Announcement

Collapse
No announcement yet.

تفجر الفنانة فريال الأعظمي باللون على جسد اللوحة نشيد محمود درويش

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • تفجر الفنانة فريال الأعظمي باللون على جسد اللوحة نشيد محمود درويش

    فريال الأعظمي تفجر باللون على جسد اللوحة نشيد محمود درويش





    الأعظمي لا تنتمي إلى مدرسة فنية معينة
    ضمن فعاليات مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث المنظمة بالبحرين وتحت عنوان «القلب هو مكان المقاومة الحقيقية»، افتتح مؤخرا في عمارة بوزبون بالمحرق معرض الفنانة التشكيلية العراقية فريال الأعظمي المقام تحت عنوان «درويش كيف أتلو عنك.. وأنت بمحراب الشعر إمام».
    المنامة- كتبت الفنانة العراقية فريال الأعظمي عن تجربتها الجديدة في معرضها الشخصي الجديد الذي أقيم مؤخرا في البحرين قائلة: «كما لكل منا منهجه وفلسفته الخاصة مع الأشياء التي يتعاطى معها، أنا جعلت لنفسي «فلسفة الألوان» المتضاربة والصارخة واخترت الفلسفة العفوية والبسيطة، لأنها أقرب إلى الروح من تلك الفلسفات المعقدة والخطوط التي تمشي بخطوات أنيقة».
    «لو تعمّقنا بداخل أنفسنا لوجدنا أننا نعيش الضجيج والصراخ وفوضى الحواس، كما هو حال ضربات الريشة باللون على جسد اللوحة الصامتة وكأنها حالة ثورة وتمرّد لا تكون بالصوت الغاضب، بل باللون الحر»، تقول الفنانة.
    لماذا درويش؟
    في معرضها الثامن الخاص في المنامة -البحرين بعنوان «درويش… كيف أتلو عنك، وأنت في محراب الشعر إمام»، مجموعة من الأعمال الحديثة مستوحاة من شعر محمود درويش. إن الأشعار التي خلفها الشاعر محمود درويش صاحب الشعبية الكبيرة تلامس وجدان الإنسان وتتحدث عن انفعالاته العاطفية من مشاعر الحنين للوطن والحب. إن شعر درويش يكسر جميع الحدود الجغرافية الضيّقة. درويش استفز مشاعر الفنانة فريال إلى درجة كبيرة ولامس عواطفها، فقررت أن تبدع أعمالها بحروف شعره. لوحات فنية تتألف مما يفوق الـ20 عملاً على شكل رسائل خشبية مشغولة بعناية شديدة وعلى قماش مغلف على لوحة من ألوان «الأكريليك» النابضة بالحياة.
    أوركسترا الألوان
    لا تنتمي الأعظمي إلى مدرسة فنية معينة، ولا تتخذ لنفسها مذهبا مألوفا هي هواجس إنسان تنثرها على طريقة اللون العشوائي، لكن خلف تلك العشوائية هناك انسجام وتناغم يحدث بمزيج الألوان، فتترك عشوائية اللون هارموني خلفي وتجعل حروفها قائد أوركسترا يعزف غاية اللوحة وملامحها الأخيرة..
    تقول الرسامة: «من ذاكرة العراق الكبيرة ومن مخطوطاتها وتحفها، علق بذاكرتي الصغيرة تلك النقوش وحاولت ببساطتي وعفويتي أن أعيد نظم تلك المخطوطات العالقة برأسي المثقل بالحنين للعراق، وعادة حين يمتزج الحنين بالذكريات يأتي بإيقاع صاخب هي انفعالات وردود أفعال الحنين والطفولة التي ما تزال تنام على شواطئ دجلة، وما يزال يهزها سعف النخيل.. لم أبحث عن إبهار البصر بدقة الرسومات، لكني اعتمدت على استفزاز الذاكرة من خلال تلك المخطوطات والحروف المتناثرة، لتكون جملة يختصرها حرف، وعلى المتأمل أن يعيد تكوين تلك الحروف ليصل إلى جملة الحنين، وفي معرضي الأخير اخترت بطلا يقدم ملحمة الوطن والحب فكان «درويش».
    الأوطان لا تسقط
    وأنت تختار ما تقدمه للآخرين حتماً ستختار ما يليق بهم، لم تتردد الأعظمي لحظة في اختيار أشعار درويش بما فيها من حالات عميقة تليق بجمهورها الذواق.
    وتقول الرسامة في هذا الخصوص: «أنت تقرأ لمحمود درويش تسافر بك الذاكرة مباشرة إلى صدر أمك وقهوة أمك وخبز أمك، وحيث تكون الأم يكون الوطن والحنين الدائم لهذا الوطن، الذي لا ينتهي بفعل الزمن ولا يسقط بالتقادم»..
    تؤكد الأعظمي: «درويش ليس مجرد قصيدة وحروف نثر، درويش حالة حب عميقة حدثت في مكان ما وفي زمان ما، نحن نفتقدها في هذا الزمن الذي بات الحب يأتي بسرعة الضوء وينتهي بوقت أسرع لأن مشاعر هذا الزمن أجدها ليست عميقة».
    لم تختر محمود درويش عبثاً، ولا للفت الانتباه، بل كان عن يقين منها بأنه شاعر يجمع أجمل ثلاثية وهي الوطن.. الحب.. الأم..
    تختم الأعظمي: «هناك شيء يدهشني بهذا الشاعر، وهي فلسفته الشعرية للحب وشفافية الحروف»..
    شيء منها ومنا
    المعرض يحكي قصة الفنانة مع الحرف العربي، لتعكس هذه الأعمال علاقة الفنانة مع الكلمة والحرف العربي، ولتؤكد مدى ثراء اللغة العربية لغة القرآن الكريم. وتقول الأعظمي: «إن الحروف التي استقرت في أعمالي كانت مستقرة في نفسي أساسا، فهي حروف مقدّسة ألهمتني وحاورتها وسكنت في داخلي، الأمر الذي انعكس على أعمالي بشكل فني جميل». الحروف العربية هي هويتها ودينها وعروبتها وأصلها الذي تنتمي إليه الحروفية وهي الفنانة القادمة من بلاد الرافدين واستقرت في أرض الخلود ”دلمون” البحرين فكل شيء من الحروف هي منها وكل خط ونقطة تمثل جذورها وإرثها.
    ضم المعرض -تحديدا 22 لوحة فنية- مستوحاة من شعر محمود درويش، شكلتها الأعظمي في صورة لوحات خشبية اشتغلت عليها بعناية فائقة، لتعيد عبر هذه الأعمال قراءة أشعار درويش ولتقدم فيها إحساسها بكلماته، على قماش يغلّف لوحة من ألوان الأكريليك التي تنبض بكثير من الحياة..
    بين الباطن والظاهر
    جاء في مطوية الكتيب الخاص بالمعرض بقلم الناقد التشكيلي محسن الذهبي: «إنّ الكيان التأملي هو ما تصبو له الفنانة بإبداعها كمفهوم يعتمد على الدلالة التوثيقية فكريا لمنطوق ومدلولات الحرف عبر معايير جمالية تتوافق مع روح النسق الإبداعي في جوهره، فاشتغلت على بناء الحرف المنفرد كعنصر تشكيلي بنائي تشخيصي يجرد الجملة لقوليّة من كونها مجالا للتعبير إلى بناء رمزي تعبيري تصوغها. معبرة عن ذلك في استخدامها للعديد من الخامات غير التقليدية في اللوحة المسندية بغرض الحصول على ملامس غريبة تستفزّ عين المتلقي المتعوّد على القراءة للحروف والكلمات، أو جمل لها معاني محدّدة ومثيرة. من خلال هذا البروز وانعكاس الظلال والضوء وروح اللون، فاستطاعت بناء ابتكار جمالي من رموز اللغة وبناء عالم أقرب ما يكون إلى السحر اللوني الذي ينتمي إلى قيمة الحرف وقدسيّته المتوارثة».
    بين المقعر والدائري والمستطيل والمربع أيقونات بلغة الضاد وثورة درويش: فريال الأعظمي ترسم لوحاتها بقدسية الحرف والكلمة
    يستفيض محسن الذهبي في توصيفه لأعمال الأعظمي فيقول: «إنّها مزجت بين نحت الشكل وتصويره في سلسلة أعمال عبر توظيف المساحات الهندسية الملوّنة توظيفا مثيرا لعين المتلقي. وبنزعة تبسيطية للشكل الغنائي في اللون والميتافيزيقية في الفكر المجدّد لروح الإبداع على خلفية إستنطاق مكامن المقدس وتوظيفه جماليا، ليكون رمزا وعلامة مكونة للغة تشكيلية ذات عصرية تجريبية مدهشة».
    «إنّ الفنانة تحاول إكتشاف قوى الإبداع في جوهر الموروث العربي اللغوي وتطويعه، فهي تشتغل على أنّ للحرف منفردا صورته الجمالية العينيّة الظاهريّة مقابل صورته المعنويّة الباطنيّة. فالمشخّص لا تنحصر صورته في ذاته فقط، ولا بما ينطق ويؤول من معنى، بل هو باطن يضمر روح المعنى. وهكذا نرى أنّ الاكتفاء بمحاكاة ظاهر الشيء لا يقدم للمشاهد سوى الشكل السطحي، ما إن يقترب حتى تورّطه في الغوص بعين المعنى، فهي تؤوّل الدلالات والمعاني لتجعل من الإفصاح عن روح المعنى مضمرا في عدد الحروف وتقطيعها ككلمات تراكبيّة لها مدلولات مجتمعة أو منفردة»، على حدّ تعبير الذهبي.
    يختم الناقد قائلا: «الفن عند (فريال الأعظمي) إذن، فن إغناء لموروث المتراكم المعرفي الذاتي، فن يذهب ليغني التراث العالمي بنفس عربي حقيقي خالص مستمد من تحديث الجذور. فالمدلول الفني لأعمالها هو تبادل الأدوار بين العلاقات التقليدية لفكرة أن الحرف للكتابة فقط، وبين الحداثة في التعبير، إنّ انفجار الشكل الحروفي على قواعده الملونة ومن مختلف المواد المستخدمة من داخل التكوين الإبداعي، يولّد لنا فنا آخر يمتلك روحه الخاصة، فنا لا يجهل ما ينجز من توافق بين الإيديولوجية الجمعية وبين الإبداع الفردي. حيث تقيم الفنانة وتركب مفرداتها الإبداعية بين سكون إبداعي معاصر، لا يخلو من تجريد حداثوي وبين انسجام مع روح الماضي الجمعي الخارج من عباءة المقدّس المطلق إلى رحابة الإبداع الفردي.. فالجمال كما يؤكد (أدورنو): «في ترابط ووعي، بتشييد ما يحدث بطريقة غير متماسكة وغامضة في الأعمال الفنية»، لكونها تستبدل مفهوم المقدّس ورمزيّته وتجعله يومي وقريب من الواقع، أي تقرّبه من روح المتلقي البسيط وتغريه في المساهمة في عالم إكتشاف المتعة الجمالية».
Working...
X