Announcement

Collapse
No announcement yet.

سامر الياس - من يقتل الأطفال في سورية ويغتال أحلامهم البريئة - روسيا اليوم -

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • سامر الياس - من يقتل الأطفال في سورية ويغتال أحلامهم البريئة - روسيا اليوم -


    الجمهورية السورية العلمانية , الدين لله و الوطن للجميع





    من يقتل الأطفال في سورية ويغتال أحلامهم البريئة

    تثير الأخبار القادمة من سورية قلقا متزايدا حول مصير الأطفال في ظل دائرة العنف التي تعصف بالبلاد. وتتصدر أنباء قتل وجرح أطفال نشرات الأخبار العالمية. وإضافة إلى أعداد القتلى والجرحى والمختطفين المقلقة، فإن الخوف من أن تترك الحرب آثارا عميقة في نفسية وسلوك الأطفال المستقبلي سواء أولئك الذين مازالوا يعيشون في بيوتهم أو الذين اضطروا إلى النزوح أو اللجوء.
    وبمتابعة مجريات الأمور في سورية لا يبدو أن هذا البلد، الذي لطالما تغنى الناس فيه بأنه واحة آمنة، سيكسر قاعدة أن الأطفال هم أكثر من يدفعون فواتير باهظة الثمن جراء الحروب، سواء لفقدان حياتهم، أو تعذيب أرواحهم بأمراض وندوب نفسية من الصعب البراء منها، هذا إن لم ترافقهم طوال سنين حياتهم. وعدا عن احتمالات القتل والخطف والترهيب وتجنيدهم للقتال، يعاني أطفال سورية ممن اضطروا لمغادرة أماكن سكناهم، سواء داخل بلادهم أو خارجها، من الفقر والخوف، وحرمانهم من بيئاتهم الاجتماعية التي ولدوا فيها.
    ولايمل السوريون هنا، وكذلك المراقبون العرب والأجانب، من تكرار حقيقة أن الأزمة السورية بدأت بعد اعتقال بضعة أطفال خطوا شعارات على الجدران تنادي بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد مدفوعين بما كان يجري في تونس ومصر واليمن وليبيا من أحداث.

    3000 طفل بين القتلى
    وتؤكد التقارير الواردة من دمشق أن أكثر من ثلاثة آلاف طفل قتلوا جراء أعمال العنف المنتشرة في البلاد منذ منتصف آذار/ مارس من العام الفائت، أي نحو عُشر أرقام الضحايا الذين سقطوا حتى الآن، وبمعدل أربعة أطفال ضحايا في اليوم الواحد فقدوا حياتهم بسبب استخدام الطيران الحربي بكثرة في الشهور الماضية، وبسبب السيارات المفخخة التي تتبادل الحكومة والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عنها، ناهيك عن الاستخدام المفرط للهاونات والقناصات التي يمتلكها ويستخدمها طرفا النزاع على حد سواء، ولوقوعهم في مرمى نيران اشتباكات عنيفة داخل الأماكن المكتظة بالسكان.
    ومن بين الأطفال من مات ميتة شنيعة كالطفل حمزة الخطيب، 13 سنة، والذي تمّ استهدافه قرب أحد الحواجز العسكرية في ريف درعا، وقتل بطريقة وحشية، وبدت على جسده آثار التعذيب، ما أثار استنكاراً دولياً. وشهدت بعض الحالات قتلا جماعيا مثل مذبحة بلدة الحولة الحمصية في السادس والعشرين من أيار/ مايو الماضي وأدت إلى مصرع 50 طفلا من إجمالي 106 قتلى، بعضهم مات شنقاً والبعض الآخر لفظ أنفاسه تحت وطأة القصف المدفعي العنيف، والأخطر أن أطرافا كثيرة تشير إلى أن المجزرة بحق الأطفال وذويهم تمت على خلفية تطهير مذهبي.
    وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة (ديلي ميل) البريطانية يوم الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي صورة مؤلمة وصادمة لطفلة سورية ترقد في بركة من الدماء في أحد شوارع مدينة حلب، دون أن يستطيع أحدٌ حتى رفعها من مكانها. وقالت الصحيفة إن هذه الطفلة البريئة كانت ضحّية أحد التفجيرات الارهابية التي هزّت المدينة وراح ضحّيتها العشرات ولم يمنحها أحد حتى كرامة دفن جسدها، أحد أبسط حقوقها، بل تُركت في الشارع. وأضافت (ديلي ميل) أن مأساة هذه الطفلة هي مأساة كل أطفال سورية في ظل الحرب الدائرة الآن.

    معتقلون بأوضاع مزرية
    وجاء في تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، صدر منتصف العام الجاري، أن قوات الأمن السورية لجأت إلى احتجاز صبية تصل أعمار بعضهم إلى 13 عاماً في أوضاع مزرية مع تعرضهم للتعذيب.
    وقالت المنظمة إنها قابلت أطفالاً قالوا إن ضباط الأمن ضربوا الأطفال ضرباً مبرحاً وصعقوهم بالكهرباء وأحرقوهم بالسجائر وتركوهم معلقين من أصفاد معدنية لساعات وساعات. كما تم وضع أطفال في الحبس الانفرادي وحُرموا من العلاج الطبي والطعام الكافي والمياه، وتعرض بعض الصبية للاغتصاب. وقال ضابط من الأمن لصبي يبلغ من العمر 13 عاماً من تلكلخ، طبقاً لشهادة الطفل عن احتجازه: "نحن نأخذ الأطفال والكبار، ونقتل الأطفال والكبار".
    ويعاني الأطفال منذ بداية الأزمة السورية من صعوبة الوصول إلى المدارس، ويشمل هذا المدن الكبرى والأرياف، ومن تغيبهم القسري عن أماكن تعليمهم، وفي هذا المنحى ترد التقارير بأنه تجري مداهمة المدارس بشكل دائم وتستخدم كقواعد لعمليات عسكرية و"مراكز تعذيب". وفي أحيان كثيرة تم نصب أسلحة وبنادق على أسطح المدارس فيما يدرس الأطفال في فصولهم، وجراء العمليات العسكرية تم تدمير المئات من المدارس، وتضرر الكثير منها. وللعام الثاني على التوالي لا يوجد دوام مدرسي منتظم في سورية التي تطبق التعليم الإلزامي حتى نهاية التعليم الأساسي (تسعة أعوام دراسية)، وخلالها يجب على الأهالي التعهد بإكمالها تحت طائلة السجن في بعض الأحيان.

    لاجئون من دون أبوين
    ولا يقتصر الواقع المؤلم على الأطفال السوريين الموجودين في سورية، بل يطال أيضاً الأطفال النازحين، واللاجئين في دول الجوار كالأردن والعراق ولبنان وتركيا. وجاء في تقرير للأمم المتّحدة، صدر في شهر آب/ أغسطس الماضي أنه من بين مليون ومئتي ألف نازح سوري هناك 600 ألف طفل ممن لا تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة. ويتجاوز عدد الأطفال اللاجئين في دول الجوار نصف العدد الإجمالي مما يشير إلى حجم التحدّيات التي تواجه الأمم المتحدة في مساندة وتقديم الدّعم اللاّزم لأسر هؤلاء الأطفال، خاصةً مع قرب حلول فصل الشتاء القارص، ومما يزيد من صعوبة المهمة أن عدداً متنامياً من الأطفال دون آبائهم يصلون إلى المخيمات.

    أطفال في ساحات القتال
    وغير بعيد عن دوامة العنف التي تعصف بالأطفال السوريين ذكرت تقارير متضاربة عن حالات تجنيد للأطفال والزج بهم في ساحات القتال كما كانت الحال في معظم البلدان التي شهدت حروباً أهلية، كالسودان ولبنان ويوغسلافيا السابقة والكونغو.
    ويرى المراقبون أن التقرير الصادر عن وكالة الأنباء الفرنسية في شهر يوليو/تموز الماضي يشكل أول دليل مصور بالصوت والصورة لتجنيد قاصرين دون الثامنة عشر للقتال مع المعارضة السورية المسلحة. وأظهر التقرير ميليشيا مسلحة في قلعة الحصن تجبر طفلاً "13 عاماً" على الدخول إلى ساحة معركة، كما تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة صوراً لأطفال وقاصرين دون الثامنة عشر مع مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة مجندين في ميليشيات معارضة وميليشيات مؤيدة "اللجان الشعبية وغيرها".
    وكان تقرير لأمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، صدر أوائل العام الجاري، قد أشار إلى تقارير بقيام جماعات معارضة – منها الجيش السوري الحر – بتجنيد الأطفال، لكنه لم يذكر مجموعات بعينها ضمن قائمة الجناة، كما أنه أشار إلى قيام الحكومة السورية بذلك أيضاً.
    وبعد هذا التقرير دعت منظمة هيومن رايتس ووتش لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سورية، المُعينة في 12 أيلول/ سبتمبر 2011، إلى فتح المزيد من التحقيقات في هذه المزاعم ونشر نتائجها. وإذا تبين بالدليل الواضح تجنيد الجيش السوري الحر للأطفال؛ فعلى الدول التحقيق ومقاضاة أي جناة مزعومين على أراضيها، وعلى مجلس الأمن البحث في أمر فرض عقوبات محددة الهدف ضد من يتبين تجنيدهم للأطفال.

    قوائم العار
    وفي السادس من الشهر الجاري قالت ليلى زروقي الممثلة الخاصة للامين العام للأمم المتحدة بشأن الاطفال والنزاعات المسلحة انها تجري تحقيقات في ممارسات لجماعات سورية معارضة ضد الاطفال يمكن ان تؤدي في حال ثبوتها لادراج تلك الجماعات في "قائمة العار" مما قد يعرضها لعقوبات مجلس الامن الدولي.
    ومن المقرر أن ترفع زروقي وفريق العمل التابع للهيئة الدولية تقريرا إلى مجلس الأمن بصدد ست جرائم هي تجنيد الاطفال والتشويه والاعتداء على الاطفال والاعتداءات الجنسية عليهم والاعتداء على المدارس والمستشفيات وموظفيها والاختطاف ومنع وصول الاغاثة لمناطق يوجد بها اطفال متضررون بسبب الحرب.
    وفي حال ثبت أن أيا من الجماعات السورية المعارضة ترتكب الجرائم الأربع الأولى فإنها سوف تدرج في "قائمة العار" ما يفتح على إمكانية فرض عقوبات عليها من مجلس الأمن الدولي.
    وكانت الأمم المتحدة قد أدرجت الجيش السوري والمخابرات وميليشيا الشبيحة المؤيدة للرئيس السوري بشار الاسد في العام الماضي في "قائمة العار" بسبب قتل الاطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.

    الأطفال ضحية الحرب الإعلامية
    وتدأب السلطات والمعارضة على إظهار معاناة الأطفال وتحميل الطرف الآخر المسؤولية عما يجري، وفي أحد التقارير الذي بثته قناة سورية بلغ استغلال الأطفال حدا لا يوصف مع سؤال طفلة دون الخامسة من عمرها في حضن والدتها القتيلة عمن فعل ذلك بأمها. وتبث صفحات المعارضة مقاطع فيديو لأطفال يتوعدون بالثأر لمقتل أقاربهم. ويبدو أن الطرفين لا يكترثان لمعاناة الأطفال النفسية وخوفهم وقلقهم جراء الحرب ومشاهد القتل والدمار، ويصران على نقل معركتهما لأجيال مقبلة مع زرع الكراهية والحقد في صفوف أطفال يجب ان يكون همهم الأول هو اللعب واللهو والدراسة، ومتابعة الرسوم المتحركة بدلا من مشاهدة مناظر الدم والقتل.

    اتهامات تمهد للتدخل الدولي
    وترفض الحكومة السورية هذه الاتهامات بتجنيد الأطفال وتقول إنها من عمل المليشيات المسلحة والمدعومة من الغرب. وقد رفض بشار الجعفري، مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، التقارير التي وصفها بالمغلوطة بشأن الأطفال والنزاع المسلح، مستنكرا تسييس هذه المسألة. وقال الجعفري إن التقرير غير أمين وكتب بدوافع تحريضية ترمي إلى الإساءة إلى سورية.
    ويرى المحللون المقربون من النظام السوري أن قضية تجنيد الأطفال قضية منتشرة في بعض بلدان العالم، وخاصة تلك التي يسبق تدخل الناتو فيها، فالمقدمة تضم المفردات التالية: "الأمم المتحدة، فرنسيون، تجنيد أطفال في ميليشيات" حيث تشكل هذه المفردات المعاناة الفظيعة لشعوب راواندا وسيراليون ويوغسلافيا السابقة وأفغانستان، وغيرها من البلدان التي شهدت عمليات تجنيد أطفال واستخدامهم كمقاتلين في الميليشيات المسلحة. ويضيفون أن هذه المفردات الثلاثة هي القاسم المشترك بين الأزمة السورية الحالية وما كان يحدث في راواندا وسيراليون ويوغسلافيا. ويرون في ذلك "دليلاً دامغاً لنظرية المعلم الواحد أو المدبر الواحد المتمثل بمدارس إدارة الأزمات في العالم. وهذه المدارس ليست جهات مدنية أو تنظيمات سياسية وإنما هي جهات استخباراتية تعي تماماً ماذا تفعل وفق مخططات وخبرات ضباطها في مختلف أنحاء العالم أثناء الأزمات المشابهة، وإن كانت تتخفى أحياناً تحت واجهة الشركات الأمنية أو الجماعات المتطرفة".
    وترفض المجموعات المسلحة هذه الاتهامات وتقول إن "الجيش النظامي هو من يستغل اتحاد شبيبة الثورة في القتال. وهذا الاتحاد يضم طلاب مدارس في سن تتراوح بين 12 و18 عاما، وهم في الأساس مدنيون لا يمكنهم القتال على الإطلاق". وتضيف أنها تحمي المدنيين بينما الجيش النظامي وجهت إليه الأوامر بمهاجمة المتظاهرين بغض النظر عن أعمارهم منذ بداية الأزمة وهو ما يجري فعلاً على الأرض السورية كلها.

    قتل الأجنة وتردي مستوى العناية الصحية..
    ولم يسلم الأجنة في بطون الأمهات، وحديثي الولادة من الحرب الضروس بين السلطات والمعارضة. وفي بداية الشهر الحالي أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" عن قلقها لتزايد وفيات الأطفال في سورية، واشارت إلى النقص في المعدات الضرورية مع تأثر المؤسسات الطبية جراء استمرار العنف. ولفت وفد من المنظمة عقب زيارات ميدانية إلى محافظة الرقة إلى أن "العديد من المواليد الخدج بالمحافظة ماتوا بانتظار حاضنة". ونقلت عن عاملين في القطاع الصحي إلى تزايد حالات الولادة المبكرة والإجهاض. وكانت منظمة الصحة العالمية أصدرت تقريرا في أغسطس/آب الماضي يشير إلى تضرر وتدمير أكثر من 185 مستشفى وعيادة طبية، وتؤكد وزارة الصحة السورية أن 149 عيادة طبية، بالإضافة إلى 48 مستشفى قد تضررت بشدة أو دمرت في الصراع الدموي الذي يعصف بالبلاد.

    الأطفال يدفعون الثمن الأكبر الآن وغداً
    ويبدي المراقبون خوفهم من أن تزداد معاناة الأطفال السوريين في ظل استمرار دوامة العنف التي تضرب البلاد، فمن النزوح القسري، إلى الإصابة بالجروح والقتل، يبدو أن الأطفال يدفعون ثمن أفعال الكبار، وهو الثمن الذي طالما دفعه أقرانهم في كل بلاد ابتلت بالصراعات الطاحنة وبالحروب الأهلية التي لا يفرق أمراؤها بين كبير أو صغير، ولا بين ذكر وأنثى، في حرب سيشعر الجميع بعد أن تحط أوزارها بفداحة خسائرها البشرية والمادية، وأهمها الأطفال القتلى والندوب العميقة على جيل الأطفال الذين عصفت بطفولتهم الحرب، ولم تنفع توسلاتهم وصلواتهم لإبعاد الأذى عنهم ولا عن أهاليهم ومدارسهم ومساكنهم وحدائق لعبهم.

    وأخيرا فإن كل سوري معارضا كان أو مؤيدا لا يحتاج إلى سرد كثير من القصص المؤثرة عن قتل واختطاف الأطفال، وقصص النزوح واللجوء المريرة ليعرف مدى المأساة التي تعيشها البلاد. ففضلا عن أنه يعرف الكثير منها يكفيه أن ينظر إلى عيون أطفاله، ويصغي إلى أسئلتهم حتى يلاحظ مدى التغيرات التي طرأت على نفسيتهم وتفكيرهم وسلوكياتهم في العشرين شهرا الأخيرة ليكتشف الأذى الكبير الذي لحق بهم. وعسى أن يكون ذلك حافزا لنا جميعا من أجل إبعاد الأطفال عن الصراع الدائر في حال لم يستطع الكبار تسوية هذا الصراع بطرق أكثر حضارية، فأطفال اليوم هم رجال سورية المستقبل.

    سامر الياس _ روسيا اليوم
Working...
X