Announcement

Collapse
No announcement yet.

بقلم : طه الليل - جماليات الجسد الرقمي ورهاناته في الفن التشكيلي المعاصر بتونس

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • بقلم : طه الليل - جماليات الجسد الرقمي ورهاناته في الفن التشكيلي المعاصر بتونس

    جماليات الجسد الرقمي ورهاناته في الفن التشكيلي المعاصر بتونس
    بقلم : طه الليل



    مثلت التكنولوجيا الحديثة في إنشائية العمل الفني الأداة المنفذة للأفكار،فهي تجسد مخاض الفكرة ،وتمثل سفرا في مراحل البعد التشكيلي للعمل الفني،وذلك لما استحالت عليه من تقدم سريع في تشكيل الصورة ،وإعادة صياغتها وتكوينها بناءا وشكلا ولونا وتركيبا.
    فقد مكنت البرمجيات الحديثة من تكوين تصورات متعددة يمكن أن تكون هي ذاتها عملا فنيا ،كما يمكن أن تكون الوسيلة والعمل المخبري للفنان ،فإطار الحاسوب المستطيل استحال هو ذاته ورشة أو مرسما مصغرا ،يمارس فيه الفنان إبداعادته،وصياغة أفكاره،وإعادة تركيب العناصر التشكيلية المكونة للبنى التأليفية المتداخلة في الفضاء التشكيلي،لما تولده من تعدد في الرؤى والاتجاهات والمسارات الساكنة والمتحركة لعناصر التأليف البنائي واللوني والشكلي باعتماد جودة عالية الدقة من الناحية التقنية ،والمشهد العام للعمل الفني من حيث علاقته بالزمن الذي تنشأ فيه الفكرة وتتمخض عنه الإرادة التشكيلية المنفعلة والفاعلة بالتطور التقني.
    بالإضافة الى كون المعادلات الرقمية من شاشات حاسوب أو شاشات التلفاز ،أو غيرها من الوسائط التكنولوجية ،تساهم بشكل فعّال في عرض العمل الفني وحفظه،فلا محدودية للمكان بالنسبة للأثر نظرا الى إمكانية عدم زيارة الأروقة الفنية،المحلية والعالمية ،ورؤية العمل افتراضيا على شاشات الحواسيب ،من خلال مواقع الواب الفنية ،أو البرامج التلفزية.
    هذا بالإضافة الى لا محدودية الزمان المرئي للعمل الفني ،إذ لا يمكن لعملية التلقي أن تكون في زمن معين .
    ومن خلال هذه الوسائط التكنولوجية الحديثة لم يعد الفن مرتبطا بمكان محدد ،وإنما تحول الى عملية تجاوز للحدود الزمكانية،استنادا الى اللغة العقلية والعلمية ،التي تجعل التقنية التكنولوجية معبرة بكل دقة عن المقومات الجمالية للصورة الافتراضية ،شكلا ولونا وتركيبا تأليفيا بين مختلف المكونات التشكيلية للعمل الفني.
    انها لغة حديثة منتجة لثقافة بصرية افتراضية وحية ،مماهية للواقع المادي المحسوس والملموس،وتتجذر بذلك علاقة العلم بالفن،منتجين من خلال ذلك الانصهار المرئي والافتراضي زخما من المكونات الجمالية للحقل السيميائي التواصلي داخل العمل الفني وأثره على المتلقي البصري.
    ومن ذلك تتعدد الدلالات والمفاهيم في ذات العمل الفني داخل الخطاب البصري للعلامات والأيقونات والرموز التشكيلة، التي تستند الى آليات وتقنيات عالية الجودة،مثلت فيها التكنولوجيا الرقمية مكونا لإبداع ذو خطابات وممارسات تشكيلية مختلفة ،واستحالت بذلك التقنية الأداة والوسيط والحامل والمحرك لأفكار الفنان وفعله في الأثر الفني.
    فماهي رهانات العملية الفنية ؟ وما هي علاقتها بالجسد؟هل هي تقنية عقلية فحسب أم هي مزيج من الحسي والوجداني والفكري؟
    وما هي حدود المادة الافتراضية في العمل الفني ؟ما هي معوقات البعد الفني والتشكيلي القائم على تقنيات معالجة الصورة الرقمية؟
    لقد تطور الاستعمال التقني في الفنون التشكيلية وتياراتها الحديثة والمعاصرة ،باعتماد الفوتوغرافيا في شكل تركيبي للصورة ،محولا بذلك مفهمة الفعل الإبداعي من التقنية اليدوية والمادية الى البعد الافتراضي في التصور المرئي،ومن هنا تنوعت المواضيع الإبداعية التي تشد عملية الإبصار واستحالت طارحة لجملة من التساؤلات الفكرية والوجودية حول الجسد ومحيطه وواقعه ومخياله.
    ومن هنا نلاحظ جدلية العلاقة بين الفنان والتكنولوجيا ،التي نشأت من القرن الفارط وصولا الى زمننا الراهن،المدون لفعل الحداثة والمعاصرة التي نشاهدها في المعارض العالمية ،ونلاحظ مدى وجودها وانبثاقها من الرؤية الفنية المعاصرة في تونس من خلال معرض لثلة من الفنانين حمل عنوان"regards croisée" برواق "عين" بقرطاج صلامبو،وقد شكّل هذا المعرض عملية تلاقي بين الحسي والذهني ،وبين المادي واللامادي وبين الرؤى التشكيلية المعاصرة من خلال سبل إنشائية متعددة تنوعت من الرسم المسندي والفوتوغرافيا الرقمية،والنحت والرسم الخطي والحفر والسيراميك.

    ومن خلال هذا المعرض نلاحظ حضورا جديا للفن الرقمي أو digital Art من خلال أعمال "أنور سفطة"و"أحلام محجوب"و"ناظم حمودة" و"رجاء سعيّد"و"سفيان النواشري"وخير "الدين بن حليمة".

    وتنتمي الأعمال الأخرى الى مزيج من الرسوم والتنصيبات والمنحوتات مثل أعمال "ريم بن الشيخ" ولسعد بن علية"و"وسام العابد"و"هشام الرحماني"و"بثينة الشويب"المدونة للمادة الحسية المعبرة عن صيغ التأليف التشكيلي بين العناصر الخطية والأشكال التلقائية والأصباغ اللونية المكونة لثنائية الشفافية والعتامة والطارحة لفكر إبداعي تواصلي محدثا عملية التقاء مع الجسد المعالج برؤية فنية.
    ومن مبدأ التنوع في الوحدة تتجذر هذه المقاربة التشكيلية الجمالية بين الحسي والافتراضي، بما هو عملية ذهنية تحدد العلاقة الجدلية بين الظاهر المحسوس والمتجلي الملموس ،وينبجس ذلك من مبدأ التقابل والتضارب بين الواقع واللاواقع بمعنى الافتراضي ،اذ تنتفي المادة وتستحيل العلاقة الملمسية الحسية غائبة تمام الغياب،فنحن حينها نتعامل مع المادة في خيال الفنان بما هو الباث ،وفي مخيال المتلقي بما هو المبصر،فتنتفي بذلك المظاهر الحسية للفن بالرغم من أننا نستطيع أن نشاهدها من خلال تصور الفنان "أنور سفطة" في عمله "suspension" الذي يسعى من خلاله الى تدوين كيفية معالجته للجسد من خلال تقنيات التركيب والتأليف بين التكوين المادي والبنائي والعناصر الهندسية ،واللونية والمكونات الحروفية التي تتداخل وتتماهى مع الفضاء الحامل لتصور جديد للجسد بما هو "جسد رقمي" حامل لصورة ظاهرة وباطنه،أجساد يختفي فيها الوجه ويصبح الجسد بذاته حاملا خطيا "porte-trait "،فالوجه هنا افتقد سموه الأنطولوجي،ولم يعد المصدر الحميم لهوية الانسان،ولم يعد يتسم بالإطلاق في جوهره وإنما استحال بفعل الفنان معبرا عن حقيقة منقاة من الشوائب بكونه مظهرا عضويا حاملا لشفافية طيفية بيضاء.
    أما في عمل أحلام محجوب الذي يحمل عنوان"1,2,3 cadavre exquis"فإننا نلاحظ تحول الطبيعة الصامتة الى كيان متحرك، من العناصر القائمة على الصورة الفوتوغرافية والمعالجة الرقمية ،لمكونات التركيب القائم على التأليف بين الجسد الجامد والمادة الصامتة التي استحالت متحركة بفعل العمل الثلاثي التركيب" Triptyque" وتتجلى فيه المعالجة اللونية في شكل إضاءات لونية تحولت فيها الكراسي الى حامل لتصور متحول من الدال الى المدلول ومن الرمز الى العلامة.
    ومن خلال "رقمية" الجسد في العملية التشكيلية ،استحال هذا الأخير شكلا محضا لا يتحمل أي محمول،جسد خام يقوم في الفعل الإنشائي على عمليات تركيبية تأليفية تستند إلى وسائط رقمية ،تجعل منه مشكّلا برؤية أخرى، تنبثق منه علامة رامزة تحاول أن تعرف الحقيقة المطلقة لثنائية البسيط والمركب ،ويمثل بذلك ترجمة على حقيقته النسبية ،فالجسد من خلال أعمال هذه الثلة من الفنانين يتحول من مدلوله العام المعبر في مختلف أبعاده عن الحياة،أو توليد الحياة ،وهو أيضا الإمكانية الوحيدة لتواصل الحياة ومقاومة العدم ،بما هو الموت،الى سعي ينشأ عملية امتصاص من المحيط والواقع لرسائل حسية يحولها الفن التشكيلي الى استبطان لمفاهيم تجعل من الجسد جملة من الوحدات الخطية والتركيبية اللونية،تتجلى من خلال الصورة المرئية المتحولة والمحورة.
    ان هذا التحوير لا نقصد به عملية تحول الجسد في معالجته الرقمية الى "جسد آلة"كما عبر عنه "ميشيل فوكو" في حديثه عن "ميكروفيزياء السلطة"،بمعنى تشيئه وقابليته للتشغيل من قبل السلطة بأي أنواعها وأصنافها،أو تقليصه في بعد واحد متمثل في البعد "الذاتي"subjectif أي الجسد المنتج مثل الآلة ،أو ذلك الجسد المحاصر بالعلامات والرموز المتحولة والغير ثابتة،على حد رأي "رولان بارث" الذي لا يعدو أن يكون مجرد إشارة لمنتج يراد تسويقه بمعنى أن هذا الجسد لم يعد معبرا عن الرغبة في حد ذاته،وإنما أصبح واسطة لإشباع رغبات أخرى للمستهلك ،وانما عملية الاستبطان تلك تنشأ من معايشة الفنان للجسد بما هو "الأنا"و"الآخر"،بما هو موضوع تشكيلي حامل لمضمون أبدي لا ينضب ،تتغير صيغه الجمالية حسب متطلبات عصره ،ويتحول بفعل المنحى التشكيلي الى مضمون ذو أبعاد تستند لمحايثة
    " immanence"الواقع اليومي المتطور في صيغه التكنولوجية والابداعية.
    إن الأجساد المكونة للتركيبات والأعمال الفنية المعروضة يمكن قراءتها من جانب تصوري آخر لا يتعلق بتقديم جسد جميل خاضع لقواعد معيارية تتعلق بالتوفيق التشكيلي ،بل بجسد تبدل وتحور شكله، يمكن أن يطرح ثنائية "الكشف - الغشاء "(voiler-dévoiler )،فلم يعد الجسد حسب هذه الرؤية التشكيلية الرقمية من خلال الصورة الفوتوغرافية المركبة ،جسم له كتلة قابلة للتواصل من خلال أبعاده الثلاثة ، ومن خلال تركيبه المادي،لكن هذا لا ينفي تغيره وتحوله في الفعل الافتراضي ،الى عملية اختراق ( transgression) بفعل التدخل اللوني والشكلي المضاف عليه باعتماد الصيغ التشكيلية القائمة على التفكيك والتركيب والاتساق والحدود الخطية المولدة لتعدد السطوح والمستويات وتقابلها داخل الفضاء التشكيلي.
    ان هذه العملية الرقمية المعبرة عن الجسد في بعده التشكيلي وطريقة المعالجة التلقائية في مختلف الأعمال المعروضة ، تنشأ علاقة جدلية بين الجسد والنفس،بما لهما من أثر في فكر الفنان ومعايشته للواقع ومحاولة تغييره حسب نظرته الاستشرافية ،فالفنان لا يضع حدودا بين النفس والجسد بما هو مادة ،وإنما تتجلى اللوحة بمختلف أصنافها في تأليف بين هذين البعدين ،وما يساهم في وضوح هذا التصور هو القيمة الفنية التي تحدثها الوسائط التكنولوجية الحديثة على الجسد من خلال تعامل الفنان مع هذين الجوهرين الذي عبر عنهما "سبينوزا" بأنهما :"جوهرين غير متميز أحدهما عن الآخر ،وإنما هما صفتان لجوهر واحد" أي أن النفس والجسم هما شىء واحد لا غير، يتصور تارة من جهة الفكر ،وطورا من جهة الامتداد.
    إن التباين بين الجسد والنفس هو وهمي وظاهري ،كذلك بالنسبة لعلاقة الجسد بالفنون التشكيلية في بعدها الرقمي الافتراضي ،الذي يسعى الى إنشاء عملية استبطان لهذا الجسد ،ويحاول معالجته من خلال تعدد الرؤى والقراءات ،لتحوله من شكل الى علامة والى رمز ينتقل بنا من الظاهر الى الباطن ومن المادي الى الافتراضي.
    إن التحول المادي للعمل الفني ،قد فتح إمكانات ومجالات البحث التشكيلي على العديد من السبل والاحتمالات والآفاق الإنشائية،التي لم تعد تقتصر على الحامل الورقي أو على المسند القماشي ،أو الحجر أو الرخام أو مادة البرونز والسيراميك ،وإنما استحالت جمالية الافتراضي هي الطاغية.
    ولكن بالرغم من ايجابيات التعامل الإنشائي والتركيبي لكل الوسائط الرقمية والبرمجيات التكنولوجية، فإننا نجد أنفسنا أمام تساؤل جوهري حول القيمة الفنية للعمل الفني،وماهي أبعاده وملامحه و رهاناته؟
    إن البعد الإنشائي في العمل الفني ينبجس من مبدأ التصور والتخيل لفكرة تستحيل من خلال العلاقة الناشئة بين جسد الفنان ويده والحامل، فعلا ماديا حسيا في الفضاء التشكيلي .ولكن باعتماد هذه الوسائط التقنية الحديثة إذا أردنا الحديث عن جسد الفنان فهو ليس مغيبا كليا وإنما هو موجود ضمنيا ،لأنه بوجه من الأوجه لم يمارس العملية التشكيلية الإنشائية تامة وكاملة نظرا لتغييب جزئي لهذا الجسد ،على اعتبار أن العمل الفني ينتقل من فكرة متجسدة ،أي من تصورات عقلية حسية لعلاقات تجريدية كانت أم تمثيلية داخل الحامل ،يقوم على تقسيم بصري ومادي للفضاء من خلال عملية التأليف بين البنية واللون والفضاء .
    و من خلال فعل الفنان والتطور العلمي التقني، يتسنى للفن المعاصر في تونس الخروج من بوتقة الآلية الى التلقائية في العمل الفني، وفق المنظومة البرمجية الحديثة ذاتها ،باعتماد عملية تقوم على تطويع الوسائل الرقمية في خدمة المنحى الجمالي التشكيلي،من خلال تحديد لشبكة معلوماتية بصرية قائمة على مستندات جمالية عميقة ، وباعتماد الوسائل التقنية في البرمجيات المتنوعة، لاحتوائها على سبل تشكيلية وآليات تمكن من إنشاء العلاقات المختلفة بين العناصر التشكيلية المكونة للعمل ،مثل التقابل في المستويات والتواتر والتناظر والتناوب والعتامة والشفافية والمادة اللونية بمختلف فويرقاتها و تدرجاتها.
    وبالتالي يكون زمن الإبداع تشييدا متجددا لجملة من المكتسبات الجمالية المتوازية مع السبل التقنية التي تعيد التساؤل عن المفاهيم الجمالية ،وتتيح للفنان انشاءا لنواة أساسية جديدة وحديثة في العمل الفني ،تنفتح على مسالك إبداعية توضح فكرة الحداثة في خضم المعاصرة.
    ومن هنا يمكننا الحديث عن التبادل اللانهائي لهذا الصنف من العلاقات البصرية التي تمر في قنوات رقمية من خلال التكنولوجيا وتطويع الفنان لها ، الى خدمة التعبير التشكيلي،وبمقتضى ذلك تتحول الصورة الى علامات خطية ولونية وشكلية ،تمثل مكونات عملية التواصل التي تتيحها الآلة للعمل الفني الحسي والقائم على الشعور ،وتستحيل بذاتها كتابة ،في إطار علاقاتها الجدلية الناشئة بين الصورة كأيقونة وتأويلاتها اللا متناهية رياضيا وتقنيا.
    ومن ثم تنبجس جميع ضوابط التواصل الأخرى من علامات أيقونية "Iconique"
    وتستحيل بذلك المسايرة الذهنية والمواكبة البصرية المتمثلة في المعايشة ، لكل عمل جديد سبيلا من سبل هذه الإمكانات اللا متناهية في المنحى التشكيلي القائم على الإبداع والابتكار،وهو ما يجعله يتمكن من تأسيس طاقة إبداعية هائلة تدعم ثقافته البصرية وتجعل من العملية التشكيلية التي هو ساع في إنشائها حية وتلقائية ووليدة للزمن الراهن الذي يمثل المجال الحيوي الذي ينهل منه الفنان والمبدع ،الذي يبحث فيه عن توازن بين الفكري والعلمي الافتراضي والمادي الحسي.
    طه الليل
    المراجع:
    - ميشيل فوكو ترجمة عبد العزيز العيـــــــادي: المعرفة والســــلطة ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت. 1994.
    - ديفيد لوبروتون : انثروبولوجيــــا الجســــد والحداثة ، ترجمة محمد عرب صاصيلا، المؤسســة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،بيروت1997.
    - د. حسن حنفي: رسالة في اللاهوت والسياسة لسبينوزا، في: قضايا معاصرة، في الفكر الغربي المعاصر،، دار التنوير، بيروت، 1982.
    - الشاذلي الساكر: ما فلسفة الجسد،مؤسسة أبو وجدان للطبع والنشر والتوزيع،تونس 1994.
    - J.p.Sartre :L’Etre et le néant, Ed. Gallimard, Paris 1943.
    - F.Dagognet :La philosophie de l’image ,ed. Vrin, 1986.
    - Nicholas Negroponte, L'Homme numérique, Robert Laffont, Paris1995
    - R.Barthes,Le système de la mode, ed. Seuil, 1983
Working...
X