Announcement

Collapse
No announcement yet.

حالة التردي التي يعيشها المسرح السوري في مسرحية منحنى خطر - فاديا أبو زيد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حالة التردي التي يعيشها المسرح السوري في مسرحية منحنى خطر - فاديا أبو زيد

    منحنى خطر
    فاديا أبو زيد

    مونوتون الحالة المسرحية المترهلة
    من جديد تعيد مديرية المسارح والموسيقا تأكيد عجزها أمام حالة التردي التي يعيشها المسرح السوري، والسبب أكثر من واضح حين نرى عروضاً تصرح جهاراً بأنها مشغولة بكل أنواع الاستسهال والاستخفاف بالمسرح وبنا، فلم يبتعد «منحنى خطر» ( من تأليف البريطاني «ج ب بريستلي» إعداد وإخراج «عروة العربي») عن كونه حلقة تلفزيونية مملة ضعيفة، تنتهج طريقة المسلسلات التركية في اصطناع الحدث والانفعال! إلا أن الأكثر فجاجة كان في الإعداد، حين لم يبق من بريستلي إلا اسمه، كحالة نموذجية من غياب أو تغييب المنهجية عن المسرح، ونحن نتعاطى مع النص الغربي، ليحل محله الارتجال في التوليف وضرب النص الأساسي بحجة تقريبه من الذوق العربي، وعوضاً عن توظيف «دراماتورج» لهذه المهمة، فضل «العربي» أن يقوم بالعمل بنفسه بمساعدة جلال الطويل، متجاهلاً مرحلة هي الأهم في هكذا نوع من النصوص ، وما يتطلبه من بحث اجتماعي دقيق، فماذاسيبقى من أي نص مسرحي إذا تدخلنا وغيرنا ردات الفعل؟ بالطبع سيكون لدينا نص آخر ليست له علاقة بالأول، لاسيما وأننا نتحدث في «منحنى خطر» عن «الخيانة» العاطفية أو الزوجية؟ التي تحمل في ثناياها اختلافات جذرية وتاريخية بين المجتمعين البريطاني والسوري انطلاقاً من وجهة النظر للمرأة، زادته اللهجة الشامية إخفاقاً، ما أدى إلى تغييب وتغيير الحالة الدرامية المتوخاة من النص الأصلي، لصالح إرباكات فكرية، وفبركات انفعالية هزيلة قضت على هوية العمل الأصلي، وفشلت في صنع هوية محلية، أو خاصة. وفي الوقت نفسه لم يوفق «العربي» ومساعده في صنع ردات فعل منطقية شرقية تناسبنا ، إذ ليس من المعقول أن تبقى امرأة على قيد الحياة- وأضعف الاحتمالات سنتوقع ردة فعل أكثر من عنيفة- وهي تنكشف أمام زوجها وأخيها المتزوج بأنها على علاقة جسدية مع صديقهما منذ زمن؟ ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى أن الزوجة - الأخت الخائنة اكتشفت كما اكتشف الجميع، في الجلسة نفسها، أن أخيها هو غريمها في حب حبيبها، أي أنه على علاقة شاذة مع حبيبها؟ لتتوالى بعدها مجموعة المهاترات والمعاتبات والثرثرات التي لا توصف إلا بأنها غريبة عن أي مجتمع، فكيف ويبدو الهدف أنه يوجه إلينا؟ وهكذا فعلت بقية الشخصيات السبع، منها الميت صاحب الاسم الغريب النافر «مامر» ، وهي تضعنا في دوامة من تشابك وتبادل العلاقات العاطفية السرية بين كافة الشخصيات، والتي كانت أكبر من أن يعالجها العرض، وأول ما سيتبادر إلى ذهننا : كيف يتمكن هؤلاء القوم من التعايش مع بعضهم، ومنذ سنوات، دون أن يلحظوا أنهم جميعاً متورطون في تقاسم علاقاتهم العاطفية الخاصة والأسرية؟ ثم لينفجر، وبالصدفة، سيل الاكتشافات من تبادل تلك الخيانات إثر سؤال مفاجىء أظهر وعياً غريباً عن سياق العمل وطبيعة الشخصيات، في التقصي لاحقاً حول واقع تلك العلاقات وواقع الأفراد ، كان محركاً لباقي الاكتشافات ، فمن كان يُظن بأنه انتحر قتل على يد عزباء الشلة التي تحب سرا الزوج المضيف، الذي يحب سراً زوجة أخ زوجته، والتي بدورها تقيم علاقة جسدية مع العازب وتعرف بأن زوجها يقيم علاقة شاذة مع المتوفي، كإشارة فجة ومباشرة على انهيار العلاقات في مجتمع ما، فشل « منحنى خطر» في رسم معالمه، سوى من إشارة إلى أن من نراهم الآن على الخشبة ينتمون إلى مجتمع الشركات والأموال، كتعميم غير موفق يشكل أحد مطبات النص الواضحة، والذي كان قاصراً على منح الممثلين الكسالى، بخلق اقتراحات لشخصياتهم وتمايزاتها، حين غابت الخصوصية الدرامية ذات الصلة بتاريخ الشخصيات أو طبائعها، كي تظهر نسخاً متطابقة تتكلم وتنفعل بذات النبرة، وذات الطريقة، باستثناء شخصية وسيم قزق الذي انقذ إيقاع العرض وأخرجه من مونوتونه قليلاً حين صنع مفاتيح شخصيته، في غياب الرؤية الاخراجية التي لم تعرف إلى أين تريد الذهاب بالعمل ووقعت في مطبات عدة أولها الديكور(من تصميم زهير العربي)، فلم يكن من السهل السيطرة على ذلك الفضاء الفسيح الذي شغله الديكور، مستغلاً أقصى ما يمكن من أبعاد خشبة مسرح الحمراء ، مبتلعاً الممثلين، ما الذي أدى إلى إحراج المخرج ليجد نفسه مضطراً لزرع ممثليه إجبارياً في أركانها كي يحافظ على الميزانسين، كأن يتجه رب البيت وسط صخب حفلة العشاء ووسط كل ما يحصل من معاتبات وتداعيات لموقف الكشف والمكاشفة، إلى المكتبة القابعة في الركن اليساري كي يفتش في الكتب؟ أو أن يجلس أحدهم كي يتابع التلفزيون بعيداً عن المجموعة، دون مبرر قوي بل شكلاني فائض أتى استجابة اضطرارية لوجود البيانو في الجهة اليمنى، والذي نجح العربي في توظيفه كحالة مسرحية جمالية مؤثرة حين عزف عليه البطل المقتول «مامر» موسيقى العرض الحية، إلا أن «العربي» لم يوفق في توظيف « وشة» التلفزيون التي كانت تأتي متصاحبة بشكل مزعج مع التعتيم بين مشهد وآخر، لتنتزعنا من الحالة المسرحية وإن لم تكن موجودة في العرض... ذلك العرض الذي يطرح التساؤل ذاته منذ سنين: إلى متى سيبقى المسرح حكراً على غير الموهوبين؟ وإلى متى سنظل نشاهد عروضاً هزيلة خالية من الإبداع والاشتغال الجدي على المسرح؟

Working...
X