Announcement

Collapse
No announcement yet.

الدكتور ( سليم عادل عبد الحق ) رائد الآثار السورية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الدكتور ( سليم عادل عبد الحق ) رائد الآثار السورية

    سليم عادل عبد الحق
    رائد الآثار السورية



    الدكتور سليم عادل عبد الحق

    ما فتئت سورية تنجب التاريخ والرجال، حضارةً إثر حضارة، ورجلاً إثر رجل، كلٌّ يسلّم الراية لخلفه، وما تعب السّلف من الإنجاب.

    في دمشق، القلب النابض بالحضارة والتاريخ دائماً، ولد سليم عادل بن مصطفى عبد الحق في 14/12/1913م، ولفت نظر أبويه ومن حوله منذ نعومة أظفاره بحدّة ذكائه وتنبهه المفرط للأمور، وتلقى تعليمه الدراسي عبر مرحلتين؛ الأولى: بدأها عام 1919م عندما دخل مرحلة التعلم الابتدائي في مدرسة البحصة، ومن ثمّ مدرسة الملك العادل الابتدائيتين؛ وفي ثانويات دمشق، أكمل المرحلتين الإعدادية والثانوية، وبعدها انتسب لدار المعلمين ونال شهادتها.

    ولمّا كان من غير المسموح به لخريجي دار المعلمين متابعة الدراسة في الجامعة السورية، وقيام وزارة المعارف بإيفاد عدد من المتفوقين إلى خارج القطر، فقد وافته الفرصة وتم إيفاده إلى فرنسا، لتبدأ المرحلة الثانية من حياته في التلقي والتحصيل العلمي. هناك في باريس أقام سليم عادل عبد الحق مع ثلّة من الشباب الموفدين الذين أضحوا فيما بعد من أكابر رجالات الدولة والتربية في معظم المجالات، حيث حصل على الإجازة (الليسانس) في تاريخ الفن، وأتبعه بدبلوم من معهد اللوفر في الفن والآثار، كما درس في الوقت نفسه هندسة تخطيط المدن (Urbanisme) في باريس، ومنها حصل على شهادة الدكتوراه بالاختصاص ذاته.

    تمّ كل ذلك قبل وخلال الحرب العالمية الثانية مع ما أفرزته من ظروف عصيبة على الموفدين، وإذ ذاك تعرّف على زميلته في دراسة الدكتوراه أندره جان موبير التي تزوج بها، وأنجب منها طفلين: صبي وبنت، سمير الذي حصل على شهادة الدكتوراه في اختصاص عمران المدن، ومَي التي تخصصت في مجال الدراسات والعلوم السياسية.

    بدأ سليم عادل عبد الحق حياته العملية معلماً في المدارس الابتدائية في مدينة دمشق بدءاً من عام 1933عندما كان يناهز العشرين عاماً من عمره، ثم عُيِّن مدرساً في ثانويات دمشق عام 1940م. وبعد عودته من فرنسا عام 1945، عُيّن محافظاً عاماً للمتحف الوطني بدمشق خلفاً للأمير جعفر الحسني الذي كان قد تولى إدارة المتحف المذكور، وقيامه بإنشاء نواته الأولى عام 1935م.

    يجدر الذكر بنا أن نشير إلى أن المتحف الوطني بدمشق كان قد تأسس عام 1919م تحت عنوان "شعبة الآثار والمكتبات" التي انبثقت عن "ديوان المعارف" عند تأسيسه، والذي كان يرأسه العالم الموسوعي محمد كرد علي، حيث كلَّف المرحوم عبدو كحيل بإدارة شعبة الآثار والمكتبات عند تأسيسها، الشاب الذي شغفته هواية الآثار، وذلك في غرفة صغيرة في المدرسة العادلية، ثم تحوّل اسم الشعبة المذكورة إلى "المتحف الملوكي" بعد تتويج الملك فيصل على سورية عام 1920م، وكلف بإدارته المرحوم محمود وهبي، وبقي يديره حتى عام 1935م لحين عودة الأمير جعفر الحسني من فرنسا بعـد استكماله لتحصيله العلمي، حيث تم الانتقال إلى مقر المتحف الوطني الحالي، والذي كان يقع في الجهة الشرقية منه، بعد أن قام بتصميم أول أجنحته المهندس الفرنسي إيكوشار.

    إذاً في العام 1945م تمّ تعيين الدكتور سليم عادل عبد الحق محافظاً للمتحف الوطني بدمشق، ثم كُلِّف بعد هذا التاريخ بفترة قصيرة بالتدريس في كلية الآداب-قسم التاريخ بجامعة دمشق، واستمر بهذا العمل منذ عام 1948م وحتى عام 1964م، فكان أستاذاً محاضراً في التاريخ الروماني والتاريخ البيزنطي، كما كُلِّف بتدريس مادة تاريخ العمارة في كلية الهندسة بجامعة دمشق أيضاً وذلك فيما بين الأعوام 1959-1964م، وتميَّز المدرّس الدكتور عبد الحق بأسلوبه الرصين والمثير، ولغته السلسة القوية، وفصاحته البليغة المعبرة، فكان الطلاب يسعون لمحاضراته لما فيها من التشويق والأسلوب العلمي والأدبي الرائعين.

    مع حلول عام 1950م، تم تعيين الدكتور سليم عادل عبد الحق مديراً عاماً للآثار، وما إن تسنم منصبه ذاك حتى تحوّل المتحف الوطني بدمشق ودائرة الآثار العامة إلى ورشة دؤوبة للعلم والعمل معاً، فقد كرّس عندئذ حياته وكل وقته للعمل المنتج بدائرته والنهوض بها إلى المستوى الدولي، فتميز بكافة أعماله التي قام بها في المديرية، وهذا غيض من فيضها. في مجال الإدارة، عمل على استصدار قانون الآثار السوري الذي اعتبرته منظمة اليونسكو قانوناً نموذجياً، وطلبت منه ترجمته إلى اللغة الفرنسية وموافاتها به إلى مقرها في باريس. كما عمل على إصدار القانون الناظم لعمل العاملين في المديرية العامة للآثار والمتاحف، وهو الاسم الجديد لدائرة الآثار العامة السابقة، واستطاع من خلاله خلق فرص عمل جوهرية تخصصية للعاملين في المديرية بعد أن منحهم استقلاليتهم في اختصاص عملهم. وأمام ثورة العمل التي حصلت في المديرية العامة للآثار والمتاحف كان لا بد من ممارسة العمل الاختصاصي الذي يتسم بالجدية والحرفية العالية فيها، فقام بتوسيع مبنى المديرية الحالي، وبالتالي سعى إلى إحداث عدد من المديريات بعد أن كانت دوائراً وشُعَباً وأقساماً، فتم إحداث كلٍّ من: مديرية الهندسة، مديرية الحفريات، مديرية البحوث، مديرية المتاحف، مديرية التفتيش، مديرية الوثائق التاريخية التي أسسها الدكتور محمد نادر العطار، بعد أن سهّل الدكتورُ عبد الحق له كافة السبل المتاحة في سبيل ذلك، وجعل مقرها في بيت خالد العظم.

    في مجال المتاحف، عمل على إنجاز توسعتين تاليتين للتوسعة الأولى التي جرت سابقاً في المتحف الوطني بدمشق عام 1939م وتمّ فيها إنشاء قسم الآثار الكلاسيكية وقصر الحير الشرقي. كانت أولى التوسعتين عام 1947م وشملت بناء بعض قاعات القسم الإسلامي والمعرض الدائم والرواق، على حين جرت التوسعة الثانية عام 1955م، وفيها بنيت بقية قاعات العرض في القسم الإسلامي وقسم الآثار الشرقية القديمة، وأُلحق بها في الستينيات من القرن المنصرم بناء القاعة الشامية التي كان قد تبرّع بها المرحوم جميل مردم بك، ونقلت كافة أحجارها وأخشابها وزخارفها من أحد قصور دمشق الواقعة في منطقة سيدي عمر بجانب سوق الحميدية. كما قام الدكتور سليم عادل عبد الحق بتقسيم المتحف الوطني بدمشق إلى أربعة أقسام ضمّت: القسم السوري القديم، القسم الكلاسيكي، القسم الإسلامي، القسم الحديث، وعيّن محافظاً لكل قسم، على أن يشرف على الأقسام الأربعة محافظ رئيس يتولى مهمة الإشراف عليهم جميعاً، والتنسيق فيما بينهم، ويمثلهم أمام المدير العام للآثار والمتاحف والمديرية.

    كما بدأ بترميم المدرسة الجقمقية تمهيداً لتحويلها إلى متحف للخط العربي، إلاّ أن افتتاح المتحف قد تأخر فيما بعد لأكثر من عقدين من الزمن لأسباب فنية، وتم افتتاحه عام 1983م. بعد ذلك قام بتأسيس متحف التقاليد الشعبية (قصر العظم) في دمشق بالتعاون مع الإتنوغرافي الفطري الرائع المرحوم شفيق الإمام، حيث يعتبر هذا المتحف الأجمل بين متاحف العالم قاطبة، لجمال موقعه، وروعة بنائه، وحسن تنظيمه، ناهيك عن تميز موقعه في قلب مدينة دمشق القديمة، بمجاورة الجامع الأموي، وتوسطه الأسواق الشعبية والتجارية الكبيرة بالمدينة، مما جعله قبلة الزوار، ومتنفس الروح في دمشق، وهو من أكثر المتاحف ارتياداً وعائداً.

    في حماة، أسس متحفاً للفنون الشعبية في قصر العظم، حيث يشرف القصر على نهر العاصي، وقلعة حماة، والجامع النوري، وحمام السلطان، وقلعة آل الكيلاني، والزاوية الكيلانية. وأشرف على متابعة وإتمام نقل واجهة قصر الحير الغربي من تدمر على المتحف الوطني بدمشق، مع بناء المدخل، وجزء من الرواق، ودارين تحفان بالمدخل الرئيس، وشيد فوق كافة الأقسام المذكورة آنفاً طابقاً علوياً، فجاء مجمل البناء نسخة أمينة عن الجزء الشرقي من قصر الحير الذي شيده هشام بن عبد الملك سنة 109 للهجرة، وقد كان صنوه في هذا العمل المرحوم الآثاري المبدع نسيب صليبي. كذلك قام بتحويل الكاتدرائية الأثرية الرائعة في محافظة طرطوس إلى متحف، بعد إنجاز ترميمها وتكييفها لتصبح صالحة لعرض نفائس الكنوز الأثرية المكتشفة في الساحل السوري ومواقعه الدفاقة والغنية بالحضارات المتتابعة.

    كانت سياسة القائمين على الآثار فيما بين الأعوام 1935 و1955م قد اتسمت بحفظ اللقى والمكتشفات الأثرية في أحد متحفي دمشق وحلب، وذلك لعدم وجود أبنية للمتاحف في بقية محافظات القطر. تمّ تخصيص متحف دمشق الوطني للآثار الكلاسيكية، والإسلامية، والحديثة. أما متحف المنطقة الشمالية في حلب فقد خصص لآثار الشرق القديم، وكان قد تأسس عام 1929م وتم حفظ القطع الأثرية الواردة من كل أنحاء القطر ونتائج حفريات البعثات ضمن هذين المتحفين حتى تأسيس المتاحف في بقية المحافظات. في عام 1955م ونتيجة لتشقق وقع في جدران المتحف الوطني بحلب، وتهديد كنوزه من خطر تداعيها، أعلن الدكتور عبد الحق عن مسابقة دولية لبناء متحف جديد مكان القديم المتداعي، وفاز بعرض المسابقة تلك مهندسان يوغوسلافيان، وتم إعادة بناء المتحف بالفعل، ووُضِع على مدخله الأسدان الهائلان المكتشفان في موقع تل حلف في الجزيرة السورية، وأعيدت الحياة لثاني أضخم متحف بالقطر. كما وُضعت الدراسات اللازمة لترميم قلعة حلب، وإعادة قاعة العرش إلى ما كانت عليه، وتم ترميم العديد من الأبنية الأثرية المهمة في محافظة حلب ومختلف المحافظات السورية الأخرى.

    في مجال التوثيق، تم خلال إدارته تصنيف مختلف الأبنية الأثرية تصنيفاً عملياً وعلمياً دقيقاً، فأصبح لكل موقع ومبنى أثري إضبارة خاصة به، بحيث احتوت الإضبارة على دراسة علمية ووصف تاريخي دقيق للبناء، وتم إرفاق الإضبارة بمخططات هندسية وطبوغرافية عن الموقع ومحيطه، حيث قام بإعدادها الكادر الهندسي (الفطري) في مديرية الهندسة، إلى جانب العدد الضئيل جداً من المهندسين المختصين العاملين بها، كما زُوّدت الإضبارة بصور ضوئية فنية لكافة أقسام المبنى، التي قام بتصويرها وإعدادها قسم التصوير الذي أنشأه الدكتور عبد الحق بالمديرية العامة أيضاً، حيث عيّن فيه بحينه الفنان القدير الدكتور مروان مسلماني، الذي كان العين الأمينة للمديرية على الأوابد الأثرية، فكانت كل إضبارة صورة حيّة عن المواقع والأبنية الأثرية السورية تضخ مرتاديها بكافة ما يطمحون إليه من معلومات ووثائق وصور ومخططات ومراسلات تتعلق بها، وما تزال شاهداً حيّاً حتى اليوم بما تملكه من معلومات قيّمة عنها.


    بما يتعلق بالمعمل الفني، فقد كان لا بدّ من إنشاء قسم خاص بالمديرية يقوم بترميم القطع الأثرية الدقيقة منها والضخمة على حد سواء لدى الكشف عنها، فكان أن أنشأ الدكتور عبد الحق المعمل الفني بأقسامه المختلفة في قبو المديرية العامة والمتحف الوطني معاً، حيث كان خبراؤه (الفطريون) يقومون بترميم كافة ما يردهم من قطع أثرية: نقدية، حجرية، فخارية، برونزية، ذهبية، عاجية، فسيفساء... إلخ)، إضافة لقيامهم بتصنيع الخزائن الخشبية لعرض المعروضات بداخلها، وإعداد الحوامل اللازمة لها من كافة المواد. وقد احتوى المعمل الفني على عدة أقسام للنجارة والحدادة وكل ما تحتاج إليه عمليات الترميم، كما قام بإنشاء قسم خاص فيه لصب نماذج عن بعض التماثيل والقطع الأثرية بحجم مصغر ودقة عالية، وقُدِّم الكثير منها كهدايا للضيوف والشخصيات والجهات الرسمية.

    في مجال التأليف والنشر العلمي، عمل الدكتور عبد الحق على إصدار مجلة الحوليات الأثرية السورية عام 1950م، وبتأسيسه لتلك المجلة التي كان كتّابها من كافة الأطياف العاملة في الحقل الأثري محلياً وعربياً وعالمياً، فقد غدت مرجعاً وثيقاً ومتخصصاً في مجالات التنقيب والترميم الأثري، وما تزال المجلة تصدر حتى اليوم، وقد شغلته المجلة عند إصدارها، وأخذت الكثير من وقته، حيث كان يشرف على تحريرها، واختيار موضوعاتها بعناية ودقة فائقتين بنفسه، كما عمل كمدير عام للآثار على إصدار العديد من المطبوعات القيّمة، والنشرات المتعددة، بهدف توعية المواطنين لأهمية الآثار والتراث.

    مؤلفاته:
    كتاب "مشاهد دمشق الأثرية"، دمشق، 1950م، ترجم إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية.
    كتاب "سورية"، دون تاريخ، ترجم إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية.
    كتاب "نزهات أثرية في سورية"، دمشق، 1947م، ترجم إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية.
    كتاب "كنوز متحف دمشق الوطني"، دمشق 1959م، ترجم إلى اللغتين الإنكليزية والفرنسية والألمانية.
    كتاب "الفن الإغريقي وآثاره المشهورة في الشرق، دمشق، 1950م.
    كتاب "روما والشرق الروماني في العهد الجمهوري حتى نهاية قيصر"، دمشق، 1959م.
    كتاب "الرموز في الفن اليوناني"، دمشق، 1943م. كتاب "كاتدرائية شارتر بباريس"، 1943م.
    كتاب "التاريخ العمراني للحي اللاتيتي بباريس"، 1945م.

    أهم الأبحاث التي شارك بها في مجلة الحوليات الأثرية السورية:

    حاضر المتاحف السورية ومستقبلها، (مجلة الحوليات الأثرية السورية، 1953).
    تشييد بغداد وتأثيره في عمارة المدن، (مجلة الحوليات الأثرية السورية، 195).
    الآثار في خدمة القضية العربية، (مجلة الحوليات الأثرية السورية، 1957).
    تاريخ مدينة حمص، (مجلة الحوليات الأثرية السورية، 1960).
    المتاحف السورية والتربية، (مجلة الحوليات الأثرية السورية، 1965).

    وليست هذه الأبحاث لوحدها رصيد الدكتور عبد الحق، فهناك الكثير من نتاجه الفكري عن إعادة تشييد جناح قصر الحير الغربي في المتحف الوطني بدمشق، وقوائم المكتشفات الأثرية، وحفريات مقبرة النبي مند في حمص، وموضوع مسابقة تصميم وتنفيذ بناء المتحف الوطني بحلب، وغيرها الكثير...الخ.

    في المجال الدولي ونتيجة لاهتمامات الدكتور سليم عادل عبد الحق الآثارية محلياً وعربياً ودولياً، فقد كان محط اهتمام، ومثار جدل، وموضع تقدير معظم الآثاريين في العالم، حيث تمّ اختياره فيما بين الأعوام 1954-1964م رئيساً للجنة الدولية للمتاحف الأثرية والتاريخية، وعضواً في المجلس العالمي للمتاحف ICOM ، وعضواً مراسلاً للمعهد الأثري الألماني، وعضواً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب في سورية. كما نظم خلال عمله في المديرية العامة للآثار والمتاحف مؤتمر الآثار الكلاسيكية في دمشق، وشارك في المؤتمرات الدولية للآثار، وانتخب في مؤتمر روما أميناً عاماً له، كما اشترك في مؤتمر الممتلكات الثقافية في باريس. ثم وقع اختيار منظمة اليونسكو عليه للإشراف على مشاريعها الأثرية والثقافية، فرحل إلى باريس عام 1966م تاركاً منصب المدير العام للآثار والمتاحف لخلفه الدكتور عبد الحميد دركل بعد أن خلّف لبلاده إنجازات رائعة كانت ثمرة عمل دؤوب، كرّس له جلّ وقته وجهده وفكره، وجعل للمديرية العامة للآثار والمتاحف سمعة مجلجلة في عالم الآثار.

    لدى بلوغه سن الستين، انتهى عمله في اليونسكو، فاختارته جامعة بنغازي في ليبيا ليكون مديراً لقسم الآثار فيها وذلك فيما بين 1974-1979م، فكان أهلاً لذلك العمل، ولقي من خلاله التقدير. ولم يبخل عليه وطنه تجاه إنجازاته، فمنح وسام الاستحقاق ووسام الإخلاص السوريين من الدرجة الأولى. وسبق أن مُنح أوسمة رفيعة من عدة دول أخرى، مثل فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، بلجيكا، الدانمارك... إلخ.

    وفي صبيحة الرابع عشر من شهر تشرين الثاني سنة 1992م فارق الدكتور عبد الحق الحياة مخلِّفاً وراءه أجيالاً كبيرة من الأساتذة، أصدقاء، وطلاب، ومحبين، أمثال د. عدنان البني، نسيب صليبي، عدنان الجندي، خالد أسعد، مروان مسلماني... إلخ، والكثير من الآثاريين الذين رأوا في سورية مهداً للحضارات فنذروا أنفسهم وحياتهم لتلك الرؤية.

    المراجــــع:
    سليم عادل عبد الحق، مجلة المنهل، العدد الصادر في شهر ذي القعدة 1407 هـ.
    رواد علم الآثار السورية، منشورات وزارة الثقافة، المديرية العامة للآثار والمتاحف، 2008م.

    محمد خالد حمودة
    مجلة مهد الحضارات، العددان ١١-١٢

Working...
X