Announcement

Collapse
No announcement yet.

الخيال والابتكار: الخيال (Image) - التصـور ( Notion ) - التخيـــل (Imagination) :- - إعداد عبد الكريم سليم علي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الخيال والابتكار: الخيال (Image) - التصـور ( Notion ) - التخيـــل (Imagination) :- - إعداد عبد الكريم سليم علي

    الخيال والابتكار

    إعداد عبد الكريم سليم علي

    الخيال Image
    يتمتع الكائن الإنساني بقدرة على استحضار الحوادث والوقائع والمدركات ، عموما دون الحاجة الى وقوعها من جديد : أي انه يستطيع استدعاء الخبرات السابقة في غيبة التنبيهات الأصلية ، ويكون لتلك التنبيهات صورا ذهنية مشابهة للصور الأصلية ، الا انها ليست مطابقة لها في العادة ، ويطلق على هذه العملية مصطلح التصور ، وهي في الواقع عملية قريبة من عملية التذكر . ولكن قدرة الإنسان تفوق ذلك ، بحيث انه يستطيع ممارسة عملية عقلية اكثر تعقيدا ، وأكثر شمولا من التصور من خلال قدرته على التطواف بذهنه ورسم صور رمزية تختلف عن استحضار التنبيهات السابقة الى تكوين وتأليف مغاير للأصل تماما وهذه العملية هي التخيل Imagining .
    والتخيل من العمليات أو القدرات المعرفية الراقية التي ينفرد بها الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى ، حيث يستمد من هذه القدرة قوة وأحلاما وأهدافا فمن التخيل والإبداع صنع الإنسان كل مبتكراته وإنجازاته. والتخيل هو قدرة الفرد على تصور الأشياء والأدوات تصورًا مرئيًا في مخيلته . إذن فعملية التخيل هي قدرة الإنسان على رؤية وتشكيل الصور والرموز العقلية للموضوعات والأشياء والإحساس بها بعد اختفاء المثير الخارجي ، كذلك فإن التخيل عملية عقلية لاسترجاع صور حسية مختلفة وأحداث من الحياة الماضية وتضمينها وتشكيلها لصور ورسوم وأحداث جديدة .
    بعبارة أخرى : التخيل هو استحضار صور لم يسبق إدراكها من قبل إدراكاً حسيا ً، كاستحضار الطفل صورة لنفسه وهو يقود مركبة فضاء ، وهذا يعني ان التخيل عبارة عن صور ذهنية تحاكي صور عديدة مختلفة ولكنها في الوقت نفسه لا تعبر عن ظاهرة حقيقية ، كما لا تعبر عن صورة تذكرية ، لذا تعد الصور المتخيلة بديلات تنشئها المخيلة عندما تتصرف في الصور الذهنية وتخرجها في كيان جديد .
    ان الإنسان كائن خيالي ويبدو ان الخيال رافق الإنسان منذ ان وجد على هذا الكوكب ، لذا فأن قصة الإنسان المديدة في نفس الوقت قصة للخيال ما دام الخيال رفيق الإنسان . ومع ان التخيل ينتهي الى تأليف صور جديدة ، الا انه يرتبط بالإحساس والإدراك والتذكر. فالفرد أثناء تخيله ينتقي ويرتب ويحور ويؤول وصولاً الى الصورة الجديدة ، ويرتبط التخيل بالخبرات الماضية كما انه يقوم بدور هام في عملية التفكير . وقد مهدت عملية التخيل للإنسان الوصول الى حقائق لم يكن من الممكن إدراكها عن طريق الحواس ، لذا أمكن القول انه لولا قدرة الإنسان على التخيل لما استطاع ان يستوعب وقائع التاريخ ، او يفهم الفنون والآداب والعلوم ، او ان يكتسب عناصر الثقافة الأخرى ، ولولاها ايضا لما أصبح بوسعه ان يتأمل ويرسم الخطط والتصاميم الجديدة لمختلف جوانب الحياة ، لذا فأن لعملية التخيل دورا كبيرا في تبلور الأفكار وظهور الاكتشافات والمخترعات والأنظمة والعقائد والنتاجات الأدبية والفنية ، كما ان التخيل وفر للإنسان اختيار أهداف وغايات ووضع احتمالات لتحقيقها . وقد اعتاد الكثير من الناس على استخدام مصطلح الخيال في الحياة الاعتيادية تعبيرا عن الإثارة او الإيهام او الأحلام او التفكير الهامس او التذكر مع ان للخيال معنى محدد يدل على نشاط معين
    تعريفات :
    الكثير من الدارسين يحجمون عن وضع تعريف للخيال ، ذلك أنه من الصعوبة بمكان حد الخيال في تعريف جامع مانع ، لما لهذه الملكة من غموض في الكنه والماهية ، ولما لها من خفاء في كيفية النشاط ، وفي آلية العمل ، ولما لها أيضا من ارتباطات معقدة بقوى العقل والروح والنفس ، وبمدركات الواقع الخارجي التي لا تكاد تحصر ، ولمصطلح الخيال جذور وعلاقات بمصطلحات ومرادفات أخرى سنحاول توضيحها :

    الخيال (Image) :
    اول ما يطالعنا تحت مصطلح الخيال تعريفات أهل البلاغة المتأثرة بالتعريفات الفلسفية : ابن الزملكاني يرى ان الخيال " تصوير حقيقة الشيء حتى يتوهم انه ذو صورة نشاهدها وانه يظهر للعيان " ، اما الشريف الجرجاني يعرف الخيال بأنه " قوة تحفظ ما يدركه الحس المشترك من صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة ، بحيث يشاهدها الحس المشترك كلما التفت اليها في خزانتها للحس " . اما معاجم النقد المعاصرة فأنها تتعامل مع مصطلح الخيال كما تعامل معه الغربيون ، اذ يربط مدلوله بالحركات والمذاهب الأدبية المعاصرة ، والخيال في ضوء ذلك، بابسط مفهوم له :" هو الملكة المولدة للتصورات الحسية للأشياء المادية الغائبة عن النظر " ،
    وفي سياق الدراسة الأكاديمية يعرف الخيال لغة واصطلاحا على النحو الآتي :
    أ : لغة ً : الخيال هو ، الظنُ والوهَم وما تشَبه لك من صورة ، وخَِيل ، توهَم وظن انُه كذا
    ، والخَيال هو متشُبه للمَرء في اليقظَه أو في المنام من صورَة , وهو قوة من قوِى العقََل
    تتخَيل بهِا الاشياِء وقد يطلق الخيال على شخص الانسان او طيفه 0
    ب : اصطلاحاً: الخيال هو قوه تحفظ ما يدركه الحس المشترك من صور المحسوسات بعد غيبوبة المادة ، أي انه القدرة التي يستطيع بها العقل إن يشكل بها صور للأشياء أو الأشخاص أو في مشاهده الوجود0 والخيال يطلق على الصورة البصرية والسمعية واللمسية والذوقية وغيرها، والصورة الخيالية هي نسخ حسي أو ذهني لما يدركه البصر وحاسة البصر، وهي وحدها تقدم صورة خيالية، كذلك هي محاكاة ذهنية ضعيفة عموماً لإحساس أو لإدراك جرت معاناته من قبل، إن كل هذه الخيالات تؤثر بعضها في بعض وتفاعل بعضها مع بعض في كل أجزاءها الأولية وفقاً لقوانين ثابتة0 وورد في كشاف اصطلاحات الفنون ، إن الخيال هي لفظة تطلق على الصورة المرتسمة في الخيال المتأتية من طرق الحواس ، وقد يطلق على المعدوم الذي اخترعته ألمتخيلة وركبته من الأمور المحسوسة أي المدركة بالحواس الظاهرة، وبقولنا من الأمور المحسوسة بمعنى ما اخترعته القوى المتخيلة اختراعا صرفا على نحو المحسوسات 0
    مما تقدم نستنتج ، إن الخيال هو القدرة التي يستطيع العقل بها تشكيل صور الأشياء ، الأشخاص، الوجود ومن ثم تنسيق وترتيب مدركات الخيال ترتيباً بليغاً0
    بعبارة أخرى : أن معظم الدارسين متفقون على أن الخيال قوة خلاقة " قادرة على استقبال صور جميع الأشياء المحسوسة وعلى تخيلها عندما لا تعود على اتصال مع الحواس " ثم هي بعد ذلك تتصرف فيها " بالتركيب والتحليل والزيادة والنقص " حتى تشكلها " في نظام جديد ، وفي علاقات لم توجد من قبل " .
    التخيـــل (Imagination) :
    أ . لغة ً: تخيل الشيِء ، اخترعُه وأبدُعه، كما في التخيل المبدِع0 وخيَل إليِه انهُ داًبة فإذا هو إنسان , وتخَيل إليه , وافعل على ما خيلَت أي ما ارتأت نفسكَ وشبهَت أو وهمَت ، وتخيل الشيء تحرك في تلون ، وتخيل علينا فلان : ادخل علينا الهمة ، وتخيلت السماء : تهيأت للمطر ، وخيلت السحابة : إذا غامت ولم تمطر .
    ب . اصطلاحاً: وهو قوة تتصرف في الصورة الذهنية من خلال مجموعة عمليات كالتركيب والتحليل والزيادة والنقص وتسمى بالقوة المتخيلة 0 وتخيل الشيء للفرد (الفنان) المتلقي شبه إليه كما في التخيل الوهمي ، والفرق بين التخيل الوهمي والمبدع إن الأول : يعمل نسج رؤى واحلام خيالية لأصلة لها بالوجود الحقيقي ، والثاني : يستمد عناصر من الوجود فيركبها تركيباً جديداً
    وجاء في الموسوعة الفلسفية إن التخيل هو قدرة الإنسان (الفنان / المتلقي) على خلق صورة حسية أو فكرية جديدة في الوعي الإنساني على أساس تحويل الانطباعات المجمعة من الواقع والتي تقابلها في الواقع المدرك في لحظات معينة ليكتسب الإنسان قدرة على التخيل عن طريق العمل الذي لا يكون بدونه مجدياً أو مثمراً ، والتخيل في الفن لا يتقيد الفنان فيه بأشكال وأوضاع مألوفة بل انه يبدع تشكيلات جديدة في عالم خيالي خلاب .
    والتخيل هو تركيز الإنسان على التأمل ومحاولة اكتشاف المجهول وربما تكون عناصره موجودة في تشكيل جديد , والتخيل في الفن أقوى إبداعاً من التصوير ، إذا يكون هنا هو المعين الواسع المتعدد الألوان الذي يمد الوعي عند الفنان بأفكار التكوين والابتكار والتصوير والتحقق وبهذا يقود على تشكيل الصورة الفنية المكتملة0
    التخييـــل (Fantasy) :
    ا. لغة ً: هو مصدر خيَل0 وجاء في لسان العرب لابن منظور عن قوله تعالى ( يخيل إليه من سحرهم إنها تسعى ) أي شُبه وخيَل إلَيه انه كذا على ما له ,ويسمَى فاعلُه من التخيُيل والوهَم. وورد أيضاً من باب التفعيُل ويطلق على تصوِر وقوعِ النسبة من غير ترَدد وعلى تجوزِ، أو هو أيراد لفظ مشتَرك يشَمل على معانٍ بحيث يكون سيَاق التركيَب يُدل على معنِى واحد0
    ب. اصطلاحاً : التخييل في الموسوعة الفلسفية يتميز في قوة الأفكار وحيويتها واستثنائيتها وكذلك الصور التي تتصورها. وهو مجموعه اللحظات العامة التي ترتبط بعملية التخييل ، وهو مولود مع الإنسان لكنه يقوى وتتسع أفاقه بالممارسة والتدريب ويكون دائم التطوير والتوسع0
    وجاء هذا المصطلح الفلسفي عند العرب في إنهاض نفس السامع إلى طلب الشيء أو الهرب منه وان لم يصدق به ، ويقال تصورت الشيء إذ تخييل لي وتمثل لي فهي معرفه وقياس ذلك تبنيته فتبين لي وتحققته فتحقق لي 0
    ويشير مصطلح تخييل عند الفلاسفة المسلمين إلى الأثر الذي يتركه العمل الفني في نفس الملتقي بفعل إلية التخييل التي استخدمها الفنان وما يترتب عليه من سلوك ، ويمكن النظر بعبارة أخرى : - باختصار- إلى آلية التخييل ( التلقي ) في العملية الفنية على إنها عملية سيكولوجية لها أساسها الميتافيزيقي والمعرفي والأخلاقي ، لذلك يكون التخييل استجابة نفسية تلقائية غير واعية ، بمعنى إنها تتم في غياب العقل بحيث لايكون هناك أدنى تدخل منه إلا إن هذه الاستجابة والسلوك النفسانية غير المتروي فيها هي التي يترتب عليها الأفعال الإنسانية والسلوك الإنساني بصفة عامه، وذلك لان أفعال الإنسان كثيرا متتبع تخيلاته أكثر من علمه بها مسبقاً ،حتى لو علم إن الأمر الذي يخييل اليه ليس مطابقا للحقيقة التي يراها بل مضاداً لعلمه أو ظنه0 والتخييل هو انطباع يترك أو يرتجى انطباعة وتركه من قبل الفنان عند المتلقي من جراء مشاهدته للعمل الفني وتركيزه على التأمل ومحاوله استكشاف المجهول الذي ربما تكون عناصره موجودة ولكن في تشكيل وخيال جديد، غير إن كل منهما يمثل جانباً من جوانب الوظائف ألعقلية وبمساعدة التفكير في مواجهة المشكلات التي تعترض الفرد/الفنان/المتلقي، فيلتمس لها الحلول ، والتخييل في الفن لا يتقيد بأشكال وأوضاع واستجابات مألوفة بل إن الفنان يبدع في تشكيل استجابات جديدة في عالم مليء بالخيال الخلاب0
    التصـور ( Notion ) :

    أ. لغة ً: يأتي التصور بمعنى تصوِر الشيِء ، تخيَيل صورتُه في ذهنِه ، تصوُر الشيِء ، صار له في ذهنُه صورَة0
    ب. اصطلاحاً : التصور هنا بمعنى الصورة الحسية المعممة للأشياء وظواهر الواقع التي يحتفظ بها دون فعل مباشر من الأشياء ، ويرتبط ارتباطا لينفصل بالقيم المنتشرة اجتماعياً وذو دلالة اجتماعية ودائماً ما يتم استيعابه وتحقيقه ، والتصور عنصر مهم من عناصر الوعي لأنه يربط دائماً بين المصدق والمعنى ، والتصور هو استحضار الصورة في الذهن0
    ومما تقدم نستنتج أن التصور هو ، كل عمل فكري أو فني منطبق على الشيء المحاكي أو المحسوس وهو فعل العقل المضاد للتحليل تمثيلياً وبه ندرك المعاني ونؤلفها ، وهو خالٍ من الإبداع 0
    وفي هذا المجال يستعمل كولوردج مصطلحين أساسيين لفهم طبيعة العمل الشعري وهما الخيال والتصور ، فالخيال هو القوة الإدراكية التي تتوسط بين الحس المشترك وبين العقل وتربط ما بين عالم الحسّ وعالم العقل أو بين عالم العقل وعالم الأشياء ، في حين أن التصور، مختلف من حيث الوظيفة لأن "التصور عملية ترابط والخيال عملية خلق ، من هذه الملاحظة يتبين أن التصور عملية ربط بين أشياء مألوفة أو شاهدها المبدع من قبل وبراعته تكمن في إعادة توزيع النسب وترتيب العلاقات من جديد لإظهارها في شكل لم يسبق أن استقرت عليه من قبل وذلك دون المساس بطبيعتها. في حين أن الخيال هو خلق أشياء أو صور أو مثالات لم يسبق لها أن وجدت من قبل. ومن هنا يتبين الطابع الخلاق والإبداعي للخيال.
    وفكرة التشكيل هذه قد عبّر عنها كولوردج بقوله : "فكما أن الخيال في عملية الإدراك يفرض شكلا ونظاماً على مادة الإحساس ويقوم بنصف عملية خلق لما يدرك، فإنه من الفن يؤثر في مادة الخبرة الأولية ويعطيها جديدا في الشكل والهيئة" ، وإذا كانت وظيفة الخيال هي وظيفة تشكيلية فإن التصور الذي هو عملية ترابط، أي ربط أشياء شاهدها المبدع من قبل فإنه بذلك يكتسب وظيفة تذكرية ويقترب من الذاكرة ولكنه يختلف عنها لأنه لا يتذكر إلاّ الأشياء والعناصر التي تدخل في نسيج العمل الفني. وهكذا يرى كولوردج أن "التصور ليس في الواقع سوى نمط من الذاكرة تحرّر من نظام الزّمان والمكان ، في حين أن الخيال يخلق عالماً جديداً .
    عبير
    :p
Working...
X