Announcement

Collapse
No announcement yet.

مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة تاج الجوامع

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة تاج الجوامع

    عمرو بن العاص.. "تاج الجوامع" فى حماية "تسامح" المصريين




    مسجد عمرو بن العاص
    (الأناضول)


    يدرك قاطنو منطقة جامع عمرو بن العاص بالقاهرة القديمة، أن المبنى الذى يعيشون فى رحابه ليس مجرد بناء أثرى، وزخارف عتيقة، بقدر ما هو "تاج الجوامع" لكونه أول وأقدم مسجد فى مصر وأفريقيا، وشاهداً على 14 قرناً من تاريخ الإسلام.

    ولهذا وفروا له الحماية الشعبية فى ظل أقصى حالات الانفلات الأمنى التى شهدتها البلاد فى أعقاب ثورة 25 يناير، التى اندلعت عام 2011، وتعرضت فيها كثير من المساجد الأثرية للنهب والسرقة.

    وتعرضت مساجد أثرية لمحاولات سرقة وتخريب فى الآونة الأخيرة دفعت كلاً من وزارتى الأوقاف والآثار لوضع خطة مشتركة لتأمين المساجد، باستخدام شركات خاصة لحراستها، بتكلفة 30 مليون جنيه (حوالى 4 ملايين ونصف المليون دولار)، وذلك بعد الزيادة الملحوظة فى جرائم السطو.

    ويقع جامع عمرو بن العاص فى منطقة الفسطاط، أول عاصمة لمصر الإسلامية، ويجاوره أماكن أثرية للعبادة اليهودية والمسيحية، فيما أطلق عليه سياحياً بمجمع الأديان.

    "هذه الطبيعة الجغرافية أكسبت أهالى المنطقة صفات التسامح وقبول التنوع، كان لها أكبر الأثر على حماية الجامع التاريخى من السرقة والتخريب"، بحسب وصف أحد الأثريين المسئولين عن المنطقة.

    ويقول للأناضول الأثرى محمد المحجوب، مدير عام مناطق مصر القديمة والفسطاط، إن جامع عمرو بن العاص والموجود فى قلب القاهرة واجه الانفلات الأمنى والسرقات المتكررة، التى تتعرض لها مساجد مختلفة فى أنحاء مصر بفضل الحماية الشعبية من جانب الأهالى، وسمة التسامح، التى تغلب على قاطنى هذه المنطقة التاريخية، والتى تحوى معبدًا وكنيسة وجامعًا (المعبد اليهودى، والكنيسة المعلقة، وجامع عمرو بن العاص)".

    ويعتبر جامع عمرو بن العاص أقدم مسجد فى مصر وأفريقيا، بناه عمرو بن العاص عام 641 ميلادية عند فتح مصر فى العام نفسه، وكان يعتبره مركزًا للحكم ونواة للدعوة للدين الإسلامى فى مصر التى كان معظم سكانها يعتنقون الديانة المسيحية.

    ويشير المحجوب لمراسلة الأناضول إلى أن جامع عمرو بن العاص، عندما بناه الأخير عام 20 من الهجرة، بنيت حوله مدينة الفسطاط، ولأنه أول الجوامع التى بنيت فى البلاد فقد تم إطلاق عدد من الأسماء عليه بينها (الجامع العتيق، جامع الفتح، تاج الجوامع).

    ويلفت "المحجوب" إلى أن مساحة الجامع كانت تبلغ وقت بنائه 50 ذراعًا، وعرضه 30 ذراعًا (الذراع حوالى 50 سم)، واتسع تدريجيًا حتى أصبح حاليًا 13 ألف متر مربع، وله ستة أبواب؛ بابان أمام دار عمرو، التى جاورت المسجد، وآخران فى الجهة البحرية ومثلهما فى الجهة الغربية، وشيدت أعمدته عند بنائه من جذوع النخيل والسقف من الجريد وكسيت الأرض بالحصاء.

    ويشير إلى أن عمرو بن العاص اختار موقع الجامع لأنه كان يطل على الضفة الشرقية لنهر النيل، ولكن أخذ مجرى النيل ينتقل تدريجيًا نحو الغرب حتى صار يبعد الآن عن الجامع بنحو 500 متر.

    ويمتاز المسجد بشكله الحالى ببساطة التصميم والتخطيط؛ فهو عبارة عن صحن مكشوف تحيطه 4 أروقة أكبرها رواق القبلة بأعمدته الرخامية مختلفة الطرازات، والتى مازالت بعض ألواحها الخشبية تحمل زخارف بيزنطية.

    وبحسب الأرشيف التاريخى لوزارة الأوقاف، الجهة المشرفة على الجامع مع وزارة الآثار، فإن الجامع يعد ثالث مسجد بُنى فى الإسلام وأول مسجد فى مصر وأفريقيا، والأثر الوحيد الباقى من مدينة الفسطاط، ويمثل منارة حضارية تحمل تاريخ مصر الإسلامى عبر القرون.

    وتميز المسجد بكونه مدرسة يتخرج فيها العلماء والثوار، ورمزًا لرد المظالم ونصرة الضعفاء.

    وأصبح هذا الجامع مركز إشعاع حضارى أرسى فى مصر قواعد وأصول علوم الدين واللغة العربية، ومنه انطلقت القيم والمبادئ الإسلامية إلى أفريقيا.

    وظل لسنوات عديدة المسجد الجامع الوحيد فى مصر حتى بنى الفضل بن الصالح العباسى جامع العسكر عام 750م.

    ويمثل جامع عمرو بن العاص أقدم الطرز المعمارية لبناء المساجد وأهمها وهو طراز الجامع، الذى يتألف من صحن مربع أو مستطيل تحيط به أروقة أربعة، أعمقها رواق القبلة.

    وكانت تعقد به حلقات دروس ووعظ للسيدات، وتصدرتها فى الدولة الفاطمية "أخ الخير الحجازية"، وتشكلت فيه محكمة لفض المنازعات، حيث ينعقد مجلس للقضاء، إلى جانب مجالس العلم، وقد خطب به وأمَّ المصلين فيه العديد من أصحاب النبى محمد خاتم الأنبياء.

    ومن هنا لم يكن جامع عمرو مركزًا للشعائر الدينية فقط، بل كان مدرسة دينية وعلمية تناقش فيه كل أمور المسلمين الدينية والسياسية والحربية والاجتماعية، وعلى مر العصور ازداد اهتمام حكام مصر بهذا الجامع، فقاموا بتوسعته وإضافة المنابر والمحاريب له.

    ومن أشهر الأئمة الذين ألقوا فيه الدروس الإمام الشافعى، الذى كان قدم إلى مصر وألقى فى المسجد دروسه فى الفقه وعرف المكان الذى كان يلقى فيه هذه الدروس باسم "زاوية الإمام الشافعى".

    وصار يحرص على التدريس فيه بعد ذلك كبار الفقهاء والعلماء، حيث بلغت حلقات الدروس فى الجامع 33 حلقة ومنها 15 حلقة للشافعية و15 للمالكية و3 حلقات للحنيفية، وزادت هذه الحلقات بعد ذلك حتى بلغت 110 حلقات فى النصف الثانى من القرن الرابع الهجرى.

    وحديثاً يحرص المصريون فى شهر رمضان من كل عام على الصلاة فى المسجد التاريخى، حيث يبلغ عدد المصلين فى ليلة السابع والعشرين من رمضان، وفق بعض التقديرات الرسمية، إلى نصف مليون مصلٍّ.

    ومن أشهر الدعاة، الذين يأمون الناس للصلاة فى رمضان المقرئ المصرى المعروف بعذوبة صوته، الشيخ محمد جبريل.

    ولبى الداعية السعودى الشيخ محمد العريفى فى يناير الماضى دعوة الأزهر الشريف فى إلقاء عدد من المحاضرات فى مصر، وقام يوم الجمعة 11 يناير الماضى بإلقاء خطبة الجمعة فى جامع عمرو بن العاص تحت عنوان "عن فضائل مصر"، والتى ألهبت مشاعر المصلين حينها.
Working...
X