Announcement

Collapse
No announcement yet.

الشاعر محمد كاظم جواد : رائحة الحرب تمارس علينا همجيتها

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الشاعر محمد كاظم جواد : رائحة الحرب تمارس علينا همجيتها

    محمد كاظم جواد: الشعر فضاء للأسئلة
    [COLOR=#000099"]محمد كاظم جواد: رائحة الحرب تمارس علينا همجيتها
    [/COLOR]


    العرب أونلاين - محمد حبيب مهدي


    الشاعر محمد كاظم جواد واحد من الشعراء العراقيين الذين اختصّوا بالكتابة إلى الطفل، حيث نشرت له وزارة الثقافة ببغداد، في هذا الغرض، مجموعتين شعريتين أولاهما موسومة بـ"العازف الصغير" سنة 1995، و الثانية بعنوان "زوارق" سنة 2012. وعلى جودة نصوص محمد كاظم جواد الموجّهة إلى الطفل، يبدو أنه راح يخوض الآن تجربة الكتابة إلى الكبار، وذلك بإصدار مجموعته الشعرية "الطائر الذي ابتل بماء الشمس".

    وهي نصوص شعريّة ضمّنها الشاعر أسئلة متصلة بحال الإنسان في صراعه مع معيشه الماديّ وما فيه من آلام. وهو أمر سنحاول كشفه في حوارنا معه.

    * ما القضايا التي أراد الشاعر محمد كاظم جواد مناقشتها في مجموعته "الطائر الذي ابتل بماء الشمس"؟

    - في البدء أود أن أوضح أمرا مهما، هو أن مجموعة " الطائر الذي ابتل بماء الشمس " ليست مجموعتي الشعرية الأولى، وبسبب عزوفي عن النشر تركت عدة مجاميع شعرية، تقادمت وفق التسلسل الزمني كوني بدأت مشروعي الشعري أواسط السبعينات ونشرت معظم قصائدي في الصحف العراقية والعربية ولم تسنح لي فرصة جمعها ونشرها في دواوين شعرية لأسباب عديدة.

    ما أردت قوله في هذه المجموعة الكثير، فهذا الديوان يختزل تجارب كثيرة خضتها في بحر الحروب والانكسارات والخيبات التي لازمت جيلنا المختبئ تحت ظلال الأسى ومن يقرأ الديوان سيشم رائحة الحرب وهي تمارس همجيتها ونحن في أوج شبابنا الذي هربت عنه الاحلام، ومن هنا جاءت قراءة الدكتور حاتم الصكر ليؤشر بعنونة مقاله "بحر الحروب وحبرها"، وكذلك الدكتور عبد المطلب محمود في مقالته "وجع الطائر الذي ابتل بماء الشمس ". ولا تختلف المقالات الأخرى التي كتبت عن هذه الموضوعة وإن اختلفت زوايا القراءات.

    *هل أستطاع الشعر أن يُعيد إليك ما أستلبه منك الواقع؟

    - نعم نحن من جيل تشظت سنين عمره بين الحروب والملاحقات والمصادرات، جيل فقد الأمل في الحياة، وكان كل واحد منا مرشحا للاعتقال دون أدنى سبب. وربما الموت سد علينا منافذ الحياة وحرمنا من أبسط حقوقنا في ظل نظام مستبد ومن أجل خلق موازنة بيني وبين واقع مر ومؤلم، التجأت إلى لغة البوح والتنقيب بحواسي الظمأى عن مكمن الجمال الذي يخلقه الشعر ليكون المعادل الموضوعي لحياة لا أمل فيها، بل هي نفق يكاد يكون بلا خيط من الضوء.

    الوطن حاضر بقوة في كتاباتي، وكذلك الذات التي تتقلب على أشواك الألم والدموع، وحتى بكاؤنا كان بدمع بارد، وباتت أحلامنا تشكل صدمة كبيرة عندما تتنزه في أرض الواقع.

    *كيف يرى اليوم محمد كاظم جواد نفسه وهو ينحو من الكتابة إلى الطفل إلى الكتابة إلى الكبار؟

    - الكتابة للأطفال هي أن تتنازل عن ذاتك وتبحث بين رياض الطفولة عن أزهار جميلة وتنسى الواقع المؤلم فالطفل غير معني بما يحدث من صراعات وخيبات على الرغم من أنه المتضرر الأكبر، الأطفال يجوعون ويمرضون وتكاد تكون متطلباتهم في عداد المنسيات، أغلب الحكومات تهمل الطفولة ربما عن جهل أو قصد، فتراني عندما أتوجه للكتابة لهم أبحر بمركب الطفولة لأصطاد صورة من هنا وصورة من هناك محاولا الاقتراب من عالمهم المدهش البريء مقابل هذا أحتاج أن اكتب شيئا أتفاعل فيه مع مايحيط بي وفق المشاعر التي نمتلكها دون أن أترك فاصلة لأيامي المتلاحقة والتي تكرر نفسها بقسوة الرتابة إنني أحاول أن أجعل من شعري للكبار خلاصة لأسئلة أطرحها، وأبحث في مفترق العمر عن أجوبتها ربما أصطادها في الحلم وكذلك أترجم رؤيتي للحب الذي يوسع دائرة الأمل الضيقة فالحب وحده يجعل الأيام تورق حتى في الخريف وللمرأة مكانة كبيرة في قصيدتي بكل ماتملكه من أنوثة وروح تتوق لنشر الفرح في قلب يخترقه الحزن.

    * كيف استطاعت البراءة، تلك التي نُلفيها محمولة في مفردات الفزاعة والحلزون والبطريق والديناصور، أن تتحمل كل هذا الحزن الشعريّ؟

    -قلت لك إنني حين أكتب للكبار أوجه كل حواسي ضمن محيط يجهله الأطفال وهذه المفردات التي ذكرتها لاتعني الطفولة، صحيح أنها مرتبطة بمخلوقات قريبة من مداركهم لكني وظفتها بشكل مختلف عن عالمهم ومن يقرأ محمد كاظم شاعرا للأطفال، سيرى الاختلاف الواسع في الطرح هنا كما ذكرت أتجرد من ذاتي لأطلق خيالي وأخاطبهم بلغة محدودة تشكل قاموسهم اللغوي، فلكل مرحلة قاموسها اللغوي وكلما كبر الطفل ازدادت مفرداته اللغوية وهنا تكمن صعوبة الكتابة للطفل وهو أنك تتعامل بمفردات قليلة تحدد توجهك، على العكس من الكتابة للكبار فأنت تمتلك مساحة كبيرة تستطيع أن تلعب بها وتستحضر مفردات كثيرة ويمكنك استبدالها وفق جمالية النص وتناسق الجملة الشعرية.

    * تمتاز لغتك الشعريّة بثراء سجلها القولي وبشساعة فضاءات التخييل فيها، فهل يعود ذلك إلى جذور قرائية غذّت فيك شعريتك؟

    -الجذر الأول كان وليد المدرسة من خلال النصوص المقررة في المناهج المدرسية، كانت تستوقفني القصائد وأتأمل صورها بحسي الطفولي وغالبا ما كنت أحفظ جميع النصوص في فترة قصيرة، بل يتعدى ذلك إلى نصوص المرحلة اللاحقة من الدراسة حيث أنني كنت أصغي للتلاميذ وهم ينشدون الأشعار في الاصطفاف اليومي وفي المرحلة

    المتوسطة، انتبه مدرس اللغة العربية إلى توجهي من خلال درس المطالعة الخارجية وكنت ألخص ما أقرأ بالدفتر المقرر للدرس. وأذكر أن المدرس أخذ الدفتر مني ليمرره على الصفوف الأخرى وذات يوم وجدت ديوان الجواهري في بيتنا فقرأته من الغلاف إلى الغلاف لكني لم أستوعبه جيدا بسبب فقر لغتي وذائقتي وبمرور الزمن حفظت بعض أبياته وحاولت أن أقلد بعض قصائده لكني لم أفلح وكنت أضع قصيدته وأحاول أن أرتب كلمات مني على منوال مفرداته عندها وجدت أنني أحتاج إلى الكثير كي أكتب شعرا وأصبح هاجس الكتابة يلازمني فكتبت مجموعة قصائد متعثرة الوزن بعدها بدأت رحلة القراءة والاستكشاف بدأتها بالمعلقات التي وجدت فيها هيمنة المكان والمتنبي الذي أدهشتني صوره وجرأته وأبو تمام وحماسياته وأبو العلاء وزهده مرورا بالسياب الذي حمل صليب الألم والبياتي الذي وجدت في شعره المباشرة رغم استخدامه القناع، ولم أنس حسب الشيخ جعفر منذ نخلة الله مرورا بمدوراته التي شكلت علامة بارزه في المشهد الشعري وأدهشني يوسف الصائغ بسيدة التفاحات وقبلها انتظريني عند تخوم البحر أما حقائب عبد الكريم كاصد فكانت حلمي للسفر نحو الشعر والحياة ، محمود درويش أيضا شكل عندي هاجسا لقصيدة المقاومة وقد حفظت له ديوانا كاملا هو آخر الليل أما أدونيس فكنت أستكشف اللعب الذي يمارسه في اللغة والصور التي يبتكرها بعد أن ينقب في أرض لايراها غيره.

Working...
X