Announcement

Collapse
No announcement yet.

مَن ينافس مَن؟...القصيدة النبطية والفصحى ...أمير الشعراء و شاعر المليون.. يصنعان جيلا شعريا

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مَن ينافس مَن؟...القصيدة النبطية والفصحى ...أمير الشعراء و شاعر المليون.. يصنعان جيلا شعريا

    "أمير الشعراء" و "شاعر المليون" يصنعان جيلا شعريا يمزج بين أنواع القصائد
    القصيدة النبطية والفصحى: مَن ينافس مَن؟

    العرب أونلاين- رضاب نهار

    على اعتباره ساحة ثقافية ذات أصول تراثية، يحظى الشعر في الإمارات المتحدة بجمهور واسع من شرائح عمرية واجتماعية متنوعة تتذوقه بكل فئاته ونماذجه، وتبدي رأيها فيه لتكون هي المؤشر الأكبر على نجاح نمط أكثر من آخر. خاصة وأنّه أكثر وسيلة إعلامية وأدبية للتعبير عن الحياة الإماراتية بكل ما فيها من مواقع وشخصيات وأفعال وحقبات زمنية.

    وبالنظر إلى حجم الإنتاج الشعري وكثرة وتنوع الشعراء الإماراتيين، نؤكّد بأنّ دولة الإمارات تولي الشعر اهتماما خاصا، تمثّل بالرعاية لقطاع الشعراء من قبل الحكومة ذاتها وعلى رأسها الشيخ زايد بن سلطان الذي اهتمّ بنفسه بتأسيس مجالس ومنتديات شعرية في كل المدن وتحديدا في أبوظبي. الشيء الذي طوّر الحركة الشعرية بشكل سريع وأفرز أشكالا متنوعة من الشعر كان أبرزها الشعر النبطي والعمودي الفصيح اللذين وصلا إلى مراحل متقدمة على المستوى الخليجي وليس المحلي فقط.

    واليوم يجب ألا ننسى الجهود المبذولة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة لتجربتها المميزة في أكاديمية الشعر من خلال برنامج "أمير الشعراء" وبرنامج "شاعر المليون" اللذين ساهما في تعزيز القصيدة الشعبية النبطية والقصيدة الفصحى، حتى بات بعض الشعراء يمزجون في كتاباتهم بين النوعين.

    ولكن قد يبدو من خلال مراقبة وضع الشعر والشعراء في الإمارات أنّ الشعر النبطي استطاع أن يحتلّ مكانة مرموقة عند الشعب أكثر من أي نوع شعري آخر. ولربما جاءت هذه المكانة من الاهتمام الرسمي بالنبطي، إذ أن الكثير من الشيوخ والحكام في المنطقة يتذوقون الشعر النبطي ويؤلفونه. حتى أنّ بعض العامة ممن لا يعرفون القراءة والكتابة ينظمون هذا الشعر ويرددونه على سجيتهم وعفويتهم.

    وفي هذا الخصوص وعن أسباب اقتراب القصيدة النبطية من المواطن الإماراتي أكثر من القصيدة الفصيحة، يقول الشاعر والإعلامي حسين بن سودة الذي يخطّ قصائده بالشعر النبطي "المجتمع الإماراتي مجتمع "بدوي" متأصلة فيه الثقافة الشعبية كمجتمع الجزيرة العربية ككل وبالتالي الشعر "الشعبي" يعد قوتا يوميا للمجتمع يتمثل به في كل شؤون الحياة. ومما لا شك فيه بأن الشعر الشعبي هو الابن الشرعي للشعر الفصيح وباعتقادي 80 بالمئة من مفرداته فصحى وسبب هذه الخصوصية في هذه المنطقة بالذات كون الشعر العامي سهل الحفظ وكلماته تستخدم بشكل يومي وهذا لا يلغي عشق المجتمع للشعر الفصيح ولدينا قامات شعرية من الماضي والحاضر تركت أثرا وبصمة في الثقافة العربية ".

    وكناقد وباحث في الأدب والشعر الإماراتي، أتيحت له الفرصة للاطلاع على منجزات الكثيرين من الأدباء والشعراء الإماراتيين، يصف الشاعر والإعلامي الفلسطيني سامح كعوش، أن العلاقة بين قصيدة الفصحى والقصيدة النبطية هي تماما كالعلاقة بين أصل الشجرة وفرعها، قائلا: "لا يمكن لنا أن نقرأ تاريخ وتطوّر القصيدة النبطية خارج نشأتها من الأصل وتشكّلها كفرع بلهجة أتت من اللغة الأم، ولهذا يصح أن نقرأ مسيرة قصيدة النبط أو الشعر الشعبي بعامة، في سياق قراءتنا لمنجز الأدب العربي لا خارجه، وهذا ما يمكننا من النظر بعين الحياد والموضوعية إلى ما يقدّمه شعراء النبط في الإمارات على أنه إضافة ثقافية وإبداعية للمنجز ككل، لا خارجه، بل إن الشعراء الشعبيين أحيانا يقدّمون خدمة عظيمة للأدب والشعر بتواصلهم الحي والتفاعلي مع جمهور الشعر على عكس كثير من شعراء الفصيح الذين لا يصلون إلى الجمهور بالقدر نفسه الذي يصل إليه الشاعر النبطي الشعبي".

    ويضيف كعوش: "نعم أنا أعتقد أن الشعر الشعبي أخف ظلا وأعذب حضورا في مساحات التلقي كونه يعبّر عن الذاكرة اليومية الشفوية للإنسان في محيطه الطبيعي القريب، بينما يكون الشعر الفصيح منجز صناعة وبناء لغويين يحتاجان للكثير من التأمل والحبكة في إنجاز النص الشعري، بما يعنيه ذلك من حشد المحسنات البلاغية والبيانية مما لا طاقة للمتلقي العادي به، اللهم إلا الذين نطلق عليهم صفة القراء لا المتلقين، والذين يميلون إلى قراءة الشعر الفصيح لا الاستماع إليه فحسب، وهذا ما يؤكد أهمية حضور الشعر الشعبي إلى جانب الفصيح في كل منابر الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة".

    من جهته يرجع مسؤول بيت الشعر بإمارة الشارقة الشاعر محمد البريكي شعبية القصيدة النبطية التي تعلو على شعبية القصيدة الفصيحة، إلى وضع اللغة العربية الفصيحة في دولة الإمارات ككل، معلقا: "نظرا لأن التعاطي في دولة الإمارات العربية المتحدة خصوصا ودول الخليج العربي عموما مع اللهجة أكثر منها مع اللغة العربية، واقتصار استخدام اللغة العربية على الرسميات وما يكتب من مقالات أو ينشر في كتب أو نحوها، ولأن الشعر النبطي يحظى بدعم لافت نتيجة ارتباط كثير من الشخصيات الاعتبارية به وكتابتها له، كما أن للكلمة النبطية المغناة دورا في الترويج لها، وجعلها أكثر التصاقا بالعاطفة والشعور، ولأن اللهجة أصبحت هي المتحدث الأول في دولة الإمارات ودول الخليج العربي عن هموم المجتمع وعاطفته، فإن من الطبيعي أن تتصدر القصيدة النبطية الترتيب في أولويات الذائقة".

    لكن البريكي يعود ليؤكّد بأنّ القصيدة الفصحى لا تزال تحظى بجمهورها الكبير داخل الإمارات، وإن مرّت عليها فترات زمنية تراجعت فيها شعبيتها بعض الشيء. ويقول: "في الفترة الأخيرة بدأت القصيدة الفصيحة في العودة إلى أخذ مكانتها بعد ظهور بعض البرامج الشعرية الإعلامية التي قامت بدور التحفيز على كتابة الجمل من خلال المسابقات الشعرية، وأعتقد أن الأمر في الحالتين طبيعي، والقصيدة الفصيحة لدى العربي تبقى خالدة لا تموت حتى وإن مرت عليها فترات ضعف لدى البعض أو في جغرافيا معينة، لكنها ما تلبث أن تعود إلى ألقها، ويبقى الفصيح والشعبي نهرين يصبان في شط واحد".

    ويساند البريكي في رأيه حول رسوخ الشعر الفصيح إلى جانب النبطي داخل الإمارات، عضو مجلس الإدارة في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورئيس الهيئة الإدارية لفرع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في رأس الخيمة الشاعر أحمد العسم الذي يرى أن القارئ الإماراتي ذوّاق بطبعه وعاشق للشعر ويمتلك خيالا خصبا، وعندما ينزاح إلى الشعر النبطي فلأن هذا الشعر لازم حياته وعبر فيه و من خلاله عن معاناته وألمه وفرحه وتجربته المتنوعة. ولهذا تجد عددا كبيرا من الإماراتيين يرتجلون هذا الشعر ويحفظونه ويستخدمونه في ضرب الأمثلة والتعبير عن تطلعاتهم.

    وعن تجربته الشخصية في عالم الشعر بين الفصيح والشعبي النبطي، يتحدّث الشاعر حسين بن سوده محترما كل قواعد اللغة العربية ومفرداتها التي كانت سببا في عدم خوضه في أسلوب الشعر الهجين، ويشرح: "شخصيا أنا شاعر شعبي لكني أحفظ قصائد من الشعر الفصيح ولي قصيدة واحدة فصحى وربما تتبعها قصائد. وبسبب احترامي الشديد للغة وقواعدها لا أحب أن أكتب قصائد مهجنة أو ركيكة".

    أخيرا يحاول الشاعر أحمد العسم أن يلخّص لنا إشكالية الفرق بين القصيدة النبطية والفصحى داخل الإمارات، حيث يجد في النهاية أنّ هذين الخطين الشعريين يلتقيان لدى ذائقة الإماراتي الذي يقرأ الشعر بأنواعه ويؤكّد: "موجز القول، الإماراتي ذواق ويحب الشعر بأنواعه على الرغم من ميله للنبطي، ولم لا وهو ديوان العرب؟".

    ويتابع: "إن عشق الإنسان الإماراتي للشعر النبطي لا يعني أنه يدير ظهره للشعر الفصيح فهو يحب هذا الشعر ويعتز بشعرائه. بقي أن أقول في الشعر النبطي لغة شعرية راقية وصور رائعة تلتقي مع الشعر الفصيح إضافة إلى أن ألفاظا كثيرة في الشعر النبطي ذات أصول فصيحة إذا لم تكن هي فصيحة".
Working...
X