![](https://fbcdn-profile-a.akamaihd.net/hprofile-ak-ash2/1076246_100004236103258_1532501990_q.jpg)
بنمونة الحسن
الورشة الثقافية
قصة قصيرة
والليل والنهار
هذه القصة مأخوذة عن فكرة الكاتب
التونسي حسن نصر " والعصر والنشر" .
كان الخياط الحزين دوما جالسا على مقعد خشبي يرتق ثوبا، لما وقف بباب دكانه رجل . سلم واندفع إلى الداخل . اشتم رائحة الكتان وعرق الخياط . أشار عليه بالجلوس ففعل وهو في حيرة من أمره . ونادى الخياط وهو جالس على نادل المقهى الذي يقابل دكانه في الضفة الأخرى من الطريق . فصدع النادل بأمره إذ قطع الطريق في حذر شديد . كان يخاف أن تصدمه سيارة أو دراجة نارية ، حتى وقف بباب الدكان . فصاح الخياط: شاي . وعاد النادل من أتى في حذر شديد . والرجل تحسس نقوده في جيبه . إنها قابعة هناك ، لم تمسسها يد لص مدربة على الرغم من أنه ركب الأوتوبيس .
في هذه الأثناء كان المذياع قد شرع في نثر أخبار العالم التي تثير الحزن في النفس .اكفهر وجهه وهو يخرج سروالا من جريدة كانت تلفه . وضعه على الطاولة ، ثم بسط الجريدة وراح يقرأ أخبار الرياضة التي تثير الفرح .
كان الخياط مشغولا بإصلاح عيوب الثوب الكثيرة ، حتى إنه لم يرفع يصره إليه إلا مرة واحدة ، عندما أمره أن يشتري له بكرة خيط بيضاء ففعل وهو كاره أن يصدع بأمره . ولما عاد وجد أنه كوّر الجريدة وألقى بها إلى الطريق . ويدا على الخياط أنه سئم خياطة فتح الثوب الكثيرة ، إذ كان يخيط الفتحة ثم يرى أن الخيط ينفلت مها ، فطرحه جانبا ونظر إلى الطريق متأملا عربات الخضر التي احتلت الرصيف ، حيث تعالى الصياح المختلط بالسباب .
ولا يدري الرجل كيف جاءه صاغرا، فاستلقى على الطاولة بعد أن أزاح عنها الثوب الذي سقط إلى الأرض، وشرع في إصلاح عيوبه، بأن جمع رجليه جمعا ، وشدهما بحبل والرجل يضحك . ولما أنهى عمله ذاك شيك يديه وخاطهما. ثم أمسك برأسه بين يديه كأنه يزنه ، وفجأة كسر رقبته . وأماله إلى صدره وغرز الإبرة في لحمة جبهته وصدره . وحمل الرجل الذي فارقت روحه بدنه ، ووضعه على الكرسي الخشبي ، كأنه نائم وهو جالس . وبحث عن الثوب الذي تمزقت مواضع كثيرة منه فجد في إصلاحها .
الداخلة .1995 . الصحراء المغربية.