني .
    أما القاصة نهيل مهنا، سجلت في مجموعتها "حياة في متر مربع" الصادرة في 2008، بعضا من تقارير حياتها اليومية، في قصص مشبعة بقضايا وهموم المرأة الفلسطينية، وأجهزتها الفكرية التي وصلت إلى أكثر طبقات الإنسان السرية، المسطرة في 91 صفحة، لنجد أنفسنا أمام قضية وجودية ناتجة من الظروف والعوامل التي تحيط بالكاتبة الخارجة عن طوع المألوف ألاحتلالي، كاشفة لنا ما تعانيه أسرة أناة الكاتبة داخل مجتمع متقلب، متناقض غارق في قضايا الهم الإنساني والسياسي، ,وهم المواطن وأغراض موضوعاته المسجلة في سبعة وعشرون قصة تؤكد على أن القصة الأنثوية قادرة على التعبير عن كل القضايا والأغراض والأمزجة، والعلاقة الغير متكافئة في مجتمع لم يتمكن من تلبية ابسط متطلباته، باختلاف الشكل والمضمون وما تطرحه رؤى الكاتبة نهيل التي تحتاج إلى مداخلة نقدية تختلف عن مقارتنا الملخصة، وغوصنا في البحث عن درر كتابات المرأة الفلسطينية وقضاياها الملتصقة بقضايا المجتمع، ومعالجتها الفنية التي اظهرن الموروثات والمؤثرات البيئية التي انعكست على الفرد .
    كما استطاعت الكاتبة أن تمزج قصصها الخاصة بالهم العام، في تجربتها النوعية الحديثة التي أعطتها حق الإبحار داخل الفرد المأسور بأحكام وقوانين مجمدة للطاقة والإمكانات والرغبات الكامنة في دواخلنا .... ناقلة للمتلقي أدق تفاصيل أوجاع المجتمع وأوجاعها في اللحظة, مخاطبة القارئ فيما تعايشه من تمزق فكري وإنساني وعاطفي، ولنكتشف عالمها الداخلي الذي يحمل في طياته ثقافة أيديولوجية مؤثرة، في قصصها المحملة بأجزاء من حياتها وغرائزها وأحلامها ومكوناتها الأنثوية، وتعاطيها مع ثيمات جيلها، وعلاقاته بالعالم المحيط بها، كما صورت زيف الواقع الذي يحكمه الرجل وتأثيره على المجتمع، والظروف الغير طبيعية التي تعيشها المرأة الفلسطينية بشكل آو بأخر في مجتمع غزة، الكابت لطموحات الفرد الحديث .

    أما الكاتبة ميسون أسدي، تحلت بمقولة: الأدب ليس للتسلية ولا للتجمعات الثقافية أو لكمية المطبوعات، اتجهت لإخراج المكبوت، وكشفت المستور عن أسباب انهيار الأعمدة المغطاة بستائر الصمت، وتأثير الموروثات على الواقع المقيد لحركت المرأة وتحررها من قيود الرجل، وحيرة الفرد الواقع بين حضارتين( إسرائيلية، وعربية الفلسطينية)، وما يدور حول المرأة العربية والفلسطينية، دون أن تعتبر متطلباتها عائقاً لتطوير المجتمع . قامت القاصة ميسون بتصوير الحالات الاجتماعية والإنسانية بالعين الفوتوغرافية، في مجموعتها " كلام غير مباح" الصادرة في 2008، قامت بالبحث عن مشكلات التربية العربية، وفشل معالجة أوجاع الفرد، في قصص مسجلة من الواقع الحقيقي الذي تعايش الكاتبة أحداثه ومشكلاته وموروثاته لتقليدية والفكرية عن قرب، ناقلة لنا اصدق تفاصيل مشكلات المرأة ، لتكشف للمتلقي الغطاء عن الكبت العاطفي الذي تعيشه المرأة الفلسطينية. ودور الرجل، والانتماء الوطني، والهوية المضطهدة، وتصوير المجتمع وصراعاته القائمة على الساحة الفلسطينية داخل الأراضي المحررة والمحتلة، من خلال نقلها إلى المتلقي . كما أفرغت مشكلات الجنس بشكل صريح، في بحثها عن الحلول المناسبة باجتهادها لتدعم مجتمعها وتحويل الغير مباح إلى صرخة تنطق القلم على أوراق احتلت 168 صفحة و 21 قصة غير مباحة على ارض الواقع وفوارقه الاجتماعية، وظلم المرأة في المجتمع الذكوري الذي لا يهتم بعواطفها ألا على أوراق الكتب والروايات .

    نعتقد أن مثل هذه القراءة الدلالية الموجزة لكتابة قصص واقعية تكفي لاكتشاف توزيع تقنيات المرأة القصصية، ومجموعاتهن التي صدرت في نفس الفترة الزمنية تقريبا، فهم عبارة عن نماذج للإنسان المقهور الذي لفت انتباهنا، ولأهمية تلك اللوحات الإنسانية وأثرها على المجتمع في الزمان والمكان المحرك رحلة الإنسان في النفس التي لا تخلو من مكابدات وتأملات، ومراجعات للثوابت.والعلاقات الحميمة التي انطلقت من أنفاس المرأة الكاتبة لتحقق القصة الفنية الحديثة في الشكل والمضمون .
    لم يبقى لدينا ألا أن نذكر بإيجاز بعض ما تبقى لدينا من كتابات المرأة التي ترصد المأزق الحضاري الذي يعيشه المجتمع على صعيد القيم والمفاهيم الاجتماعية والسياسية والفكرية والنزعة الإنسانية، والتخيل العلمي والاستنباط النفسي والفكري الاجتماعي أمثال: الشاعرة والقاصة يسرا الخطيب .
    أما القاصة أحلام، انفردت بتحدي الرجل الكاتب من خلال تنوع تجاربها اليومية بإشكالها المتعددة، للتواصل مع صوت صد كل منا، ومعاناة فكره من ألم الموروثات وسلب حقه في الدفاع عن نفسه، وأسباب تهتك العلاقات المجتمعة، من خلال دعوت الكاتبة الملحة إلى ضرورة إعادة الحياة إلى سكة صوابها، عبر استرداد قيم الحب والجمال .
    وهناك من سجلن يوميات رحيلهن، ومنفاهن الذي دخل عقل المجتمعات، في أعمالهن المبنية على التقاط اللحظات الزمنية وتصرفات الذات، بلغة رشيقة وبإيقاع سلس يستغني عن الدخول في متاهات السياسة والاحتلال أمثال : الكاتبة عدنية شلبي .
    ومنهن من اتخذن طريق الواقعية التسجيلية والرمزية في حكايات عن أسرهن ويومياتهن باللحظة . أمثال سما حسن .
    ومنهن من سجلنا تناقضات المجتمع وأوضاعه، بطريقة إعلامية بسيطة وسلسة، أمثال: الكاتبة هداية شمعوت .
    ومنهن من تمردن بصوت عالي على ظلم التقاليد الواقعة على المرأة، ووجودها واضطهادها من قبل الزوج وما تتعرض له بين أسرتها، وعائلتها، ومجتمعها الذي ينصف الرجل ويتجاهل حق الزوجة في البوح .
    ,وهناك من أجدن الهروب إلى منطقة الدفاع عن قضيتهن بجميع أشكالها، ليثبتن هويتهن الفكرية والأدبية، محاولين بطريقتهن نسج حضورهن بعين المستقبل المرجع للمتلقي والناقد، ليبرزن أهمية الصور التي صرخت الروح وهي ما تزال كامنة في الأرحام . .
    لعل تلك الكاتبات سيصلن يوما ما في قصصهن إلى ما وصلت إليه الروائية والشاعرة الكندية مارجريت أتوود، أو الأديبة الفرنسية فرانسو ساغان، وغيرهن من أديبات الغرب اللواتي اشتغلن على ترميم الجراحات الإنسانية، والقضايا الاجتماعية من خلف جدران تابوهات الممنوعات وغيرها، فضلاً عن شيوع الإرهاب الأسري، والشارع، والفكر الإنساني والسياسي المعيق لتطوير المجتمع الفلسطيني .
    هذه هي المرأة الكاتبة المحملة بعبق الماضي وسحر المستقبل، تختزن الكثير من الأحداث والأخبار التي صيغت من حاضر هؤلاء الكاتبات المبدعات وما وصلن اليه في عالم القصة المعاصرة بمنجزاتها المبهرة، ولعلى هناك ثمة من يدعو لمراجعة البعد الإنساني، أو يعيد النظر في جميع مصطلحاتهن لأنهن يمثلن عالم جديد يعيد برمجة مفهومنا للقصة الحسية في مجتمعنا، ولعلنا ندخل من هذا المخزون إلى آليات مرحلة التاريخ الفلسطيني المعاصر، أو من خلال دخولنا إلى عالم فلاسفة العلم وجمعهم بالعالم الحديث المتطور وظروفه الحافلة بقلق مشكلات المجتمع الفلسطيني الذي يدعونا بشدة إلى مثل تلك القصص التي غيرت مسار بعض الكتاب الذين وضعوا انقسم في القضية السياسية أبطالا، وجعلت من القضايا الإنسانية والفردية والاجتماعية والموروثات، أبطالا أساسيين، لمخاطبة جميع شرائح المجتمع برؤية أكثر عمقا وإبداعا من الرجل، من خلال تعبيرها عن الروح الميتافيزيقية لدوامة ألم الإنسان المصور بالأحداث المتناغمة بين الداخل والخارج، وبين الزمان والمكان، وبين المرأة والرجل، والخطأ والصواب، والحب والكراهية، والخير والشر، لتتماشى حكايات قصصهن مع "كراكتر" كل فرد في تشخصيهن، كنوع من الثقافة الحديثة القائمة بالشرح عن ذات الأناة، وانتقادها لتطوير المجتمع وتقديمه على أفضل حال، , كنموذج حقيقي لقضية الإنسان وحياته، وما يجول على الساحة الفلسطينية التي فتحت أمامنا آفـاقـا حديثاً لرؤية مضمون القصة الأنثوية الجديرة بالنشر والجدل التحليلي، لارتكازها على سبر أغوار المجتمع اليومي في أدق تفاصيله وحيثياته التي تهدف إلى عامـة المتلقي، وليستكملنا مسيرة من سبقهـن من أديبات .
    علما أن هناك كاتبات ما زلن يعانن في غزة التحفظ على حقيقة أسمائهن، بسبب العائق الاجتماعي المترصد للمرأة الكاتبة، فبالكاد استطعنا الدخول إلى موهبة بعض اللواتي لم يذكرن بالجريمة الأولى، بل بدأن من حيث بدأت النتائج السلبية على مجتمعهن، وبعضهن لم يتح لهن مجال النشر أو الإعلان عن وجودهن وظهورهن في الصالونات الأدبية الفلسطينية الغزيــة المحتكرة لاجترار وجوه مللننا حضورهم والتصفيق لهم، كما مللنا وجود أسمائهم على أوراق الدعوات، أو عبر البريد الالكتروني، وهذا يقع على عاتق كانتونات الساحات الإعلامية، المحتجة انطلاقة المرأة المليئة بحرارة الحياة التي تنتهي عادة بالكتابة المركزة كنوع من التعويض عما تتعرض له في مجتمعها من تغيرات جسد الزمن .
    أخيرا نقول: أن المؤثرات الحياتية والفكرية في كتابات المرأة تسعى لتطوير الجماعة من خلال مسائلات قصصها المصممة الوصول إلى متطلبات الفرد وطموحاته، إلى ما بعد البوح الأول، التي لم تغلق المرأة أبوابه بعد نهاية كل قصه من رواياتها، لا بل تركت نوافذ رؤيتها مفتوحة على الحياة، والوجه الإنساني المترصد لجميع تفاعلات نصفيها الوطني والأنثوي المتتبع علاقات المجتمع بأي تركيبة كانت: الزوج. الأب. العاشق، الصديق،هو ذاك الرجل أو هذا الزوج، يبقى المحور قائما في كتابات المرأة مفتوحاً على جميع الاحتمالات .
    لا يسعنا بعد هذا العرض سوى التوقف والتمعن من جديد بأوراق تلك الكاتبات الفلسطينيات الحديثات، اللواتي وضعن عفوية فطرتهن في وعاء أصابعهن، بعد أن اهتزت مسافة السنوات الممتدة من دفء جمرات قصصهن المخبأة، ليتحكمن بخروجهن من جبروت الاحتلال، والموروثات الذكورية، بأنامل تحيك ميلاداً جديداً من إبداعات أدب المرأة الفلسطينية في ثورتها الأدبية الحديثة .
    لم يبقى أمامنا سوى أن نؤكد على إن الأدب هو أدب إنساني بحت، ولا بد من قراءته وفق معايير سامية لا تساوم على الجودة، ولا تجامل على القوة .
    هذا إذا تأملنا في قطاعات الحياة، لأننا سنكتشف فيها كل يوم قطاعاً جديدا، يفتح أمامنا مسألة الواجب الأدبي الملحوظ الذي يستحق التوقف لما يمكن طرح نظرياته على الملأ، لننقب ما وصل إليه إمكانيات الأدب الفلسطيني، ليبث نموذج شاهد على أدق تفاصيل الحياة في صيغته الحديثة. ومن الضروري لكتاب اليوم أن يخرجوا من رئة أدباء الحرب، و يتخلصوا من ترسبات الماضي، وان يكفوا عن دوراتهم العالقة بطواحين الهواء، كي لا يفقدوا شهية تأثير القصة الفلسطينية في روايات مجتمعهم، وأن يشغلوا أنفسهم بما لديهم من أوراق شعبهم المستنزف من دم الواقع الإنساني المسيطر ... ومن اجل أن يتاح للقصة الفلسطينية استقرارها المتحرك، لترسوا على ميناء تبادل الثقافة العامة لاعتدال واقعهم، وليتلافوا عيوب الاستنساخ وأغراض اتجاهاته المتخبطة في المتاهات والظلمات، قبل أن يضيع ما تبقى من الأدب الفلسطيني على الساحة العربية والفلسطينية بشكل خاص، ويجب التعامل مع التغير الزمني، وليس مع الاجتماعي الثابت، "فالموظف الثابت غير الموظف المتعب .
Working...
X