Announcement

Collapse
No announcement yet.

المترجم اليمني محمد عبد السلام منصور : عوائق الترجمة لدينا سببها هوة المنطلقات

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • المترجم اليمني محمد عبد السلام منصور : عوائق الترجمة لدينا سببها هوة المنطلقات

    المترجم اليمني محمد عبد السلام منصور
    [COLOR=#000099"]محمد عبد السلام منصور: عوائق الترجمة لدينا سببها هوة المنطلقات
    [/COLOR]


    العرب أونلاين- هايل علي المذابي


    ثمة هوة تتسع مع كل لحظة تمر، بدأت منذ القرن الثاني عشر، ولا شيء يستطيع أن يوقف اتساعها في الذهنية العربية، سوى ترجمة المعارف والعلوم التي صارت غير متوافقة مع ما يفترض بالعقل العربي أن ينتهي إليه ويفكر فيه، كما كان قبل ذلك الزمان، وكما هو موجود الآن في الذهنية الغربية عموما. الترجمة هي آخر معقل للعقل العربي ليراهن عليه إزاء تحديات العصر ومتغيراته المعرفية والعلمية والثقافية. في هذه الصفحة كان لنا شرف الحوار مع قامة كبيرة من قامات حركة الترجمة محليا وعربيا، الأستاذ الأديب والشاعر القدير والمترجم: محمد عبد السلام منصور.

    * لنبدأ من النهاية…حدثنا عن آخر عمل قمت بترجمته؟

    - قمت بإعادة نظر سريعة، في ترجمتي، للأرض اليباب، للشاعر ت س إليوت، تحضيرا لطباعتها الثانية، وسأقوم فيها بكتابة مقدمة، تتضمن تجربتي، في ترجمة القصيدة، لأني نشرتها، في الطبعة الأولى، دون أي تقديم، أو تعليق، وقد رجحت هذا لئلا يظن أني أحاول شرح الترجمة أو أني أقوم بنوع من التسويق لها، فاكتفيت بنشرها، وبموازاتها، النص الإنجليزي، وهي مرقمة، في النصين، بيتا بيتا.

    أما الآن وبعد أن صارت الترجمة معروفة، تدرس في الجامعات، وكتبت عنها دراسات أكاديمية مقارنة بترجمات أخرى، فقد حان أن أكتب لها مقدمة، فقد طلب مني كثير من الدارسين وطلبة الأدب الإنجليزي، أن أقوم بكتابة هذه المقدمة لما سيكون فيها من فائدة، للمشتغلين في مجال الترجمة، كما أنني سأجد فيها فرصة طيبة للإجابة على بعض التساؤلات التي وردتني من بعض القراء، مثل لماذا اخترت هذا التعبير دون غيره من التعبيرات المحتملة، أو التي وردت في ترجمات أخرى، وقد أضمن هذه الطبعة ما يناسب من القصائد التي ترجمتها، أو بعض قصائد للشاعر إليوت ذاته إذا انتهيت من ترجمتها كقصيدة أربعائيات الرماد، فأرجو أن يتاح لي من الوقت ما يكفي لاستكمال ذلك.

    *برأيك الترجمة خيانة أم تواطؤ؟

    - سمها إن شئت خيانة، أوسمها تواطؤا، فهي ضرورة للتواصل بين الشعوب ومهمة لتلاقح الثقافات الإنسانية المتنوعة، ويمكن الرجوع إلى إجابتي عن السؤال الثاني وقراءة ما ورد فيها عن الكيفية الي تتم بها ترجمة النص منذ قراءته الأولى، حتى إخراجه نصا عربيا، ويمكن من خلال ذلك أن يجد كل قارئ التسمية التي تناسب، في رأيه، حقيقة الترجمة.

    - أيهما أهم في وجهة نظرك الترجمة للآخر أم الترجمة عنه؟

    * يهم أصحاب اللغة الأولى وبخاصة نحن أن نعرف الآخر ثقافة وحضارة وعلوما وفنونا وأنظمة، سيما أن الآخر قد سبقنا بمراحل في كل جوانب الحضارة الحديثة أما ما لدينا فهو هم الآخر وقد أشبعنا المستشرقون دراسة وترجمة، ولكي أكون أكثر تحديدا أوجه إليك وإلى القارئ سؤالا: هل لك أن تعدد لنا الكتب التي ترجمت إلى العربية بأقلام ناطقي اللغات الأخرى؟ وما هي مواضيعها؟ وفي هذا الصدد ألاحظ أن الرغبة في ترجمة الإنتاج العربي إلى اللغات الأخرى غالبا ما يكون باعثها إما البحث عن الشهرة وإما التطلع إلى تحسين نظرة الآخر إلينا بشرح حقيقة إسهاماتنا الحضارية ونزعتنا الإنسانية التي ربما تكون قد شوهتها أعين الاستشراق، والباعثان مشروعان لكن يجب علينا أن نتأكد من الفوائد المادية والمعنوية أقصد الفوائد المعاصرة التي يمكن أن نحققها من ترجمة إنتاجنا للآخر.

    وفي رأيي أننا إذا ما أخضعنا الموضوع لهذا الإجراء التقييمي، فسنجد أن الأجدى لنا هو الانصراف عن هذه الجهود وبذلها في ترجمة ما أنجزه الآخر علها تساعدنا في اكتشاف أسباب تخلفنا خاصة وأننا أمة أسهمت في الحضارة الإنسانية وكان لها قيمة تاريخية وليست لها قيمة فاعلة في الحاضر سوى ثرواتها المنهوبة وعقولها المهاجرة، كما أن الأجدى لنا أيضا الانصراف إلى خلق البيئة الاجتماعية والسياسية الحاضنة لإنتاج وسائل الحضارة المعاصرة المادية منها والروحية، حينها سوف يأتي إلينا الآخر وهو الذي سيترجم إنتاجنا لا بكوننا موضوعا لدراسة المستعلي، بل لما لدينا من إنجاز إنساني حديث نساهم به في بناء حاضر الإنسانية المعاصر، هذا في ما يخص موضوع الترجمة أما ما يخص جانبها الفني فقد سبق أن قلت رأيي في جواب سابق، أن شرط الترجمة الجيدة أن تكون ترجمة إلى اللغة الأولى لا العكس.

    * على اعتبار أن للمترجم طقوسا…حدثنا عن طقوسك أثناء الترجمة؟

    - الطقوس في ترجمة الشعر هي ذاتها طقوس إبداع القصيدة باللغة الأولى فالترجمة هنا هي إبداع شعري بامتياز، ويمكنك القول إنها ليست ترجمة بقدر ماهي تعريب، لكن المترجم الشاعر فيها مقيد بمعاني القصيدة وليس طليقا كما في إبداع قصيدته الخاصة، فعلى سبيل المثال إذا ما تداعت إلى وجدانه صور شعرية أثناء إنتاج قصيدته الخاصة، فهو يسارع إلى اختطافها، كي يوظفها في خدمة قصيدته، أما في حالة الترجمة، فإنه لا يستفيد من هذه التتداعيات الشعرية إلا إذا أتت ضمن أبعاد القصيدة التي يترجمها، فهذه الأبعاد هي التي يجب أن يتقيد بها المترجم.

    * المترجم هل هو ناقل للنص أم صانعٌ له؟

    - هو ناقل وصانع في آن ناقل معنى وصانع لغة.

    *ما العوائق والإشكاليات والتحديات التي تواجه حركة الترجمة في اليمن تحديدا والوطن العربي عموما؟

    - عوائق الترجمة لدينا هي أن المثقف العربي إما غربي التلقي أوسلفيه، وهذا يجعل الثقافة غير منتجة أو غير إبداعية، أقصد أن انعدام الإبداع الثقافي يفضي إلى انعدام التفاعل العلمي الخلاق الذي تظهر من خلاله ما هي احتياجاتنا الحقيقية، في مجال الترجمة والمشكلة في رأيي أيضا أن كل قطرعربي، ومن ثم الوطن بعامة، كلاهما خلو من أي خطة تنمية طموحة، فالدخول في تنفيذ مثل هذه الخطة سيفرض حاجاتنا إلى ترجمة الكثير من العلوم الإنسانية والطبيعة التي تساعدنا على إنجاح خططنا التنموية، أما في اليمن فأنت تعرف مستوى الترجمة المتواضع والسبب هو أننا حديثو العهد بالإنتاج الثقافي وظروفنا الاقتصادية والاجتماعية والعلمية الآن تعتبر من أهم معوقات نمو وتطور الثقافة والعلوم، والترجمة تبعا لذلك بلا شك.

    *في العادة هل تكون راضيا عما تترجمه؟

    -لا أكون راضيا كل الرضى عن أي عمل أقوم به سواء في مجال الترجمة أوغيرها وهذه طبيعة أي إنتاج فكري، فكمال البشر نسبي دائما، وسيبقى كذلك.

    *برأيك هل قصيدة النثر وليدة الترجمة؟

    -هي في رأيي وليدة حاجة عربية تكونت عبر العقود الحديثة، بتزاوج سببين الأول سلفية الشعر مضمونيا، وانغلاقه فنيا، وأما الثاني فانصراف الروح العربية المعاصرة عن تلك السلفية وذلك الانغلاق، انصرافها إلى ممارسة فن الشعر بطريقة فنية أقدر على استيعاب مواضيع العصر الملحة، وقد كان لقصيدة النثر العربية قسط وافر من الشعر، وإن كان لدى قلة من شعرائها الذين أدركوا أنها أصعب من العمود والتفعيلة، لأن مبرر التخلص من قيودهما هو الرغبة في كتابة شعر خالص لا تسمح تلك القيود باستيعابه، أما الذين استسهلوا كتابة قصيدة النثر فهم واهمون، وقد جاء ما يكتبونه خلوا من الشعر، وإذا كان للشعر المترجَم أي دور في ولادة قصيدة النثر، فهو دور القابلة التي تساعد على الولادة.

    * ما هي دوافع الترجمة لديك…العمل، القراءة، المتعة…إلخ؟

    -العمل في مجال القانون، وحب نقل الفن الشعري إلى القارئ العربي.

    * بما أن اللغة تحمل ثقافة المجتمع الذي خلقت فيه، هل ثمة صعوبات تواجه المترجم عند اختياره للكلمة المناسبة المرادفة للمعنى في اللغة العربية خصوصا وأن معظم اللغات الأجنبية تحوي كلمات محملة بأساطير واعتقادات شعبية قد لا نجد مرادفها في الثقافة العربية؟

    -بالترجمة ذاتها استطاع المثقف العربي أن يطلع على كل تلك الأساطير والمعتقدات والرموز، على مستوى العالم كله، وأما الآن فقد تطور التواصل وتقنياته، بين العرب، وغيرهم، تطورا يتيح لنا الوقوف على كل ذلك بيسر وسهولة، وعموما ففي رأيي أن المترجم إذا كان متخصصا ومثقفا، فلن يعدم الوسيلة إلى معرفة ما يريد معرفته، كي تكون ترجمته ترجمة متكاملة.

    * القطيعة التي حصلت في ترجمة العلوم والآداب والفلسفات والفنون منذ القرن الثاني عشر تسببت في فجوة كبيرة وهائلة تقتضي جهودا جبارة لردمها. ماذا نتوقع من المترجمين العرب حيال ذلك؟

    -لا أرى أن هذه الفجوة خاصة بالترجمة بقدر ما هي عامة في كل المجالات فإذا بدأنا التنمية الصحيحة واستغل الوطن العربي ثروته في دعم هذه التنمية، فبالضرورة ان تردم كل فجوات التخلف، ومنها فجوة الترجمة.

Working...
X