Announcement

Collapse
No announcement yet.

مرحباً ياعراقُ.! جئتُ أُغنيكَ ..وبعضٌ من الغـناءِ بكاءُ - نزار قباني

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مرحباً ياعراقُ.! جئتُ أُغنيكَ ..وبعضٌ من الغـناءِ بكاءُ - نزار قباني

    مرحباً ياعراق جئت أغنيك
    - نزار قباني


    كانت "بلقيس الراوي" جميلة.. أبهرجمالها الإلهي نزار قباني ، فأحبّها وطلب يدها للزواج من أهلها..لكن كعادة القبائل العربية ،رفضت العائلة تزويجها للشاعر... رجع نزار و"بلقيس" حيّة في فؤاده ، وبين دفاتره . وذاعت قصّة حب الشاعر للعراقية الجميلة ، رغم حظر القبيلة للزواج..عام 1969 توجه دعوة رسمية للشاعر نزار للمشاركة في مهرجان القصيدة بـ"المربد" من العراق ، فينظم قصيدته الخالدة في حبّ بلقيس " مرحبا ياعراق"، وهي القصيدة التي أفرجت عن الحظر المضروب على زواج الاثنين ، وعرفت تدخل السلطات العراقية وقتذاك بإقناع قبيلة "بلقيس" ومن ورائها عائلتها ، بتلبية طلب نزار الذي اختصر مسافات الحب في امرأة هي بلقيس الراوي إلى حين اغتيالها ببيروت . ظلت هذه القصيدة خالدة ، قبل وبعد زواج الشاعر من بلقيس ، وبعثت في الأوساط الأدبية ، بعد حادثة الاغتيال لبلقيس في بيروت سنة 1981 عند تفجير السفارة العراقية التي كانت تشتغل بها المرحومة .
    لما للقصيدة من تصوير وتشابه للأحداث ، ارتأيت أن اقتطفها لكم بهذه المساهمة ، وأتمنى أن تنال إعجابكم :

    مرحباً ياعراقُ.! جئتُ أُغنيكَ
    وبعضٌ من الغـناءِ بكاءُ
    مرحباً مرحباً أتعرفُ وجهاً
    حَفَـرَتْهُ الأيامُ والأنواءُ
    أكلَ الحبُ من حشاشةِ قلبي
    والبقايا تقاسمتها النساءُ
    كلُ أحبابي القدامى نسوني
    لا نُوارٌ تُجيبُ أو عفـراءُ
    فالشفاهُ المُطيَّباتُ رمادٌ …
    وخيامُ الهوى رماها الهواءُ
    سكنَ الحزنُ كالعصافيرِ قلبي …
    فالأسى خمرةٌ وقلبي الإناءُ
    أنا جرحٌ يمشي على قدميهِ …
    وخيولي قد هَدَّها الإعياءُ
    فأنا الحزنُ من زمانٍ صديقي
    وقليلٌ في عصرنا الأصدقاءُ
    مرحباً يا عراقُ كيف العباءات
    وكيف المها وكيف الظِباءُ
    مرحباً ياعراقُ هل نَسِيَتْني
    بعد طولِ السنين سامُرّاءُ
    مرحباً يا جسورُيا نخل ُيانهرُ
    وأهلاً يا عُشبُ يا أفياء
    كيف أحبابُنا على ضفةِ النهرِ
    وكيف البساطُ والندماءُ
    كان عندي هنا أميرةُ حبٍ
    ثم ضاعت أميرتي الحسناءُ
    إنني السندبادُ مَزَّقهُ البحرُ
    وعينا حبيبتي الميناءُ
    مَضَغَ الموجُ مركبي وجبيني
    ثقبتهُ العواصفُ الهوجاءُ
    إنَّ في داخلي عُصوراً من الحزنِ
    فهل لي إلى العراقِ إلتجاءُ
    وأنا العاشقُ الكبيرُ ولكن
    ليس تكفي دفاتري الزرقاءُ
    يا حزيرانُ.مالذي فعلَ الشعرُ
    وماذا أعطى لنا الشعراءُ
    الدواوينُ في يدينا طُرُوحٌ
    والتعابيرُ كلُّها إنشاءُ
    كلُ عامٍ نأتي لسوقِ عكاظٍ
    وعلينا العمائمُ الخضراءُ
    ونهزُّ الرؤوسَ مثلَ الدراويش
    وبالنارِ تكتوي سيناءُ
    كُلُ عامٍ نأتي فهذا جريرٌ
    يتغنّى. وهذه الخنساءُ
    لم نزل لم نزل نمصمصُ قِشراً
    وفلسطينُ خضَّبتها الدماءُ
    ياحزيرانُ أنتَ أكبرُ منّا
    وأبٌ أنتَ. مالهُ أبناءُ
    لو مَلكنا بقيةً من إباءٍ
    لانتخينا لكننا جبناءُ
    يا عصورَ المعلَّقاتِ. مللنا
    ومن الجسمِ قد يمَلُّ الرداءُ
    نصفُ أشعارنا نقوشٌ وماذا
    ينفعُ المبدعُ حين يهوي البناءُ
    ماهو الشعرُ حين يصبحُ فأراً
    كِسرةُ الخبزِ هَمَّهُ والغذاءُ
    وإذا أصبح المفكرُ بوقاً
    يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ
    يُصلبُ ” الأتقياءُ” من أجلِ
    رأيٍ فلماذا لا يُصلبُ الشعراءُ
    الفدائيُ وحدَهُ يكتبُ الشعرَ
    وكلُ الذي كتبنا هُراءُ
    إنهُ الكاتبُ الحقيقيُ للعصرِ
    ونحنُ الحُجَّابُ والأُجراءُ
    عندما تبداُ البنادقُ بالعزفِ
    تموتُ القصائدُ العصماءُ
    مالنا مالنا نلومُ حزيرانَ؟
    وفي الإثمِ كُلنا شركاءُ
    مَن همُ الأبرياءُ؟ نحنُ جميعاً
    حاملوا عارِهِ ولا استثناءُ
    عقلنا فكرناهُزال أغانينا
    رؤانا أقوالنا الجوفاءُ
    نثرنا شعرنا جرائدنا الصفراءُ
    والحبرُ والحروفُ الإماءُ
    وحدويّون؟!والبلادُ شظايا
    كلُ جزءٍ من لحمها أجزاءُ
    ما ركسيون؟! والجماهيرُ
    تشقى فلماذا لا يشبعُ الفقراءُ؟
    قرشيّون؟! لو رأتهم قريشٌ

    لاستجارت من رملها البيداءُ
    لا يمينٌ يجيرنا أو يسارٌ
    تحت حِّدِ السكين نحنُ سواءُ
    لو قرأنا التاريخَ ما ضاعت
    القدسُ وضاعت من قبلها الحمراء
Working...
X